أظهرت الحكومة البريطانية نوايا طيبة لتحسين صورة الإسلام في الغرب ، وذلك برعايتها لمؤتمر دولي بعنوان (الإسلام والمسلمون في العالم اليوم) انعقد يوم الإثنين الرابع من يونيو 2007 في لندن، والذي دعى إليه مركز التواصل بين الأديان بجامعة كمبردج البريطانية، متعاونا مع مؤسسة العيش المشترك، ومعهد وايدنفيلد للحوار الاستراتيجي. وقد دُعي إلى حضور المؤتمر عدد كبير من العلماء والمفكرين الاسلاميين وممثلي الهيئات الاسلامية. وقد أعلن على هامش المؤتمر نشر تقرير أعدته وزارة التعليم العالي عن تدريس الإسلام في الجامعات البريطانية، وأوصى التقرير الذي أشرف عليه باحث مسلم على ضرورة تحسين مناهج الدراسات الإسلامية في الجامعات البريطانية والتي وصفها التقرير بأنها أضحت بالية وعتيقة ولا تتجاوب مع حقيقة وجود جالية مسلمة كبيرة في بريطانيا. وفي ذات الوقت نشر استطلاع علمي أجرته القناة الرابعة بالتلفزيون البريطاني عن آراء المسلمين في أحداث 7/7 الإرهابية. وفيما يلي عرض مختصر لذلك كله. التقرير العلمي عن تدريس الإسلام في الجامعات البريطانية وفي ذات الوقت مع انعقاد مؤتمر الإسلام والمسلمون في العالم اليوم نشرالتقرير العلمي المستقل بعنوان (الإسلام في الجامعات في انجلترا: تلبية الاحتياجات واستثمار المستقبل) الذي أعده مستشار وزارة التعليم العالي الدكتور عطاء الله صديقي. وقد تحدث وزير التعليم العالي بمناسبة نشر التقرير قائلا: "إن الدراسات الإسلامية ستعتبر مادة هامة استراتيجيا من أجل دورها في بلورة فهم للإسلام ومكانته في عالم اليوم ومساعدتها في التعايش السلمي بين فئات المجتمع". وكان الدكتور صديقي قد انتقد تركيز الجامعات البريطانية على الاهتمام بقضايا الشرق الأوسط في مناهجها متجاهلة دراسة حقائق الإسلام المعاصرة في بريطانيا التى تتعدد فيها الثقافات الآن. ووعد الوزير بالعمل مع مجلس تمويل التعليم العالي على دعم مشروع متكامل يسد الفجوات الحالية في مناهج الدراسات الإسلامية. مؤتمر الإسلام والمسلمون في العالم اليوم واففتح مؤتمر «الإسلام والمسلمون في العالم اليوم» الذي تنظمه جامعة «كامبردج» بالتعاون مع «مؤسسة التعايش» و«معهد وايدنفيلد للحوار الاستراتيجي» بلكمة من ولي العهد البريطاني الأمير شارلس ومن رئيس الوزراء البريطاني توني بلير وعدد من قيادات المسلمين. وجاء قادة مسلمون ومختصون بقضايا الإسلام الى العاصمة البريطانية من 30 دولة لبحث شؤون المسلمين وللخروج بتوصيات لدعم التوافق بين المسلمين وغير المسلمين في العالم. وكان مفتي مصر، الدكتور علي جمعة، على رأس المدعوين، بالاضافة الى مفتي البوسنة والهرسك الدكتور مصطفى تسيرتش ورئيس مجلس امناء مؤسسة «زيتونة» الشيخ حمزة يوسف. وحرصت الحكومة البريطانية على اظهار دعم جميع الفصائل السياسية للمؤتمر، اذ شارك عدد من النواب في المؤتمر من الاحزاب السياسية الثلاثة ومن المتوقع ان يحضر رئيس حزب المحافظين المعارض ديفيد كامرون اختتام المؤتمر. وتستمر مناقشات المؤتمر لمدة يومين كاملين، يتحاور خلالهما المشاركون حول موضوعات هامة وحساسة في عالم المسلمين اليوم، ومنها ما هو موضع سوء فهم بين العالمين الاسلامي والغربي. من بين هذه الموضوعات: تأثير الحداثة على الاسلام والمسلمين. كما يبحث المؤتمر دور القانون في الدولة الإسلامية الحديثة. ويتطرق أيضا إلى الإسلام والحقوق العالمية للانسان، ووضع المرأة المسلمة في المجتمع اليوم. كما يتناقش المسلمين في الغرب: التفاعل والتمثيل، ونتائج استطلاع عالمي للرأي أجرته مؤسسة جالوب لاستطلاعات الرأي، ومسألتي المواطنة والجنسية بين مسلمي أمريكا. وفي افتتاح المؤتمر، عبر ولي العهد البريطاني الأمير تشارلز، عن اعتقاده بأن الروابط بين العالمين الإسلامي والغربي لم تكن يوما أهم مما هي عليه الآن، وأن سوء الفهم بين هذين العالمين لا يزال ينذر بالخطر. وقال الأمير تشارلز، إن هناك حاجة ماسة للقضاء على أسباب سوء الفهم المتفشي بين العالمين الغربي والإسلامي، وليتعرف العالم الغربي على الإسلام والمسلمين وأن تترجم الأقوال إلى أفعال. وأكد ولي العهد على الروابط القوية بين "الديانات الابراهيمية"، وعلى أنه رغم وجود التطرف في جميع الأديان، إلا أن الاعتدال يظل هو القاعدة، وأن التطرف هو الاستثناء. ونبه رئيس الوزراء الباكستاني شوكت عزيز إلى أن التقدم التكنولوجي، قد أدى إلى انتشار سوء الفهم والمعلومات المضللة بسرعة تماما كسرعة انتشار ثورة المعلومات، مما يثير قلقا عالميا من تطورهما إلى العنف. وأقر رئيس الوزراء بلير في مخاطبته للمؤتمر بأنه يواجه انتقادات من بعض المسلمين، وخاصة الشباب، حول سياسته الخارجية عندما يلتقيهم، لكنه اضاف ان «الشكوى الاكبر هي سرقة الدين» من قبل المتطرفين. وتابع ان المؤتمر المنعقد في لندن يسهم الى اسماع «الاصوات الحقيقية للمسلمين والسماح للمسلمين بالتحدث عن انفسهم، لنعيد البذرة الحقيقية». وشدد بلير على ضرورة الابتعاد عن طرح قضايا المسلمين في اطار امني وتحديدها في قضايا مكافحة الارهاب، محذراً من تفسير الاهتمام بالاسلام بأنه ناتج فقط عن المخاوف الامنية. وأضاف بلير، المعروف بالتمسك بالمعتقدات الدينية، ان: «الدين له الكثير يمكن ان يقدمه للمصلحة العامة، وهو اساسي في دفع المجتمعات للعمل، وخسارة هذه المساهمة تعتبر خطوة رجعية». وأشاد بلير بمبادرات من دول وقادة مسلمين وعرب لتحسين اوضاع المسلمين ومكافحة العوامل التي تؤدي الى التطرف، مركزاً على تأسيس «مؤسسة الشيخ محمد بن راشد آل مكتوم» وتخصيص نائب رئيس وزراء الامارات وحاكم دبي 10 بلايين دولار لدعم التعليم والبحوث. يذكر ان مشاركة بلير في المؤتمر أمس تزامنت مع اعلانه تخصيص الحكومة البريطانية مليون جنيه استرليني لتحسين تدريس الدين الاسلامي في الجامعات البريطانية، بالاضافة الى تدريب الائمة في المساجد البريطانية. ونبه رئيس الوزراء الباكستاني شوكت عزيز في خطابه للجلسة الافتتاحية إلى أن التقدم التكنولوجي، قد أدى إلى انتشار سوء الفهم والمعلومات المضللة بسرعة تماما كسرعة انتشار ثورة المعلومات، مما يثير قلقا عالميا من تطورهما إلى العنف. ودعى عزيز إلى تخلص المسلمين وغير المسلمين على السواء من دعوات الكراهية والتحامل في تربية النشء. وحذر مفتي مصر الدكتور علي جمعة من تسليط وسائل الاعلام الضوء على الأصوات المتطرفة، واعتبر ذلك خطرا على الاسلام والمسلمين. استطلاع علمي للرأي عن رؤية المسلمين لتفجيرات لندن في السابع من يوليو ومن ناحية أخرى كشف استطلاع أجرى بين مسلمي بريطانيا أن 25% منهم يعتقدون أنّ المخابرات البريطانية هي التي تقف وراء هجمات السابع من يوليو في العاصمة البريطانية لندن. وأظهر الاستطلاع الذي أجرته القناة الرابعة بالتليفزيون البريطاني ونشرت نتائجه صحيفة "تليجراف" أنّ نظرية المؤامرة متفشية بين مسلمي بريطانيا، حيث يعتقد 25% من مسلمي بريطانيا أنّ الرجال الأربعة المتهمين بتنفيذ هجمات لندن لم يكونوا مسئولين عنها في واقع الأمر. وقال 60% من المشاركين في الاستطلاع: إنّ الحكومة البريطانية لم تكشف كل الحقيقة عن التفجيرات التي وقعت في عام 2005. فيما رأى أكثر من 50% من المشاركين في الاستطلاع أنّ أجهزة الأمن اختلقت أدلة لإدانة "الإرهابيين" المشتبه بهم، حيث قال البعض: إنّ صور الكاميرات التليفزيونية التي نُشرت للرجال الأربعة وهم في محطة "لوتون" هي صور مزيفة، بينما قال آخرون: إن الرجال جُعلوا كبش فداء. وذهب البعض إلى أنّ أشرطة الفيديو التي نشرت كوصايا لمحمد صديقي خان وشاهزاد تنوير كانت هي الأخرى مزيفة. وأعرب 60% عن خوفهم من قيام الشرطة البريطانية بقتل المشتبه بهم على الفور في حال الشك في وجود "إرهابيين" مسلمين. المصادر: بي بي سي العربية، الشرق الأوسط، مفكرة الإسلام، وزارة التربية البريطانية (بتصرف).