Facebook.com/tharwat.gasim [email protected] 1- مقدمة . بدعوة من شقيقه الرئيس السيسي ( يونيو 2014 ) قام الرئيس البشير بزيارة للقاهرة يومي السبت والاحد 18 و19 اكتوبر 2014 ، في وفد مكون من 5 وزراء . حسب بيان الرئاسة المصرية ، تجنب الوفد السوداني مناقشة المواضيع الخلافية ( حلايب ، سد النهضة ، جماعة الأخوان المصرية ، والجبهة الثورية السودانية ضمن مواضيع خلافية أخرى ) . ركز الوفد على محاولة تفعيل وبث الروح في الإتفاقيات الموقعة من قبل بين الجانبين ، والتي صارت حبراً على ورق ، كإتفاقية الحريات الأربعة التي ترفض القاهرة تفعيلها ، رغم تفعيل الخرطوم لها ؛ مما يؤكد عدم ثقة بل شك القاهرة في نوايا وأفعال الخرطوم . ورأينا كيف ترفع القاهرة شعار ( المعاملة بالمثل ) في وجه الخرطوم ، لتذكير الخرطوم بأن يد القاهرة الطويلة تعرف كعب أخيل الخرطوم ، وقادرة على الإمساك به ، عند الضرورة ! إذن تنبع أهمية الزيارة الإستراتيجية ، ليس في كم المواضيع التي تمت مناقشتها ، وإنما في نوعية المواضيع التي تم حشرها تحت البساط . ويمكن أن نستنتج إن معادلة ( توازن الضعف ) كانت البوصلة الهادية لحوارات القاهرة ، بالإضافة لمعادلة ( تبادل المصالح ) ، وشيلني وأشيلك ، وهوابة ( المعاملة بالمثل ) . ولا نتحدث من فراغ ، ولا نلقي الكلام على عواهنه ، وإنما نتوكاً على معطيات وبينات ماثلة وشاخصة لكل من القى السمع وهو شهيد . دعنا نبدأ بالقاهرة ، قبل الرجوع للخرطوم . 2- الوضع الحالي في مصر ؟ لعل خير ما يختزل الوضع الحالي في مصر إفتتاحية صحيفة النيويورك تايمز ( اليومية الأولى في العالم قاطبة ، والتي يبدأ بها الرئيس اوباما يومه كل صباح ) ، في عدد يوم السبت 18 اكتوبر 2014 . أحتوت الإفتتاحية على صوت لوم وجهه الرئيس السابق جيمي كارتر لنظام الرئيس السيسي . يعمل مركز كارتر الدولي في اتلانتا لضمان إحترام حقوق الإنسان وإشاعة الديمقراطية ، وشارك بمراقبين في 97 إنتخابات في 38 دولة ، من بينها إنتخابات ابريل 2010 في السودان . يتمتع المركز بإحترام دولي ، وكلمة مسموعة خصوصاً في امريكا ودول الإتحاد الأروبي ، وتشارك في تمويل نشاطاته دول مجلس التعاون الخليجي . في يوم الأثنين 13 اكتوبر 2014 ، قرر الرئيس كارتر قفل مكتب مركز كارتر في القاهرة ( 2011 ) ، وبرر قرار القفل بأن الوضع الإستبدادي في مصر لا يسمح بمراقبة إحترام حقوق الإنسان ، ولا يسمح بإنتخابات حرة ونزيهة وشفافة ، بل ربما تعرض المشاركون في الإنتخابات من المعارضين للسجن والتعذيب بل القتل . ذكرت النيويورك تايمز إن قرار قفل مكتب مركز كارتر في القاهرة وعدم مراقبته للإنتخابات البرلمانية القادمة ، يرسل رسالتين لإدارة اوباما التي تصيخ السمع لكل ما يصدر من المركز من نداءات : + الرسالة الأولى أن ممارسات نظام السيسي الإستبدادية ضد معارضيه سوف ترتد لصدر النظام كالبومرانق ، وتقذف بمصر والأقليم في ظلمات بعضها فوق بعض . مما يؤدي إلى عدم الإستقرار في مصر والإقليم . + الرسالة الثانية هي حتمية تجميد الكونغرس والإدارة للشريحة القادمة من المعونة العسكرية الأمريكية لمصر ( 650 مليون دولار من الدبابات والمقاتلات وقطع الغيار ) ، حتى يرجع الرئيس السيسي لجادة الصواب وللطريق المستقيم . ومن سخريات القدر التي تجعل عبدالناصر يتململ في قبره ، إن الرئيس كارتر وصحيفة النيويورك تايمز طلبا من إسرائيل ( حليفة نظام السيسي ) التوسط لدى الرئيس السيسي ( بما لها من دالة عليه ) لتغيير المسار الإستبدادي الذي يهرول فيه منذ إنتخابه في إنتخابات مخجوجة في يونيو 2014 ، لمصلحة مصر ومصلحة إسرائيل ومصلحة الأقليم . هل تصدق إن نظام السيسي يقفل معبر رفح بالضبة والمفتاح ، بينما تفتح إسرائيل معبر كرم ابوسالم لتمرير الأسمنت والمواد الغذائية والأدوية بالقطارة لقطاع غزة ؟ يدعي كارتر سجن اكثر من 16 الف من قيادات الأخوان ، وقتل الآلاف من الذين شاركوا في مظاهرات سلمية ، حسب قانون التظاهر الظالم الذي تم إلعمل به منذ يوليو 2013 ، بعد الإطاحة بالرئيس المُنتخب مرسي . هل تصدق إن الجامعات المصرية قد صارت إلى ثكنات أمنية ، وتبخر مفهوم إستقلال الجامعات . كمثال من بين مئات ، قرر وزير الداخلية الإبقاء على قوات الشرطة داخل حرم جامعة الأزهر ، لأول مرة فى تاريخها القرني . كما ألغت الجامعة رسالة للدكتوراه ( بعد إجازتها ) ، لأن الباحث الذى أعدها وصف ما جرى فى 30 يونيو 2013 بأنه انقلاب وليس ثورة . كما أن الجامعة قررت إجراء تحقيق مع المشرف على الرسالة. يدعي كارتر إن القمع غير المتناسب الحالي سوف يزيد الوضع المتردي أصلاً عنفاً وتصعيداً ، ويعلن موت السياسة فى مصر ، ويؤذن مؤذن بدخول مصر في نفق مظلم ، لا ضؤ في آخره ؟ الح الرئيس كارتر وصحيفة النيويورك تايمز على اوباما ( وإسرائيل ) الضغط على الرئيس السيسي تغيير المسار الشيطاني الذي يسير فيه حالياً ، وإلا صارت مصر إلى صومال ثانية ، بل أشد وبيلاً . أعلاه يختزل الوضع العام في مصر عند زيارة الرئيس البشير لها . دعنا نستعرض بعض سودانيات القاهرة ادناه . 3- سودانيات القاهرة ؟ في هذا السياق ، القت السلطات الأمنية في القاهرة القبض على بعض الشباب السوداني من منسقية الشباب ، لتوزيعهم منشورات لبعض منظمات المجتمع المدني في القاهرة منددة بزيارة الرئيس البشير لمصر . وكانت السلطات الأمنية قد الغت إجتماعاً مُبرمجاً وموافقاً عليه من قبل السلطات للجبهة الوطنية العريضة ، وربما رحلت الأستاذ على محمود حسنين ( داعية الإتحاد مع مصرمنذ صباه الباكر ) خارج مصر ، لتضمن ترحيل الخرطوم للقيادات الأخوانية المصرية في السودان ، في تفعيل لشعار ( المعاملة بالمثل ) . ولم تنس القاهرة للخرطوم جميلها في عدم دعوة حزب الحرية والعدالة ( حزب جماعة الأخوان ) لمؤتمر حزب المؤتمر الوطني الحاكم ( الخرطوم – اكتوبر 2014 ) ، رغم ما كان بين الحزبين من ود قديم وحميمية طاغية . ولكن ماذا تقول مع مرجعيات ساس يسوس ؟ ربما تذكر ، يا هذا ، إن نظام الإنقاذ قد وسط الدكتور مروان الفاعوري ، الأمين العام لمنظمة الوسطية الدولية التي يرأسها السيد الإمام ، وغيره كثر ، لإقناع السيد الإمام بالرجوع للخرطوم والتبرؤ من الجبهة الثورية ، والمشاركة في حوار الوثبة . ولكن وربما لضعف المعارضة ، لم يسع الرئيس البشير لمقابلة السيد الإمام في القاهرة . هذا نذير شؤم وتصعيد للإختلاف والخلاف بين حكومة الخرطوم ومجموعة إعلان باريس . ولكن وفي يوم السبت 18 اكتوبر 2014 ، قابل السيد الإمام الأستاذ فاروق ابو عيسى رئيس تحالف قوى الإجماع الوطني ، وصدر بيان أكد ، ولأول مرة ، موافقة التحالف على أجراء ( حوار مُنتج بإستحقاقاته ) مع حكومة الخرطوم ، الحوار الذي كان يرفضه التحالف وبشدة ؛ وإتهم بسببه السيد الإمام بالتخاذل والتواطؤ مع نظام الإنقاذ . ثم يعود التحالف لحظيرة السيد الإمام كما تعود حليمة لقديمها ! ولئن تعود متأخراً خير من أن لا تعود ابداً ؟ ولكن ربما قال قائل من التحالف إن الأستاذ فاروق لا يمثل إلا نفسه في بيانه مع السيد الإمام ، ولا يمثل التحالف . الأمر الذي ربما أدي ، لو صدق الحدس ، إلى فتنة وسط التحالف المهترئ إصلاً . وقال قائل آخر إن الأستاذ فاروق كان في طريقه إلى أديس ابابا للإجتماع مع بعض قادة الجبهة الثورية ، ثم عدل عن مواصلة السفر بطلب من قادة الجبهة المتواجدين في اديس ابابا ؛ لأن السلطات الإثيوبية ترفض السماح لقادة المعارضة الإجتماع في أراضيها خارج إطار الإتحاد الأفريقي ومنظمة الإيقاد ، في تنسيق أمني مع حكومة الخرطوم . وقد سبق أن رفضت السلطات الإثيوبية الاسبوع المنصرم لوفد من التحالف الدخول لإثيوبيا عبر معبر بري قرب القضارف لذات السبب . نواصل مع الموقف العام في السودان ...