الدوريت (كينيا) (رويترز) - تثير محاكمة الرئيس الكيني ونائبه في لاهاي قلق قبيلتيهما بكينيا بغض النظر عن الدم الذي أريق بعد الانتخابات قبل أكثر من خمس سنوات وأعمال العنف التي اتهم الرجلان بتدبيرها. فعندما دخل وليام روتو نائب الرئيس الكيني الى قفص الاتهام في المحكمة الجنائية الدولية يوم الثلاثاء على ان يتبعه الرئيس اوهورو كينياتا في نوفمبر تشرين الثاني عبر أبناء القبيلتين عن مخاوفهم من ان ينكأ سير العدالة جراح الماضي. فلم يفلح فوزهما في انتخابات العام الحالي التي أجريت بسلام في علاج الانقسامات على الأرض بين قبيلة كيكويو التي ينتمي لها كينياتا وقبيلة كالينجين التي ينتمي لها روتو واللتين تنازعتا بعد انتخابات عام 2007 حين أيدتا حملتين متنافستين. وهذا يجعل اقتصاد كينيا الأكبر في شرق افريقيا عرضة للخطر لاسيما في ظل تاريخ طويل من دور ولاء القبائل في ادارة عجلة السياسة أو اذكاء العنف. كما انه يقلق الغرب الذي يرى ان استقرار كينيا حيوي لأمن المنطقة ومكافحة التشدد الاسلامي. وبالنسبة للمحكمة الجنائية الدولية فان محاكمة أول رئيس وهو في سدة الحكم تمثل أكبر اختبار لها حتى الآن في وقت تواجه فيه المحكمة التي تأسست عام 1993 معارضة متزايدة في افريقيا حيث يعتبرها البعض منحازة ولا توجه اتهامات الا للأفارقة. وقالت امرأة تدعى ريجينال موثوني (34 عاما) تعيش قرب مدينة الدوريت في غرب كينيا قرب مكان حرقت فيه أمها ونحو 30 شخصا آخرين من قبيلة كيكويو حتى الموت في كنيسة أضرم فيها النار أناس من قبيلة كالينجين "تحالف كينياتا وروتو أكسبنا بعض الوقت." وأضافت وهي تهديء من روع صغير يبكي على ظهرها "لا ندري ان كان تحالفهما سيستمر بعد المحاكمات". وفي تكريس لحالة عدم وضوح الرؤية أثار تصويت البرلمان في نيروبي يوم الخميس على انسحاب كينيا من نظام روما الذي تأسست بموجبه المحكمة الجنائية الدولية بعض القلق بأن كينيا تسعى لتوفير غطاء سياسي للرجلين ليعلقا مشاركتهما في المحاكمة على الرغم من ان الدبلوماسيين يرون ان مثل هذه الخطوة غير مرجحة من جانب رجلين حضرا جلسات تمهيدية قبل المحاكمة. وسبق لكينياتا (51 عاما) وروتو (46 عاما) أن أكدا انهما سيواصلان التعاون لتبرئة ساحتيهما من التهم الخاصة بارتكاب جرائم ضد الانسانية. يضاف الى ذلك ان اي خطوة كينية للانسحاب من المحكمة ستستغرق عاما لتطبيقها ولن تعلق المحاكمات الحالية. وقال محاضر جامعي في نيروبي يدعى ماتشاريا مونيني "الرجلان يوقنان ان بوسعهما الفوز في المحاكمة. والمحكمة أيضا ذات سجل فقير في الادانات" في اشارة الى ادانتها الوحيدة حتى الآن لزعيم الحرب الكونجولي توماس لوبانجا. وفتر التأييد الجماهيري في كينيا لمحاكمات الجنائية الدولية اذ كشف استطلاع أجراه مركز ايبسوس-سينوفيت في يوليو تموز ان 39 في المئة فقط من الكينيين لا يزالون يرغبون في ان تجرى المحاكمة. وكانت نسبة تأييد المحاكمات 55 في المئة في ابريل نيسان 2012. ويرفض مؤيدو كينياتا المخاوف بأن المحاكمات ستؤدي الى حدوث تصدع في تحالف الرجلين اللذين يتساهلان فيما بينهما على الرغم من اختلاف جذورهما بشكل كبير. وافريقيا بها نموذج لرئيس يتحدى المحكمة الجنائية الدولية هو الرئيس السوداني عمر حسن البشير الصادر في حقه أمر اعتقال بتهم ارتكاب ابادة جماعية في دارفور..الأمر الذ عمق عزلة السودان مع الغرب. لكن قلة يرون ان كينيا قد تسلك نفس الطريق لاسيما وانها تتلقى مساعدات أمريكية وغربية وتعد بوابة تجارية لشرق افريقيا. وقال لودفيك بريت سفير الاتحاد الاوروبي لدى نيروبي لرويترز "سيناريو البشير غير مرجح على نطاق واسع." وعلى الرغم من القلق من اعادة فتح جراح الماضي وتجدد التوتر القبلي فلا يزال عدد غير قليل من الكينيين يؤيدون استمرار محاكمتي كينياتا وروتو. وقالت يوسيلا تشيرونو (43 عاما) وهي من قبيلة كالينجين وتعرضت للاغتصاب من جانب أشخاص يشتبه انهم من قبية كيكويو قرب بلدة نيفاشا أثناء العنف الذي أعقب الانتخابات "هذه المحاكمات يجب ان تستمر." وأضافت يوسيلا التي لا تزال تعرج بسبب مأساتها "لا نريد حصانة لأحد." (إعداد محمد محمدين للنشرة العربية - تحرير محمد هميمي)