المحامي / حسن بشارة إبراهيم من المعلوم أن الجاليات السودانية في دول المهجر هي عبارة مؤسسات مدنية أهلية اجتماعية لا تتبع للسفارات أو القنصليات ولا تعتبر أزرع للدولة أو رافد من روافدها و إنما هي مؤسسات أهلية شعبية خدمية ، تخدم الجماهير التي اختارتها لقيادة العمل الأهلي الاجتماعي في كل منطقة ، كما أن الجماهير السودانية في الخارج متساوون في الحقوق و الواجبات ، و على هذا الأساس يتم التعامل بينهم و بين البعثات الدبلوماسية السودانية بالخارج ، و ليس هنالك أي تمييز بينهم بسبب الدين أو العرق أو الفكر السياسي ، فقانون تنظيم شئون السودانيين العاملين بالخارج لسنة 1998م و لائحة تنظيم الجاليات الصادر في 2001م لا تعطي السفارات أو القنصليات حق التدخل في الجاليات أو اختيار ممثليها ، و أن مهمتها هي الأشراف فقط و تشهد على ما تم من اختيار من قبل أعضاء الجمعية العمومية لممثليهم لقيادة العمل الاجتماعي ، و يتم كل ذلك بطريقة ديمقراطية و ممارسة حقها بحرية دون تدخل أو تأثير من السفارة أو القنصلية . وقد قال الدكتور مصطفى عثمان إسماعيل وزير الخارجية الأسبق لجريدة الأنباء عند مخاطبته اختتام مؤتمر السودانيين العاملين بالخارج الآتي ( السفارات لا تتدخل في تكوين الجاليات ، بمعنى التأثير على مسار الاختيار ، و إنما تقدم التسهيلات اللازمة لتمكين الجاليات من اختيار ممثليهم في مؤسساتهم و لجانهم المختلفة ) انتهي حديث السيد الوزير السابق . من هذه المقدمة نريد التوضيح بأن السفارات أو القنصليات ليس لديها أي تدخل في تكوين الجاليات أو التأثير في اختيار ممثليها ، بل يجب على أعضاء الجمعية العمومية أن تمارس حقها في جو ديمقراطي و بكل حرية و نزاهة و شفافية أمام الملأ من أعضاء الجمعية العمومية التي تحضر لممارسة حقها الطبيعي في اختيار من تريد . ولكن نحن في ليبيا و في مدينة سبها بالتحديد ، قد فوجئنا برسالة صادرة من سعادة القنصل العام بالرقم س س ط / ق / 5 /21 بتاريخ 28/5/2012م فحواها ( الموضوع : انتهاء دورة المكتب التنفيذي ( إشارة للموضوع أعلاه و نسبةً لمرور عامين على الدورة الحالية للمكتب التنفيذي للجالية و سفر رئيس المكتب التنفيذي للسودان و مرور عام على تكليف الرئيس الحالي تقرر الآتي : حل المكتب التنفيذي الحالي : يتم تكليف لجنة تسييرية من الآتية أسمائهم : و هم رئيس و 5 أعضاء و مهم لجنة التسيير هي : أ / تسيير أعباء الجالية إلى حين انعقاد الجمعية العمومية ، ب / استلام العهدة من الجالية السابقة ) . هذا هو القرار الصادر من سعاد القنصل العام بطرابلس ، بالرغم من وجود رسالة أخرى صادرة عن مكتب السفير بالرقم س س ط /ق/5/21 بتاريخ 17/2/2011م مرسلة للسيد رئيس الجالية السودانية بشعبية سبها ، فحواها ( بعد السلام الموضوع : استمرار عمل الجالية : 1/ إشارة إلى الموضوع أعلاه و نسبة لعدم انعقاد الجمعية العمومية لاختيار لجنة جديدة للجالية للعام 2011م . 2 / تستمر اللجنة الحالية في أداء مهامها إلى حين انعقاد الجمعية العمومية لتكوين لجنة جديدة لهذا العام . توقيع سهيل محجوب صالح ع/ السفير و الرسالة مختومة بختم السفارة . سعادة القنصل العام يريد أن يمرر أجندة خاصة به معلومة لدينا مسبقاً ، بعد أن اتضح موالاته لفئة معينة يريدها أن تدخل المكتب التنفيذي للجالية بأي طريقة و بأي أسلوب و لو عن طريق التكليف الذي لا يملكه و لا يخول له القانون ذلك ، أو دخولهم بتزكية من أشخاص آخرين . و الرسالة الصادرة عن مكتب السفير ، أرسلت إلى كل الجاليات بليبيا بالتمديد إلى حين انعقاد الجمعية العمومية ، فالسؤال الذي يطرح نفسه لماذا لم يرسل القنصل العام رسائل إلى كل الجاليات بليبيا بحل مكاتبهم التنفيذية و تكليف مكاتب جديدة ؟ أيضاً هنالك بعض رؤساء الجاليات سافروا إلى السودان فلم ترسل لهم رسائل بحل مكاتبهم التنفيذية !! و حسب النظام الأساسي للجاليات في حالة خلو منصب الرئيس يحل محله نائبه في أداء مهامه و هذه من البديهيات . فالقنصل لم يكلف نائب الرئيس المنتخب من الجمعية العمومية لتولي رئاسة الجالية بسبها ، و إنما تولى رئاسة الجالية بحكم القانون لسفر الرئيس للسودان ، و هذا يدحض ما جاء في رسالة القنصل بتكليف الرئيس الحالي ، فعبارة تكليف الرئيس الحالي تعد محض افتراء و عاري من الصحة !! و السؤال الذي يطرح نفسه لماذا جالية سبها يقصدها القنصل من كل الجاليات في ليبيا ؟! و لكن الحقيقة الواضحة و المعلومة للجميع فأعضاء المكتب التنفيذي للجالية غالبيتهم من أبناء دارفور و الحركة الشعبية ، فهم يسيطرون على الجالية في سبها منذ سنوات ، و في كل مرة عند انعقاد الجمعية العمومية يتم هزيمة أعضاء المؤتمر الوطني و أتباع السفارة و أذيالهم و يتجرعون الهزيمة المرة . قرار القنصل العام هو صب الزيت في النار و تعميق للهوة بين المجتمع السوداني بمدينة سبها و فتق للنسيج الاجتماعي الفريد بالمدينة ، و سعادة القنصل من اجل إرهاب أعضاء المكتب التنفيذي قام بإرسال صورة من رسالته لكل من السيد رئيس المجلس المحلي سبها و السيد رئيس المجلس العسكري سبها و السيد مدير الأمن الوطني سبها و السيد مدير إدارة المراسم سبها . هل تصدقوا ذلك !! أبناء دارفور و الحركة الشعبية الشرفاء كسروا قيود التبعية و الانقياد بوعيهم و معرفتهم لحقوقهم الطبيعية كاملة و من معهم من القوة الديمقراطية الحية ، و أن القنصل لا سلطان عليهم و يجب أن يلزم حدوده و اختصاصاته و يكون شاهداً على ممارسة أعضاء الجمعية العمومية في اختيار من تريد في جو من الحرية و الشفافية دون تدخل أو تأثير أو محاباة لمجموعة بعينها . ولقد صدق ما تنبأنا به ، فالقنصل العام قام بتكليف مجموعة من الأفراد باعتبارهم يمثلون الجالية السودانية بسبها وهي نفس المجموعة التي كنا نقصدها ، و السؤال الذي يطرح نفسه ، من أين استمد القنصل هذا الحق في التكليف ؟ ! اللهم إلا إذا كان القنصل يريدهم ممثلين للمؤتمر الوطني سيئ الذكر أو مناديب للسفارة . فالجمعية العمومية لم تختار هذه المجموعة التي تم تكليفها من قبل القنصل العام في جمعيتها العمومية و بطريقة ديمقراطية . فكل القوانين و اللوائح لا تعطي القنصل هذا الحق في التكليف ، فالجاليات مؤسسات أهلية شعبية مستقلة و لا تتبع للسفارات أو القنصليات . فقانون تنظيم شئون السودانيين العاملين بالخارج لسنة 1998م قد نص في المادة 16 (1) على الآتي ( يجوز للعاملين بالخارج إنشاء كيانات شعبية مستقلة بدول المهجر تضطلع باهتماماتهم و مناشطهم الثقافية و الاجتماعية و العلمية و الرياضية و الإبداعية و ذلك وفقاً للوائح التي يصدرها المؤتمر ) . كما نصت لائحة تنظيم الجاليات السودانية بالخارج للعام 2001م في المادة 25 على الآتي ( يشرف على الجاليات بالخارج جهاز تنظيم شئون السودانيين العاملين بالخارج بالتنسيق مع السفارة أو القنصلية ) و المادة 30 من ذات اللائحة نصت على الآتي ( يقوم جهاز تنظيم شئون السودانيين العاملين بالخارج و السفارات أو القنصليات بالأشراف على انعقاد الجمعية ) . كذلك نصت المادة 16 – 1 – ( ب ) من قانون السلك الدبلوماسي و القنصلي لسنة 1997م المعدل بالقانون رقم 2003م حول اختصاصات رئيس البعثة القنصلية و سلطاته على الآتي ( رعاية المواطنين السودانيين بمنطقة التمثيل و التعاون مع هيئاتهم لحل مشاكلهم و تطوير أنشطتهم الثقافية و الاجتماعية و الرياضية و ربطهم بالوطن ) . بالرجوع للنصوص المذكورة يتضح بجلاء بأن مهمة السفارة أو القنصلية هي الإشراف فقط عند انعقاد الجمعية العمومية لاختيار ممثليها لقيادة الجالية بطريقة ديمقراطية دون تأثير أو الانحياز أو المحاباة لفئة بعينها ، و ذلك كله بالتنسيق مع جهاز تنظيم شئون السودانيين العاملين بالخارج ، فدور السفارة أو القنصلية هي شاهدة فقط عن ما تفرزه الجمعية العمومية في اختيار ممثليها بطريقة ديمقراطية و بدون تأثير أو انحياز لأي مجموعة ، فدورهما فقط اعتماد ما تم اختياره من أفراد من قبل الجمعية العمومية باعتبارهم يمثلون إرادة الجماهير التي اختارتهم ، و ما على السفارة أو القنصلية إلا الانصياع التام لإرادة الجمعية العمومية و التعامل و التنسيق مع مكتب الجالية الذي يتم اختياره من قبلها. و كما نعلم فأن الجهاز يتبع رئاسة مجلس الوزراء و ليس وزارة الخارجية التي ينتسب إليها سعادة / القنصل العام . نحن سوف نظل نناضل من أجل وضع أسس و ثوابت للعمل الأهلي الشعبي دون تدخل من القنصليات أو حكومة المؤتمر الوطني أو عناصرها أو فرض وصاية على الجاليات ، زمن الهيمنة و الوصاية قد ولى و انبلج فجر جديد ، فجر الحرية و الديمقراطية ، فجر انتزاع الحقوق و ليس الاستجداء . و نوجه نداءنا لكل المناضلين و الشرفاء و المدافعين عن مؤسسات المجتمع المدني بالوقوف بصلابة وقوة ضد تدخل السفارات أو القنصليات في تكوين الجاليات أو التأثير عليها في اختيار ممثليها . المحامي / حسن بشارة إبراهيم ليبيا