تدشين أجهزة مركز عمليات الطوارئ بالمركز وعدد من الولايات    جامعة وادي النيل تعفي أبناء الشهداء والمتفوقين من المصروفات الدراسية    ترمب .. منعت نشوب حرب بين مصر و إثيوبيا بسبب سد النهضة الإثيوبي    استشهاد أمين عام حكومة ولاية شمال دارفور وزوجته إثر استهداف منزلهما بمسيرة استراتيجية من المليشيا    المفوض العام للعون الإنساني وواليا شمال وغرب كردفان يتفقدون معسكرات النزوح بالأبيض    الارصاد تحذر من هطول أمطار غزيرة بعدد من الولايات    وزارة الطاقة تدعم تأهيل المنشآت الشبابية والرياضية بمحلية الخرطوم    "رسوم التأشيرة" تربك السوق الأميركي.. والبيت الأبيض يوضح    مياه الخرطوم تطلق حملة"الفاتورة"    إدانة إفريقية لحادثة الفاشر    دعوات لإنهاء أزمة التأشيرات للطلاب السودانيين في مصر    د. معاوية البخاري يكتب: ماذا فعل مرتزقة الدعم السريع في السودان؟    الاجتماع التقليدي الفني: الهلال باللون باللون الأزرق، و جاموس باللون الأحمر الكامل    يا ريجي جر الخمسين وأسعد هلال الملايين    الشعبية كسلا تكسب الثنائي مسامح وابو قيد    ليفربول يعبر إيفرتون ويتصدر الدوري الإنجليزي بالعلامة الكاملة    الأهلي مدني يبدأ مشواره بالكونفدرالية بانتصار على النجم الساحلي التونسي    شاهد بالصور.. المودل السودانية الحسناء هديل إسماعيل تعود لإثارة الجدل وتستعرض جمالها بإطلالة مثيرة وملفتة وساخرون: (عاوزة تورينا الشعر ولا حاجة تانية)    شاهد.. ماذا قال الناشط الشهير "الإنصرافي" عن إيقاف الصحفية لينا يعقوب وسحب التصريح الصحفي الممنوح لها    10 طرق لكسب المال عبر الإنترنت من المنزل    بورتسودان.. حملات وقائية ومنعية لمكافحة الجريمة وإزالة الظواهر السالبة وضبط المركبات غير المقننة    شاهد بالفيديو.. طفلة سودانية تخطف الأضواء خلال مخاطبتها جمع من الحضور في حفل تخرجها من إحدى رياض الأطفال    جرعات حمض الفوليك الزائدة ترتبط بسكري الحمل    لينا يعقوب والإمعان في تقويض السردية الوطنية!    الأمين العام للأمم المتحدة: على العالم ألا يخاف من إسرائيل    الطاهر ساتي يكتب: بنك العجائب ..!!    صحة الخرطوم تطمئن على صحة الفنان الكوميدي عبدالله عبدالسلام (فضيل)    وزير الزراعة والري في ختام زيارته للجزيرة: تعافي الجزيرة دحض لدعاوى المجاعة بالسودان    بدء حملة إعادة تهيئة قصر الشباب والأطفال بأم درمان    لجنة أمن ولاية الخرطوم: ضبطيات تتعلق بالسرقات وتوقيف أعداد كبيرة من المتعاونين    هجوم الدوحة والعقيدة الإسرائيلية الجديدة.. «رب ضارة نافعة»    هل سيؤدي إغلاق المدارس إلى التخفيف من حدة الوباء؟!    تعاون مصري سوداني في مجال الكهرباء    ترامب : بوتين خذلني.. وسننهي حرب غزة    شاهد بالفيديو.. شيخ الأمين: (في دعامي بدلعو؟ لهذا السبب استقبلت الدعامة.. أملك منزل في لندن ورغم ذلك فضلت البقاء في أصعب أوقات الحرب.. كنت تحت حراسة الاستخبارات وخرجت من السودان بطائرة عسكرية)    "نهاية مأساوية" لطفل خسر أموال والده في لعبة على الإنترنت    المالية تؤكد دعم توطين العلاج داخل البلاد    شاهد بالفيديو.. نجم السوشيال ميديا ود القضارف يسخر من الشاب السوداني الذي زعم أنه المهدي المنتظر: (اسمك يدل على أنك بتاع مرور والمهدي ما نازح في مصر وما عامل "آي لاينر" زيك)    الجزيرة: ضبط أدوية مهربة وغير مسجلة بالمناقل    ماذا تريد حكومة الأمل من السعودية؟    إنت ليه بتشرب سجاير؟! والله يا عمو بدخن مجاملة لأصحابي ديل!    في أزمنة الحرب.. "زولو" فنان يلتزم بالغناء للسلام والمحبة    إيد على إيد تجدع من النيل    حسين خوجلي يكتب: الأمة العربية بين وزن الفارس ووزن الفأر..!    ضياء الدين بلال يكتب: (معليش.. اكتشاف متأخر)!    في الجزيرة نزرع أسفنا    من هم قادة حماس الذين استهدفتهم إسرائيل في الدوحة؟    مباحث شرطة القضارف تسترد مصوغات ذهبية مسروقة تقدر قيمتها ب (69) مليون جنيه    في عملية نوعية.. مقتل قائد الأمن العسكري و 6 ضباط آخرين وعشرات الجنود    السجن المؤبّد لمتهم تعاون مع الميليشيا في تجاريًا    وصية النبي عند خسوف القمر.. اتبع سنة سيدنا المصطفى    جنازة الخوف    حكاية من جامع الحارة    حسين خوجلي يكتب: حكاية من جامع الحارة    مشكلة التساهل مع عمليات النهب المسلح في الخرطوم "نهب وليس 9 طويلة"    وسط حراسة مشددة.. التحقيق مع الإعلامية سارة خليفة بتهمة غسيل الأموال    نفسية وعصبية.. تعرف على أبرز أسباب صرير الأسنان عند النوم    بعد خطوة مثيرة لمركز طبي.."زلفو" يصدر بيانًا تحذيريًا لمرضى الكلى    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



حوار مع رئيس هيئة علماء السودان حول اتفاق اديس أبابا

هذا حوار مع رئيس هيئة علماء السودان الأستاذ محمد عثمان صالح حول الاتفاق الإطاري الأخير بين الحكومة والحركة الشعبية فيما عرف عند البعض باتفاق نيفاشا 2. ويبين الأستاذ صالح رأيه بوضوح وجرأة عن المآخذ التي تؤخذ على الاتفاق. وفيما يلى نص الحوار.
* لا شك أن هيئة علماء السودان ليست معزولة عن أحداث الساحة الراهنة فكيف استقبلتم اتفاق أديس أبابا؟
* حقيقة كل اتفاق يقود ويفضي إلى حق وخير وعدل هو شيء مطلوب، لكن اندهشنا من صيغة الاتفاق الذي تم مع الحركة الشعبية قطاع الشمال في أديس أبابا ورأينا أن فيه جانباً من الجوانب ولا يمكن أن يقبل بشكله الحالي ولا بدّ من النظر فيه وتحديد الجوانب الخطرة فيه خاصة أن فيه إتاحة مطلقة لقطاع الشمال بالحركة ليعمل وفقاً لمنفستو الحركة الشعبية ومعلوم أن المنفستو الذي قامت عليه الحركة الشعبية هو إقامة دولة علمانية موحدة بين الشمال والجنوب، محررة من الدين والعنصر العربي وقطاع الشمال هو تابع للحركة الشعبية الأم، وبالتالي هذا التابع سيحمل بالضرورة نفس الفكر والتصورات التي عند حركته الأم وهذا هو مكمن اعتراضنا على هذا الاتفاق وهو إتاحة الفرصة لهم حتى من غير أن يعدلوا نشاطهم وأفكارهم وأطروحاتهم المعادية للشمال وإستراتيجيتهم القديمة التي تستهدف الدين والوطن وما تزال هذه الإستراتيجية وبناءً على ذلك كله نحن نرى أنه كان من الخطأ الكبير أن يعطى قطاع الشمال شيكاً على بياض من أجل أن يمارسوا نشاطهم ووفق تصوراتهم هم وأفكارهم المعادية للشمال ولدينه، وعلى الأقل كان ينبغي أن يكون هناك تحديد واستثناء لأشياء معينة ومحددة وأعتقد أن على المؤتمر الوطني أن يستدرك وفوراً هذه الموافقة غير المشروطة على عمل قطاع الشمال التابع للحركة الشعبية بنفس قناعاته وأطروحاته القديمة وعقيدته القتالية التي انبنى عليها سلوكه وبناء على ذلك نحن نرفض هذا الاتفاق رفضاً تاماً وكاملاً إذا كان بصورته الحالية.
* ما هو الذي ترفضونه في الاتفاق بالضبط؟
* كما قلت في بداية حديثي إن أي اتفاق يؤدي إلى استدامة السلام في ربوع البلاد هذا شيء طيب، ونحن نرفض الحرب لأنها لا تأتي بخير، لكن السلام لا بد أن يكون عادلاً كما هو شعار منبر السلام العادل وأن يكون سلاماً عادلاً ومبنياً على قيم ومثل ومع أناس تستطيع أن تثق فيهم وفي تعاملهم ومبادئهم، أما ما مضى ممن نعرف فإنهم «أي هؤلاء الناس» لا يرغبون في مؤمن إلاً ولا ذمة وهدفهم الأساسي هو تفكيك وتحليل السودان، وما حركة عبد العزيز الحلو إلا نموذجاً لذلك خاصة بعد كشف المعلومات الأخيرة عن مخططهم الكبير وكانت عبارة عن بداية دولة تنطلق من كادوقلي إلى باقي أنحاء السودان وهي دولة الحركة الشعبية، وهذا ما أزعجنا جداً وما يزال وأنا هنا أطالب الإخوة المسؤولين في المؤتمر الوطني والحكومة وبالذات قيادة الدولة لكي تصحح هذا الوضع، ولعل حديث الرئيس قبل يومين بعد خطبة الجمعة قد وضح شيئاً من الواقع وأعتقد أن هذه الخطوة استبقت وضع دستور السودان الدائم وكما هو معلوم ينبغي أن يحدد الغايات الكبرى ويجب أن يحدد المبادئ الموجهة ويحدد التفاصيل التي تحفظ للناس حقوقهم وحرياتهم وتحفظ عليهم عقيدتهم ووحدتهم الوطنية وبالتأكيد إذا وضع الدستور فلن تكون فيه مادة أو نص يقبل أن يمارس حزب علماني يعمل على هدم عقيدة الأمة،والحركة بما نعرفه عنها فهي قائمة على هدم عقيدة الأمة والتي غالبيتها الغالبة وبعد انفصال الجنوب لا يقل «89%» في هذا البلد. فلذلك لا بد أن يراعي الدستور لهذه الأغلبية الغالبة مع المحافظة على حقوق الأقلية الضئيلة الموجودة من غير المسلمين في الشمال.
* قلت على المؤتمر الوطني أن يستدرك كنه الاتفاقية ماذا تقصد بذلك؟
* الحركة الشعبية إذا أرادت أن تكون حزباً بغير هذا الاسم وبغير الولاء لدولة أجنبية وتعزز من قناعتها الفكرية التي قامت عليها ولا تعارض قيام دولة إسلامية مدنية قائمة على الحق والعدل والخير فإذا رضيت بهذا كله فلتكن حزباً كبقية الأحزاب السودانية لأننا نحن منهجنا ينادي بقبول التعددية بين الناس والله سبحانه وتعالى لم يخلق الناس على شكل واحد أو قناعات واحدة وإنما هذا التعدد سنة من سنن الله تعالى.
* اتفاق أديس أبابا بدا وكأنه تكرار جديد لنيفاشا، كيف ترى ذلك؟
* على الذين وقعوا الاتفاق أن يكونوا قد تعلموا من التجارب السابقة وينبغي أن يكون الأمر كذلك ولا ينبغي أن نكرر نفس الخطأ، فنحن مؤمنون والمؤمن لا يلدغ من جحر مرتين، والحركة الشعبية لدغت السودان أكثر من مرة وقطاع الشمال بأشخاصه وأفكاره وقناعاته وأيدلوجيته هو امتداد للحركة وعلى الأخوة المفاوضين أن يتسموا بالحكمة والعقلانية وبالمنهجية والمرجعية والتي تجنبهم الذلل وتقيم أمر الاستقرار والسلام إن شاء الله على قواعد ثابتة وليست على قواعد منهارة يظهر فيما بعد أن فيها خللاً كبيراً.
* ألا ترى أن اتفاق أديس قد ضخّ الدماء من جديد في شرايين المشروع العلماني للحركة الشعبية في شمال السودان؟
* لا أعتقد أن هذا يشكل مشكلة في نهاية الأمر وفي البدايات، الأمر حسب الناس فيه شر ولكن بعد خطاب السيد الرئيس في يوم الجمعة وبعد الكتابات القيّمة التي كتبت في هذا الشأن ورأي العلماء الواضح فيه الذي رفضوه في مختلف دوائرهم سواء أكانت منابر أو لقاءات خاصة وغيرها، أعتقد أن العلمانية ذلك المشروع الذي تتبناه الحركة الشعبية تضخ فيه الدماء من جديد لأنه أصلاً عروقها متيبسة سواء كانت الحركة الشيوعية العالمية أم العلمانية التي يقولون عنها زوراً ويكنون عنها بالدولة المدنية وهي مفلسة إفلاساً كبيراً ونعم إذا فرّطنا ولم نضع المعالجات الحقيقية والصحيحة قد نندم وعندها تنفتح روح جديدة في العلمانية.
* هناك حديث عن تضمين هذه الاتفاقية في الدستور بم تعلق؟
* ليس صحيحاً ولا ينبغي أن تضمّن مثل هذه الاتفاقيات في الدساتير وأنا قلت في بداية حديثي إنه كان ينبغي أن يوضع دستور دائم لجمهورية السودان أولاً وأن يكون مستقراً ثم بعد ذلك الدستور يحكم على القوانين والاتفاقات الدولية والمحلية ولعل الحركة استبقت ذلك ولا ينبغي بأي حال من الأحوال أن يتكرر خطأ نيفاشا ونحن حراس على مبادئ الدستور ومواقف عقيدة هذه الأمة وقناعاتها وهويتها وثقافتها ومبادئها وبعد ذلك فليكن ما يكون من اتفاقيات مع كائن من كان ولكن لابد أولاً من الرؤيا والعقيدة التي تنطلق منها.
* أنتم في الهيئة ما هي مآخذكم تحديداً على هذا الاتفاق؟
* نحن بداية من حيث شكل الاتفاق من حيث استيعابه للجنود الشماليين الذين كانوا في الحركة وهم شماليون سواء أكانوا من النيل الأزرق أو جنوب كردفان ومن حيث ضرورة أن يوقف الحرب هذا شيء جيد ولكن أن يعطي الاتفاق شيكاً على بياض لقطاع الشمال بالحركة الشعبية بموجبه تعمل من جديد في شمال السودان، وهنا يكمن الخطأ الأساسي والرئيسي من غير تقييد أو تقييم لعقيدتها القتالية وهي مخالفة تماماً لأهل السودان وهذا خط أحمر عندنا. والثاني هناك بطء في حل مشكلات النيل الأزرق من خلال عدم استيعاب المقاتلين أو تسريحهم الآن هم بعدد كبير ومسلحون وسيواجهون البلد وبدأوا بالفعل بالحرب بحثاً عن مصيرهم ومستقبلهم وخمس سنوات بعد الاتفاقية لم تستخدم وإذا استثمرت كانت تستطيع حل كل الإشكالات.
* رغم أن اتفاق أديس إطاري إلى الآن لكنه أعطى اعترافاً بقطاع الشمال فأنت لا تفاوض من لا تعترف به؟.
* حقيقة هذا الاتفاق هو بصراحة شديدة كأنه الوضوء بعد الصلاة لأنه كان مفروضاً أن تتم هذه الترتيبات قبل نهاية الفترة الانتقالية وقد كانت الحركة تتعنت وتضع العراقيل والألغام في وجه الاتفاقية، وكان ينبغي بعد ذلك أن تنقض الاتفاقية جملة وتفصيلاً عند معرفتنا بخفاياها واشكالاتها حتى لا نتجرع مرة أخرى الغصة والمرارة، وأنا أعتقد أنه خطأ كبير أن نوقع اتفاقاً مع حركة عميلة وتابعة لدولة أخرى.. الشيء الذي يعني ولو شكلاً الاعتراف بها.
* لكن الاتفاق سيوقف الحرب؟
* نحن مبدئياً مع أي اتفاق يوقف الحرب ويحقن الدماء، لأنه من مقاصد الشرع التي نحافظ عليها ونحميها حفظ الأنفس وحفظ المال والأعراض، وهى الكليات الخمس المعروفة التي تشكل مقاصد الشرع الإسلامي، ولكن نقول هنا أنه وبهذا الاتفاق قد أعطينا زمام المبادرة لقطاع الشمال، واقحمناه اقحاماً واعطيناه قوة تفاوض بها وعبرها، وقطاع الشمال لم يتحول إلى الآن الى حزب سياسي، وهذه من مخلفات نيفاشا غير النظيفة.
* الحلو كما هو معروف روج للمشروع العلماني الذي سينفذه في السودان وهو الآن يحارب ذلك؟
* الحركة الشعبية بعقيدتها الفكرية والقتالية وسعيها للعلمانية في السودان لا وجود لها أصلاً، وهذا من خلال الرفض الجماهيري لها، أو من حيث حتى الإجراءات القانونية التي تمنع وجود حزب لدولة أخرى ومعادية لها، وتحمل نفس قناعات الدولة، وقانون الأحزاب عندنا لن يتيح لها ممارسة العمل في الشمال.
ومن أراد أن يحقق اهدافه بالبندقية فذات البندقية موجودة لدى الطرف الآخر إن شاء الله، ودولتنا دولة قوية ومانعة وفيها قيادة حكيمة، ولن تتيح أبداً الفرصة لمن يريد أن يعمل على زعزعة واستقرار البلاد، والحلو كما أعلن الرئيس في خطبة يوم الجمعة خارج على القانون وسيلقى القبض عليه وسيحاكم، ولكن ما أرجوه فعلاً هو أن تتحول هذه الأقوال الى افعال حتى لا يأتي تحت أي ظرف من الظروف أي طارئ سياسي يمنعنا أو ينسينا ذلك، وهذا ما ينبغي أن يكون واضحاً بالنسبة للسيد الرئيس ولبقية المسؤولين في الدولة، لأن هناك خطوطاً حمراء لا يمكن بأي حال من الأحوال تجاوزها، فالمجرم سيظل مجرماً، ولا بد في هذه الدنيا من أخذ القصاص ورد الحقوق إلى أهلها.
* برأيك ما هو المطلوب من القوى السياسية في الشمال ومن أهل القبلة لقطع الطريق أمام مثل هذه المحاذير والمخاوف؟
* نحن بفضل الله بجهودنا في المراجعات المختلفة، عملنا مع أهل القبلة عملاً مباركاً وطيباً، وكان معنا كل الإخوة بالمذاهب والمدارس الفكرية المختلفة، ووضعنا إطاراً لمبادئ وموجهات الدستور، وأوصينا بحل كل المشكلات التي نتجت عن التجربة في السنوات العشرين الماضية في كل المجالات، وهذا كان بتكليف من السيد نائب رئيس الجمهورية، ورفعت التوصيات له ولرئيس الجمهورية في اللقاء الجامع بالعلماء الذي حضره عدد كبير من أهل القبلة، السادة المشائخ والعلماء، والحمد لله الرئيس استجاب لطلبنا وطلب لقاءات التشاور. وحقيقة العداء للفكرة الاسلامية والمشروع الاسلامي سيظل موجوداً، ونحن ندرك ذلك، وهذه حقيقة كونية بأن الصراع بين الحق والباطل قائم الى يوم القيامة، وأن الذين يدفعون في اتجاه ألا تكون هناك مثل أو أخلاق أو عقيدة موجودون، واستهداف السودان معروف سابقاً. ونحن في هيئة علماء السودان ندعو إلى سبيل ربك بالحكمة والموعظة الحسنة، ونقوم بما يلينا في دحر هذا المخطط بكل امكاناتنا.
* اتفاق أبيي الذي وقع في أديس الذي قضى بإدخال قوات إثيوبية.. كيف تنظر إلى تلك القوات وهناك مؤامرة دولية من خلال هذه القوات؟
* مبدئياً نحن نرفض أي تدخل أممي في شؤون السودان، وبناءً على ذلك ولما كانت النيات غير خالصة ومبيتة لقوات الأمم المتحدة فقد تأزم الموقف، وعموماً فقوة من دولة واحدة أخف ضرراً من القوات الدولية .. ولكن بشرط ألا تتلقى هذه القوات تعليماتها من الأمم المتحدة، وغيرها من الأشياء التي تضعف سيادة السودان على أرضه، والمؤامرة الدولية قائمة وتنفذ وتطبق.
* كيف تنظر إلى مستقبل شمال السودان بعد الانفصال؟
* أنظر إليه بكثير من الأمل والتفاؤل، خصوصاً أن الشعب السوداني شعب واع، وقد كان مثقلاً ومكبلاً بهذه الحروب التي استنزفته، وبإذن الله طاقاتنا الفكرية والبشرية كلها تساعد على نهضته التي بدأت تظهر الآن، وستأتي البدائل من غير البترول وخاصة التنقيب عن المعادن والاستثمارات، ومستقبل السودان الشمالي مشرق، وصحيح أنه سيتعرض إلى ضغوط ومؤامرات، ولكن بحكمة وحنكة القيادة إن شاء الله سنعبر الى بر الأمان.
* على الصعيد الفقهي أُثيرت قضية القروض الربوية بشكل كبير، لكن مازالت هناك ضبابية تجاهها.. وضح لنا أكثر في هذا الشأن؟
* القضية واضحة وضوح الشمس في رابعة النهار، فالله تعالى حرم الربا بصورة قاطعة، وجعل العقوبة عليه الحرب من الله، وجعل التوبة منه مفتوحة (فإن تبتم فلكم رؤوس أموالكم لا تظلمون ولا تظلمون).. والربا يقود الى مضاعفات في الحياة الاجتماعية والاقتصادية لا تكاد تنتهي عند حد، والمسؤولون عن اقتصاد هذا البلد لم يقولوا إن الربا حلال، لكن لجأ الناس الى ما يسمى بفقه الضرورة، ونحن عندنا أن فقه الضرورة ينبغي أن يقدره أهل العلم، وأهل العلم هم العلماء، ونحن حددنا في لقائنا الأخير مع الرئيس، أن هناك كثيراً من الأمور في الاقتصاد تحتاج إلى ضبط، فيجب محاربة الفساد وضبط الزكاة وترشيد الصرف، حتى بعد ذلك نأتي لفقه الضرورة، ونحن لا نعطي فتوى «شيك على بياض» حتى نرى القضية المطلوب فيها الفتوى.
* هناك من ينظر إلى هيئة علماء السودان على أنهم علماء سلطان، بمعنى أنهم يتساهلون في ما يخدم مصالح السلطة سياسياً.. كيف ترد على ذلك؟
* أنا أحيلك إلى هذا الحوار، وإذا كان في كلامنا هذا تجويز لأهل السلطان كي يفعلوا ما يحلو لهم، والهيئة تقول النصيحة ولا تخشى أحداً إلا الله، ولها رأيها الواضح في كثير من القضايا، ولا يضرها ان توافقت مواقفها التي هى مع الحق مع مواقف الحكومة أو الدولة، ولا يضرها ذلك في شيء .. وشعارنا هو «الذين يبلغون رسالات الله يخشونه ولا يخشون أحداً إلا الله».
وليس هناك تناقض إن وافقنا السلطان في الحق أو وافقنا السلطان في الحق، ونحن لسنا مع السلطان وندور معه حيث دار، فإذا فعل السلطان حسناً نقول له أحسنت، وإذا أساء نقول له أسأت، ولكن بأدب وبعدم تطاول، وبالطريقة التي تصل عبرها الرسالة الى صاحبها. وما يقوله بعض الحاقدين من السياسيين لا نعطيه وزناً ولا نلتفت له أبداً، ونسير في طريقنا ولا نلتفت لأحد.
* أخيراً ماذا يريد البروف محمد عثمان صالح أن يقول في خاتمة هذا الحوار؟
* ينبغي أن يراجع هذا الاتفاق الإطاري مع قطاع الشمال، وعلى الوفد الحكومي أن يتسم الحصافة والحكمة، وأن يلتزم بالمرجعية الإسلامية الشرعية حتى لا تفوت علينا فائتة، والقاعدة هنا هى بذل الدنيا من أجل الدين، بمعنى ألا نجعلهم يعلنون وينفذون قناعاتهم وأفكارهم المعلنة والمعادية لدولتنا، أما المناصب والمال فليعطوا ذلك، ولا تهاون في أمر الدين. وهنا أوجه الجميع إلى أن أفضل ما عليه هذه الأمة قاله تعالى: (كنتم خير أمة أخرجت للناس تأمرون بالمعروف وتنهون عن المنكر وتؤمنون بالله)، وهذه ثلاثة أركان ضرورية لأفضلية الأمة، وهنا هذه الأمة هى أمة الشورى، والشورى هى بركة تشمل الجميع في جميع مراحل الحكم وكل المستويات، وإذا قام أمرنا على الشورى فسيستقيم أمرنا، فنحن نريد من الإخوة القائمين على الأمر والتفاوض والمجلس الوطني وغيرها من دواوين الدولة والحكومة، أن يقوم الأمر برمته على الشورى، وشورى العلماء مهمة، وأنا أرى أن دور العلماء في دولتنا حتى الآن مهمش، فلا بد من وضع العلماء في مقدمة من يُستشارون، ومجالسنا التشريعية تكاد تكون خالية من علماء العلم الشرعي، وأجهزة الحكم المختلفة كذلك خالية، وعلى الأقل نجعل لأهل العلم الشرعي وجوداً على مستويات الدولة المختلفة.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.