الشيخ علي بيتاي ...علم من اعلام السودان ورجل من رجالات الشرق له مآثره وسيرته ... وعندما تذكر خلاوي همشكوريب... تذكر جهوده المضنية لتحويل تلك المنطقة الجبلية القاسية النائية المنسية إلى مركز إشعاع إسلامي ... واشعال نار القرآن بها... وبدأ الشيخ على بيتاى بتشجيع ابناء المنطقة وابناء البجة عامة للالتحاق بهذه الخلاوى وكان يتكفل باسكان الدارسين واطعامهم وتوفير الملابس لهم فاذا بهذه الخلاوى تتسع يوما بعد آخر وبدأ يرتادها طلاب العلم من غرب افريقيا، كما ان طلاب العلم من ابناء اريتريا بدأت هذه الخلاوى باستقبالهم والصرف عليهم واعدادهم ليواصلوا تعليمهم بعد ذلك بشكل نظامى سواء كان فى المدارس او فى المعهد العلمى بام درمان او بالازهر الشريف بمصر... و قلبت حياة الناس رأسا على عقب وهذبت أخلاقهم وغيرت طريقة معيشتهم فأصبحت ترتكز على خدمة كتاب الله تعالى حفظا وتجويدا، فقصدها الناس من كل أنحاء السودان. في منتصف القرن الماضي ولم يكن الأمر ميسورا في خمسينيات القرن الماضي أيام الاحتلال البريطاني للسودان، فقد كان الإنجليز يخافون من أي تجمع حول القرآن الكريم رغم أن الأمر استتب لهم في السودان أكثر من نصف قرن بعد القضاء على الثورة المهدية في العام 1898م، لكنهم لم ينسوا مطلقا أن الثورة المهدية انطلقت من خلاوى القرآن في السودان وأن مؤسسها الإمام محمد أحمد المهدي وكبار قادتها كانوا من خريجي الخلاوى، لذلك كان يتملك الإنجليز رعب شديد من تأسيس خلاوى القرآن خاصة في مناطق قبائل الهدندوة التي تسكن حول همشكوريب والمعروفة ببأسها الشديد والتي كان منها الأمير عثمان دقنة أحد أبرز القادة العسكريين للثورة المهدية... وحسب روايتة بيتاى ان علاقته بالمستعمر البريطاني غير ودية وتنتابها الشكوك، حيث قامت بنفيه عن منطقة شرق السودان ومنعته من العودة اليها الا بعد تدخل ووساطة من قبل السيد عبدالرحمن المهدى والسيد على الميرغنى وقد لاقى الشيخ علي بيتاي مشقة كبيرة لرغبته في تأسيس خلاوى همشكوريب ، فكان جزاء الشيخ بيتاي السجن لمدة ست سنوات متنقلا في سجون كسلا وأروما ( من مدن شرق السودان ) وحلفا ( في أقصى شمال السودان ) لكنه نجح أخيرا بعزيمته وتصميمه على تأسيس خلاوى همشكوريب في بلوغ غايته فتم تأسيس الخلاوى واجتذبت إليها أبناء المنطقة والمناطق المجاورة أولا، ثم ما لبثت شهرتها أن بلغت الآفاق فأصبح يقصدها الطلاب من المناطق البعيدة في السودان ومن الدول المجاورة من إثيوبيا وأرتريا وكينيا وتشاد. واستمرت خلاوى همشكوريب تؤدي دورها الرسالي متحصنة بجبالها وبعدها عن مناطق النزاعات في السودان، وقد لاقت الخلاوى اهتماما مقدرا أيام الرئيس السوداني الأسبق جعفر نميري ( 1969 1985م ) الذي وجه الحكومات المحلية بالاهتمام بالخلاوى وزارها بنفسه أكثر من مرة، وفي أيام حكم الإنقاذ الحالي ازداد الاهتمام بها، فزارها نائب رئيس الجمهورية السابق المشير الزبير محمد صالح الذي تبنى الخلاوى ودعمها بصورة واسعة، كما زارها عدد من المسئولين المركزيين والمحليين، وأصبحت مكان احتفاء واهتمام على المستويين الرسمي والشعبي. وقام الشيخ بيتاى بمحاربة العادات الضارة مثل تعاطى الكحول واستعمال التمباك والسجائر والابتعاد عن الدعارة التى تلحق اضرارا صحية قاتلة بين البشر وفى هذا فقد كان الشيخ على بيتاى سابقا لزمانه حيث ثبت الآن وبشكل علمى لايقبل الشك خطورة كل هذه الممارسات واصبح العالم بكامله يقوم بمحاربة كل هذه الرذائل التى اصبحت تفتك ببنى البشر بعد ان ثبت للكل خطورتها المستقبلية. فامثال الشيخ على بيتاى لايمكن ان ينسى...