وَرَقَةُ عَمَلٍ للنِقَاشِ ، حَولَ مَفَاهِيمِ نَظَرِيّةِ السُودَانِ الجّدِيدِ ..!! إعداد / أبكر يوسف آدم [email protected] نطرح هذه الورقة على السياسيين ، والمفكرين والأكاديميين ، وقادة الأحزاب ، والبرلمانيين ، والدبلوماسيين ، والإعلاميين ، والمهتمين بالدراسات المتعلقة بمستقبل السودان ، ونأمل من ذلك توسعة أرضية النقاش ، وطرح البدائل ، من خلال الدراسات ، والمقالات والتعليقات ، فى محاولة لإخراج الموضوع ، من خزانة الإهمال إلى فضاء المنابر ،،،، (01) مقدمة Introduction : يقول ألبرت أينشتاين (الجنون هو أن تفعل الشيء مرةً بعد مرةٍ وتتوقع نتيجةً مختلفةً. ) ، وآخر يقول أن الفرقُ بينَ الحكيمِ والجاهِلِ ، أَنَّ الأَوَّلَ يُناقِشُ في الرأيِ ، والثاني يُجادِلُ في الحقائقِ )... حسنأً ،، سنكتشف بنهاية هذه الورقة ، إن كنا حكماء كما ندعى ، أم مجرد جهلة ، ومجانين !! ثمة حاجة الآن ، لإثارة النقاش ، حول الشكل الذى يريده السودانيون لدولتهم ، وقد بلغت أزمات الإسلام السياسى ، وحلفاؤهم الطفيليين ذروتها ، بعد أن تصوفن النظام الحاكم ، وتعفن من رأسه حتى ذيله ، وتقلصت قدرتها على المناورة ، وإستنفد جل الفرص ، وأحرق كافة الكروت ، وتقطعت الحبائل التى تربطه بالشعب ،، حتى بات من المخجل اليوم ، أن يقف أحدهم ليبشر ، أو يعلن إنتمائه إلى المؤتمر الوطنى .. الأعضاء يهربون ، و يجمدون أنشطتهم ، ويغيرون من أماكن إقامتهم ، فى عملية أشبه بالتآكل التدريجى للأطراف ، لتكشف الغطاء عن المستفيدين الحقيقيين من اللصوص والطفيليين والساديين أصحاب الجرائم الكبرى ، ممن تضيق عليهم الأرض على سعتها ، وهؤلاء جميعهم ، نماذج معاصرة ، لأصحاب الخدعة التاريخية الكبرى ، والقسمة الضيزى ، ما بين شعب يملك أرضاً ، وسلطة لا تملك عقلاً. يعاب على المفكرين السودانيين على إختلاف شئونهم ، تناولهم الأمور ، وفقاً لمتجاوراتهم ، وقليل منهم من صعد تلة ، وحمل منظاراً ليرى ما يدور ، فى الأبعد قليلاً ،،، ينشغلون بالأحداث الموضعية ، دون قراءتها بإمتداداتها التاريخية والإقليمية والكونية ، ورغم إجتهاداتهم ، يظلون ذوى إمكانيات محدودة ، وإنتاجيات شحيحة ، فيغرقون الرأى العام المحلى ، بحزم من الأعمال إنصرافية ، الدائرة فى فلك الأحداث ، دون الأفكار.. الكسل الفكرى ، لمن يفترض أنهم مفكرون ، يفضى إلى إختلال جودة ، موضوعات الرأى العام ، وإلى متاهة المفكريين ، ليجعل منهم ضحايا للإرهاب الدينى ، والإبتزاز الإسلاموى ، تلكم الفئة التى لا تجد مصلحة إلا فى جوٍ يسيطر ، عليه تهديدات ما بعد الممات !! (02) تحديات الدولة السودانية Sudanese state challenges : هى تحديات بقاء ، متباينة ، ما بين قضايا الهوية ، وإدارة المكونات ، وأزمات غياب الديمقراطية ، وسلبية المؤسسات العدلية ، وسوء الإدارة المصحوبة بالفساد ، والمآزق الإقتصادية ،وقد إجتمعت ، لتجعل منها أرضاً للمشكلات المركبة المتشابكة compound difficulties ، التى تنمو ، ثم تنشطر إلى مشكلات جانبية صغيرة ، والصغيرة بدورها تنمو لتصبح أساسية ، ثم تتفرخ هى الأخرى ، وهكذا تدور عجلة التفريخ ، سنيناً وقروناً ،، فتجعل من فهمها ، ناهيكم عن معالجتها ، أموراً فى غاية التعقيد ،،، المعروف فى إدارة الأزمات crisis management، بداهة ، أن المشكلات البسيطة تحتاج إلى حلول بسيطة ، والمركبة كحال السودان ، تحتاج إلى آليات عمل غير تقليدية ، بالنزول لمستوى الجذور ، والتنقيب عن المنابع الحقيقية ،،، وذلك هو الفراغ المفترض شغله بواسطة المفكرين ، دون إهمال حقيقة أن غياب دورهم ، كان واحداً من أسباب الدخول المتاهة ، فى أول مرة ،،، لقد تاه أكثر المجتهدين ، فى تشخيصات تحمل طبيعة الأحداث ، على شاكلة ، متلازمة الديمقراطية والعسكر! ، تدنى مستوى التعليم !، المستعمر البريطانى البغيض !، وجود الأحزاب ذات الطبيعة الطائفية !، الشيوعية والشيوعيين ! ، وهكذا ،،،، ومن يعملون بهذا الشكل ، سينتهون فى المستقبل القريب حتماً ، إلى أن المشكلة تكمن ، فى فتح أبواب السودان للأجانب ، أو إنفصال الجنوب ، أو فى وجود عرقيات بعينها بيننا ، وقد إنتهى والى سنار أحمد عباس ، إلى أن وجود الفلاتة ، هو سبب تدنى مستوى التعليم فى ولايته !! ، ومن قبل قيل أن الدينكا هم سبب المشاكل ، والزغاوة أحياناً ،،، ومنهم من إنتهى إلى أن ثلاثية (الجعليين والشوايقة والدناقلة ) هم السبب .. !! (03) التركة التاريخية المثقلة The heavy historical legacy : نغرق الساحة ، بتحليلات فطيرة وعاجزة ومضللة ، لا تبحث إلا فى السطحيات ، وتتفادى الجذور ،، وفى نفس الوقت ، ليست صعبة جداً ، رؤية بدايات الأزمة ثم تناميها وتجذرها ، مع حلول الإسلام السياسى الباحث عن السطة والمال ،، وقد أقدم عبدالله بن أبى السرح ، الذى لم يحظى فى حياته أبداً ، بثقة عمر بن الخطاب لقصة تعرفونها ، على غزو بلاد النوبة ، فعقد إتفاقاً إستسلامياً شهيراً 652 م ،، كانت معاهدة إسلاموية ، وتحمل كافة بصماتها ،،، ومن ذلك الوقت ،،، وعلى ضوئها ، بدأت رحلة الإستنزاف الكبرى ، ودبت الفتن فى كافة أرجائها ، إنتهت بقطع شجرة الدولة النوبية فى سوبا ، عام 1503 م ،،،، لم تكن مسألة سريعة ، كما نسارع الخطى للعبور خلالها ،،، بل رحلة 500 عام ،، وهى كافية لتدمير وحرف كل شيئ عن مساره ،،، ومن 1503 م تولت السلطنة الزرقاء ، مهمة الوصول إلى جذور الحضارة السودانية ، لنبشها من الأرض وحرقها والقضاء التام عليها ، وعملت فى ذلك طوال مدة تجاوزت 300عام ، إتجهت فيها إلى ربط معظم قبائل الوسط السوداني ، بما فيها الفونج والفور بأشجار نسب قرشية مزيفة ، إبتغاءاً للقداسة المؤدية إلى الخزائن ،،، أعقب الأسلامويون الفونج والعبدلاب فى حكم السودان ، إسلامويون آخرون ، وهم الترك العثمانيون ،،، ومن ثم المهدويون ،،، وإلى اليوم فإن كلمة الترك مرتبطة بالجبايات القهرية ، والمهدية بالفوضى والقتل الهمجى والتهجير القسرى والأحلام التوسعية غير المنطقية ، على شاكلة (سنصلى بجيشنا فى مكة ، القاهرة ، بغداد ، إستنبول).. وقد صدق الترابى عندما قال ، أن الإنقاذ هو إمتداد طبيعى للثورة المهدية !! لن نحتاج لكبير عناء لإكتشاف الأرضية المشتركة ، التى تجمع ما بين الإسلاموية الطائفية ، والمؤتمر الوطنى ، والسلفية الجهادية التى تتحين دورها هى الأخرى ، وقد وضعها نافع على نافع جلية ذات يوم ، عندما واجه بعضهم متسآئلاً ( أستغرب من معاداتكم للإنقاذ ، ماذا تريدون ونحن ننفذ نفس برنامجكم ، الإسلام ؟ ونحن لا نعمل فى غيره ، الشريعة الإسلامية ؟ ،، وقد طبقناها ،،، العروبة ؟ وقد رفعناها فوق الجميع ،،، فماذا تريدون ؟؟ ،،،، وفى تجربة واحدة ، يتآكل الرصيد الأخلاقى ، لكافة العناصر المكونة للإسلام السياسى ، إن كانت حكومة أم معارضة ،،،، أزمة متشابكة ،، وصراعات مصلحية ، وسجالات تاريخية عقيمة ، ليس للسودان ولا لشعوبه أى مصلحة فيها ..!! المفكرون يرونها ، لكنهم يتفادون الخوض فيها ، لأسباب عدة ، منها ما ذكرناها سابقاً ، ومنها ما تتعلق بأمور خبيئة ، قد تطالهم ، هم أنفسهم (وبصورة شخصية) !! اليوم ،، وأنتم على وشك نصب أكبر محكمة تشهدها التاريخ ، لمحاكمة الإسلام السياسى من حيث الشخوص والمناهج ،، فإن حيثيات الموقف ، الذى يرمى إليكم بقفاز التحدى ، تُظهرها كمهمة شاقة ،، وأعقد ما فيها ، يكمن فى تجذر الإسلاموية ، لفترة إمتدت 1360 عامٍ ، كانت كافية لإستدارة الأكاذيب وألبساسها ثوب الحقائق ، وصقل الأساطير ، وجعلها من المسلمات ، فعقدت الحلول ، وجعلت من محاولات الفكاك منها ، أشبه بسلخ الجلد ، أوالإقدام على محاولة الإنتحار ،،، بإمكاننا تلخيص المشكلات ، التى سببها هذا التيار طوال 13 قرن ، من عمر الدولة السودانية ، فى الآتى : 1 إجهاض الحضارة السودانية ، وحرفها عن المسار ،،،، 2 إحكام الفرقة بين المكونات السودانية القديمة ، بإدخال عناصر فتنة جديدة ، وتفويت الفرص على حسن إدارتها ،،،، 3 قلب الهويات بغرض تقريب المسافة المؤدية إلى السلطة والمال ، فأظهرت أعراض جانية خطيرة ،،،، 4 تراجع دور المرأة من ملكة ، إلى مجرد جارية ، وإستمرارها على هذا الحال الى اليوم ، وإن تغيرت الصيغ ،،،، 5 كبح طاقات الشعوب السودانية ، وضياع قرون من وقتها ، بحيث إستحال اليوم اللحاق بالأمم الأخرى ،،،، 6 الإحتراب الداخلى بين المكونات السودانية ، ما يعنى إستمرار إستدارة عجلة الدولة إلى الخلف ، بتراجع مضطرد ، والذى لن ينتهى ، إلا إلى الإنهيار الكامل ،،،، (04) بدائل غير موفقة : Unproductive alternatives بداهة ، وفى سياق البحث عن حلول لأى معضلة ، يتم وضع النظريات المساعدة على فك طلاسم القضية ، وينطبق ذلك على كافة المجالات ، كالبحث العلمى والطب والفلك والإقتصاد والمباحث الجنائية ، وقضيتنا تحتاج إلى نظرية ، ونظريات ،، ولإنشغال من يعنيهم الأمر عنها ، فإن المواد المطروحة لمعالجة القضية ، شحيحة ، وأكثرها إسلاموية ودائرة حول نفس الحلقة ، فى مساعى للوراثة ، وإعادة إنتاج الأزمات فى قوالب جديدة لمصلحة أفراد وفئات ، وهى من أتيحت لها السيادة على الساحة ، أكثر من أى مدرسة سياسية أخرى ، وحتى الشيوعية كحزمة سياسية وإقتصادية ، لم تكلف العالم أكثر من سبعين عام ، لتعلن فشلها عن تلقاء نفسها ، والإسلام السياسى ، هى المشكلة ، ومصدر التفريخ ، ولا يمكن أن نجد فيه حلاً ،، النظرية الشيوعية ، تنطلق من مرتكزات إقتصادية بحتة ، وقد قُيّمت تطبيقاتها ، وفى أمرها ، يجب عدم تجاهل قيمة الجرأة فى تغيير المسار ، هذه شجاعة ، وإذ ربما تعود إلى السطح مجدداً ، لتطرح نفسها فى ثوب آخر ، إلا أنها فى الوقت الحالى ، لا تقدم لنا حلولاً ، فنحن نعانى من أشياء على شاكلة الهوية ، وإدارة التنوع ، وحتى إن تبنى الشيوعيون المحليون آراءاً حولها ، فستظل إجتهادات خارج النظرية الأصلية . والرأسمالية capitalismأيضاً إقتصادية ، وتغطى تطبيقاتها المساحة الأكبر من الكرة الأرضية ، وما تفرزها من أعراض جانبية ، تعود إلى عدم الإلتزام بالإشتراطات والقواعد التى تحكم آليتها ، وتكمن قوتها فى كونها مستندة على طبيعة الحياة والممارسات البشرية ، فالأوفر نشاطاً لديه فرص أوسع ، والأكثر قوة يستطيع أن يوظف طاقته لتطوير ذاته ، كما أن لأصحاب الإبتكارات والإختراعات فرص وفيرة للإستفادة من تسويق إنتاجهم الفكرى ، وتنطبق هذه القواعد بصيغ مختلفة على العمليات الإقتصادية ، وبما أن معضلتنا ليست فى الإقتصاد فحسب ، بالتالى لا يمكن الإكتفاء بالرأسمالية وحدها ، لحل المشكل السودانى ، مع العلم أنه المنهج المتبع حالياً ، فى إدارة الإقتصاد السودانى ،،، ومع ذلك ، تظل المشاكل قائمة ، وتعيش الأمة أتعس أزمانها. القومية العروبية الحاضرة فى السياسة السودانية ، نشأت فى بدايات القرن الماضى ، بمساهمات مقدرة من الغرب ، فى مساعى نزع الأراضى العربية ، تمهيداً للقضاء على دولة الاسلام السياسى فى إستنبول ، وفيما بعد نفذت بعض محاولات ، لدمج دول عربية فى دولة واحدة كمصر مع سوريا ، ونشوء فكرة الجمهوريات الثلاث التى تجمع كل من السودان ومصر وليبيا ، كما أن مجلس التعاون الخليجى ليست بعيدة عن هذا الأمر ، وإن كان ذو طابع إقتصادى أكثر من أى شيئ آخر ، وهى أفكار جيدة فى مجملها ، خاصة النزوع نحو دمج الدول وخلق التكتلات الإقتصادية ، ولكن جميعها ، عقاقير لا تشفى الداء السودانى ، إذ ربما يمكن النظر فى أمور كهذه بعد تعافى الدولة السودانية. (05) نظرية السودان الجديد New Sudan Vision تعمل وفقاً لطبيعة الأشياء ، ولا تجنح إلى إجهاض المسارات الحرة ، ولا إعاقة نقل أنجح الإبتكارات والتطبيقات ، تقلد منتجات الطبيعة ، وتنقل من التجارب ، ما هى الأكثر تطوراً . مراقبة الطبيعة ، وتقليدها والتعلم منها ، هى التى ساهمت فى تحقيق النجاحات التى أصابتها البشرية ، بل فى القرآن ، هناك ذكر لغراب بعثه الله ليرى الإنسان كيف يوارى سوءته ! إذن فإن الحلول تكمن فى مراقبة ما يحدث إلى الجوار ، وما بين الأيدى ، وبالتالى فإن حلول مشكلاتنا لا تكمن ، إلا فى سلك المسار الأجدى ، بالجنوح الى إعادة السودان بمكوناته إلى أصولها ، من ناحية ، والسعى إلى بناء الآلية الإدارية المناسبة ، بالتعلم من تجارب الأمم الأخرى ،،،. لكن ثمة خلط ما بين السودان الجديد ، كإطارنظرى منتج للمفاهيم ، والحركة الشعبية ككيان متبنٍ وساعٍ إلى التطبيق ، وتحميله كافة إخفاقاتها ، يؤدى إلى إصدار أحكام مستندة على حيثيات الصراع ، وليست التطبيقاتapplications ، وحتى التطبقات الجزئية التى تمت ، نفذت فى أجواء غير طبيعية ، أو بواسطة كوادر لا تقتنع ، ولا معنية بفهم النظرية أصلاً ..!! إذن ،، لمناقشة الأمر ، بالطريقة المفيدة ، ينبغى علينا تناوله وتفنيده ، فى إطاره النظرى والأكاديمى ، مع إستدعاء تجارب المنشأ ، من دول لا يمكن مقارنتها بسودان اليوم ، والمطبقة بواسطة أفراد أكثر تمرساً ، من كوادر الحركة الشعبية ،،، (06) عودة إلى الوراء ، ولمنبع الحضارة السودانية : الأنهر هى منشأ الحضارات فى كافة القارات ، التى تتوفر حولها أجواء التأمل والتفكير والإبتكار ، والإستقرار النسبى جوارها ،،، ومن حسن حظ السودانيين ، أن لديهم حضارة موغلة فى القدم ، معترفة بها ، ضمن القليل منها على مستوى العالم ، وهى ممتدة لما تقارب ، أو تتجاوز السبعة آلاف سنة ، وكان بإمكانها النمو ، لتضع السودان فى مكانة مميزة ،،، ولئن سؤلتم ، لم كنتم بالأمس فى مقدمة الأمم ، واليوم فى مؤخرتها ؟ ، لن تجدوا لأنفسكم مبرراً ! ،،، وهذه الحضارة ، علاوة على أنها مصدر عزة ،، فهى أيضاً محور أساسى للوحدة الوطنية ، ومن الأشياء التى لا يختلف حولها السودانيون . (07) تعريف الذات ، من نحن ؟؟ : نختلف حول الهوية the identity ، والطريقة التى نرغب فى إظهار وتعريف أنفسنا بها ، أكثر من إختلافنا حول أى شيئ آخر ، نلجأ للإنتماء لآخرين قابعين فيما وراء البحار ، فنواجه برفض وصد مهين ،، فنعود للإنتقام من مكونات محلية ، نحسب أنها السبب فى فقدان الإعتراف ، وآخرون منا لا يناسبهم الإتجاه شرقاً ، فيتجهون بالمقابل غرباً وجنوباً ، فيأتون بنتائج متواضعة ، لا تستحق كل هذا الجهد ،،،، نتجاوز مركز الحضارة ، التى تقف إلى الجوار من أجل التبرك والدوران فى فلك مراكز أخرى ، فتعوزنا القبول لغياب كل من الأصالة ، وضعف مبررات الهروب من الذات ،،، العروبة Arabism حمالة أوجه ، ومهما تحاولون الوصول ، إلى أطراف تحدد معالمها ، بالطريقة التى توفر سعة لنا ، ستصتدمون بأنها تدور إما حول قبيلة قريش ، أو قبائل صحراوية ، لا تقتنع بمحاولات إعادة تعريف العروبة لأجل إدخال الغرباء ، أو اللغة العربية ذات التداخلات السريالية الآرامية ، والفارسية ، والسومرية ،،، فتضيق فرصكم فى نيل الإعتراف ، لغياب القواسم التى تجمع لغات حوض النيل بالعربية . بمعنى آخر ، ليس لكم تأثير معترف به ، لاعلى السلالات العربية ، ولا على اللغة العربية ،،، إذن ،، ماذا يدفعكم إلى هناك يا ترى ؟؟ والأفريقية Africanism،، إسم قارة ، تشمل سوداً وبيضاً وعرباً يقولون أنهم أفارقة ، ولا يمتلك أحد حقاً ، فى نكران ذلك عليهم ، ومحاولة الفكاك منها تشبه سلوك السمكة ، التى تقفز خارجة من الماء ، لكنها تعود إليها ،،،، وهى من السعة بحيث ، لا يمكن إحتكارها كميزة حصرية على قوم ما ،، كالمدينة التى أنت فيها ، وكلنا فيها ، ونعرف حاراتها ، لكنا نسألك وصفاً لمنزلك التى تعيش فيه ، فلا تذهب بعيداً جداً ، فالكلام هنا ،، عن بيتك أنت !! للتأكيد على ذلك ،، فإن القائد معمر القذافى أمين القومية العربية ، ولى ظهره للعروبة ،، وإتجه إلى الأفريقية ،، بل وأجلس على العرش ، وتوج ملكاً لملوك أفريقيا ، بحضور قادة أفارقة ..!! نعم أنا أفريقى ،، بل وملك ملوك أفريقيا ،، ومن يعترض على ذلك فليقدم تعريفاً للأفريقية ، بالطريقة التى تنزع منى حق الإنتساب ...!! وإذ تتحدثون عن الهوية ، فقد تجدون من يجادلكم ، أنه مسلم ،،، أو مسيحى !! ،، ويبدوا الأمر هنا كمن تسألة ، كم الساعة ؟؟ ،، فيجيبك أن الدجاجة تبيض ولا تلد ! اليوم وفى ظل الإصتدامات التى حدثت ، نتيجة للإنفتاحات الفجائة لكافة المنافذ ، والإحتقانات الداخلية التى وصلت حد الإحتراب ، فقد بات من الضرورى ، إعادة النظر فى مسألة الهوية ، ونظرية السودان الجديد ، تحثنا أن لا نجهد أنفسنا ونذهب بعيداً ، الحل قريب ، فلم لا نأخذ بالسودانوية Sudanismالتى بين أيدينا ، وينتهى الأمر ؟؟ وهو كذلك ،، ونعتقد أنها المرآة ، التى يمكن لكل منا رؤية نفسه ،، ولا مانع بعد ذلك من تبنى هويات فرعية ،، تماماً كما تشاهدونها فى الشارع العام السودانى ،، إذ كلنا سودانيون ، سودانيون عرب ، سودانيون فور ، سودانيون مساليت ، سودانيون زغاوة ، سودانيون فلاتة ،، فأين المشكلة ، بل لأين ذهبت هذه المشكلة ؟؟ (08) التنوع ،، هل هو عيب خلقى ؟ ، أم سوء إدارة ؟؟ وبذكر السودانيين على مختلف هوياتهم القبلية ،، يطفح إلى السطح قضية إدارة التنوع diversity management ، وفى ذلك نعود إلى الطبيعة مجدداً ، وهى مملكة التنوع الحيوى والبيئى لملايين الأنواع ، ومع ذلك تتعايش بالحد الأدنى من التناقض ، وحتى الإحتكاكات على قلتها تعمل لمصلحة المجموعات وتحقيق التوازن ، وترعى كل هذه الأنواع على كثرتها ، إرتكازاً على ما إكتسبتها من مميزات حيوية ،،، والنظرية تستعيرها لإدارة المكونات السودانية على قلتها ، وهذه ما سميت بالوحدة فى التنوع Unity in diversity، والتى هى القاعدة الأساسية فى نظرية النشوء والتطور Theory of evolutionلعالم الأحياء ريتشارد دارون. وتاريخ غنى وعريق ، نعتها مؤسسى النظرية بالتنوع التاريخى Historical diversity ، فإستدعى للحضور إلى سودان اليوم ، لترميم المحصلة الناقصة ، المنتجة من التفاعلات والتحولات التاريخية الطويلة والمعقدة ، والتى سميت بدورها ، التنوع المعاصر للسودان contemporary diversity ، تلكم التوليفة الفريدة من التنوع العرقى واللغوى ، والثقافى والدينى والجغرافى والإقتصادى .. لحسن إدارة التنوع ، لا بد من الوقوف ، والدراسة والتفريق ما بين أربعة نماذج سلوكية فى تجاهها : الفكرة الأولى : الإلتزام بالرعاية مع التطوير ، وإعادة الإنتاج ، بغية إستمرار الحياة ، ومنع الإنقراض ،،، الفكرة الثانية : توفير الرعاية من منطلق الوفاء ، لحين الممات ، كما يحدث فى دور المسنين ،،، الفكرة الثالثة : فكرة الإهمال المتعمد ، والكف عن مساعى الإنقاذ ، إنتظاراً للموت الحتمى ،،، الفكرة الرابعة : الإستهداف والتضييق ونضب المواعين ، وشن الحرب تعجيلاً للرحيل ،،، أربعة أفكار ، ولإن تخيرون الحلفاويون أو الدناقلة ، سيختارون الأولى بلاشك ،، ولكن هناك مَن ، فوق جهله ينصب نفسه مفكراً عبقرياً ، ويقول ، ويُسمع كلامه على قناة تلفزيونية أتمنى أن يأتى اليوم الذى تنقرض فيه رطانات الحلفاويين و الدناقلة و المساليت و الزغاوة و الهدندوة ، و تسود لغة الضاد الموحدة ، فلسان الذى يلحدون ، اليه أعجمى و هذا لسان عربى مبين ..!!) وهؤلاء هم أصحاب الفكرة الرابعة .. (09) الوحدة بأسس جديدة Unity on new foundations وبالرغم من إنفصال جزء من السودان ، ووقوع السابقة ذات الأصداء العالمية ، مازالت هذه المسألة مطروحة مرة أخرى ، بزخم أكبر ، وذلك بفتح الباب أمام كافة الأقاليم السودانية ، التى تعانى من سوءات الوحدة الوطنية الحالية ، بمعادلة بسيطة ( إما أن يقرر الشعب السودانى كله مصيره فى شأن القضايا الإجمالية ، أو تتولى الأقاليم السودانية تقرير مصيرها ) .. إذن ، فإن محاولات فرض قيم لا تناسب ، ولاتجد قبولاً لدى بعض الفئات ، لن تأت بوحدة أبداً ، بل تؤدى إلى إجهاض الفكرة ، وإحداث التوترات والإغتراب الداخلى ، كفرض عروبة على أناس لا يجدون أنفسهم فيها ، أو إقامة دولة دينية منفرة theocratic state، فى ظل التنوع الدينى ، الذى يشمل ، مسلمين ومسيحيين ، أو من يعتقدون في الأرواحية الباطنية ، والباطنية كثيرون ،، وكثيرون جداً ،، وبأثواب متنوعة ،، !! ومثالاً دولتنا الدينية ، كحال رجل ورث مزرعة فيها الكثير ، منها بقرٌ ، وإبل ، وماعز ، وضأن ، ودواجن ، وحمير ، وخيل ، ودواجن ، فيهمل إدارتها ، ويمسك عن توفير إستحقاقاتها من علف وماء وصحة بيطرية ، فتتناقص كائناتها ، فتتحول إلى حظيرة من الهياكل العظمية المتحركة ، فتنتشر الجيف هنا وهناك ، وعواء ضباع تسمع إلى الجوار ،، وإن كان من سبيل لإجراء حوار ، ما بين الراعى ، وتلك الكائنات ، فى هذه الأجواء ،، فإنها ستطالبه ،، وبصوت واحد ،،، أما أن تقوم إلى مسئوليتك ، وتوفر لنا الرعاية ،، أو أن تفتح لنا باب الحظيرة ،، وسنعرف كيف ندبر أمرنا فى البرية ،، وهذا ما تطالب بها المكونات السودانية الحبيسة ، فى سجن الدولة الدينية. لا توجد دولة دينية ، على وجه الأرض تساوى بين حقوق وإمتيازات وواجبات مواطنيها على تنوع معتقداتهم ، هناك إدعاءات كاذبة حول هذا الأمر ، كاذبة ،،، ومطمئنون لما نقول ،، والحراك العلمانى ومطالبات الدولة المدنية ، الذى نشهدها حالياً ، ما هى إلا مقدمة لفصل الدين عن الدولة ، وستتم حتماً ، وإن طال الزمن ، حينها سنكتشف التكلفة الباهظة لوأد الديمقراطية abortion of democracy ، وتكميم الأفواه ، وتغييب إرادة الشعب ، والتمسك بالباطل إنابة عنه ، والمتاجرة بالعقيدة ،،، وهذا الأمر ، رغم ما تحيطه من مخاطر ، لا يقلق العقول الخاملة فكرياً ، فلا نتوقع منهم جهداً ، لصعود تلة ، للوقوف على ما يجرى فى الأبعد قليلاً ،،، ولن يحتاجوا لذلك طالما أنهم ، لا يدفعون ثمن الدولة الدينية ، وطالما أن سيفها لا ينال رقابهم ، بل مسلط على غيرهم. تنويه ،، ( ربما تحتاج منكم المواصلة معنا ، إلى المزيد من الصبر ،، والأمر يستحقه !! ) (10) التنمية المتوازنة والمستدامةBalanced sustainable development المجتمعات المحلية ، هى مشاريع لحضارات فى أطوار اليرقات ، وإستئناف نموها ، وإستقرارها ، يعد من أهم دعائم أمن الدولة ، وإذ تختلف متطلباتها من أقليم لآخر ، فإن مفاهيم تنميتها بالمقابل ، يجب أن تكون مرنة ، بحيث ، أن ما تحدثها من أثر فى أرض المسيرية ، يختلف عما يجب أن يحدث فى عطبرة ، وما يحتاجه أهل بورتسودان ، لتطوير حياتهم تختلف عما يحتاجه مجتمع أبوحجار ، وواقع المجتمعات المحلية وصنائعها ، هو ما يفرض نوع التنمية ، وواجب الدولة هو المساعدة فى إحداث النقلات ، فى مهن المجتمعات ، ولا نتحدث هنا عن الأبجديات الحياتية ،،، الخدمات الأساسية ، المعنية ببناء القدرات capacity building لكل من الأفراد والمؤسسات ، تعد من مدخلات التنمية وليست التنمية ، والحقيقية ، معنية بتأسيس وإدارة العمليات الإنتاجية ، فتنعكس مردودها على كل من الدولة والأفراد ،، ومنها التنمية الإقتصادية والفكرية والثقافية ، والنجاحات التى تتحقق فيها ، تحدث قفزات متسارعة ، على درج التطور ، وتصرف المجتمعات إلى واجباتها ، فتضعف تباعاً ، إحتمالات التنازع الدموى حول الكراسى ، من أجل الحصول على الخدمات الأولية . (11) التحرر ومفاهيمها : Concepts of Freedom الحرية من طبيعة الأشياء ، وحق لا يمكن إستجداؤه ، ومن أهم روافد التطوير ،، ولها من سعة المفاهيم ، بحيث لا يمكن إدراك حدودها ، ولا تنتهى إلا عند محاولتها تجاوز الفيزياء ، أو إنتهاكها القوانين التى تحمى حقوق وحريات الآخرين ،،،، فى القرن الماضى ، كان التحرر من الإستعمار الأوربى سيد الموقف ، واليوم ، توجد بعض المدارس السياسية ، تنادى بالتحرر من هيمنة سياسات البنك الدولى الإقراضية ، لكن تظل المساحة الأكبر ، هى حرية التعبير والتفكير والإبتكار ، المسيطرة على حضارة اليوم ، وغيابها أدت إلى تأخر الأمم الشرقية والأفريقية ، فالهاتف الخليوى الذكى الذى بين أيديكم ، هى عصارة 500 عام من حرية التفكير والإبتكار ،، بينما مازلتم تسمعون فى مجتمعاتكم ، إفتاءات على شاكلة ( ضوابط التفكير والبحث العلمى) !! لذلك ، فإن النظرية ، تؤسس لإمتداد أرضية الحريات ، التى لا تحدها الا القوانين ، وتحث الأجيال الناشئة ، على الإنطلاق بالخيال والإبتكار ، فى كافة المجالات ، إلى أبعد ما يمكنهم الوصول . من حق الأفراد على الدولة ، إزالة كافة العوائق ، التى تكبت طاقات الأفراد ، فشخص حباه الله بملكات خاصة جداً ، وهم كثيرون ، لكنهم يفشلون فى صقل مواهبهم ، لفائدة المجتمع لأسباب معيشية بحتة ،،،، وإمرأة تقطع الأميال وتنفق ساعات طويلة لجلب الماء ، ومجهودات أخرى لتدبير مستلزمات معيشية أولية ، ولن تجد من الوقت ، لتربية نشأها بالطريقة التى ترغب ، أو لتتعلم المهن والعمل بها ، أوتطوير مواهب أخرى ،،،، وأسرة لا تجد منزلاً ، يأويها وتضيع كل مجهوداتها فى توفير الطعام ، وتتسبب عدم الإستقرار فى تشتت أفرادها ،،،، وترك الأطفال ومنهم الموهوبون مدارسهم ، بسبب عدم توفر الوجبة المدرسية ،، هؤلاء جميعهم سيحسون بشكل من أشكال نقص الحرية ، وسيتحسرون على انهم أهدروا فرصاً فى حياتهم ، كانت بالإمكان ان تجعلهم فى حال أفضل ، ومن شأن تدخل الدولة أو أى جهة للمساعدة على إتمامها ، تحويلهم إلى أشخاص ذوى فائدة أكبر، وعطاء أجزل . وكل ذلك يمكن أن تصنف ، فى خانة الحريات المنقوصة ،، إذن فإن النظرية تنظر للحرية والتحرر ، على أفق أوسع. (12) إعادة هيكلة سلطة الدولةstate authorities Restructuring ولم تحتاج الدولة لإعادة بناء وهيكلة ؟ لأن ألف سنة من الضلال والتيه ، وتنقُلها بين أيدى النفعيين ، وقصار النظر من إنتهازيى الإسلام السياسى ، جعل منها مؤسسة مصممة خصيصاً لخدمة البرامج السلبية ، وآلة كبح للطاقات ، أكثر منها عوامل مساعدة على بناء القدرات ، وقد باتت مرآة معتمة ، لا يرى فيها أحد فيها نفسه ، إذن فإن إصلاح الدولة ، يتطلب إدخال إعادة صياغات واسعة ، بحيث تدمر أوكار الإجرام المعششة فيها منذ قرون ،،، هذا يعنى إعادة هيكلة السلطة المركزية ، والسلطات الإقليمية ، وكافة مؤسسات الدولة ، المدنية والعسكرية ، والإدارات الأهلية ، واضعة في الاعتبار مصالح المناطق والقوميات ، سواء أولئك الذين رفعوا صوتهم بالإحتجاج ، أو الذين إكتفوا بالصبر خشية العواقب . وهى طريقة فعالة ، لإنهاء إحتكار السلطة ، في أيد نفعية قليلة ، أياً كانت خلفياتها ، سواء جاءت في زى الأحزاب السياسية ، أو الأسر الحاكمة ، أو الطوائف الدينية ، أو كبار العسكريين ،،،، العتمة والغموض mystery and darkness فى ممارسات أى مؤسسة ، هى الأجواء الملائمة لتكاثر الطفيليات والكائنات المسوسة ، التى تنخر فى عظم الدولة ، وتؤدى إلى هلاكها فى نهاية الأمر ، لذلك فإن الشفافية transparency، وتسليط الأضواء والنقد الموازى ، والمحاسبة ، والمحاكمة ، هى عناصر الرقابة الأقوى لإجهاض ممارسات الفساد ، وهى مستندة بدورها على المبدأ الطبيعى ، القاضى بقلة الأخطاء والإنحرافات فى ظل كثرة الأعين. (13) الحكم الديموقراطى وحقوق الإنسان Democracy and human rights الديمقراطية هى نتاج مساعى تحقيق الحرية ، وشكل من أشكال الحكم يشارك فيها جميع المواطنين المؤهلين على قدم المساواة ، مباشرة أو من خلال ممثلين منتخبين عنهم ، قائمة بالإجمال علَى التداول السلمي للسلطة ، وسريان حكم الأكثريّة ، وتمكن المواطنين من الممارسة الحرة والمتساوية لتقرير المصير السياسي ،،،وهو مصطلح مشتق من اليونانية δημοκρατίαويعنى سلطة الشعب ، أو حكم الشعب لنفسه. ما يجب التطلع إليه والترويج له وحمايته ، ديموقراطية لا تكون فيها ، المساواة والحرية والعدالة الاقتصادية والاجتماعية ، مجرد شعارات بل واقعا ملموساً . كما أن الصورية والإجرائية ، غالباً ما تكون غطاء تمويه ، لإدامة المصالح المكتسبة للفئات الطفيلية Parasitic categories. لقد إستوعبت الديمقراطية فى نسخها المطورة ، كافة مواثيق حقوق الإنسان ، التى أقرت معظمها ، ما بعد الحرب العالمية الثانية ، كما أن الميثاق العالمى لحقوق الإنسان ، يعد ثيقة دولية هامة لا تحتمل ، أى ممارسة حقيقية غيابها . وقد إجتهد الخبراء فى تصنيف محتوياتها على النحو التالى : الفئة الأولى ، وتتناول الحقوق الفردية والشخصية. الفئة الثانية ، وتتناول علاقات الفرد بالمجموعة أو بالدولة. الفئة الثالثة ، وتشمل الحريات العامة والحقوق الأساسية. الفئة الرابعة ، وتشمل الحقوق الاقتصادية والاجتماعية والفكرية . (14) تعزيز دور المرأة Strengthening the role of women : تمتعت المرأة فى السودان الأقدم ، بمكانة مرموقة ، ووصلت فيه حتى منصب الملكة ، والحضارة النوبية هى رائدة حقوق المرأة ، ولا يدانيها فى ذلك أى حضارة أخرى ، إلا الفرعونية القريبة ، والإسلام السياسى هو من تسبب فيما بعد ، فى تنكيس دورها وتقزيمها وتحويلها إلى مجرد خادمة منزلية ،،، وإلى اليوم ،، فإن دورها فى عالم الإسلامويين هى مجرد جارية ، وإن إختلفت الصيغ ،، كما أن تقليص دورها ، هو إحدى ركائز دولة الدينية الإسلاموية. بمفهوم هذه النظرية ، التى تبنى دائماً ، على قاعدة إعادة الأمور إلى طبيعتها ، فإنها موعودة بالخروج من السجن المنزلى ، لتربع مكانة رفيعة ، على ضوء ما تقدمها من تضحيات وإجتهادات ، ولن يقف حائل دون وصولها ، لأهداف كانت حكراً على تطلعات الرجال.. تبرز الحاجة إلى ذلك ، فى ظل عدم تناسب الدور الذى تقوم به فى المجتمع ، مع تمثيلها ووضعيتها فى مؤسسات الدولة ، فإذ تحمل على عاتقها ، حماية الأسرة ، وتوفير عناصر إستقرارها ، وتربى نشئاً حتى توصلها إلى مكانة محترمة ، لكن عند مقارنة مكانتها لدى الدولة ، مثلاً ، مع مكانة إبنها ، التى ربته ، تكون هى الأدنى ، حتى وإن تساوت مؤهلاتهما .. (15) بناء التحالفات فى ظل نظرية السودان الجديد Building alliances in New Sudan لاحظتم فيما قدمناه ، وفى غيره ، أن النظرية نقلت مزيج تجارب ناجحة من أمم أخرى ، وإستدعت النجاحات التى أصابتها الدولة السودانية عبر التاريخ ، فأنتجت منها عقاراً سمى بالسودان الجديد ، يرمى إلى إعادة صياغة وتقويم علاقة السودانيين بدولتهم ، لتعيش سوية مثلها ، مثل الدول الأخرى ، ولن يتم ذلك إلا بعد وضع الحد ، لتجريب المزيد من العقاقير والسموم ، وإختصار الطريق نحو التعافى ، والكف عن المغامرات التى تجعل من ، بلدنا حقلاً للتجارب ، وقد رأيتم مآلات التجربة الأخيرة ، والتى كانت إمتدادا طبيعيا لتجارب سابقة . ثبت نجاح هذه الأفكار ، فى كل من الهند ، وأمريكا اللاتينية ، والشمالية ، فأضحت اليوم من أكثر الدول إستقراراً ، وتربعت على مقاعدها بين الأسرة الدولية .. على هذه الأسس ، يمكن أن تتشكل الأحزاب ، والكيانات السياسية ، والتنظيمات ذات المواضيع المتخصصة ، ويمكن أن نطلق عليها قوى السودان الجديد ،،، (16) تجربة الحركة الشعبية ، مع مفاهيم السودان الجديد ..SPLM and concepts of New Sudan الواقع أن كلا من الحركة الشعبية ومشروع السودان الجديد ، قد نشأتا فى ظروف واحدة ، وخرجتا من نفس الرحم ، الذى دأب بين الحين والآخر ، على إخراج أجنة ناقصة النمو ، كإشارات تنبيهية لوجود مشاكل خطيرة على بنيته ، وهو نفسه الذى أخرج الأحزاب ذات الطبيعة الأقليمية ، التى تصعد مشاكل موضعية جزئية ، مبتورة عن السياقات العامة للقضايا السودانية ، وقد شكلوا بذلك واحدة من عوامل تكريس تجزئة القضايا ، كأكبر العوائق ، التى تقف أمام مساعى الوصول الى الحلول الجذرية الشاملة ،،،، يساورنا الظنون أحياناً ، أن لو كانت نشأة مشروع السودان الجديد ، منفصلة عن الحركة الشعبية ، أو سابقة لها بوقت كاف لكانت لها رواج أفضل ،،، لكن من المؤكد أن إجتماعهما فى ماعون مشترك ، جعل من الإنتقادات والكوابح التى توضع أمام الحركة الشعبية ، تطال حتى مسيرة السودان الجديد .. وذلك لا يمنع الإقرار ، أن للحركة الشعبية السبق فى الترويج لهذا المشروع ، من خلال تبنيها فى خطابها السياسى والتفاوض ، وفقاً لموجهاتها من أول يوم جلس فيه المفاوضون. وعملاً بذلك ، لم تقتنع الحركة الشعبية ، يوما من الأيام ، بالتخلى عن وحدة السودان ، بسبب مجموعة إنتهازية ، تصر على غض الطرف ، عن حل مشكلات فى متناول اليد ،،،، رفضت الشعبية ، الخضوع لشهوات مجموعة طفيلية تستدرجها لإرتكاب نفس جرمها ، بالموافقة على ، إعادة توزيع وأقتسام المناصب المديرة لأوكار الجريمة ، والتورط فى تواصل الجرم التاريخى ، وكان ذلك هو السبب الأساسى فى تطاول مدة الصراع ، وإمتداد فترة التفاوض لسنوات وسنوات !! للتأكيد على ذلك ، ففى معظم جولات التفاوض ، كان رؤساء الوفود الحكومية يصطحبون معهم ، حقائب ممتلئة بالعملات الأجنبية من خزائن الشعب ، فى مساعى لإغراء مناظريهم ، ببريق المال والسلطة على حساب القضايا الكبرى !! وكان عصياً على القوم ، تفهم رفض ، المال والسلطة ،،،. حتى أن الصادق المهدى ، وهو رئيس للوزراء ، سعى إلى مقابلة قادتها ، ليخرج إلى الناس بعدها ويطلق عبارته التى كشفت ضيق أفقه عندما قال : " توجد لديهم أوهام كثيرة " !! لقد كان مقترح الدولة الواحدة بنظامين ، رد فعل مباشر لمواقف الإسلامويين المتشددة ، حول فصل الدين عن الدولة ، وهى مسألة لا يمكن تجاوزها فى مساعى بناء دولة المواطنة ، وبما أنهم لم يكتسبوا شرعية من الشعب السودانى ، أنما ، من الدولة الدينية ، فلم يكن من مصلحتهم التخلى عن مصدر شرعيتهم الذى أوصلهم إلى سدة الحكم ، وبهذا الإدعاء يبقون ، لذلك فإن الشعبية ، كانت تفاوض مجموعة غير مسئولة وغير مؤهلة ، وفوق ذلك كان غياب مفعول الكيانات السياسية والفكرية ، وتدنى زخم التفاعل ، وضعف الحراك الجماهيري ، وتنامى الضغوط الدولية ، وتطاول مدة الحرب ووقوع المجازر ، من العوامل الأساسية التى أدت إستئناف التفاوض ، الإضطرارى . بجانب ذلك كان من شأن مفهوم دولة واحدة بنظامين ، إتاحة فرصة لتطبيق مبادئ النظرية التى طالت إنتظارها جزئياً على جنوب السودان فى محاولة للإقناع العملى ، لمفكرى وجماهير الجزء الآخر ، بجدوى التطبيق .. قدمت أربعة تصورات أخرى ، إلى جانب خامسة ، كانت قابعة فى القاع وتنص على ممارسة حق تقرير المصير Self-determination ، وقد فضله الإسلامويون ، وفى بالهم مقايضتها ، بمكوثهم الأبدى فوق رقبة الشمال ،،، وإذ لا يمكن إستمرار ، فئة بعينها ، فى تقديم تضحيات متواصلة لفترات طويلة ، على أمل إقناع فئات أخرى ، بجدوى التحرك والإنضمام لمسيرة البحث عن الحرية ، أو لإقناع الطفيلية المنتفعة بجدوى النزاهة الوطنية ، أو تعليم شيخ سفيه فى أرذل عمره ، مبادئ المسئولية ، وهو من أفناه فى تطوير فنون السفاهة ،،، وبعد مقتل أكثر من مليونى مواطن ، وتفريغ جنوب السودان من السكان ،، كان لا بد من فعل شيئ حيال ذلك ،،، تم الإنفصال ،، والمفترض أنه وفقاً لمفاهيم قوى السودان القديم ، أنه قد تم التخلص من كابوس الدولة الأفريقية المسيحية ، وقنوات التنسيق مع الصهيونية ، ولن تكون هناك أى مهددات لمصالحها بعد اليوم ،،، وكان ذلك قناع يعبر عن الإرتياح والطمأنينة ، بذهاب كوابيس إعادة الهيكلة ، والتى كانت تروج على أساس أنها خطط لتدمير السودان ، ويخفون حقيقة أن السودان قد إكتمل تدميره عام 1983 ، ثم أفيق بجرعات من زيت النفط ، لفترة محدودة ، وبذهابها ،عاد إلى واقعه ، ومرضه الإقتصادى ، وما تسمعونها اليوم ، هى أخبار لم تبث منذ 30 سنة ..!! (17) الخاتمة : Conclusion السودان الجديد بالطبع ، ليس نهاية المطاف ، ويمكن للمفكرين تقديم إنتاجيات أكثر تطوراً ،،، وبما أنهم لم يضعوا على المنضدة ، حتى الآن شيئاً جاداً وناضجاً ، لذلك لا نملك الا السعى ، نحو توسعة أرضية النقاش حول ما هو مطروح ، ولا نرى مانعاً يحول دون القبول به .. وإن كانت هناك من هواجس من أن حزباً معيناً هو من يروج له ، فبالإمكان نزع الأغلفة ، وإعادة تجليد كتيب النظرية بالطريقة التى يجد قبولاً لدى أصحاب الهواجس ،،، وإن كان المانع ، أنها أسست وطورت بواسطة شخصيات على شاكلة د جون قرنق ، القائد يوسف كوة ، د منصور خالد ، د الواثق كمير ، أ ياسرعرمان ، وغيرهم ممن نقلنا عنهم ، فإن الطريق مفتوح على أوسعه ،، للوصول إلى المصادر الحقيقية ، المغذية للفكرة ، وليؤسسوا نسخة مطورة خاصة بهم ،، وسنكون أول المصطفين خلفهم ،،، إستمرار طرح مفهوم الدولة الدينية theocratic state ، رغم فشله ، يكشف عن سيطرة فكرة إصطياد المصالح عن طريق الدين ، وهؤلاء ،، المشاركين وغير المشاركين فى إدارة الدولة الدينية حالياً ، يتحملون وزر الاتيان بهذا النظام بعد أن تمت إستعارة نواياهم ، وتوظيفها ضدهم ، ومنهم من يلبسون اليوم ثوب المعارضة ، ولكنهم حريصون على بقاء هذه الجرثومة ، حية هناك ، دون مساس . والتاريخ القريب يبرهن صحة ما نذهب إليه ، حيث كان للحزبين الكبيرين ، أغلبية فى برلمان 1985 ، ولكنهما إتفقا على ، الا يفعلان شيئا حيال قوانين 1983 ، بخضوعهما وإنكشاف ضعفهما ، أمام إبتزازات الجبهة الاسلامية القومية ، وفوق كل ذلك لم ترحمهما ، فجردتهما من السلطة لاحقاً.. لتسريع عجلة السقوط نحو الهاوية ... وإذ نطرح عليكم هذا التحدى ، فإن شعورنا تجاهكم ، يفرض علينا تجديد طرح المسئوليات التى تقع على كاهلنا جميعاً ، ونثق أنكم ستكونون قدر هذه المسئوليات ، رغم أن أجدادكم الأقدمون ، ممن تعتبرونهم جهلة بمقايسس اليوم ، كانوا فى حقيقتهم علماء بمقاييس زمانهم ، على الأقل لم يجربوا فعل الشيئ ، مرة بعد مرة ، وتوقعوا نتائج مختلفة . ( فالجنون هو أن تفعل الشيء ، مرةً بعد مرةٍ ، وتتوقع نتيجةً مختلفةً ) ،،،، وأعلموا أن قانون الحياة على هذا الكوكب ، أن من سار وفقاً لإشتراطات الحياة عليها ، عاش فى رضى وسعادة ، ومن خالفها عاش فى تعاسة ،، والسعادة لن تكون إلا بين الجماعة ، ومن يتركها ، تتركه ليدور فى المتاهة بلا هداية ، وليعيش فى الحضيض وحده ،، ونحن من إخترنا السباحة عكس التيار ، ومفارقة الأسرة الدولية ، ودخول المتاهة ، والعيش فى الحضيض... ( ونشكركم على صبركم ،،، ومن حقكم علينا الآن ، الإنصات لوجهات نظركم ،، والوقوف على ما تطرحون من بدائل ) ،،،، والسلام عليكم ورحمة الله ،،،