التعريف ب»الحركة النسوية«: يعرفها معجم »أكسفورد«: »الاعتراف بأن للمرأة حقوقاً وفرصاً مساوية للرجل، وذلك في مختلف مستويات الحياة العلمية والعملية«.. أما معجم »ويبستر« فيعرفها بأنها: »النظرية التي تنادي بمساواة الجنسين سياسياً واقتصادياً واجتماعياً، وتسعى كحركة سياسية إلى دعم المرأة واهتماماتها وإلى إزالة التمييز الجنسي الذي تعاني منه«. وهذان التعريفان لا يكشفان عن المتضمنات الحقيقية لمفهومها، ولا يحددان الأهداف التدميرية التي تسعى إليها. يشير د. خالد قطب إلى أن الإسلام في نظر الحركة النسوية الاستعمارية هو العدو، فقد انصبت نظرية الخطاب الاستعماري الجديد والذي يتمحور حول المرأة على أن الإسلام يضطهد المرأة، وأن »الحجاب« و»التفرقة« يرمزان إلى هذا الاضطهاد. وجاء في ورقة عمل قُدمت إلى المؤتمر التاسع للندوة العالمية للشباب الإسلامي بعنوان »الحركة النسوية الغربية وآثارها في ظل الانفتاح العالمي«: أن »الحركة النسوية الغربية المعاصرة Feminism هي تنظيم غربي مركزه الولاياتالمتحدةالأمريكية، وهي امتداد للحركات النسوية التي ظهرت في الغرب خلال القرن التاسع عشر الميلادي، والتي ناضلت في سبيل الحصول على الحقوق الإنسانية للمرأة التي كانت في تلك البلاد محرومة من التصرف في مالها، ولا تُوفّر لها فرص التعليم والعمل، ورفعت شعار التماثل الكامل بين الرجال والنساء في جميع الجوانب. تغيير المصطلحات طورت الحركة النسوية مفهومها من Equity Feminism ؛ أي »نسوية المساواة« إلىGender Feminism ؛ أي »نسوية الجندر« (النوع).. وبدأت هذه الحركة الأخيرة في عام 1960م، وأخذت منحنى مختلفاً في أيديولوجياتها ومطالبها أكثر شذوذاً وغرابة؛ وقد تبنّت مفهومين أساسيين كقاعدة لعملها، هما: مفهوم »النوع«(Gender)، ومفهوم »الضحية«(Victim)، حيث سعت من خلال مفهوم »الجندر« إلى إلغاء الفروق بين الجنسين، وإلغاء مُسمى »ذكر وأنثى«، سعياً منها إلى إلغاء مفهوم »الزواج« - فطرة الله - عندما بدأ بحواء وآدم كزوجين.. ثم عبر مفهوم »الضحية«، حيث تبنّت الحركة آلية الانتقاد العام للرجال، وعمَّقت الشعور بالكراهية تجاهه، ووجهت جهودها لخدمة وتأكيد نظريتها »إن المرأة ضحية لوجود الرجل«. وفي المؤتمر العالمي الرابع للأمم المتحدة الذي عقد في »بكين« عام 1995م، استُخدم مصطلح »جندر« مائتي مرة، في حين لم يُستخدم مصطلحا »الزوج، والزوجة« إلا في الصفحة رقم 121 من وثيقة المؤتمر.. وإذا أضفنا إلى ذلك الاقتراحات التي كانت تعمل على استبدال مصطلحي »الأم، والأسرة« بمصطلحي »الراعي، وربة المنزل«؛ لتبين لنا أن عملية تغيير المصطلحات هي أولى السبل لتغيير الطريقة التي يفكر بها العالم نحو الأسرة. أهداف محددة سعت الحركة النسوية إلى تحقيق أهداف محددة؛ وذلك لتعزيز ونشر أيديولوجيتها الاستعمارية، ويمكن إجمال تلك الأهداف في: أولاً: تعزيز الاعتقاد بعدم وجود فروقٍ بين الذكور والإناث، ومحاولة تأكيد هذا عن طريق الدراسات والمقالات والكتب المتحيزة، وزرع مصطلح »النوع« لتأكيده في البنية الاجتماعية والفكرية للمجتمع، وذلك بإقرار »اللواط«، والقضاء على »الزواج التقليدي«، وتقويض الأسرة الطبيعية، وتغيير التشريعات وتوحيدها للجنسين، واعتبار الأسرة والأُمومة والزواج التقليدي من أسباب قهر المرأة، باعتبارها أعمالاً غير مُربِحة للمرأة. ثانياً: تسعى الحركة النسوية عبر تكريس مفهوم »الضحية« إلى التأكيد على أن المرأة ضحية للهيمنة الشيطانية للرجل، فالمرأة في نظرهم ضحية لاغتصابه، ولعنفه، ولتحرشه الجنسي، وضحية في جميع المواقف التي تجمع بينها وبين الرجل، وأنه ينبغي حمايتها منه لاسيَّما وأنها لم تعد بحاجة إلى الزواج من رجل لتوفير احتياجاتها الاقتصادية. ثالثاً: التأكيد على مفهوم »الاغتصاب«، والعمل على تثبيت هذا المفهوم عن طريق دراسات ومقالات تؤكد أن جميع الرجال يمارسون الاغتصاب للنساء، وقد ظهر كتاب مشهور يروّج لهذه النظرية »جميع الرجال مغتصبون«.. ووفقاً لهذه النظرية فإن أي علاقة لا تخضع لرغبة المرأة تعدُّ اغتصاباً حتى ولو كانت من قبل الزوج. رابعاً: إعطاء المرأة الحرية المطلقة في مجالات العلاقات الجنسية، وكذلك إعطاؤها الحق في تحديد نوعها الجنسي الذي تريده، وأن تمارس العلاقة الجنسية مع من يروق لها، واعتبرت أن التحكّم في عملية الإنجاب هو حقٌّ خالصٌ للمرأة دون زوجها. خامساً: تشجيع الزواج من نفس الجنس والمطالبة بحمايته دولياً، وذلك حتى لا تشقى المرأة بالحمل والإنجاب. »النسوية« في العالم الإسلامي التنظيم النسوي في العالم الإسلامي يعد الأقوى والأكبر والأكثر انتشاراً في العالم أجمع، ويعمل من خلال شبكة ضخمة من المؤسسات والمراكز والجمعيات، وقد امتد تأثير أيديولوجيته إلى السياسة، والقضاء، والتعليم.. وغيرها، كما تعتبر مصر أولى الدول الإسلامية التي تأثرت به، فتأسس »الاتحاد النسائي المصري« عام 1923م، وقد احتفت به الدوائر الغربية، وحضرت رئيسة الاتحاد الدولي للحركة النسوية آنذاك »د. ريد« إلى مصر للمساعدة في بناء التنظيم، ونتج عن ذلك إقامة »المؤتمر النسائي العربي« عام 1944م، الذي تضمنت توصياته تقييد الأحكام الشرعية المتعلقة بالطلاق، وتعدد الزوجات، والمطالبة بحذف »نون النسوة«، والجمع بين الجنسين في التعليم الابتدائي. كما أرسلت زوجة الرئيس الأمريكي »روزفلت« برقية تحية للمؤتمر، وبعد ذلك تعددت الأحزاب والجمعيات النسائية المنتمية للحركة النسوية الغربية في الدول العربية والإسلامية، والتي ناضلت طيلة القرن الماضي في سبيل تغيير تشريعات المرأة المسلمة بتمويل ودعم من الدول الغربية. تقييد أحكام الشريعة أما عن تأثير الحركة النسوية الغربية على الدول العربية والإسلامية، فقد استطاعت الحركة النسوية العربية عن طريق أسلوب الضغط على الحكومات، وبدعم قوى من الغرب، وبالعمل الدؤوب الموجه للمرأة العربية تحقيق ما يلي: أولاً: تكوين صف من الكوادر المنتمية إليها بين المثقفات في هذه الدول، واللاتي مع قلة عددهن إلا أنهن استطعن الوصول إلى مواقع السلطة بفضل نشاطهن الذي لا ينقطع، والوصول إلى شريحة الكتّاب والصحفيين الذين سخروا أقلامهم للدعوة إلى الإباحية وإثارة قضايا المرأة من المنظور العلماني البحت. ثانياً: تأسيس شبكة كبيرة من المنظمات تعمل تحت مظلة »قضية التنمية«، مع التركيز على مفهوم تنمية المرأة العربية، وتبني مناهج فكرية واجتماعية مغايرة للمنهج الإسلامي، وذلك باستخدام منظمات المجتمع المدني كأداة لتحقيق أهدافها، مع التركيز على النساء الفاعلات للتحكم في انتمائهن الفكري. ثالثاً: استصدار التقارير التي تحقق أهدافها تحت غطاء ما يسمى بحقوق الإنسان، مع إقرار بعض الاتفاقيات والقوانين التي تخدم أيديولوجيتها كاتفاقية »سيداو« التي تمنح المرأة الحق في إقامة علاقات جنسية خارج إطار الزوجية، وقانون »الطفل« الجديد المثير للجدل، والذي جاء به تحريم ختان الإناث ورفع سن الزواج للفتيات إلى سن 18 عاماً، وإباحة نسب الطفل لأمه وتسجيله دون حاجة لوثيقة الزواج. رابعاً: مطالبة المنتسبات للحركة النسوية بقصر قانون الأحوال الشخصية في الإسلام على العبادات، وإلغاء نصوص قرآنية قطعية الدلالة لا تقبل التحريف والتأويل كقوامة الرجل، والعدة، وتعدد الزوجات، والإرث، والحدود.. وغيرها. وعلى الرغم من انتشار هذه الأفكار بين طبقات المجتمعات العربية والإسلامية وتحقيق النسوية لبعض النجاح داخل مجتمعاتنا المحافظة، فإنها تواجه اليوم حملة شرسة ضد أفكارها ومبادئها، بعد أن قدم عقلاء الفكر الغربي شهادتهم في حق هذه الأفكار الخبيثة المدمرة..