قالت مجلة تايم الأميركية إن إقدام فرنسا وبريطانيا على إرسال فريق من الخبراء العسكريين إلى شرقي ليبيا لدعم الثوار يهدد بإحداث شرخ في تماسك حلف شمال الأطلسي (ناتو). وأكدت المجلة أنه على الرغم من أن تصريح وزير الخارجية البريطاني وليام هيغ يوضح أن القوة ليست قتالية بل ستقدم مساعدة للثوار الليبيين تتمثل في تقويتهم تنظيميا وتدريبهم على الاتصالات والجوانب اللوجستية المختلفة، فإن أطرافا أخرى في حلف الناتو لا ترغب في الاشتراك بهذه المهمة. وأوضحت المجلة أن المخاوف تتركز على أن نص القرار 1973 كان محددا في حماية المدنيين الليبيين ولم يتطرق إلى إسقاط نظام القذافي أو إرسال قوات برية. لكن المؤيدين يقولون إن منطقة الحظر الجوي نجحت فعلا في تدمير القوات الجوية الليبية وحمت سكان المنطقة الشرقية، لكن أعداد القتلى لا تتوقف عن الارتفاع في مصراتة الواقعة غربا التي تتعرض لحصار "من طراز القرون الوسطى" كما قال الزعماء الثلاثة باراك أوباما وديفد كاميرون ونيكولا ساركوزي في مقالهم المشترك الأسبوع الماضي، ليبقى السؤال قائما: ما العمل التالي؟ لأن الخيار بالنسبة للزعماء الثلاثة واضح ويتمثل في ذهاب القذافي، لكنهم في غاية الحذر عندما يتعلق الأمر باختيار طريقة ذهابه. غير أن باقي أعضاء الناتو لا يشتركون في هذه الرؤية، فالأعضاء المشاركون في العملية العسكرية ستة من بين ثمانية وعشرين عضوا، وحتى دولة مشاركة مثل إيطاليا قلصت حجم مساهمتها بشكل ملحوظ، وإلى جانبها ألمانيا التي تتردد عندما يتعلق الأمر بالمشاركة في عمليات عسكرية بالخارج حيث امتنعت عن التصويت في مجلس الأمن الدولي. والولايات المتحدة التي تحركت في المشهد الخلفي أثناء التصويت بمجلس الأمن وكانت أقل حماسا من فرنسا وبريطانيا، لم تلبث أن انسحبت مؤخرا من ساحة العمليات. ثم تنضم تركيا، وهي الممثل الأكثر تأثيرا ولكن غير الفاعل على الساحة، التي حذرت مرارا من التدخل المباشر في ما أصبحت حربا أهلية كاملة في ليبيا. وبوصفها عضوا في حلف شمال الأطلسي، فقد حثت تركيا على وقف إطلاق النار وبدء مفاوضات من أجل إنهاء الصراع. كما أن رئيس الوزراء التركي رجب طيب أردوغان حذر من إنشاء أفغانستان أو عراق آخرين، حيث قال في وقت سابق من هذا الشهر "تم قتل مليون شخص وتدمير حضارة عريقة"، وقدم أردوغان خريطة طريق يتصورها العديد أنها الحل العملي الوحيد، حل واحد ينطوي على وقف التصعيد وبدء عملية التحول الديمقراطي بشكل شامل قدر الإمكان، مع عدم إغفال الجرائم التي ربما ارتكبها القذافي ورفاقه. وتقول تايم إنه ربما يكون لهذا الكلام معنى طالما ظل الوضع راكدا، لكن العناد الدموي لنظام القذافي ورفضه وقف تعريض حياة شعبه للخطر سيزيد من تحفيز تدخل الفرنسيين والبريطانيين لشد الطوق على طرابلس ودعم قضية الثوار. وقد لا يطول الأمر كثيرا قبل أن يبدأ "المستشارون" الذين أُرسلوا إلى بنغازي توزيع الأسلحة والمعدات العسكرية على الثوار، هذا إذا لم يكونوا قد بدؤوا بالفعل. وتختتم تايم بالإشارة إلى سؤال ظل قائما منذ سقوط الاتحاد السوفياتي قبل عقدين، فتقول إن التساؤل الأكثر تشاؤما يتعلق بالمأزق الحالي لحلف الناتو، وكما سأل فريد كابلان في مجلة سليت ماغازين ذات مرة "لماذا حلف شمال الأطلسي؟ لماذا لا يزال موجودا؟ هل هو مجرد رمز أم ورقة توت من الشرعية المتعددة الجنسيات يتستر بها الأعضاء عندما يريدون استخدام القوة لمصالحهم الخاصة؟". وتقول المجلة "إن الإجابة على هذا اللغز قد لا تهم المدنيين الذين يسقطون يوميا بسبب القصف في مدينة مصراتة وأماكن أخرى في ليبيا، لكنها ستوضع على المحك في الأشهر القادمة".