نظام البشير للقاهرة: إذا لم ترضخ لحل قضية حلايب وشلاتين بالتفاوض المباشر سوف نلجأ إلى التحكيم الدولي. العرب [نُشر في 19/04/2016، العدد: 10250، ص(2)] وما خفي أعظم القاهرة - تجددت أزمة مثلث حلايب وشلاتين بين مصر والسودان، وخيّر نظام الخرطومالقاهرة بين التفاوض أو اللجوء إلى التحكيم الدولي. ويحاول نظام الرئيس السوداني عمر البشير استغلال حالة الغضب لدى بعض القطاعات المصرية على خلفية إعادة جزيرتي تيران وصنافير إلى المملكة العربية السعودية، لفرض أمر واقع، ظنا منه أن الفرصة مواتية لحسم الموقف من المثلث الحدودي المتنازع عليه منذ عقود. وصعّدت الخرطوم في بيان صحافي مساء الأحد، ضد القاهرة، قائلة "إذا لم ترضخ لحل قضية حلايب وشلاتين بالتفاوض المباشر أسوة بما تم مع السعودية، سوف نلجأ إلى التحكيم الدولي، واتخاذ ما يلزم من إجراءات وترتيبات تصون الحقوق السودانية السيادية الراسخة". وقابل الوعيد السوداني رد حاسم من الخارجية المصرية التي أصدرت بيانا مقتضبا، قالت فيه "حلايب وشلاتين مصرية، وتحت السيادة المصرية، ولن نرد على السودان بأكثر من ذلك". ويمثل النزاع المصري- السوداني حول المثلّث أحد أسباب التوتّر بين البلدَين، إذ تتجدّد لغة التصعيد بينهما وسط عدم توفّر حلول دبلوماسيّة حقيقيّة لمعالجة هذا الملف المؤجّل منذ تفجره في عهد الرئيس المصري الراحل جمال عبدالناصر واستقلال السودان في العام 1956. ويرى مراقبون أن الرئيس السوداني عمر البشير يحاول أن يغطي على أزمات بلاده الداخلية، ويتودد إلى معارضيه ويرسل لهم رسائل مضمونها أنه يحافظ على الأرض. في حين، ذهب آخرون إلى أن الخرطوم تحاول استغلال الانقسام المصري حول تسليم جزيرتي تيران وصنافير للسعودية، بممارسة ضغوط تصورت الخرطوم أن القاهرة في لحظة ضعف ويمكن أن تستجيب لتقديم تنازلات جغرافية. وقال الباحث السوداني حيدر إبراهيم علي، ل"العرب" إن النظام السوداني يحاول استغلال الانقسام الموجود داخل مصر لتحقيق مكاسب متعددة، أهمها إمكانية رضوخ نظامها في هذه المرحلة والجلوس للتفاوض حول مثلث حلايب وشلاتين. وأضاف أن نظام عمر البشير يصعّد ضد مصر، لأجل أن يحقق نجاحا أيضا في تقسيم المعارضة السودانية، ثم السعي إلى ضم بعض ممثلي الأحزاب للمشاركة مع الحكومة في الضغط على مصر، لاسترداد المنطقة المتنازع حولها، على طريقة "كيف تهاجمون نظاما يسعى لاستعادة أملاكه". وأشار إلى أن لهجة الخرطوم كشفت عن خبايا التوتر الموجود بين البلدين، وكان الطرفان يحاولان إخفاءه، ما يشي بالمزيد من الصدام، إذا ارتكن الطرفان إلى التفاوض بشأن بعض القضايا العالقة. ومنذ الإطاحة بحكم جماعة الإخوان المسلمين اتخذت القاهرة خطوات غير مسبوقة لتأكيد ملكيتها للمثلث، أبرزها القرار بأن تكون جميع الكتب الدراسية مرسومة على أغلفتها خارطة مصر متضمنة مثلث حلايب وشلاتين. وفي الانتخابات الرئاسية والبرلمانية، أصرت الحكومة المصرية على وجود لجان انتخابية في حلايب وشلاتين، الأمر الذي تسبب في أزمة داخل البرلمان السوداني. مصر ترفض أي تفاوض مع السودان حول حلايب وشلاتين الخرطوم 18 أبريل 2016 رفضت القاهرة، مساء الأحد، طلب الخرطوم التفاوض المباشر حول منطقة "حلايب وشلاتين"، المتنازع عليها بين البلدين منذ عقود، أو اللجوء إلى التحكيم الدولي. JPEG - 4.9 كيلوبايت حلايب والحدود السودانية المصرية وقال المتحدث باسم وزارة الخارجية المصرية أحمد أبو زيد،، في بيان مقتضب، إن "حلايب وشلاتين أراضٍ مصرية، وتخضع للسيادة المصرية، وليس لدى مصر تعليق إضافي على بيان الخارجية السودانية". وقالت الخارجية السودانية، في بيان صحفي نشرته وكالة السودان للأنباء، يوم الأحد: "ظلت وزارة الخارجية تتابع الاتفاق بين مصر والسعودية لعودة جزيرتي تيران وصنافير للمملكة العربية السعودية وذلك قبل وأثناء وبعد الاتفاق؛ إذ أن الاتفاق المبرم يعني السودان لصلته بمنطقتي حلايب وشلاتين السودانيتين، وما يجاورهما من شواطئ". وأكدت الخارجية السودانية حرصها الكامل على المتابعة الدقيقة لاتفاق إعادة ترسيم الحدود البحرية المصرية السعودية، الذي لم تعلن تفاصيله بعد "وذلك للمحافظة على حقوق السودان كاملة غير منقوصة، والتأكد من أن ما تم من اتفاق لا يمس حقوق السودان السيادية والتاريخية والقانونية في منطقتي حلايب وشلاتين". ودعا البيان مصر إلى الجلوس للتفاوض المباشر لحل هذه القضية أسوة بما تم مع السعودية، أو اللجوء إلى التحكيم الدولي؛ كما حدث في إعادة إسرائيل منطقة طابا شمال شرقي مصر للسيادة المصرية. ويتطلب التحكيم الدولي أن تقبل الدولتان المتنازعتان باللجوء إليه، وهو الأمر الذي ترفضه مصر بشان حلايب وشلاتين. ورغم نزاع البلدين على المنطقة منذ استقلال السودان في 1956، إلا أنها كانت مفتوحة أمام حركة التجارة والأفراد من البلدين من دون قيود من أي طرف حتى 1995 حيث دخلها الجيش المصري وأحكم سيطرته عليها. وتفرض السلطات المصرية قيودا على دخول السودانيين من غير أهل المنطقة إليها سواء من داخل مصر أو الحدود السودانية. وتبريرا لموقفها من حق السعودية في الجزيرتين، قالت الحكومة المصرية، في بيان سابق، إن "العاهل السعودي الراحل عبد العزيز آل سعود، كان قد طلب من مصر في يناير 1950 أن تتولى توفير الحماية للجزيرتين، وهو ما استجابت له، وقامت بتوفير الحماية للجزر منذ ذلك التاريخ".