/ بارود صندل رجب مازالت قضية دارفور تراوح مكانها بعد أن أقامت الدنيا وشغلت الناس ومع تطاول المفاوضات بين حركات دارفور المسلحة وحكومة الخرطوم فما زالت بعض القضايا العالقة تحول دون توقيع اتفاق سريع وشامل ومن هذه القضايا ، المطالبات المتكررة من حركات دارفور المسلحة وقطاعات واسعة من أهل دارفور بضرورة وجود سلطة إقليمية واحدة لدارفور خلال الفترة الانتقالية وفي الجانب الآخر تأبي الحكومة ذلك إلاّ بعد الاستفتاء الذي يجب أن يجري في دارفور ليقرر أهل دارفور الوضع الذى يريدونه وتنمترس الحكومة منذ أبوجا بهذه الحجة وتبعاً لذلك جاءت اتفاقية أبوجا بصيغة هلامية ( السلطة الانتقالية لدارفور) وهذه السلطة لا تملك من أمر السلطة سوى أسمها ورسمها ومع ذلك فقد ذهبت ريحها بعد أربع سنوات لم يجني فيها أهل دارفور إلاّ السراب !! وبعد كل المياه التي جرت تحت جسر هذه القضية تصر الحكومة علي موقفها من الإقليم في الدوحة مع أن غالب رأي أهل دارفور قد استبان وأن الوثيقة التي تعدها الوساطة ربما شملت أطروحة الإقليم الواحد بسلطان محددة وواضحة ولا يخفي علي أحد أن هنالك تيار ضد الإقليم وهذا التيار في معظمه ينطلق من سوء فهم لمسألة الإقليم ، بخلفيات تاريخية من مثل سيطرة شمال دارفور علي بقية الولايات وغمض حقها أبان الحكم اللامركزي وربما قبلها وهذا التيار يسهل اقناعه بعدم صحة ما ذهب إليه أما التيار الآخر هو تيار السلطة في الخرطوم والتي تحسب أن وجود إقليم في دارفور صيحة عليها فوجود سلطة تمثل جماع أهل دارفور في مواجهة المركز الذي مازال قابضا علي مقدرات البلاد تعطي من تشاء وتحرم من تشاء تجعل السلطة في الخرطوم ترتعد فهذا التيار كل همه بقاء سيطرته علي الأمور في البلاد ولا يريد للحكم الاتحادي الحقيقي من النجاح و الاستدامة !! وإلاّ فما المنطق الذي يتدثر به هذا التيار في ضرورة أخذ رأي أهل دارفور في مسألة الإقليم عبر الاستفتاء !! ألم يقدم هذا النظام نفسه علي تقسيم دارفور إلي ثلاث ولايات دون أخذ رأي أهل دارفور؟ وهنالك تيار سلطوي محلي في دارفور لا يريد مسألة الإقليم لدواعي شخصية ومصلحية لا علاقة لها بالمصلحة العامة وهذا التيار يمثله عثمان كبر والي شمال دارفور فهذا الرجل من شدة خوفه من ذهاب كرسيه عند أعادة هيكلة دارفور فقد ذهب يبث مخاوفه لإقناع الناس بأن الإقليم الواحد في هذه المرحلة يتعارض مع مصلحة أهل دارفور ! أكيد أهل دارفور هؤلاء الذين يتحدث عنهم كبر لم يكونوا من سواد أهل دارفور بل من بطانة كبر الذين يزينون له أن الباطل حقاً فهذا الرجل ترتعد فرائصه من الحوار الجاد حول الإقليم وينتابه حاله من فقدان البوصلة فذهب يسود الصحف بمقال فطير يفتقر إلي الحجة والمنطق محرضا أهل دارفور ضد الإقليم الواحد ومعدداً مساويه !ومع يقيننا التام أن لا أحد من أهل دارفور يلتقت الي ما يقوله هذا الرجل ولكن أحقاقا للحق لزم علينا توضيح بعض النقاط حول هذه المسألة لإسكات أصحاب الألسن اللجاج ونبدأ بالقول بأن وجود سلطة إقليمية في دارفور لا تلغي وجود الولايات القائمة بل تظل الولايات تتمتع بكامل سلطاتها واستقلالها عن أي سلطة مركزية في ولايات دارفور حسبما هو وارد في الدستور فكل من يقول خلاف ذلك يعد مدلساً ومضللاً لأهل دارفور ، بل أن علاقة هذه الولايات بالحكومة في الخرطوم سوف تقوي بصورة لا تستطيع الحكومة الاتحادية من غمض ولايات دارفور حقها المشروع من قسمة الثروة كما تفعل الآن ، إذن ماذا تفعل السلطة الإقليمية في دارفور ما دامت الولايات تتمتع بكامل سلطاتها وهياكلها التنفيذية والتشريعية ولتوضيح هذا نعود إلي الدستور الانتقالي , الجداول الملحقة بهذا الدستور أوضحت سلطات كل مستوي من مستويات الحكم، الاختصاصات القومية الجدول [أ] اختصاصات حكومة الجنوب الجدول [ب] اختصاصات الولايات الجدول [ج] أما الجدول [د] فقد أفردت للاختصاصات المشتركة أي المشتركة بين الحكومة القومية والحكومات الولائية بحسبان أن هذه السلطات لا تستطيع الولايات القيام بها لوحدها أو لا تستطيع تولي هذه الاختصاصات إلاّ بعد أن تبلغ قدراً من الاستقرار والتجربة وقد تختلف الولايات أو تتباين ظروفها في مقدرتها علي ممارسة هذه السلطات فبعض الولايات التي حظيت بقدر من التنمية والتطور قد تستطيع ممارسة هذه السلطات دون الاستعانة بالحكومة الاتحادية ولكن في حالة دارفور فيصعب ذلك ونورد بعض هذه الاختصاصات علي سبيل المثال ، التنمية الاقتصادية ، التجارة والتنمية الصناعية، الاستعداد لمواجهة الكوارث وإدارتها والإغاثة ومكافحة الأوبئة ، توليد الكهرباء وإدارة المياه العابرة للولايات , الإغاثة وإعادة التوطين والإعادة للوطن وإعادة التأهيل وإعادة الإعمار ، أبتدار الاتفاقيات الدولية والإقليمية والتفاوض بشأنها وإتمامها في مجالات التجارة والاستثمار والقروض والمنح والمساعدة الفنية دون الإخلال بالنظم القومية.... الخ كل هذه الاختصاصات يمكن أن تمارسها السلطة الإقليمية الانتقالية في دارفور فمسألة النزوح واللجوء في دارفور لا يمكن أن تترك للولايات لا سيما أن نزوح سكان أي ولاية لم يتم داخلها فهذه المسألة من الأفضل أن تكون من ضمن سلطات الإقليم وفي ذات الوقت فأن للولايات الحق في ممارسة سلطاتها في ترتيب أوضاع نازحيها ، أما اللاجئين فمن الضروري أن تكون هنالك سلطة واحدة تتعامل معهم ومع الدول المجاورة التي لجئوا إليها ومع الدول الاجنبية والمنظمات الدولية المعنية باللجوء بالتعاون والتنسيق مع الحكومة الاتحادية أما التخطيط الاقتصادي الشامل لدارفور فيحتاج إلي سلطة مركزية لوضع خارطة اقتصادية تشتمل علي مشاريع البنية التحتية من الطرق العابرة للولايات والمياه والكهرباء وبذات القدر فأن استقطاب الدعم الأجنبي لهذه المشاريع من اختصاصات الإقليم بجانب هذا كله فأن الإقليم وأن أحسن اختيار العناصر الجيدة لقيادته فأن ذلك مدعاة للملمة أطراف أهل دارفور وتجاوز الانقسام في مجتمع دارفور بفعل سياسات الحكومة الاتحادية واذنابها من أمثال عثمان كبر ففي الإقليم يجد كل أهل دارفور أنفسهم فيه , نخلص الي أن منافع الإقليم في ظل الظروف التي تحيط بدارفور أكثر من مضارها وليس صحيحاً ما ذهب إليه عثمان كبر بأن الإقليم سوف يكون بعث جديد لصراعات قديمة أسست للمشكلة الحالية ونقول لعثمان كبر قولك هذا يفتقر إلي المنطق كما افتقاره للحقيقة الساطعة التي لا تخطئها عين البصيرة ، نحيلك فقط إلي ما جري عند انتخاب والي دارفور عقب دستور 1998م كان رأي المركز أن يتم انتخاب شخص من خارج دارفور واليا عليها ولكن أجمعت كلمة أهل دارفور في رفض ذلك بالإجماع تقريباً وانتخب أحد أبناء دارفور والياً! لم تظهر دعاوي القبلية إلاّ بعد ظهور التمرد في دارفور وسعي الحكومة إلي زرع الفتنة بين أهل دارفور فتم تصنيفهم عرباً وزرقا وعثمان كبر وغيره من ولاة الأمور في دارفور خاضوا في هذه الفتنة وسيأتي يوم الحساب أما قول كبر أن المطالبة بالإقليم تتوافق مع بعض المخططات الأجنبية التي ترمي إلي تمزيق السودان ( المخطط الأسرائيلي) فهذه الفرية ما عادت تنطلي علي أحد والحمقى وحدهم هم الذين يروجون لمثل هذه ألأراجيف وما كنا نظن أن تبلغ الجرأة بعثمان كبر إلي ترديد هذه الأسطوانة لا سيما أن ولايته تعج بالقوات الأجنبية من كل لون وجنس ، كل الحيثيات الواردة في مرافعة الوالي تتعارض تماماً مع واقع الولاية الآن بجانب مجانبتها للحقيقة يتحدث الوالي عن تقصير الظل الإداري وأن ذلك يقود إلي حسن أستغلال الموارد وحذق أمر التخطيط وتحقيق الإبداع والبراعة في توظيف الإمكانيات ، هذا القول لا علاقة له البتة بالإقليم وسلطاته فتقصير الظل الإداري منوط بالولايات وهي قائمة وبالمحليات وغيرها من الآليات الإدارية ، أما حسن أستغلال الموارد فهذه المفردة لا مكان لها في قاموس الوالي كبر فحكومته تضم أكثر من ستين دستورياً ما بين وزير ومستشار ومفوض ومعتمد وإدارات جديدة ما انزل الله بها من سلطان فامتيازات هؤلاء تفوق ميزانية التعليم في الولاية والصحة معاً ، علماً بأن أكثر من نصف سكان ولايته يعيشون في معسكرات النزوح واللجوء تحت رحمة العون الإنساني الدولي فعن أي حسن أستغلال للموارد يتحدث هذا الرجل ، أما التخطيط وتحقيق الإبداع والبراعة في توظيف الموارد فقد برع فعلاً بصورة تفوق أي تصور للحكومة الفاشلة الفاسدة فمهما قلنا في سوءات حكومة كبر فأننا لا نستطيع الاحاطة بها , وبالتالي فأن كل الدفوع التي وردت في مرافعة الوالي ترتد عليه , أهدار الموارد المتاحة , أثارة الفتنة وهلمجرا. أما حدثيه عن أن الإقليم خطوة معززة لدعاوي الانفصال وخطوة أولي مبكرة تجاه تمزيق السودان وتهديد وحدته فهذا القول موتور ، ليس الإقليم هو السبب في أي دعوي للانفصال بأي حال من الأحوال ولكن الذي يدعوا إلي أن تعلوا صوت الانفصال هي الممارسات التي تقوم بها الحكومة الاتحادية في الخرطوم تجاه قضية دارفور بل تجاه قضايا ما تبقي من السودان بعد انفصال الجنوب فغياب العدالة والمساواة بين أهل السودان مدعاة لدعاوي الانفصال ، رفض أعطاء أهل دارفور حقوقهم كاملة علي قاعدة المواطنة والمساواة في الحقوق و الواجبات تنمي دعاوي الانفصال في أهل دارفور، أن نظرة الحكومة الاتحادية إلي دارفور وقضاياها والتي اتخذتها الحكومة محلاً للمناورات والالتفافات تجعل الأصوات الخافضة التي تنادي بالانفصال أن تعلو وتعلو إلي درجة يصعب تحجيمها هذا فضلاً عن حق الشعوب وفقاً لكل الشرائع السماوية والدولية في تحقيق مصائرها فليس حراما أن يطالب أهل دارفور بالانفصال فليس معقولاً أن تظل الأوضاع كما هي ، غياب للعدالةو المساواة والمواطنة الحقة وسيطرة فئة قليلة العدد علي موارد البلاد وإمكانياتها دون وجه حق و يحرم عليهم مجرد الحديث عن تقرير مصيرهم هذه قسمة ضيزى ، فات أوان سوق الناس كالبهائم فقد استبان كل شئ فليهلك من هلك عن بينة ويحي من حي عن بينة . يقول عثمان كبر بأنه لم يقدم علي ما أقدم عليه من توضيحات في هذا الشأن إلاّ بدوافع نبيلة تلزمه أمانة التكليف والوفاء بالعهد واستشعار المسؤولية .... الله أكبر ..الله أكبر , كنا نظن أن أمانة التكليف والوفاء بالعهد قد أفرغت من معانيها ومضامينها بحيث أصبح الناس لا يصدقون المسئولين بما يقولون بأفواههم لان أفعالهم تناقض ما يقولون فلسان حالنا يقول أنأخذ هؤلاء بأقوالهم أم بأفعالهم ، هي غمة سوف تنجلي قريباً بأذن الله وسيعلم الذين ظلموا أي منقلب ينقلبون. بارود صندل رجب