الأموال القطرية تتدفق على تنظيمات إسلامية تسعى لإقامة الخلافة في أوروبا. العرب لسنا معبرا للأموال القطرية الممولة للإرهاب برشلونة (إسبانيا) - تظاهر المئات وسط مدينة برشلونة مساء الأحد منددين بدعم قطر للإرهاب وتمويل جماعات إسلامية متطرفة تمكنت من تحويل إقليم كاتالونيا إلى "معبر للأموال والتنظيمات الإرهابية" في أوروبا. وندد المتظاهرون، الذين رفعوا أعلاما إسبانية وأخرى لدول أوروبية ولافتات كتب عليها "قطر راعية الإرهاب"، بشريان من الأموال المتدفقة على تنظيمات الإخوان المسلمين والقاعدة ومتشددين آخرين، كانت سببا في عزلة تعرقل قدرة المسلمين في أوروبا على الاندماج في مجتمعاتهم. وتجمع المتظاهرون في ساحة "لاس رامبلاس" حيث دهس سائق بمركبته العشرات موقعا 14 قتيلا في السابع عشر من أغسطس الماضي، ورفعوا لافتات عليها صور تدين قادة النظام القطري، ورددوا هتافات تطالب بمحاسبة المسؤولين عن تمويل جماعات متشددة، شنت في السنوات الماضية سلسلة اعتداءات دامية في مدن أوروبية عدة. وطالب المتظاهرون بملاحقة قادة النظام القطري وتقديمهم لمحاكمة جنائية داخل إسبانيا وأمام المحكمة الجنائية الدولية في لاهاي، كما طالبوا من الحكومة الإسبانية ونظيراتها الأوروبية بسرعة قطع علاقاتها الرسمية مع النظام القطري وعدم التستر على "إرهاب دولة قطر" بذريعة الحفاظ على الاستثمارات القطرية في أوروبا. وتعكس هذه التظاهرات وعيا يزداد يوما بعد آخر في أوروبا بدور قطر في بناء تواجد مهيمن على الجالية المسلمة في أوروبا، عبر تمويل ودعم تنظيمات الإسلام السياسي، وفي مقدمتها جماعة الإخوان المسلمين. توماس ألكوفيرو: حان الوقت كي نعلن دون التباس أن قطر تدعم الإرهاب وبدأ سياسيون أوروبيون في أخذ اتهامات توجهها السعودية ومصر والإمارات والبحرين إلى قطر بدعم الإرهاب، على محمل الجدّ. ومن بين هؤلاء بابلو إغلاسياس، زعيم حركة "بوديموس" اليسارية الإسبانية. ولا يوفر إغلاسياس جهدا في مهاجمة قطر واتهامها بنشر أيديولوجيا متطرفة تسهم في زعزعة استقرار المجتمع الإسباني. وقبل أيام شارك إغلاسياس في تظاهرة حاشدة للتنديد بالإرهاب في وسط مدينة برشلونة. وأظهرت صحيفة "الموندو" الإسبانية صورة خلال التظاهرة تجمع إغلاسياس بمحمد بن جهام الكواري، السفير القطري في مدريد. وقالت الصحيفة إن الكواري "خدع إغلاسياس والتقط الصورة معه من دون أن يعرّفه بنفسه". ونشر الكواري الصورة لاحقا على مواقع التواصل الاجتماعي. ويقول نشطاء إسبان إن الكواري حاول عبر المشاركة في هذه التظاهرة المزايدة والإيحاء بأن بلاده بريئة من علاقتها بالتنظيمات المتطرفة، رغم وجود إحصائيات حكومية تفيد بتورط قطر المباشر على مدار أعوام في دعم مراكز إسلامية وجمعيات ترتبط بتنظيم الإخوان المسلمين، وتعمل على نشر التشدد. وقبل ذلك شغل الكواري منصب سفير قطر في باريس لمدة عشرة أعوام، حتى عام 2013. ووجهت وسائل إعلام فرنسية عدة اتهامات للكواري بإقامة علاقات مع تنظيمات الإسلام السياسي، والاستثمار في جالية مسلمة تمتلئ بها ضواحي باريس الفقيرة، سعيا للسيطرة عليها من قبل الدوحة. وفي عام 2012 قالت تقارير حكومية فرنسية إن قطر استثمرت 50 مليون يورو في الضواحي الفقيرة ذات الأغلبية المسلمة في باريس. وتحاول قطر تكرار نفس السياسة في إسبانيا، حيث تسعى تنظيمات الإسلام السياسي إلى ترويج أيديولوجيا متشددة تقوم على "استعادة الأندلس من المحتلين الإسبان". وقال توماس ألكوفيرو، الصحافي المتخصص في شؤون الشرق الأوسط، في مقال نشرته صحيفة "لا فانغارديا" الإسبانية "حان الوقت كي نعلن دون التباس أن قطر تدعم الإرهاب". ويروج متشددون يسيطرون على المركز الثقافي الإسلامي في برشلونة لأيديولوجيا الإسلاميين، ويعملون على توجيه مجموعات محلية تعمل في جمعيات خيرية، وترتبط بالفرع الإسباني ل"منظمة الإغاثة الإسلامية"، ذراع العمل الميداني لتنظيم الإخوان المسلمين. السفير القطري محمد الكواري استغفل زعيم منظمة بوديموس اليسارية بابلو إغلاسياس وأخذ صورة معه في التظاهرة المعادية لتمويل الإرهاب ونشرها على تويتر. وينتمي قادة منظمة الإغاثة الإسلامية في إسبانيا إلى "الرابطة الإسلامية للحوار والتعايش"، وهي منظمة إسلامية أخرى لها روابط وثيقة بالإخوان المسلمين. ويؤكد تقرير صادر عن الاستخبارات الوطنية الإسبانية عام 2011، أن المركز الثقافي الإسلامي في برشلونة تلقى دعما قطريا قُدّر ب300 ألف يورو، عبر شبكة تمويل معقدة لخداع منظومة الرقابة على النظام المالي الإسباني. ويدير المركز الثقافي الإسلامي في المدينة سالم بن عمارة، العضو في الإخوان المسلمين. وواجه المركز انتقادات حادة بسبب مقارباته الأيديولوجية المتشددة، وإصرار بن عمارة على ربطه بتنظيم الإخوان، ودعاة متشددين آخرين. وتقول صحيفة "لا رازون" الإسبانية إن الدوحة مولت مراكز إسلامية وجمعيات خيرية تنشر أفكارا متطرفة في إقليم كاتالونيا عبر رجال أعمال أثرياء، ووسطاء آخرين. ولعبت قطر دورا محوريا في تحويل مراكز عبادة هناك إلى بؤر لنشر التطرف. وتضع هذه التقارير السياسيين الإسبان في مأزق كبير، إذ قالت دراسة نشرتها الشرطة الدولية "الإنتربول" إن نحو 5 آلاف متشدد يقيمون في إسبانيا. ويقول الكاتب الإسباني تشافي فيبريس إن "الحكام والصحافة وصناع الرأي في الغرب باتوا على دراية كاملة بأبعاد اللعبة المزدوجة التي تمارسها قطر". ويعيش في إسبانيا قرابة 2.5 مليون مسلم، 7 بالمئة منهم يقيمون في إقليم كاتالونيا. وتضم إسبانيا إجمالي 1260 مسجدا ومركزا للعبادة، وتتركز 256 منها في كاتالونيا وحدها، حيث يعيش أكبر عدد من المهاجرين. وقالت مصادر دبلوماسية أوروبية لصحيفة "لاغازيتا" الإسبانية "رغم ادعاءات قطر بأنها تمول جماعات معتدلة فقط، إلا أنها زودت تنظيمات متشددة تحلم بإقامة خلافة إسلامية في أوروبا". وحاولت قطر الحصول على تسهيلات حكومية من أجل اختراق المجتمع الإسباني عبر رجال أعمال ومنظمات خيرية واستثمارات حكومية. وفي برشلونة تدعم "مؤسسة قطر" نادي برشلونة الإسباني عبر اتفاق رعاية وقع عام 2010 تقدر قيمته ب170 مليون يورو على مدار خمسة أعوام. واليوم يقبع الرئيس السابق لنادي برشلونة ساندرو روسيل في السجن بتهمة غسيل الأموال. وحافظ روسيل على علاقات وثيقة مع الحكومة القطرية عبر شركة "بونس سبورتس ماركت"، التي باعها لاحقا لمجموعة تجارية تجمعها روابط وثيقة بالحكومة القطرية. واستحوذ صندوق الاستثمار القطري "ديار" على فندق "فيلا دي برسلونة" مقابل 200 مليون يورو، ومنتجع ومرسى اليخوت "مارينا تاروكو" مقابل 65 مليون يورو. مؤتمر لندن يوسع الضغوط الدولية على قطر أوروبا تفتح باب الحوار مع الإصلاحيين القطريين للتعرف على آرائهم بشأن سياسة الدوحة في المنطقة. العرب حيرة قطرية في بروكسل لندن - لم تنجح حملة العلاقات العامة التي أنفقت قطر لأجلها الكثير في أن تجنبها الضغوط الدولية المختلفة، والتي بدأت تتوسع لتشمل المنظمات المدنية والحقوقية والطبقة السياسية التي تمثل آراءها أرضية للمواقف الرسمية، وهو ما يعبر عنه مؤتمر لندن المقرر إجراؤه منتصف الشهر الجاري، والذي سيناقش مستقبل قطر وسيشهد انفتاحا أوروبيا على الإصلاحيين القطريين. واعتبر برلمانيون بريطانيون أن المؤتمر، الذي سيعقد في العاصمة لندن في 14 سبتمبر الجاري ويستمر ليومين، سيكون فرصة مهمة لتسليط الضوء على وضع قطر في ضوء الأزمة مع عدد من الدول الرئيسية في منطقة الشرق الأوسط، وأن من الضروري استغلال الغرب لهذه المناسبة للتعرف على آراء معارضين وإصلاحيين قطريين وتقييمهم للطريقة التي تدار بها السياسة في بلادهم. وينتظر أن يستقطب المؤتمر عددا كبيرا من السياسيين والباحثين والإعلاميين العرب والأجانب من المهتمين بالشأن القطري، وأنه سيكون مناسبة لفهم توجهات السياسة القطرية ووضعها محل البحث بعد الاتهامات التي وجهتها لها دول محورية في المنطقة بشأن دعمها للإرهاب. وقال النائب البرلماني البريطاني دانيال كافتشينسكي، والعضو السابق في لجنة الشؤون الخارجية في البرلمان البريطاني، والذي يُعد خبيرا في الشؤون الخليجية إنه "بالنظر إلى فداحة الاتهامات الموجهة لقطر، والتي تدعمها دول مجلس التعاون الخليجي، والتي تُعد حليفة لبريطانيا، لذا فإن من الأهمية بمكان بالنسبة للساسة والإعلاميين البريطانيين أن يتعرفوا ويتعاونوا مع الحلفاء الخليجيين لتوجيه النداء لقطر لإجراء الإصلاحات اللازمة، وتغيير سياساتها التي أدت إلى التوتر". وأضاف "إنني أرحبُ بجهود الجهات المنظمة، وأعتبر هذا المؤتمر فرصة لمعرفة المزيد عن الأزمة، وخاصة بالنظر إلى حجم الاستثمارات الضخمة لقطر في بريطانيا، والذي يتطلب منا أن نكون على ثقة تامة بالمواقف القطرية. كما أنني أعتبر المؤتمر مبادرة فريدة من نوعها، وفرصة للتعرف على آراء الإصلاحيين القطريين من أمثال السيد خالد الهيل". ويرى متابعون للشأن القطري أن هذا المؤتمر يكشف عن محدودية حملة العلاقات العامة التي قادتها الدوحة في محاولة لاستمالة مواقف دول أوروبية مهمة إلى جانبها، مشيرين إلى أن تكثيف التصريحات واللقاءات لا يعني بالضرورة النجاح في كسب أصدقاء لتوجهات السلطات القطرية. ولفت المتابعون إلى أن السعودية والإمارات ومصر والبحرين، والتي تتحرك دون صخب، استفادت من مشروعية مطالبها، ومن ثقل ملف التجاوزات القطرية وخاصة دعمها لجماعات إرهابية بالمال وتوفير الملاذ، في كسب الداعمين لموقفها سواء على المستوى الرسمي أو الشعبي في الغرب. دانيال كافتشينسكي: على البريطانيين أن يتعاونوا مع الحلفاء الخليجيين في أزمة قطر وأشاروا إلى أن حضور شخصيات بريطانية وأوروبية مؤثرة في القرار الرسمي لمؤتمر لندن يؤشر إلى أن أوروبا التي تقاوم الإرهاب بوجهه المباشر المتمثل في الذئاب المنفردة، بدأت تلتفت جديا لحواضن الإرهاب سواء ما تعلق بالدول مثل قطر، أو الجماعات التي تتحرك في فلكها مثل الإخوان المسلمين، وأن قيمة المؤتمر تتمثل في كونه يمهّد لموقف رسمي وشعبي أوسع هادف إلى ممارسة الضغوط على قطر لمراجعة سياستها في دعم الإرهاب، وأن الانفتاح الأوروبي على معارضين قطريين رسالة قوية للدوحة بأنها إذا لم تعدل سياستها فإن البدائل قائمة. وأعلن ستيف بايغ نائب رئيس مركز الاتحاد الأوروبي للديمقراطية وحقوق الإنسان في بروكسل عن دعم المركز والمنظمات والشخصيات الأوروبية المنضوية تحته لعقد أول مؤتمر عربي وعالمي حول الأزمة القطرية وتداعياتها السياسية والاقتصادية الواسعة على الخليج والمنطقة والعالم. وأضاف بايغ أن المركز وعددا مهما من المنظمات الحقوقية في الاتحاد الأوروبي ستشارك في المؤتمر. واتهمت السعودية والإمارات ومصر والبحرين الدوحة بتمويل حركات إرهابية والعمل على زعزعة استقرار المنطقة ووضعت شروطا محددة يتوجب على قطر تنفيذها قبل النظر في إعادة تأهيلها ورفع مقاطعة دبلوماسية وسياسية واقتصادية شاملة معها. وفي ظل توجه عربي وأوروبي ضاغط على السلطات القطرية والبحث عن بدائل ممكنة لتصويب سياساتها، فإن أهمية هذا المؤتمر تكمن في التعرّف على وجهات نظر ليست معروفة أو لم تكن مسموعة من قبل. وقال نواف ظاهر رئيس المركز الاتحاد الأوروبي للديمقراطية وحقوق الإنسان إن "المؤتمر سيكون فرصة مهمة للأوروبيين للتعرف على آراء الإصلاحيين القطريين". ويرى مراقبون لشؤون الخليج أن انفتاح الأوروبيين على المعارضة القطرية سيكون نقلة مهمة في الضغوط الممارسة على الدوحة التي عليها أن تعرف أن مثل هذه الخطوة ستكون خير داعم لانفتاح السعودية على الشيخ عبدالله بن علي آل ثاني، وهو ما يعني أن البحث عن البدائل في قطر خرج من دائرة المناكفة الظرفية إلى موضوع للتدارس الجدي إقليميا ودوليا. ويلفت هؤلاء المراقبون إلى أن الأزمة القطرية خرجت من دائرة الحل الإقليمي، أي من بوابة مجلس التعاون الخليجي، بسبب عناد قطر، وخاصة لأن العالم بدأ يستشعر بشكل جدي أن سياسات الدوحة في دعم الإرهاب لا يمكن السكوت عنها، وأن التعاطي معها لا بد أن يكون جزءا من الحرب الدولية على الإرهاب، وليس كأمر معزول أو في سياق تطويق أزمة إقليمية مرتبطة بخلافات محدودة. وقال خالد الهيل المتحدث الرسمي باسم المعارضة القطرية "إننا حريصون على الحضور والمشاركة، فهذا سيكون أهم مؤتمر حول الأزمة، ولا بد أن يسمع العالم صوتنا، فحكومة قطر لا تسمح لأحد بأن يتحدث عن سياساتها أو نشاطاتها في المنطقة". وأضاف الهيل "ثمة إجماع إقليمي وقلق دولي متزايد من السياسات القطرية الحكومية التي تمثل تهديدا للأمن والاستقرار الدولي، وإذا كان العالم فعلا يرغب في وضع حد للعنف والإرهاب والفوضى، فلا بد أن يضع حدا للسياسة القطرية الممولة والمحفزة له". وكانت الدوحة فشلت في الحصول على تفهم ولو كان محدودا لسياستها من دول غربية بارزة بينها الولاياتالمتحدةوبريطانيا وفرنسا وألمانيا، وآخرها روسيا التي أعلن وزير خارجيتها سيرجي لافروف خلال مؤتمر صحافي مشترك مع نظيره القطري الشيخ محمد بن عبدالرحمن آل ثاني في الدوحة، أن "الطريق الأنسب هو تسوية الأزمة في إطار مجلس ا