Jan 03, 2017 نواكشوط – «القدس العربي» : ينتظر أن يبدأ الرئيس الموريتاني محمد ولد عبد العزيز آخر الأسبوع الجاري وساطة ينتظرها الجميع، في أزمة تداول السلطة في جمهورية غامبيا وذلك بوصفه الرئيس الإفريقي الوحيد المرتبط بصداقة خاصة مع الرئيس المهزوم يحيا جامي. وتعول المجموعة الاقتصادية لغرب إفريقيا التي تسعى مدعومة بموقف المجموعة الدولية لتمكين الرئيس الغامبي آدم بارو من استلام منصبه، على وساطة الرئيس الموريتاني التي إذا كللت بالنجاح، ستجنب المجموعة تدخلاً عسكرياً في غامبيا البلد الهش المركون في الخاصرة الجنوبية للسنغال. وفيما يظهر الرئيس المنصرف يحيا جامي جانب القوة ويهدد السنغال والمجموعة الاقتصادية لغرب إفريقيا بتصريحات نارية، تؤكد مصادر متابعة لهذا الملف «أن جامي يتفاوض سراً مع موفدين من المجموعة، حيث أكد في آخر دورة تفاوضية، أمس استعداده لمغادرة السلطة لكن بضمانات منها عدم متابعته قضائياً هو وأفراد أسرته و400 من أنصاره، وتمكينه من التمتع الكامل هو وعائلته بجميع ممتلكاته على مدى عشرين سنة مقبلة على الأقل بدون منغصات. وقد رفض مفاوضو مجموعة غرب إفريقيا هذه الشروط، وأكدوا للرئيس المهزوم أن عليه فقط أن يرضخ لإرادة الشعب وأن يختار بلداً يلجأ إليه صامتاً خاضعاً في انتظار أن يتمكن الغامبيون من تضميد جراح الاثنتين وعشرين سنة التي حكم فيها هو بنفسه بلدهم بالحديد والنار. ولاحظ مفاوضو المجموعة أن جامي لا يفاوضهم بصورة مباشرة وإنما عبر وسطاء، وهو ما جعلهم غير واثقين في نياته. ويتشكك المراقبون في قدرة الرئيس الموريتاني على إقناع الرئيس جامي بالتخلي عن السلطة قبل التاسع عشر من كانون الثاني / يناير الجاري الموعد الدستوري لتسلم الرئيس المنتخب لمهامه، وذلك بالنظر لتمكن الرئيس المهزوم من إغواء بعض كبار قادة الجيش والأمن الذين لم تتضح بعد مواقفهم من الأزمة. وذكرت مصادر مقربة من الرئيس المهزوم أن جامي وزع أموالاً طائلة على كبار الضباط وأكد لهم أن مصيرهم سيكون القتل والسجن والفقر إذا هم مكنوا الرئيس المنتخب من الوصول للسلطة. ويعول الرئيس يحيا جامي أكثر على السحرة ومشايخ الشعوذة حيث جند المئات منهم للدفاع عنه ولضرب الجهات الساعية لإزاحته. وكان جامي قد هدد في آخر تصريح له السبت الماضي مجموعة دول غرب إفريقيا، وقال «ما تسعى له المجموعة من فرض نتائج انتخابات فاتح ديسمبر، إعلان للحرب ضد بلد عضو فيها وهو تدخل في الشأن الداخلي لغامبيا ويتعارض مع الدستور وهو أمر لن نقبله بحال من الأحوال». وأضاف «لن نبدأ الحرب لكننا سندافع عن سيادتنا إذا فرض علينا ذلك وسندافع عن استقلالنا وهو واجب يقع على عاتق جميع الغامبيين». ويثير تراجع ديكتاتور غامبيا الحاج يحيا جامي عن الاعتراف بفوز آداما بارو مرشح المعارضة الموحد في الانتخابات الأخيرة استغراب العالم، كما أنه يضع في الواجهة مشكلة التناوب على السلطة التي تقف عثرة في وجه التجارب الديموقراطية في بلدان إفريقية عديدة. واعترف يحيا جامي بفوز خصمه آداما بارو وهو ثالث رئيس من قومية الفلان تحمله صناديق الاقتراع لكرسي الرئاسة في منطقة غرب إفريقيا بعد محمد بخاري رئيس نيجيريا وماكي صال رئيس السنغال. وحسب بيانات اللجنة الغامبية المشرفة على الاقتراع الذي نظم مستهل كانون الأول / ديسمبر الماضي، فقد حصل آداما بارو على 263515 صوتاً فيما حصل يحيا جامي على 212099 صوتاً (36.6 ٪) في هذه الانتخابات ذات الشوط الواحد. وبلغ عدد الناخبين 890000 مسجلاً من أصل مليوني نسمة هم عدد سكان غامبيا البلد الصغير الواقع جنوب جمهورية السنغال. وولد آدما بارو الرئيس الغامبي الجديد عام 1965 في قرية مانكمانغكوندا في أقصى غرب غامبيا، وحصل على منحة مكنته من إكمال دراسته الثانوية في مدرسة إسلامية قبل أن يعمل مدير مبيعات في شركة تجارية محلية وهو العمل الذي مارسه إلى أن أسس وكالته العقارية التي مكنته من بناء ثروته. وانضم الرئيس الجديد عام 1996 للحزب الديمقراطي الموحد وأصبح رئيس الحزب بعد الحكم على رئيسه المؤسس المحامي حسينوداروبي بالسجن لثلاث سنوات إثر مطالبته بتسليط الضوء على موت سولو ساندك وهو معارض بارز لنظام يحيا جامي. وتنفس الغامبيون الصعداء وهم يتلقون خبر هزيمة يحيا جامي الذي كدر حياتهم على مدى 22 سنة من الهيمنة والسلطة الديكتاتورية غير المسبوقة. وكان تقرير صادر عن الأممالمتحدة عام 2013، قد أكد أن 60 بالمئة من الشعب الغامبي يعيشون أوضاعاً متنوعة من الفقر المدقع، ويعيش ثلث هذه النسبة بأقل من دولار واحد لليوم. وتحدثت منظمة العفو الدولية في تقارير عدة لها عن الأوضاع المزرية التي يعيشها الغامبيون حيث هجر الآلاف منهم وطنهم غامبيا لأسباب اقتصادية وهرب الآلاف الآخرون منهم عن غامبيا بسبب القمع.