واصل تحضيراته في الطائف..منتخبنا يؤدي حصة تدريبية مسائية ويرتاح اليوم    عيساوي: البيضة والحجر    بعد عام من تهجير السكان.. كيف تبدو الخرطوم؟!    ماذا قال دكتور جبريل إبراهيم عن مشاركته في مؤتمر مجموعة بنك التنمية الإسلامي بالرياض؟    دعم القوات المسلحة عبر المقاومة الشعبية وزيادة معسكرات تدريب المستنفرين.. البرهان يلتقى والى سنار المكلف    الصليب الأحمر الدولي يعلن مقتل اثنين من سائقيه وإصابة ثلاثة من موظفيه في السودان    انجاز حققته السباحة السودانية فى البطولة الافريقية للكبار فى انغولا – صور    والي الخرطوم يصدر أمر طواريء رقم (2) بتكوين الخلية الامنية    شاهد.. حسناء السوشيال ميديا أمنية شهلي تنشر صورة حديثة تعلن بها تفويضها للجيش في إدارة شؤون البلاد: (سوف أسخر كل طاقتي وإمكانياتي وكل ما أملك في خدمة القوات المسلحة)    شاهد بالفيديو.. في مشهد خطف القلوب.. سيارة المواصلات الشهيرة في أم درمان (مريم الشجاعة) تباشر عملها وسط زفة كبيرة واحتفالات من المواطنين    شاهد بالصورة والفيديو.. حسناء أثيوبية تخطف قلوب جمهور مواقع التواصل بالسودان بعد ظهورها وهي تستعرض جمالها مع إبنها على أنغام أغنية وردي (عمر الزهور عمر الغرام)    في اليوم العالمي لكلمات المرور.. 5 نصائح لحماية بيانات شركتك    الأمن يُداهم أوكار تجار المخدرات في العصافرة بالإسكندرية    جبريل: ملاعبنا تحولت إلى مقابر ومعتقلات    موعد مباراة الهلال والنصر في نهائي كأس الملك !    مسؤول أميركي يدعو بكين وموسكو لسيطرة البشر على السلاح النووي    سعر الدرهم الإماراتي مقابل الجنيه السوداني ليوم الخميس    سعر الدولار مقابل الجنيه السوداني في بنك الخرطوم ليوم الخميس    سعر الريال السعودي مقابل الجنيه السوداني من بنك الخرطوم ليوم الخميس    ستغادر للمغرب من جدة والقاهرة وبورتسودان الخميس والجمع    السوداني هاني مختار يصل لمائة مساهمة تهديفية    الغرب "يضغط" على الإمارات واحتمال فرض عقوبات عليها    وزارة الخارجية تنعي السفير عثمان درار    العقاد والمسيح والحب    شاهد بالفيديو.. حسناء السوشيال ميديا السودانية "لوشي" تغني أغنية الفنان محمد حماقي و "اللوايشة" يتغزلون فيها ويشبهونها بالممثلة المصرية ياسمين عبد العزيز    محمد وداعة يكتب: الروس .. فى السودان    مؤسس باينانس.. الملياردير «سي زي» يدخل التاريخ من بوابة السجن الأمريكي    «الذكاء الاصطناعي» بصياغة أمريكية إماراتية!    الموارد المعدنية وحكومة سنار تبحثان استخراج المعادن بالولاية    السودان..اعتقال"آدم إسحق"    فينيسيوس يقود ريال مدريد لتعادل ثمين أمام البايرن    أول حكم على ترامب في قضية "الممثلة الإباحية"    تعويضاً لرجل سبّته امرأة.. 2000 درهم    الحراك الطلابي الأمريكي    أنشيلوتي: لا للانتقام.. وهذا رأيي في توخيل    بعد فضيحة وفيات لقاح أسترازينيكا الصادمة..الصحة المصرية تدخل على الخط بتصريحات رسمية    راشد عبد الرحيم: يا عابد الحرمين    تعلية خزان الرصيرص 2013م وإسقاط الإنقاذ 2019م وإخلاء وتهجير شعب الجزيرة 2024م    شاهد بالفيديو.. الفنانة ندى القلعة تواصل دعمها للجيش وتحمس الجنود بأغنية جديدة (أمن يا جن) وجمهورها يشيد ويتغزل: (سيدة الغناء ومطربة الوطن الأولى بدون منازع)    شاهد بالصورة.. بعد أن احتلت أغنية "وليد من الشكرية" المركز 35 ضمن أفضل 50 أغنية عربية.. بوادر خلاف بين الفنانة إيمان الشريف والشاعر أحمد كوستي بسبب تعمد الأخير تجاهل المطربة    بيان جديد لشركة كهرباء السودان    أمس حبيت راسك!    دخول أول مركز لغسيل الكلي للخدمة بمحلية دلقو    شركة توزيع الكهرباء في السودان تصدر بيانا    تصريحات جديدة لمسؤول سوداني بشأن النفط    دخول الجنّة: بالعمل أم برحمة الله؟    الملك سلمان يغادر المستشفى    عملية عسكرية ومقتل 30 عنصرًا من"الشباب" في"غلمدغ"    جريمة مروّعة تهزّ السودانيين والمصريين    بالصور.. مباحث عطبرة تداهم منزل أحد أخطر معتادي الإجرام وتلقي عليه القبض بعد مقاومة وتضبط بحوزته مسروقات وكمية كبيرة من مخدر الآيس    لمستخدمي فأرة الكمبيوتر لساعات طويلة.. انتبهوا لمتلازمة النفق الرسغي    مضي عام ياوطن الا يوجد صوت عقل!!!    إصابة 6 في إنقلاب ملاكي على طريق أسوان الصحراوي الغربي    الطيب عبد الماجد يكتب: عيد سعيد ..    بعد نجاحه.. هل يصبح مسلسل "الحشاشين" فيلمًا سينمائيًّا؟    السلطات في السودان تعلن القبض على متهم الكويت    «أطباء بلا حدود» تعلن نفاد اللقاحات من جنوب دارفور    دراسة: القهوة تقلل من عودة سرطان الأمعاء    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



تورط السودان ومصر في الاتجار بالبشر
نشر في السودان اليوم يوم 16 - 02 - 2014

منذ عام 2009، تم خطف مئات وربما آلاف اللاجئين، ومعظمهم من إريتريا، في شرق السودان وبيعهم للمتجرين بالبشر في شبه جزيرة سيناء المصرية، حيث يتم احتجازهم وتعذيبهم حتى يتمكن أقاربهم من جمع عشرات الآلاف من الدولارات لدفع الفدية. وقد اتهم تقرير أصدرته منظمة هيومان رايتس ووتش في 11 فبراير، قوات الأمن في السودان ومصر إما بغض الطرف عن هذه المتاجرة العنيفة بالرجال والنساء والأطفال، أو في بعض الحالات، بالتواطؤ مع المهربين.
ويوثق التقرير المكون من 79 صفحة اختطاف وتعذيب الضحايا، ويصف كيفية تسهيل ضباط الأمن السودانيين والمصريين لعمليات الاختطاف التي يقوم بها المهربون، أو فشلهم في اتخاذ إجراءات ضدهم. وتزعم هيومان رايتس ووتش أن رجال الشرطة وحرس الحدود على حدود السودان الشرقية مع إريتريا، بالقرب من مدينة كسلا، يعترضون اللاجئين الإريتريين بشكل منتظم ويقومون بتسليمهم إلى المهربين، في حين يسمح مسؤولون أمنيون للمتجرين بالبشر وضحاياهم بالمرور عبر نقاط التفتيش الواقعة بين السودان وقناة السويس في مصر.
وفي تصريح لشبكة الأنباء الإنسانية (إيرين)، قال جيري سيمبسون، كبير الباحثين في شؤون اللاجئين في منظمة هيومان رايتس ووتش وكاتب التقرير: "عندما تفشل السلطات في التصدي للمتجرين أو تساعدهم، تتجاوز القضية مجرد كونها مسألة تتعلق بإنفاذ القانون الجنائي، وتصبح من قضايا حقوق الإنسان. تتعمد الدولتان [السودانية والمصرية] غض الطرف عن نشاط إجرامي ضخم في أحسن الأحوال، وتدعمان جزءاً منه بنشاط في أسوأ الأحوال".
المهربون يصبحون متاجرين
وتقول المفوضية السامية للأمم المتحدة لشؤون اللاجئين أن 300,000 إريتري طلبوا اللجوء خارج بلادهم حتى بداية عام 2013. وقد رحل غالبيتهم بعد عام 2004، فارين من انتهاكات حقوق الإنسان الواسعة النطاق، بما في ذلك الخدمة الإلزامية في القوات المسلحة لأجل غير مسمى، والاعتقال والاحتجاز التعسفي، والقيود الشديدة على حرية التعبير والحركة. ويرحل معظمهم دون الحصول على تصاريح الخروج التي يقتضي القانون الإريتري الحصول عليها، ويخاطرون بالتعرض لعقاب شديد إذا تم القبض عليهم. وفي العقد الماضي، تم تسجيل عشرات الآلاف من الأشخاص كلاجئين في مخيمات في شرق السودان وإثيوبيا، ولكن معظمهم غادروها بسرعة بحثاً عن ظروف وفرص أفضل.
وخلال الفترة من 2006 إلى 2012، استأجر العديد منهم مهربين لمساعدتهم على الوصول إلى إسرائيل عبر شبه جزيرة سيناء المصرية. وفي عام 2009 تقريباً، بدأت تظهر تقارير عن مهربين انقلبوا على عملائهم خلال الرحلة عبر سيناء، واحتجازهم في معسكرات التعذيب لابتزاز مبالغ كبيرة من المال على نحو متزايد من الأقارب الذين يشعرون باليأس. وبحلول نهاية عام 2010، اختطف المتجرون السودانيون إريتريين من داخل مخيمات اللاجئين في شرق السودان أو بالقرب منها وباعوهم لتجار مصريين يعملون في سيناء. وقال معظم الضحايا أنهم لم يقصدوا أبداً الذهاب إلى مصر أو إسرائيل.
وأشارت التقديرات الواردة في تقرير نُشر في ديسمبر 2013 من قبل ثلاثة من ناشطي حقوق الإنسان والباحثين إلى أن عدد ضحايا الاتجار بالبشر والتعذيب في شبه جزيرة سيناء خلال الفترة من 2009 إلى 2013 يصل إلى 30,000 شخص، وأن ما بين 5,000 و10,000 منهم لم ينجوا من محنتهم.
كان يوناثان هابتي*، الذي يبلغ من العمر 28 عاماً، من بين أولئك الناجين. فقد غادر إريتريا في مارس 2012 واختُطف من مخيم الشجراب للاجئين بالقرب من كسلا بعد بضعة أسابيع. وكان قد تلقى تحذيرات بشأن التهديد الذي يشكله الخاطفون في شرق السودان، ولكنه اعتقد أنه سيكون بمأمن داخل المخيم. ولكن في واقع الأمر، بحلول عام 2012، كانت المفوضية تسجل نحو 30 عملية خطف في الأسبوع الواحد داخل مخيمات اللاجئين في شرق السودان وفي محيطها.
محنة الخطف
وأخبر هابتي شبكة الأنباء الإنسانية (إيرين) كيف كان يجمع الحطب في صبيحة أحد الأيام عندما دخلت ثلاث سيارات إلى المخيم، واختطفوه هو ورجلين آخرين. ثم أخذه خاطفوه مع 30 إريترياً آخرين إلى مصر، حيث تم توزيعهم على العديد من المهربين الذين يديرون معسكرات تعذيب بالقرب من الحدود الإسرائيلية.
وأضاف قائلاً: "أرغمونا على الاتصال بعائلاتنا في الوطن مرتين أو ثلاث مرات يومياً، وفي كل مرة كانوا يضربوننا حتى يسمع أفراد عائلاتنا صراخنا".
وبعد أن دفعت عائلته فدية قدرها 3,500 دولار، تم بيع هابتي إلى مهرب آخر طلب 30,000 دولار لإطلاق سراحه. وفي المعسكر الثاني، تم تكثيف التعذيب. تعرض هابتي و12 رهينة آخرين، من بينهم ثلاث نساء كانت إحداهن حاملاً، للضرب باستمرار والتعليق من الكاحلين أو المعصمين لعدة ساعات في كل مرة. وأثناء اتصالاتهم الهاتفية مع أصدقائهم وأقاربهم، كان المتجرون يقطرون البلاستيك المنصهر على جلودهم حتى تضمن صرخاتهم دفع أموال الفدية في أسرع وقت ممكن.
تستمع ميرون إسطفانوس، وهي صحفية وناشطة إريترية تعيش في العاصمة السويدية ستوكهولم إلى صرخات اللاجئين الإريتريين المحتجزين كرهائن في السودان ومصر منذ ثلاث سنوات. وتتلقى مكالمات من اللاجئين وأقاربهم خلال برنامج إذاعي أسبوعي، ثم تبث هذه المكالمات إلى المستمعين. وفي عام 2012، تلقت اتصالاً هاتفياً من قريبتها التي كانت قد اخطتفت بالقرب من كسلا ونُقلت إلى سيناء وطلب خاطفوها 37,000 دولار لإطلاق سراحها.
إذا كنت تستمع إلى قريبتك وهي تتعرض لاغتصاب جماعي أو للحرق - الصرخات والاستجداء... فإنك سترغب فقط في إنهاء تلك المكالمات الهاتفية. ولذلك جمعت المال [من الأصدقاء والأقارب] واقترضت بعضه
وفي حوار مع شبكة الأنباء الإنسانية (إيرين)، قالت إسطفانوس: "إذا كنت تستمع إلى قريبتك وهي تتعرض لاغتصاب جماعي أو للحرق - الصرخات والاستجداء... فإنك سترغب فقط في إنهاء تلك المكالمات الهاتفية. ولذلك جمعت المال [من الأصدقاء والأقارب] واقترضت بعضه".
ولكن، بعد أن أفرج المهربون عن قريبتها، قبض عليها جنود مصريون وتم احتجازها في سجن بشبه جزيرة سيناء لمدة سبعة أشهر. "في البداية لم نكن نعرف مكانها. كنا نظن أن [المتجرين] قتلوها. استغرق الأمر أربعة أشهر للعثور عليها،" كما أفادت إسطفانوس.
يقول تقرير هيومان رايتس ووتش أن القبض على ضحايا الاتجار بالبشر من قبل حرس الحدود المصريين بعد إطلاق سراحهم من قبل المتجرين، ثم احتجازهم لعدة أشهر في مراكز الشرطة في شمال سيناء حتى يتمكنوا من دفع مصاريف السفر إلى إريتريا أو إثيوبيا، أصبح أمراً شائعاً.
وأضاف التقرير أن "السلطات المصرية، في واقع الأمر، تحتجز ضحايا الاتجار كرهائن للمرة الثانية وتعرضهم للاعتقال التعسفي لأجل غير مسمى، حتى يتمكن أقاربهم من توفير المال اللازم لشراء تذكرة السفر، التي تضمن الإفراج عنهم وترحيلهم من مصر". كما يتم حرمان المعتقلين من الحصول على الرعاية الطبية الكافية لإصاباتهم وإجراءات طلب اللجوء.
وقد دفعت إسطفانوس تكاليف رحلة قريبتها إلى إثيوبيا، حيث تلقت علاجاً لحروقها الشديدة في نهاية المطاف، وهي تعيش الآن في مخيم للاجئين.
اختفاء الناجين في سيناء
كان هابتي في حالة صحية حرجة عندما تم الإفراج عنه، ولكنه تجنب الاعتقال وحمله لاجئ إريتري آخر عبر الحدود إلى إسرائيل. وقد أنقذ الأطباء في إسرائيل حياته ولكنهم لم يتمكنوا من إنقاذ يديه، اللتين تحتاجان إلى جراحة ترميمية متقدمة لا يستطيع تحمل تكاليفها.
ومنذ ذلك الحين، أكملت إسرائيل بناء سور يغلق تقريباً حدودها مع مصر. وفي عام 2013، تم اعتراض 36 مهاجراً غير شرعي فقط أثناء محاولتهم عبور الحدود إلى إسرائيل من مصر، مقارنة مع أكثر من 10,000 في عام 2012، قبل تشييد الجدار. وفي عام 2013 أيضاً، شن الجيش المصري هجوماً ضد المتشددين الإسلاميين في شمال سيناء لا يزال مستمراً في عام 2014.
ومن الجدير بالذكر أن تقرير ناشطي حقوق الإنسان الذي صدر في ديسمبر 2013، والذي شاركت إسطفانوس في تأليفه، يشير إلى أن إغلاق طرق الهروب إلى إسرائيل والحملة العسكرية في صحراء سيناء أسفرت عن اختفاء أعداد متزايدة من ضحايا الاتجار وافتراض موتهم بعد دفع الفدية والإفراج عنهم.
يوناثان هابتي: "على الأقل، إذا توفيت لن يستمر هذا العذاب"
في مارس 2012، قرر يوناثان هابتي*، الذي كان يبلغ من العمر في ذلك الوقت 26 عاماً، الفرار من إريتريا حيث كان قد تهرب من الخدمة العسكرية وكان معرضاً للسجن. ونظراً لخبرته في مجال هندسة الكمبيوتر، كان واثقاً من أنه يستطيع بناء حياة جديدة في بلد أفريقي آخر. ولكن بدلاً من ذلك، تم اختطافه بالقرب من الحدود السودانية وتهريبه إلى مصر. التقرير الكامل
ويبدو أن أحد النتائج الثانوية للحملة العسكرية هو تدمير العديد من المنازل المستخدمة من قبل المهربين لاحتجاز ضحاياهم، على الرغم من أن سيمبسون من هيومان رايتس ووتش وإسطفانوس يقولان أن هذا لم يكن الهدف المعلن للعملية.
"لقد أنقذوا حوالي 150 رهينة ذات مرة، وكانت الأشخاص المحتجزين كرهائن مقيدين بالسلاسل مع بعضهم البعض، ولكنهم بعد ذلك وضعوهم في السجن ورحلوهم. لدي صور للمنازل التي تم احتجاز الرهائن فيها، وعدة نسخ من المدفوعات [الفدية]، ولكنها [السلطات المصرية] لم تحاول الاتصال بي أبداً لتسأل عن تلك الأدلة... إنهم غير مهتمين،" كما أوضحت إسطفانوس.
تغيير الطرق
ومنذ بدء الحملة العسكرية في سيناء، تلقت إسطفانوس اتصالات حول احتجاز إريتريين في السودان للحصول على فدية أكثر من تلك التي تلقتها من مصر. وقالت: "لا يزال يجري نقل بعضهم إلى سيناء، ولكن الأمر أصبح أكثر صعوبة الآن بسبب العملية العسكرية".
في الوقت نفسه، تتجنب أعداد متزايدة من الإريتريين السفر إلى مصر وإسرائيل، ويحاولون الوصول إلى أوروبا عبر ليبيا بدلاً من ذلك، رغم ما يشمله ذلك من مخاطر أثناء عبور الصحراء والبحر الأبيض المتوسط. وقد أعلنت إيطاليا مؤخراً عن إحصاءات تبين أن ما يقرب من 10,000 إريتري وصلوا إلى شواطئها في عام 2013، أي بزيادة قدرها 400 بالمائة عن العام السابق. كما شكل الإريتريون غالبية الضحايا عندما غرق قارب يحمل أكثر من 350 مهاجراً قبالة سواحل جزيرة لامبيدوسا في أكتوبر 2013، وكان من بينهم 12 من الناجين من معسكرات التعذيب في سيناء، حسبما ذكرت إسطفانوس.
وفي سياق متصل، اتهم تقرير منظمة هيومان رايتس ووتش كل من السودان ومصر بالتقاعس عن اتخاذ الإجراءات اللازمة لوقف الاتجار بالبشر وسوء معاملة اللاجئين الإريتريين. ومع ذلك، قالت كيارا كاردوليتي-كارول مساعدة ممثل مفوضية الأمم المتحدة لشؤون اللاجئين في السودان، أن الحكومة السودانية اتخذت عدداً من الخطوات المهمة في عام 2013 لمنع عمليات الخطف وملاحقة المتجرين، بما في ذلك المصادقة على مبادرة مشتركة بين المفوضية والمنظمة الدولية للهجرة (IOM) لمكافحة الاتجار بالبشر.
وأشارت إلى أن نشر قوة الطوارئ السريعة خارج مخيمات اللاجئين بالقرب من كسلا، وزيادة دوريات الشرطة حول المخيمات، نجحت في ردع المتجرين. وفي تصريح لشبكة الأنباء الإنسانية (إيرين) ، قالت: "لم نشهد حادث اختطاف واحد من المخيمات في شرق البلاد منذ فبراير 2013، مضيفة أن حالات الاتجار التي تم إبلاغها للمفوضية من خلال الخدمات الاستشارية التي تقدمها للضحايا شهدت انخفاضاً كبيراً أيضاً.
وأكدت أن الطرق التي يسلكها اللاجئون الإريتريون قد تغيرت، وأصبح عدد أكبر منهم يتجه إلى العاصمة السودانية الخرطوم التي أصبحت نقطة انطلاق إلى ليبيا. لقد أصبحت الخرطوم الآن "بورة" لنشاط المهربين والمتجرين بالبشر.
وتجدر الإشارة إلى أن التعاون الإقليمي بشأن هذه القضية، لاسيما بين السودان ومصر، لا يزال مفقوداً. وقالت كاردوليتي-كارول: "على هذا الصعيد، أشعر أن أمامنا شوطاً طويلاً ينبغي علينا قطعه".
* ليس اسمه الحقيقي
ks/he-ais/dvh
يوناثان هابتي، ناج من الاتجار بالبشر: "على الأقل، إذا توفيت لن يستمر هذا العذاب"
في مارس 2012، قرر يوناثان هابتي*، الذي كان يبلغ من العمر في ذلك الوقت 26 عاماً، الفرار من إريتريا حيث كان قد تهرب من الخدمة العسكرية وكان معرضاً للسجن. ونظراً لخبرته في مجال هندسة الكمبيوتر، كان واثقاً من أنه يستطيع بناء حياة جديدة في بلد أفريقي آخر. ولكن بدلاً من ذلك، تم اختطافه بالقرب من الحدود السودانية وتهريبه إلى مصر، حيث بالكاد نجا بحياته بعد قضاء ثلاثة أشهر في معسكرين مختلفين في منطقة سيناء التي لا تخضع لسيطرة القانون، بالقرب من الحدود الإسرائيلية. وتحدث إلى شبكة الأنباء الإنسانية (إيرين) عبر الهاتف من السويد قائلاً.
"كانت خطتي لا تتعدى مغادرة إريتريا في أسرع وقت ممكن. فبعد انتهاء الدراسة الجامعية، من المفترض أن تنضم إلى الجيش، لكنني رفضت. كنت أعمل في العاصمة بشكل غير قانوني لأنني لم أكن أحمل تصريحاً. وكان عدد قليل من أصدقائي قد اختفوا واعتقدت أنني سأكون التالي. كانت خطتي مجرد الخروج من هناك، بغض النظر عن الوجهة، ولكن بما أنني ولدت في السودان، ويمكنني أن أتحدث العربية، قررت أن أذهب إلى هناك.
كنت أعرف مخاطر الاختطاف، ولهذا السبب لم ألجأ إلى مهرب واخترت الاعتماد على نفسي وعلى بعض أصدقائي. عندما وصلنا بالقرب من كسلا [في شرق السودان]، حاول بعض الرشايدة (رجال القبائل المحلية) الامساك بنا، ولكننا كنا ستة رجال وقاومناهم. ثم نقلتنا [السلطات] من كسلا إلى مخيم الشجراب للاجئين.
كان الأمن مفقوداً هناك. كان الرشايدة قادرين على القدوم والرحيل كما يحلو لهم، وكان حراس الأمن فاسدين حتى أنهم كانوا يتعاونون معهم. وبعد ثلاثة أسابيع، وبينما كنت أجمع الحطب مع رفاقي في السكن في صبيحة أحد الأيام داهم [الرشايدة] المخيم.
جاءوا في ثلاث سيارات وتمكنوا من الامساك بي وبرجلين آخرين. ضربونا، بطبيعة الحال، وأخذونا إلى مكان ما شمال كسلا، حيث انضم إلينا إريتريون آخرون كانوا قد اختطفوهم.
ثم انتقلوا بنا شمالاً حيث انضم إلينا المزيد من الإريتريين. وبعد بضعة أيام كان لديهم عدد كاف من الناس لتكوين "دفعة"، وبدؤوا رحلة نقلنا. وقالوا أنهم سيرسلوننا إلى إسرائيل.
أرسلوني مع حوالي 30 شخصاً آخرين إلى سيناء. وعند الحدود، سلمونا إلى بعض المصريين الذين كانوا على متن قارب صغير لتوصيلنا عبر النيل إلى مدينة تسمى أسوان. ثم استخدموا شاحنة كبيرة لنقل الدواجن لتقلنا عبر قناة السويس. وبمجرد دخولنا إلى سيناء، تم توزيعنا على المهربين، وأخذوني مع 12 آخرين إلى معسكر التعذيب حيث طلبوا 3,500 دولار [لإطلاق سراحي].
أرغمونا على الاتصال بعائلاتنا في الوطن مرتين أو ثلاث مرات يومياً، وفي كل مرة كانوا يضربوننا حتى يسمع أفراد عائلاتنا صراخنا. ساهم بعض الأصدقاء والأقارب في جمع 3,500 دولار، وبمجرد الانتهاء من تحويل النقود، وضعونا في سيارة وباعونا لمهرب آخر. ثم طلب هذا الرجل 30,000 دولار. قال أنه دفع مبلغاً كبيراً لشرائنا وأنه يتوقع تحقيق ربح.
كان المعسكر الثاني أسوأ حالاً. لا يعطونك الكثير من الطعام، مجرد قطعة واحدة من الخبز طوال اليوم فتصبح ضعيفاً للغاية ويستمرون في ضربك كل يوم. كانوا يتناوبون على ضربنا. وكان الضرب يزداد أثناء الاتصال بالوطن، ولكنه كان مستمراً. كان معنا ثلاث نساء وكانت إحداهن حاملاً، ومع ذلك استمروا في ضربها.
كانوا يضربوننا بالسياط ويعلقوننا من أقدامنا، أو معاصمنا، ويقطرون البلاستيك المنصهر على أجسادنا. وبعد نحو أسبوع، توفي أحد الأشخاص الذين اختطفوا معي. وأنا نفسي كنت في حالة سيئة للغاية. كانوا قد كسروا معصمي في المعسكر الأول، وأحكموا ربط سلسلة على كاحلي حتى انغرست في جسدي. كان نظري في حالة سيئة وكنت لا أكاد أستطيع الوقوف.
ولأن إشارة [الهاتف الخليوي] الإسرائيلية كانت لا تزال تعمل في منطقة سيناء، كانوا يجعلونك تتصل بأي إريتري تعرفه في إسرائيل لكي يرسل إليك رصيداً [للهاتف الخليوي] حتى يتسنى إجراء مكالمات دولية. وبمجرد حصولك على رصيد، يجعلونك تتصل بالوطن كل يوم، و[بالأهل والأصدقاء في] أوروبا والولايات المتحدة، لا يهمهم المكان الذي تتصل به. كل ما يهمهم هو الحصول على أموالهم.
لم أكن أتوقع أن تتمكن عائلتي من جمع 30,000 دولار، ولذلك فقدت الأمل. وحاولت الانتحار عن طريق قطع وريدي بسلك، ولكنه كان قديماً ويكسوه الصدأ ولذلك لم تنجح محاولتي. كان أحد المترجمين إريترياً وطلبت منه أي نوع من السموم لكي تساعدني على الموت، لكنه رفض. كنت اتخيل أمي وهي تتلقي تلك المكالمات ولكنها لا تملك المال المطلوب لدفعه، ولا تعرف ماذا تفعل. على الأقل، إذا توفيت، لن يستمر هذا العذاب لشهور طويلة.
مكثت هناك لمدة ثلاثة أشهر وكنت ضعيفاً جداً في تلك المرحلة حتى أنني كنت فاقد الوعي معظم الوقت، وكنت أهذي. وعندئذ تمكن أصدقائي وأقاربي من جمع مبلغ 30,000 دولار. لقد حذرتهم من دفع سنت واحد إلا إذا سمعوا صوتي لأنني كنت أتوقع أن أموت في أي يوم، ولكنهم في نهاية المطاف جمعوا المال وأرسلوه عن طريق حوالة نقدية.
كنت ضعيفاً لدرجة عدم القدرة على المشي. وكانت يداي قد تعرضتا لتلف بالغ في ذلك الوقت لأنهم علقوني لفترة طويلة جداً من معصمي. وفقدت الإحساس في يدي وكان اللحم قد بدأ يتساقط من عظامي في كلتا يدي. أعطوني لرجل بدوي آخر كان مسؤولاً عن عبوري من مصر إلى إسرائيل.
لم يكن قاسياً مثل الآخرين، بل حاول أن يساعدني ونصحني بالبقاء في سيناء لبضعة أسابيع حتى أستعيد قوتي قبل عبور الحدود، لكنني رفضت. فأرسلني مع حوالي 150 لاجئاً آخراً، معظمهم من الإريتريين وبعض السودانيين. حاولت أن أمشي، ولكنني انهرت بعد بضعة أمتار وحملني الآخرون بقية الطريق.
تمكنا من الوصول إلى إسرائيل وبمجرد أن قابلنا بعض الجنود، أرسلوني إلى المستشفى حيث مكثت لمدة ثلاثة أشهر. اتصلت بعائلتي وأخبرتهم أنني على قيد الحياة، ولكنني لم أخبرهم عن إصابة يدي. لقد فقدت معظم أصابعي، ولا استطيع تحريك الأصابع الباقية كثيراً، ولذلك فإنها عديمة الجدوى إلى حد كبير. أخبروني أنهم فعلوا كل ما في وسعهم، ولكنني بحاجة إلى عملية جراحية أكثر تعقيداً.
أرسلوني إلى مأوى في بتاح تكفا، [شرق تل أبيب]، وبقيت هناك لمدة سنة وبضعة أشهر. كان ينتابني شعور فظيع، وعلى الرغم من أنني كنت سعيداً بكوني على قيد الحياة، فإنني شعرت بأنه ربما كان من الأفضل أن أموت، لأنني الآن أعتمد على الآخرين. لقد اعتمدت دائماً على نفسي وكرهت أن أطلب المساعدة من الآخرين، والآن أجد نفسي في هذا الموقف. وكأن التعذيب الذي تعرضت له في سيناء يتكرر مرة أخرى.
في إسرائيل، كانوا يعتبرون الأشخاص مثلي متسللين، بغض النظر عن عدد المرات التي رويت فيها ما حدث لي. لم تكن لدينا فرصة لتقديم طلب لجوء فور وصولي، وقانون مكافحة التسلل يسمح للحكومة باعتقال أي شخص لمدة تصل إلى ثلاث سنوات. وهذا ما أصابني بالاكتئاب حقاً، لأنني كنت ضحية، ولكنهم عاملوني كمجرم.
أردت أن أرحل ولكن لم يكن لدي جواز سفر، ولا أستطيع أن أذهب إلى السفارة الإريترية لأنني عارضت الحكومة قبل الفرار. ولم يكن لدي مال أيضاً. لا تزال عائلتي مثقلة بديون ضخمة، ولا تكاد تستطيع البقاء على قيد الحياة، ناهيك عن مساعدتي.
كنت أتحدث إلى العديد من الصحفيين حول ما حدث لي، وبهذه الطريقة التقيت ببعض الناشطين الذين جاءوا إلى إسرائيل مع وفد في عام 2013. ووجهوا لي دعوة للتحدث أمام البرلمان الأوروبي فوافقت. وهكذا، جئت أنا وصديقي إلى بروكسل في ديسمبر [2013].
قررنا المجيء إلى السويد، ونحن الآن في خضم عملية التماس اللجوء. يبدو أن هذا فصل جديد في حياتي. أريد إجراء عملية جراحية ليدي. لقد أنعم الله علي بطريقة ما، لأنني حتى عندما كنت في إسرائيل، قابلت بعض الأفراد الذين أرادوا مساعدتي، ولذلك فإنهم يحاولون جمع 200,000 دولار [لدفع تكاليف عملية جراحية]. لدي بعض المتبرعين في ألمانيا. فكرت في طلب اللجوء هنا أولاً، ومن ثم الذهاب لإجراء الجراحات إما في ألمانيا أو في الولايات المتحدة".
*ليس اسمه الحقيقي
ks/he-ais/dvh
حقوق الطبع والنشر © شبكة الأنباء الإنسانية "إيرين" 2011. جميع الحقوق محفوظة.
تأتيكم هذه المادة من قبل شبكة الأنباء الإنسانية (إيرين)، الخدمة الإخبارية التابعة لمكتب الأمم المتحدة لتنسيق الشؤون الإنسانية (أوتشا). ولا تعكس الآراء الواردة في هذا المقال بالضرورة وجهات نظر منظمة الأمم المتحدة أو الدول الأعضاء فيها. كما أن الحدود والأسماء والتسميات المستخدمة على الخرائط الواردة في هذا الموقع والروابط المحيلة على مواقع خارجية لا تعني إقراراً أو قبولاً رسمياً من قبل الأمم المتحدة. تخضع إعادة نشر أو استخدام المعلومات الواردة على موقع الشبكة لأحكام حقوق الطبع والنشر لشبكة الأنباء الإنسانية (إيرين) الواردة على: حقوق الطبع والنشر لشبكة الأنباء الإنسانية "إيرين"
لا يمكن الرد على هذا البريد الإلكتروني. للاتصال بنا:[email protected]
لتعديل أو إلغاء الاشتراك: http://arabic.irinnews.org/subscription.aspx


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.