النظام السوداني قد يلجأ إلى جلب متطرفين إلى غرب البلاد، بغية حسم المعركة التي يخوضها ضد المتمردين. العرب الحرب في دارفور تشرد آلاف المدنيين الخرطوم - حذّر خبراء الأممالمتحدة من أن الأراضي النائية في غرب السودان قد تصبح مرتعا للإسلاميين المتشددين مع احتدام العنف في إقليم دارفور الذي يمزقه الصراع إلى حد مثير للقلق. ويشهد إقليم دارفور صراعا داميا منذ 2003، بين حركات غير عربية متمردة والقوات الحكومية المدعومة بميليشيات عربية، على غرار الجنجويد، على خلفية التفرقة العنصرية التي يمارسها النظام السوداني في هذا الإقليم وغيره من أقاليم السودان. وقد صعّد النظام السوداني خلال الأشهر الأخيرة في عملياته العسكرية ضد من يصفهم ب"المتمردين" في خطوة تهدد مفاوضات السلام الجارية بينه وبين الحركات المناوئة له في الإقليم. ويأتي هذا التصعيد على خلفية التقارب الملموس حديثا بين الحركات المسلحة والمعارضة السياسية السودانية التي تطالب بضرورة إسقاط نظام البشير، متهمة إياه بتعميق الشرخ العرقي والطائفي في السودان من خلال فرض قوانين وممارسات تتناقض والتركيبة المجتمعية المتنوعة للبلاد. ويخشى الخبراء والمتابعون أن يعمد النظام السوداني إلى استجلاب متطرفين إلى غرب البلاد، بغية حسم المعركة التي يخوضها ضد المتمردين في هذا الجزء من البلاد، بعد أن فشلت قواته والميليشيات التي تدعمه في حسمها. وتتعزز هذه المخاوف من تحول دافور إلى أرض خصبة ومحتملة للراديكاليين الإسلاميين بالنظر إلى حدودها المليئة بالثغرات والتضامن العائلي عبر الحدود بين القبائل السودانية و(أبناء عمومتهم) الأفارقة المنحدرين من أصل عربي في جمهورية أفريقيا الوسطى وليبيا ومالي والنيجر. وأشار الخبراء في الأممالمتحدة إلى أنهم لم يستطيعوا بعد تحديد حجم هذا التهديد الإرهابي. يذكر أن النظام السوداني الذي ولد من رحم جماعة الإخوان المسلمين، والذي تحكمه خلفية فكرية متشددة، تظهر من خلال فرضه بالقوة للشريعة الإسلامية على السودانيين، كان له تاريخ طويل مع التنظيمات المتطرفة، على غرار تنظيم القاعدة، حيث احتضن هذا النظام في أوائل التسعينات إلى 1996 زعيم التنظيم المتطرف أسامة بن لادن الذي قتل في أبوت آباد بباكستان في 2011. وقد كانت الخرطوم آنذاك معقل التنظيمات الإسلامية، باعتبارها كانت تشكل لهم البيئة الأمنية المناسبة لعقد الاجتماعات ورسم المخططات. وقد بدأ منها بن لادن مساره الدعوي ونشر أفكاره المتطرفة وتركيز اللّبنات الأولى لتنظيمه. ولكن هذا الوضع لم يستمر طويلا بسبب التضييقات الدولية على الخرطوم، التي باتت متهمة آنذاك برعاية الإرهاب واحتضانه، فلم يكن هناك من بدّ إلى مغادرة رموز الجماعات المتطرفة للبلاد، إلاّ أن النظام السوداني ظل على صلة وطيدة بهم. وهو ما جعل المخابرات الأميركية تلجأ إليه في معظم الأحيان لمعرفة تحركات هؤلاء، وقد سرّب مؤخرا تقرير عن اجتماع بين القيادات العسكرية والمخابراتية للنظام السوداني تحدثوا فيه عن كيفية توظيفهم لملف المتطرفين وللمعلومات التي يمتلكها السودان لابتزاز واشنطن والإبقاء على خيط رفيع معها. إلى ذلك تطرّق تقرير خبراء الأممالمتحدة للمناخ الأمني عبر ليبيا والساحل والشرق الأوسط الذي تدهور بسبب "قلاقل الإسلاميين الراديكاليين" وأثاروا مخاوف بشأن بيانات عن دعم الخرطوم للمتطرفين في ليبيا. وكانت حكومة عبدالله الثني الليبية قد اتهمت في أكثر من مرة النظام السوداني بدعم المتشددين في هذا البلد. وذكرت الحكومة الليبية أن الخرطوم متورطة في إرسال عدة شحنات أسلحة عبر الجو لجماعة فجر ليبيا الإسلامية وغيرها من التنظيمات والجماعات المتشددة. وأثار التقرير أيضا مخاوف بشأن تداعيات الحرب الأهلية في جنوب السودان الذي انفصل عن السودان في 2011. وكان جنوب السودان قد اتهم سابقا الخرطوم بدعم المتمردين. وعن الوضع الإنساني في دارفور لفت التقرير إلى "نمط من الاستهداف المتعمد أو الهجمات العشوائية على المدنيين الموالين بشكل فعلي أو متصور لجماعات المعارضة المسلحة من قبل النظام"، بالإضافة إلى "هجمات متفرقة من قبل قوات المتمردين على الذين يعتقد أنهم يدعمون الحكومة". وقال التقرير إن "آثار ذلك أسفرت عن تدمير 3324 قرية في دافور خلال فترة الخمسة أشهر التي قامت بمسحها سلطة دارفور الإقليمية من ديسمبر 2013 إلى أبريل 2014". وأشار التقرير أيضا إلى تشرد عدد كبير من الناس في المنطقة. وذكر مكتب الأممالمتحدة لتنسيق الشؤون الإنسانية أن نحو نصف مليون شخص أصبحوا مشردين جددا العام الماضي في دارفور.