بولندا تقر بإقامتها سجنا أميركيا سريا على أراضيها، وتقارير تكشف ان 'سي آي إيه' مارست أساليب عنيفة داخل معتقلاتها عبر العالم. العرب سجناء في غوانتنامو أحد أشهر المعتقلات الأميركية سيئة السمعة وارسو/واشنطن- تعيش الولاياتالمتحدة الأميركية أحلك أيامها وذلك على وقع عاصفة من الاستنكار الدولي، غير المسبوق أثاره تقرير حول استخدام وكالة الاستخبارات الأميركية أساليب وحشية قاسية في تعذيب السجناء في معتقلاتها والمشتبه في علاقتهم بالإرهاب خلال عمليات الاستجواب لانتزاع معلومات منهم. اعترف رئيس بولندا السابق ألكسندر كواسنيفسكي لأول مرة، أمس الخميس، بأن وكالة الاستخبارات المركزية الأميركية، أقامت سجنا سريا في بلاده، وفق تقارير. وأشار كواسنيفسكي الذي تولى الرئاسة في بلاده بين 1995 و2005 إلى أنه عندما كان رئيسا مارس ضغطا على واشنطن، لإنهاء عمليات التحقيق الوحشية التي كانت تمارسها "سي آي إيه" في سجن سري أقيم في بولندا العام 2003. وقال في مؤتمر صحفي في وارسو "أخبرت جورج دبليو بوش أن هذا التعاون يجب أن ينتهي، وقد انتهى"، لكن الرئيس البولندي السابق لم يذكر بالتحديد اين تمت إقامة ذلك السجن السري. ويأتي هذا بعد أيام قليلة من كشف مجلس الشيوخ الأميركي عن تقرير يفيد بأن جهاز الاستخبارات الأميركية استخدموا أساليب متنوعة من التعذيب أثناء التحقيق مع المشتبه بأنهم من القاعدة وحركة طالبان. ألكسندر كواسنيفسكي: الاستخبارات الأميركية أقامت سجنا سريا في بولندا وقد لفت الرئيس البولندي السابق إلى أن بوش أصر على أن الطرق التي تستخدمها الوكالة لها فوائد تتعلق بالأمن القومي، موضحا أن واشنطن كانت تقوم بنشاطات بسرية تامة أثارت قلق بلاده حينها. وكانت المحكمة الأوروبية لحقوق الإنسان انتقدت السلطات البولندية في، يوليو الماضي، لتواطئها في التعذيب على أراضيها لشخص سعودي وآخر فلسطيني أرسلا لاحقا إلى معتقل غوانتنامو أسوأ سجن أميركي في الخارج (كوبا). وتواجه الولاياتالمتحدة الأميركية انتقادات لاذعة من المجتمع الدولي بسبب التقرير الذي فضح وحشية أساليب استخباراتها المعتمدة في انتزاع اعترافات من المعتقلين بطرق فيها الكثير من الانتهاكات للحرمات الجسدية. لندن تعتزم إجراء تحقيق حول دور مخابراتها في التعذيب لندن – قال نيك كليج نائب رئيس الوزراء البريطاني، أمس الخميس، إنه سيؤيد فتح تحقيق فيما إذا كانت المخابرات البريطانية قد شاركت في وقائع تعذيب للمشتبه في صلاتهم بالإرهاب قامت بها وكالة الاستخبارات الأميركية، بحسب "رويترز". وقال كليج في تصريحات صحفية لإذاعة "أل بي سي" "إنني مثل الجميع أريد الحقيقة، لم ولن ولا يمكن تحت أي ظرف أن تستخدم الوكالات البريطانية التعذيب أو أن يحدث بأوامر منا بالطبع". وقرن كليج إجراء تحقيقات بريطانية عن دور استخبارات بلاده بفشل تحقيقات أخرى من المرجح القيام بها في دول غربية في كشف حقيقة الأساليب المهينة التي تعرض لها السجناء في المعتقلات الأميركية على خلفية قيامهم بعمليات إرهابية. وعلى الرغم من تأكيدات المسؤول البريطاني بأن ضباط المخابرات البريطانية لم يشاركوا في التعذيب، إلا أن هناك مزاعم بأن عددا منهم كانوا على علم بارتكاب السلطات الأميركية وغيرها بانتهاكات قسرية ضد المعتقلين، على حد قوله. ويتهم جهازا المخابرات الداخلية "إم آي 5" والخارجية "إم آي 6" في بريطانيا منذ سنوات بالتواطؤ في إساءة معاملة من يشتبه أنهم إسلاميون متشددون اعتقلوا على خلفية أعمال إرهابية قاموا بها، وهو ما يتعارض بلا شك مع معاهدات حقوق الإنسان الدولية في هذا الجانب. ونفى مسؤولو الجهازين مرارا استخدامهم لأساليب التعذيب للحصول على معلومات، كما تمسك وزراء بعدم علمهم بإرسال مشتبه بهم إلى الخارج لتعذيبهم. لكن تحقيقا ترأسه القاضي المتقاعد بيتر جيبسون خلص العام الماضي إلى أن المخابرات البريطانية كانت على دراية بإساءة السلطات الأميركية معاملة السجناء. ويرى مراقبون أن لندن متخوفة من أن تكون لأجهزتها الاستخباراتية علاقة بما كانت تفعله نظيرتها في واشنطن وهو ما قد يجعلها تحت المساءلة القانونية الدولية إذا ما ثبت تورطها في تعذيب السجناء لذلك فهي تحاول عبر إجراء تحقيق إلى إزالة سحابة الشكوك التي تحوم حول تلك العمليات. ورغم أن سمعة الوكالة الأميركية تلقت ضربة قوية مع التفاصيل المقلقة التي تضمنها التقرير حول معاملة المعتقلين وتضليل البيت الأبيض والكونغرس، إلا أن العديد من الخبراء والمحللين، أشاروا إلى أن "سي آي ايه" ستظل قوة أساسية على صعيد التجسس وجمع المعلومات في العالم. وأوضحوا أنه يبقى من المستبعد أن تؤدي هذه الفضيحة المدوية إلى تغيير الأولويات بالنسبة إلى الوكالة التي تعتمد عليها الولاياتالمتحدة ولاسيما إداراتها المتعاقبة في ملاحقة المطلوبين الذي يشكلون خطرا على الأمن القومي الأميركي بالدرجة الأولى. وفي هذا الصدد، قال، وليام بنكس، خبير الاستخبارات ومدير معهد الأمن القومي ومكافحة الإرهاب في جامعة "سيراكيوز" لوكالة الصحافة الفرنسية أن "إدارة أوباما والإدارات القادمة ستعتمد دون شك على وكالة الاستخبارات المركزية في جمع المعلومات وعمليات مكافحة الإرهاب في كل أنحاء العالم". ومع أن، ديان فينستين، رئيسة لجنة الاستخبارات في مجلس الشيوخ الأميركي التي أعدت التقرير اعتبرت أن أفعال عناصر استخبارات بلادها تعتبر وصمة عار على قيم وتاريخ أميركا، إلا أن غالبية أعضاء الكونغرس يؤيدون هذه العمليات السرية التي تعتبر أساسية في مكافحة من تصفهم ب"الأعداء" وخصوصا تنظيم "داعش". وتشدد "سي آي ايه" على أن تقنيات الاستجواب المشددة التي اعتبرتها، فينستين، أن لا فائدة ترجى منها، أتاحت انتزاع معلومات حاسمة لتحديد أهدافها. وحسب الوثيقة، فإن وكالة الاستخبارات المركزية لم تبلغ الرئيس الأميركي السابق، بوش الابن، إلا في الثامن من أبريل العام 2006 بأمر برنامجها السري الذي طبقته على 119 مشبوها بالإرهاب اعتقلتهم في سجون سرية أطلق عليها اسم "المواقع السوداء" أقيمت في دول أخرى لم يتم تحديدها. وذكرت تقارير إعلامية، في وقت سابق، أن وكالة الاستخبارات الأميركية أقامت سجونا سرية في كل من ليتوانيا وبولندا ورومانيا وتايلاندا وأفغانستان لاستجواب المعتقلين. يذكر أن تقرير مجلس الشيوخ الأميركي لم يورد اسم أية دولة استضافت مراكز استجواب لوكالة الاستخبارات الأميركية.