السودان والحرب    حركة متمرّدة جديدة بقيادة عضو سابق في المجلس التشريعي الوطني    الأهلي يكسب الفجر بهدف في ديربي الأبيض    عملية اختطاف خطيرة في السودان    شاهد بالصورة والفيديو.. خلال حفل زفاف بالقاهرة.. العازف عوض أحمودي يدخل في وصلة رقص هستيرية مع الفنانة هدى عربي على أنغام (ضرب السلاح)    شاهد بالصورة والفيديو.. حسناء سودانية فائقة الجمال تبهر المتابعين وتخطف الأنظار بتفاعلها مع "عابرة" ملك الطمبور ود النصري    بالصورة.. الممثل السوداني ومقدم برنامج المقالب "زول سغيل" ينفي شائعة زواجه من إحدى ضحياه: (زواجي ما عندي علاقة بشيخ الدمازين وكلنا موحدين وعارفين الكلام دا)    شاهد بالصورة والفيديو.. حسناء سودانية فائقة الجمال تبهر المتابعين وتخطف الأنظار بتفاعلها مع "عابرة" ملك الطمبور ود النصري    شاهد بالصورة والفيديو.. خلال حفل زفاف بالقاهرة.. العازف عوض أحمودي يدخل في وصلة رقص هستيرية مع الفنانة هدى عربي على أنغام (ضرب السلاح)    شاهد بالصورة والفيديو.. مطربة أثيوبية تشعل حفل غنائي في أديس أبابا بأغنية الفنانة السودانية منال البدري (راجل التهريب) والجمهور يتساءل: (ليه أغانينا لمن يغنوها الحبش بتطلع رائعة كدة؟)    الهلال السعودي يتعادل مع ريال مدريد بهدف لكلٍ في كأس العالم للأندية    تقرير أممي: الجيش مسؤول عن الجرائم وتدهور الوضع الإنساني في السودان    هل هناك احتمال لحدوث تسرب إشعاع نووي في مصر حال قصف ديمونة؟    مانشستر سيتي يستهل مونديال الأندية بالفوز على الوداد المغربي بهدفين دون مقابل    ماذا يفعل كبت الدموع بالرجال؟    أمام الريال.. الهلال يحلم بالضربة الأولى    الإدارة العامة للمباحث الجنائية المركزية تتمكن من الإيقاع بشبكة إجرامية تخصصت فى نهب مصانع العطور بمعاونة المليشيا المتمردة    كامل إدريس يؤكد عمق ومتانة العلاقات الثنائية بين السودان والكويت    كامل إدريس ابن المنظمات الدولية لايريد أن تتلطخ أطراف بدلته الأنيقة بطين قواعد الإسلاميين    9 دول نووية بالعالم.. من يملك السلاح الأقوى؟    ترامب: "نعرف بالتحديد" أين يختبئ خامنئي لكن لن "نقضي عليه" في الوقت الحالي    عَوض (طَارَة) قَبل أن يَصبح الاسم واقِعا    عودة الحياة لاستاد عطبرة    الصحفية والشاعرة داليا الياس: (عندي حاجز نفسي مع صبغة الشعر عند الرجال!! ولو بقيت منقطها وأرهب من الرهابة ذاتا مابتخش راسي ده!!)    التهديد بإغلاق مضيق هرمز يضع الاقتصاد العالمي على "حافة الهاوية"    تدهور غير مسبوق في قيمة الجنيه السوداني    كيم كارداشيان تنتقد "قسوة" إدارة الهجرة الأمريكية    "دم على نهد".. مسلسل جريء يواجه شبح المنع قبل عرضه    ايران تطاطىء الرأس بصورة مهينة وتتلقى الضربات من اسرائيل بلا رد    خطأ شائع أثناء الاستحمام قد يهدد حياتك    خدعة بسيطة للنوم السريع… والسر في القدم    السلطات السودانية تضع النهاية لمسلسل منزل الكمير    المباحث الجنائية المركزية ولاية الجزيرة تنفذ حملة أمنية كبري بالسوق العمومي وتضبط معتادي إجرام    مباحث شرطة الولاية الشمالية تتمكن من إماطة اللثام عن جريمة قتل غامضة وتوقف المتورطين    بلاغ بوجود قنبلة..طائرة سعودية تغيّر مسارها..ما التفاصيل؟    المملكة تستعرض إستراتيجية الأمن الغذائي لدول مجلس التعاون الخليجي    "خطوة برقو" تفجّر الأوضاع في دارفور    خسائر ضخمة ل"غانا"..تقرير خطير يكشف المثير    الترجي يسقط أمام فلامنغو في مونديال الأندية    نقل أسلحة إسرائيلية ومسيرات أوكرانية الى افريقيا بمساعدة دولة عربية    والي الخرطوم يصدر عدداً من الموجهات التنظيمية والادارية لمحاربة السكن العشوائي    أدوية يجب تجنب تناولها مع القهوة    إدارة مكافحة المخدرات بولاية البحر الأحمر تفكك شبكة إجرامية تهرب مخدر القات    (يمكن نتلاقى ويمكن لا)    سمير العركي يكتب: رسالة خبيثة من إسرائيل إلى تركيا    بالصورة.."أتمنى لها حياة سعيدة".. الفنان مأمون سوار الدهب يفاجئ الجميع ويعلن إنفصاله رسمياً عن زوجته الحسناء ويكشف الحقائق كاملة: (زي ما كل الناس عارفه الطلاق ما بقع على"الحامل")    المدير العام للشركة السودانية للموارد المعدنية يؤكد أهمية مضاعفة الإنتاج    السودان..خطوة جديدة بشأن السفر    3 آلاف و820 شخصا"..حريق في مبنى بدبي والسلطات توضّح    معلومات جديدة عن الناجي الوحيد من طائرة الهند المنكوبة.. مكان مقعده ينقذه من الموت    بعد حالات تسمّم مخيفة..إغلاق مطعم مصري شهير وتوقيف مالكه    إنهاء معاناة حي شهير في أمدرمان    اكتشاف مثير في صحراء بالسودان    رؤيا الحكيم غير ملزمة للجيش والشعب السوداني    شاهد بالفيديو.. داعية سوداني شهير يثير ضجة إسفيرية غير مسبوقة: (رأيت الرسول صلى الله عليه وسلم في المنام وأوصاني بدعوة الجيش والدعم السريع للتفاوض)    أثار محمد هاشم الحكيم عاصفة لم يكن بحاجة إلي آثارها الإرتدادية علي مصداقيته الكلامية والوجدانية    ما هي محظورات الحج للنساء؟    قُلْ: ليتني شمعةٌ في الظلامْ؟!    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



حوار مع رئيس هيئة علماء السودان حول اتفاق اديس أبابا

هذا حوار مع رئيس هيئة علماء السودان الأستاذ محمد عثمان صالح حول الاتفاق الإطاري الأخير بين الحكومة والحركة الشعبية فيما عرف عند البعض باتفاق نيفاشا 2. ويبين الأستاذ صالح رأيه بوضوح وجرأة عن المآخذ التي تؤخذ على الاتفاق. وفيما يلى نص الحوار.
* لا شك أن هيئة علماء السودان ليست معزولة عن أحداث الساحة الراهنة فكيف استقبلتم اتفاق أديس أبابا؟
* حقيقة كل اتفاق يقود ويفضي إلى حق وخير وعدل هو شيء مطلوب، لكن اندهشنا من صيغة الاتفاق الذي تم مع الحركة الشعبية قطاع الشمال في أديس أبابا ورأينا أن فيه جانباً من الجوانب ولا يمكن أن يقبل بشكله الحالي ولا بدّ من النظر فيه وتحديد الجوانب الخطرة فيه خاصة أن فيه إتاحة مطلقة لقطاع الشمال بالحركة ليعمل وفقاً لمنفستو الحركة الشعبية ومعلوم أن المنفستو الذي قامت عليه الحركة الشعبية هو إقامة دولة علمانية موحدة بين الشمال والجنوب، محررة من الدين والعنصر العربي وقطاع الشمال هو تابع للحركة الشعبية الأم، وبالتالي هذا التابع سيحمل بالضرورة نفس الفكر والتصورات التي عند حركته الأم وهذا هو مكمن اعتراضنا على هذا الاتفاق وهو إتاحة الفرصة لهم حتى من غير أن يعدلوا نشاطهم وأفكارهم وأطروحاتهم المعادية للشمال وإستراتيجيتهم القديمة التي تستهدف الدين والوطن وما تزال هذه الإستراتيجية وبناءً على ذلك كله نحن نرى أنه كان من الخطأ الكبير أن يعطى قطاع الشمال شيكاً على بياض من أجل أن يمارسوا نشاطهم ووفق تصوراتهم هم وأفكارهم المعادية للشمال ولدينه، وعلى الأقل كان ينبغي أن يكون هناك تحديد واستثناء لأشياء معينة ومحددة وأعتقد أن على المؤتمر الوطني أن يستدرك وفوراً هذه الموافقة غير المشروطة على عمل قطاع الشمال التابع للحركة الشعبية بنفس قناعاته وأطروحاته القديمة وعقيدته القتالية التي انبنى عليها سلوكه وبناء على ذلك نحن نرفض هذا الاتفاق رفضاً تاماً وكاملاً إذا كان بصورته الحالية.
* ما هو الذي ترفضونه في الاتفاق بالضبط؟
* كما قلت في بداية حديثي إن أي اتفاق يؤدي إلى استدامة السلام في ربوع البلاد هذا شيء طيب، ونحن نرفض الحرب لأنها لا تأتي بخير، لكن السلام لا بد أن يكون عادلاً كما هو شعار منبر السلام العادل وأن يكون سلاماً عادلاً ومبنياً على قيم ومثل ومع أناس تستطيع أن تثق فيهم وفي تعاملهم ومبادئهم، أما ما مضى ممن نعرف فإنهم «أي هؤلاء الناس» لا يرغبون في مؤمن إلاً ولا ذمة وهدفهم الأساسي هو تفكيك وتحليل السودان، وما حركة عبد العزيز الحلو إلا نموذجاً لذلك خاصة بعد كشف المعلومات الأخيرة عن مخططهم الكبير وكانت عبارة عن بداية دولة تنطلق من كادوقلي إلى باقي أنحاء السودان وهي دولة الحركة الشعبية، وهذا ما أزعجنا جداً وما يزال وأنا هنا أطالب الإخوة المسؤولين في المؤتمر الوطني والحكومة وبالذات قيادة الدولة لكي تصحح هذا الوضع، ولعل حديث الرئيس قبل يومين بعد خطبة الجمعة قد وضح شيئاً من الواقع وأعتقد أن هذه الخطوة استبقت وضع دستور السودان الدائم وكما هو معلوم ينبغي أن يحدد الغايات الكبرى ويجب أن يحدد المبادئ الموجهة ويحدد التفاصيل التي تحفظ للناس حقوقهم وحرياتهم وتحفظ عليهم عقيدتهم ووحدتهم الوطنية وبالتأكيد إذا وضع الدستور فلن تكون فيه مادة أو نص يقبل أن يمارس حزب علماني يعمل على هدم عقيدة الأمة،والحركة بما نعرفه عنها فهي قائمة على هدم عقيدة الأمة والتي غالبيتها الغالبة وبعد انفصال الجنوب لا يقل «89%» في هذا البلد. فلذلك لا بد أن يراعي الدستور لهذه الأغلبية الغالبة مع المحافظة على حقوق الأقلية الضئيلة الموجودة من غير المسلمين في الشمال.
* قلت على المؤتمر الوطني أن يستدرك كنه الاتفاقية ماذا تقصد بذلك؟
* الحركة الشعبية إذا أرادت أن تكون حزباً بغير هذا الاسم وبغير الولاء لدولة أجنبية وتعزز من قناعتها الفكرية التي قامت عليها ولا تعارض قيام دولة إسلامية مدنية قائمة على الحق والعدل والخير فإذا رضيت بهذا كله فلتكن حزباً كبقية الأحزاب السودانية لأننا نحن منهجنا ينادي بقبول التعددية بين الناس والله سبحانه وتعالى لم يخلق الناس على شكل واحد أو قناعات واحدة وإنما هذا التعدد سنة من سنن الله تعالى.
* اتفاق أديس أبابا بدا وكأنه تكرار جديد لنيفاشا، كيف ترى ذلك؟
* على الذين وقعوا الاتفاق أن يكونوا قد تعلموا من التجارب السابقة وينبغي أن يكون الأمر كذلك ولا ينبغي أن نكرر نفس الخطأ، فنحن مؤمنون والمؤمن لا يلدغ من جحر مرتين، والحركة الشعبية لدغت السودان أكثر من مرة وقطاع الشمال بأشخاصه وأفكاره وقناعاته وأيدلوجيته هو امتداد للحركة وعلى الأخوة المفاوضين أن يتسموا بالحكمة والعقلانية وبالمنهجية والمرجعية والتي تجنبهم الذلل وتقيم أمر الاستقرار والسلام إن شاء الله على قواعد ثابتة وليست على قواعد منهارة يظهر فيما بعد أن فيها خللاً كبيراً.
* ألا ترى أن اتفاق أديس قد ضخّ الدماء من جديد في شرايين المشروع العلماني للحركة الشعبية في شمال السودان؟
* لا أعتقد أن هذا يشكل مشكلة في نهاية الأمر وفي البدايات، الأمر حسب الناس فيه شر ولكن بعد خطاب السيد الرئيس في يوم الجمعة وبعد الكتابات القيّمة التي كتبت في هذا الشأن ورأي العلماء الواضح فيه الذي رفضوه في مختلف دوائرهم سواء أكانت منابر أو لقاءات خاصة وغيرها، أعتقد أن العلمانية ذلك المشروع الذي تتبناه الحركة الشعبية تضخ فيه الدماء من جديد لأنه أصلاً عروقها متيبسة سواء كانت الحركة الشيوعية العالمية أم العلمانية التي يقولون عنها زوراً ويكنون عنها بالدولة المدنية وهي مفلسة إفلاساً كبيراً ونعم إذا فرّطنا ولم نضع المعالجات الحقيقية والصحيحة قد نندم وعندها تنفتح روح جديدة في العلمانية.
* هناك حديث عن تضمين هذه الاتفاقية في الدستور بم تعلق؟
* ليس صحيحاً ولا ينبغي أن تضمّن مثل هذه الاتفاقيات في الدساتير وأنا قلت في بداية حديثي إنه كان ينبغي أن يوضع دستور دائم لجمهورية السودان أولاً وأن يكون مستقراً ثم بعد ذلك الدستور يحكم على القوانين والاتفاقات الدولية والمحلية ولعل الحركة استبقت ذلك ولا ينبغي بأي حال من الأحوال أن يتكرر خطأ نيفاشا ونحن حراس على مبادئ الدستور ومواقف عقيدة هذه الأمة وقناعاتها وهويتها وثقافتها ومبادئها وبعد ذلك فليكن ما يكون من اتفاقيات مع كائن من كان ولكن لابد أولاً من الرؤيا والعقيدة التي تنطلق منها.
* أنتم في الهيئة ما هي مآخذكم تحديداً على هذا الاتفاق؟
* نحن بداية من حيث شكل الاتفاق من حيث استيعابه للجنود الشماليين الذين كانوا في الحركة وهم شماليون سواء أكانوا من النيل الأزرق أو جنوب كردفان ومن حيث ضرورة أن يوقف الحرب هذا شيء جيد ولكن أن يعطي الاتفاق شيكاً على بياض لقطاع الشمال بالحركة الشعبية بموجبه تعمل من جديد في شمال السودان، وهنا يكمن الخطأ الأساسي والرئيسي من غير تقييد أو تقييم لعقيدتها القتالية وهي مخالفة تماماً لأهل السودان وهذا خط أحمر عندنا. والثاني هناك بطء في حل مشكلات النيل الأزرق من خلال عدم استيعاب المقاتلين أو تسريحهم الآن هم بعدد كبير ومسلحون وسيواجهون البلد وبدأوا بالفعل بالحرب بحثاً عن مصيرهم ومستقبلهم وخمس سنوات بعد الاتفاقية لم تستخدم وإذا استثمرت كانت تستطيع حل كل الإشكالات.
* رغم أن اتفاق أديس إطاري إلى الآن لكنه أعطى اعترافاً بقطاع الشمال فأنت لا تفاوض من لا تعترف به؟.
* حقيقة هذا الاتفاق هو بصراحة شديدة كأنه الوضوء بعد الصلاة لأنه كان مفروضاً أن تتم هذه الترتيبات قبل نهاية الفترة الانتقالية وقد كانت الحركة تتعنت وتضع العراقيل والألغام في وجه الاتفاقية، وكان ينبغي بعد ذلك أن تنقض الاتفاقية جملة وتفصيلاً عند معرفتنا بخفاياها واشكالاتها حتى لا نتجرع مرة أخرى الغصة والمرارة، وأنا أعتقد أنه خطأ كبير أن نوقع اتفاقاً مع حركة عميلة وتابعة لدولة أخرى.. الشيء الذي يعني ولو شكلاً الاعتراف بها.
* لكن الاتفاق سيوقف الحرب؟
* نحن مبدئياً مع أي اتفاق يوقف الحرب ويحقن الدماء، لأنه من مقاصد الشرع التي نحافظ عليها ونحميها حفظ الأنفس وحفظ المال والأعراض، وهى الكليات الخمس المعروفة التي تشكل مقاصد الشرع الإسلامي، ولكن نقول هنا أنه وبهذا الاتفاق قد أعطينا زمام المبادرة لقطاع الشمال، واقحمناه اقحاماً واعطيناه قوة تفاوض بها وعبرها، وقطاع الشمال لم يتحول إلى الآن الى حزب سياسي، وهذه من مخلفات نيفاشا غير النظيفة.
* الحلو كما هو معروف روج للمشروع العلماني الذي سينفذه في السودان وهو الآن يحارب ذلك؟
* الحركة الشعبية بعقيدتها الفكرية والقتالية وسعيها للعلمانية في السودان لا وجود لها أصلاً، وهذا من خلال الرفض الجماهيري لها، أو من حيث حتى الإجراءات القانونية التي تمنع وجود حزب لدولة أخرى ومعادية لها، وتحمل نفس قناعات الدولة، وقانون الأحزاب عندنا لن يتيح لها ممارسة العمل في الشمال.
ومن أراد أن يحقق اهدافه بالبندقية فذات البندقية موجودة لدى الطرف الآخر إن شاء الله، ودولتنا دولة قوية ومانعة وفيها قيادة حكيمة، ولن تتيح أبداً الفرصة لمن يريد أن يعمل على زعزعة واستقرار البلاد، والحلو كما أعلن الرئيس في خطبة يوم الجمعة خارج على القانون وسيلقى القبض عليه وسيحاكم، ولكن ما أرجوه فعلاً هو أن تتحول هذه الأقوال الى افعال حتى لا يأتي تحت أي ظرف من الظروف أي طارئ سياسي يمنعنا أو ينسينا ذلك، وهذا ما ينبغي أن يكون واضحاً بالنسبة للسيد الرئيس ولبقية المسؤولين في الدولة، لأن هناك خطوطاً حمراء لا يمكن بأي حال من الأحوال تجاوزها، فالمجرم سيظل مجرماً، ولا بد في هذه الدنيا من أخذ القصاص ورد الحقوق إلى أهلها.
* برأيك ما هو المطلوب من القوى السياسية في الشمال ومن أهل القبلة لقطع الطريق أمام مثل هذه المحاذير والمخاوف؟
* نحن بفضل الله بجهودنا في المراجعات المختلفة، عملنا مع أهل القبلة عملاً مباركاً وطيباً، وكان معنا كل الإخوة بالمذاهب والمدارس الفكرية المختلفة، ووضعنا إطاراً لمبادئ وموجهات الدستور، وأوصينا بحل كل المشكلات التي نتجت عن التجربة في السنوات العشرين الماضية في كل المجالات، وهذا كان بتكليف من السيد نائب رئيس الجمهورية، ورفعت التوصيات له ولرئيس الجمهورية في اللقاء الجامع بالعلماء الذي حضره عدد كبير من أهل القبلة، السادة المشائخ والعلماء، والحمد لله الرئيس استجاب لطلبنا وطلب لقاءات التشاور. وحقيقة العداء للفكرة الاسلامية والمشروع الاسلامي سيظل موجوداً، ونحن ندرك ذلك، وهذه حقيقة كونية بأن الصراع بين الحق والباطل قائم الى يوم القيامة، وأن الذين يدفعون في اتجاه ألا تكون هناك مثل أو أخلاق أو عقيدة موجودون، واستهداف السودان معروف سابقاً. ونحن في هيئة علماء السودان ندعو إلى سبيل ربك بالحكمة والموعظة الحسنة، ونقوم بما يلينا في دحر هذا المخطط بكل امكاناتنا.
* اتفاق أبيي الذي وقع في أديس الذي قضى بإدخال قوات إثيوبية.. كيف تنظر إلى تلك القوات وهناك مؤامرة دولية من خلال هذه القوات؟
* مبدئياً نحن نرفض أي تدخل أممي في شؤون السودان، وبناءً على ذلك ولما كانت النيات غير خالصة ومبيتة لقوات الأمم المتحدة فقد تأزم الموقف، وعموماً فقوة من دولة واحدة أخف ضرراً من القوات الدولية .. ولكن بشرط ألا تتلقى هذه القوات تعليماتها من الأمم المتحدة، وغيرها من الأشياء التي تضعف سيادة السودان على أرضه، والمؤامرة الدولية قائمة وتنفذ وتطبق.
* كيف تنظر إلى مستقبل شمال السودان بعد الانفصال؟
* أنظر إليه بكثير من الأمل والتفاؤل، خصوصاً أن الشعب السوداني شعب واع، وقد كان مثقلاً ومكبلاً بهذه الحروب التي استنزفته، وبإذن الله طاقاتنا الفكرية والبشرية كلها تساعد على نهضته التي بدأت تظهر الآن، وستأتي البدائل من غير البترول وخاصة التنقيب عن المعادن والاستثمارات، ومستقبل السودان الشمالي مشرق، وصحيح أنه سيتعرض إلى ضغوط ومؤامرات، ولكن بحكمة وحنكة القيادة إن شاء الله سنعبر الى بر الأمان.
* على الصعيد الفقهي أُثيرت قضية القروض الربوية بشكل كبير، لكن مازالت هناك ضبابية تجاهها.. وضح لنا أكثر في هذا الشأن؟
* القضية واضحة وضوح الشمس في رابعة النهار، فالله تعالى حرم الربا بصورة قاطعة، وجعل العقوبة عليه الحرب من الله، وجعل التوبة منه مفتوحة (فإن تبتم فلكم رؤوس أموالكم لا تظلمون ولا تظلمون).. والربا يقود الى مضاعفات في الحياة الاجتماعية والاقتصادية لا تكاد تنتهي عند حد، والمسؤولون عن اقتصاد هذا البلد لم يقولوا إن الربا حلال، لكن لجأ الناس الى ما يسمى بفقه الضرورة، ونحن عندنا أن فقه الضرورة ينبغي أن يقدره أهل العلم، وأهل العلم هم العلماء، ونحن حددنا في لقائنا الأخير مع الرئيس، أن هناك كثيراً من الأمور في الاقتصاد تحتاج إلى ضبط، فيجب محاربة الفساد وضبط الزكاة وترشيد الصرف، حتى بعد ذلك نأتي لفقه الضرورة، ونحن لا نعطي فتوى «شيك على بياض» حتى نرى القضية المطلوب فيها الفتوى.
* هناك من ينظر إلى هيئة علماء السودان على أنهم علماء سلطان، بمعنى أنهم يتساهلون في ما يخدم مصالح السلطة سياسياً.. كيف ترد على ذلك؟
* أنا أحيلك إلى هذا الحوار، وإذا كان في كلامنا هذا تجويز لأهل السلطان كي يفعلوا ما يحلو لهم، والهيئة تقول النصيحة ولا تخشى أحداً إلا الله، ولها رأيها الواضح في كثير من القضايا، ولا يضرها ان توافقت مواقفها التي هى مع الحق مع مواقف الحكومة أو الدولة، ولا يضرها ذلك في شيء .. وشعارنا هو «الذين يبلغون رسالات الله يخشونه ولا يخشون أحداً إلا الله».
وليس هناك تناقض إن وافقنا السلطان في الحق أو وافقنا السلطان في الحق، ونحن لسنا مع السلطان وندور معه حيث دار، فإذا فعل السلطان حسناً نقول له أحسنت، وإذا أساء نقول له أسأت، ولكن بأدب وبعدم تطاول، وبالطريقة التي تصل عبرها الرسالة الى صاحبها. وما يقوله بعض الحاقدين من السياسيين لا نعطيه وزناً ولا نلتفت له أبداً، ونسير في طريقنا ولا نلتفت لأحد.
* أخيراً ماذا يريد البروف محمد عثمان صالح أن يقول في خاتمة هذا الحوار؟
* ينبغي أن يراجع هذا الاتفاق الإطاري مع قطاع الشمال، وعلى الوفد الحكومي أن يتسم الحصافة والحكمة، وأن يلتزم بالمرجعية الإسلامية الشرعية حتى لا تفوت علينا فائتة، والقاعدة هنا هى بذل الدنيا من أجل الدين، بمعنى ألا نجعلهم يعلنون وينفذون قناعاتهم وأفكارهم المعلنة والمعادية لدولتنا، أما المناصب والمال فليعطوا ذلك، ولا تهاون في أمر الدين. وهنا أوجه الجميع إلى أن أفضل ما عليه هذه الأمة قاله تعالى: (كنتم خير أمة أخرجت للناس تأمرون بالمعروف وتنهون عن المنكر وتؤمنون بالله)، وهذه ثلاثة أركان ضرورية لأفضلية الأمة، وهنا هذه الأمة هى أمة الشورى، والشورى هى بركة تشمل الجميع في جميع مراحل الحكم وكل المستويات، وإذا قام أمرنا على الشورى فسيستقيم أمرنا، فنحن نريد من الإخوة القائمين على الأمر والتفاوض والمجلس الوطني وغيرها من دواوين الدولة والحكومة، أن يقوم الأمر برمته على الشورى، وشورى العلماء مهمة، وأنا أرى أن دور العلماء في دولتنا حتى الآن مهمش، فلا بد من وضع العلماء في مقدمة من يُستشارون، ومجالسنا التشريعية تكاد تكون خالية من علماء العلم الشرعي، وأجهزة الحكم المختلفة كذلك خالية، وعلى الأقل نجعل لأهل العلم الشرعي وجوداً على مستويات الدولة المختلفة.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.