بسم الله الرحمن الرحيم دولة السودان المقبلة طالبانية حسن الطيب / بيرث التنوع الثقافي الخلاق الذي تبلورت أهدافه من خلال منظمة اليونسكو التي تحررت فيها من أسر الولاياتالمتحدة يقوم على الإيمان بضرورة التعاون والتفاعل والاعتماد المتبادل بين الشعوب، وإلغاء هيمنة المركز علي الأطراف، وتحويل كل العواصم إلى مراكز متكافئة، لا ميزة فيها لأحد على أحد إلا بالعطاء الذي يهدف إلى صالح البشرية ، والإعلاء من ثقافة الحوار التي تقوم بالتقريب بين الشعوب ، ويضاف إلى ذلك مبدأ الاعتماد المتبادل، وقبول التعددية واحترام الاختلاف والخصوصية الثقافية والهوية الحضارية، فكل أمة لها تاريخها الثقافي وتراثها الحضاري الذي تتميز به عن غيرها،لإن احترام كل تراث إنساني، والحفاظ على كل ميراث حضاري وإبداعي هو حفاظ على التراث الإنساني والحضاري للإنسانية جمعاء، فالتنوع مصدر غنى والتعدد علامة ثراء للإنسانية التي جعلها الله شعوبا وأوطانا لتتعارف وتتحاور وتتبادل النفع والتعاون دون تمييز أو استعلاء أو استغلال، ودون مركز وأطراف . ولو تتبعنا تطور الأحداث في السودان منذ العام 1989م لوجدنا أن أغلبها جاء نتيجة إهمال الحزب الواحد هذه الحقوق الأساسية لمواطنيه لأنه أصبح "ممثلاً للشعب" مدى الحياة . كما نجد أن العدالة غير متاحة لجميع أفراد الشعب، وأن فئة أو جماعة محددة قريبة من الرئيس أو الحزب تستأثر بمقدرات البلاد. كما نجد أن السلامة الشخصية غير متوفرة، وأن التعذيب والاعتقال والسجن طالت العديد من المطالبين بالعدالة والحرية. كما ظلت المحاكم آلة بأيدي السلطة، تصرفها كما تشاء ووقت ما تشاء! ولا مانع لدى السلطة في تفتيش بيوت المواطنين والاعتداء على حرماتهم تحت ذريعة "الأمن الوطني" أو قانون الطوارئ الذي حول البشر إلى قطيع كما طالت الإجراءات التعسفية حرية الرأي، وأصبح كل رأي مخالف لمزاج السلطة رأياً "كافراً" وجاحداً ولابد من إخراس صاحبه أو قطع رزقه. وبذلك سقط العديد من الإعلاميين الشرفاء في ساحات الظلم، وحرمت بعض منظمات الإغاثة العالمية من تقديم المساعدات للأجئيين والمشردين في اقليم دارفور وأبتهجت بانفصال الجنوب ومنعت مؤسسات المجتمع المدني من القيام بعملها، حتى يظل المجتمع متشرذماً وغير قادر على الدفاع عن مصالحه وحقوقه، بل إن القوانين المنظمة لعمل الجمعيات المدنية تعد جائرة إذ تمنح الدولة حق إغلاق تلك الجمعيات في أي وقت ودون إبداء السبب. كما تم التلاعب بحق الإنسان في المشاركة السياسية وإدارة شؤون البلاد، فظهرت المجالس الصورية المعينة، وتلك التي " يتلاعب" الحزب الحاكم بنتائج انتخاباتها. فصار الحكم مطلقاً وتم تغييب الشعب عن إدارة شؤونه، في مخالفة واضحة لحقوق الإنسان. كما لعبت الأجهزة التنفيذية دوراً مهماً في إقصاء المثقفين والمتنورين والإعلاميين، لأن لهم نظرة إصلاحية مستنيرة في إدارة الشأن الثقافي والإعلامي والفكري. لذلك اعتادت أجهزة الأمن اتهامهم بالتآمر ضد مصلحة الوطن أو التخابر مع دولة أجنبية، وهذا تدخل سافر واجتراء على الإعلان العالمي لحقوق الإنسان. لهذا كله،انطلقت شرارة وبدأت تكبر وتتوسع، ومالم تقم الحكومة السودانية بتعديل قوانيها ومسالكها وفق المواثيق والمعاهدات الدولية فإن هذه الشرارة قد تزداد وتكبر،لأن التسلط وكرسي الحكم لدى بعض حكام الأرض الطغاة هو الدافع إلى الثورة ومحاولة الانعتاق من ظلم الظالمين ، حدث ذلك في كل العصور الماضية، وسيحدث في كل العصور القادمة، وماحدث من ثورات شعبية في الشرق الأوسط وشمال إفريقيا،أحدثت تغييرات في بعض الأنظمة بالكامل خاصة تونس ومصر ، وفي نفس الطريق تسير الآن ليبيا واليمن وسوريا، لأن الحاكم الذي يرى شعبه يموت من المرض والجوع والاستبداد والسجون ولا يسعى لإنقاذه وإرساء العدالة بين مواطنيه لا بد أن يثور الناس عليه فلا أحد يرضى الظلم لأن البطش والاستبداد وانعدام العدل لا يعني أن نترك للسارق أن يسرق وللظالم أن يظلم وللمستبد الآثم أن يستبد على حرمات الناس وكرامتهم وتوسيع الفوارق الطبقية بينهم،إذ أن كل الشعوب تتحمل وتصبر، لكن ليس إلى الأبد! لأنه لا استقرار ولا أمان بدون العدل ، ولا عدالة بدون المساواة بين الناس . واخيراً، لم يستوعب الحزب الحاكم في السودان كل ذلك ، لذلك اعلن للناس أجمع بأن الدولة القادمة بعد انفصال الجنوب هي دولة مدنية بمرجعية إسلامية، وفيما أظن ستكون دولة طالبان السودانية لتستمر الي الأبد.