دخلت الاحتجاجات السودانية على قرارات التقشف مربعاً أكثر خطورة، حيث انتقلت المواجهات بين المتظاهرين وقوات الأمن مع مطلع الأسبوع إلى إحراق السيارات بدلاً عن إطاراتها . ومع تأكيد السلطات بأن الموقف تحت السيطرة، إلا أن دائرة الاحتجاجات ظلت تتسع يوماً بعد آخر، كما اتسع نطاق الاعتقالات ليشمل رموز معارضة، ودفعت الشرطة بمزيد من القوات لتأمين المواقع الاستراتيجية والحيوية . وفي ثامن أيام الاحتجاجات، أمس السبت، دخلت فئات أخرى إلى التركيبة النمطية للتظاهرات التي يمثل الطلاب أبرز معالمها . ويؤكد قادة المعارضة أن “الطلاب ليسوا وحدهم" الذين نزلوا إلى الشارع . كما تحولت الهتافات من تنديد بارتفاع الأسعار والسياسات التقشفية إلى المطالبة بإسقاط النظام، كما امتد نطاق التظاهر ليشمل الأحياء التي تبعد عن الشوارع والمعالم الرئيسة للعاصمة الخرطوم . وأحرق المتظاهرون سيارة شرطة وأخلوا حافلة حكومية تعمل في المواصلات اشتهرت ب"بص الوالي"، من الركاب وأضرموا فيها النار . وشهدت مدينة القضارف، أمس، مظاهرة صاخبة، هتف خلالها المتظاهرون “لن تحكمنا الديكتاتورية" . وأكد شهود أن مئات المواطنين تجمعوا في السوق الرئيس في مدينة القضارف منددين بارتفاع أسعار الغذاء، قبل أن تفرقهم قوات الشرطة باستخدام الهراوات . وسبقت القضارف، ولايات سنار وشمال كردفان والجزيرة ونهر النيل . في غضون ذلك، قالت هيئة قوى الإجماع الوطني إن جهاز الأمن والمخابرات الوطني اعتقل، أمس، خمسة من أعضائها من دون أية أسباب، وهم الأمين العام للحزب العربي الناصري المحامي ساطع محمد الحاج، وعضو الحزب منذر أبو المعالي ومسؤول العلاقات الإعلامية لحزب البعث العربي محمد ضياء الدين ورئيس فرعية الخرطوم بحزب المؤتمر السوداني المعارض محمد فريد بيومي . وأكدت أن الاعتقال شمل أيضاً سبعة من شباب حزب المؤتمر السوداني عقب اقتحام قوات الأمن لمقر الحزب فجر السبت . وبدأت الاعتقالات، الأسبوع الماضي، وشملت مرشح رئاسة الجمهورية السابق كامل إدريس والمهندس محمد البوشي بجانب عضو حزب البعث العربي عادل خلف الله . واعتبر رئيس الهيئة فاروق أبو عيسى الاعتقالات تصعيداً غير مبرر، مشيراً إلى ممارسة المعتقلين لحقوقهم الدستورية في التظاهر ضد إجراءات الحكومة “التي أوصلت البلاد إلى مرحلة المجاعة" . ورأى عيسى، أن الاعتقالات ستزيد من الاستقطاب والنيران الملتهبة في الشارع السوداني، وأضاف أن “السودان مثله مثل أي شعب آخر في المنطقة لن يظل صامتاً على ما ترتكبه الحكومة من أخطاء" . وقال إن الأزمة الحالية “لن تحلها الإجراءات القمعية التي تمارسها أجهزة الحكومة" مؤكداً وقوف الهيئة مع “ضرورة تغيير نظام الحكم بآخر يراعي مصالح الشعب قبل مصالح أعضائه" . من جانبها، وصفت شرطة ولاية الخرطوم التظاهرات بالمحدودة في بعض مناطق الولاية، وأقرت باتلاف إحدى مركباتها ما اضطر عناصرها لاستخدام الغاز المسيل للدموع لتفريق المتظاهرين من دون حدوث أي إصابات وسط المواطنين أو الشرطة . وأوضح مدير دائرة الجنايات بشرطة الولاية اللواء محمد أحمد علي في بيان أن الموقف تحت السيطرة وأن الشرطة لم تستخدم أي سلاح ناري أو مطاطي كما رشح في عدد من الفضائيات . وأشار إلى أن الشرطة قامت بنشر عدد من القوات لتأمين المواقع الاستراتيجية والحيوية إلى جانب تأمين المواطنين وممتلكاتهم . وقلل حزب “المؤتمر الوطني" الحاكم، من الاحتجاجات وقال المتحدث الرسمي باسم الحزب بدر الدين أحمد ابراهيم، إن قوى المعارضة وبعض الكيانات السياسية المختلفة على معرفة تامة بوضع السودان الاقتصادي والسياسي . وأضاف إبراهيم أن “المعارضة وأحزابها ليس لها هدف محدد وخروج طلاب بعض الجامعات للتظاهر ليس لديه دلالة واضحة أو قضية محددة وهو اتجاه تدفع له أحزاب سياسية معارضة معروفة لهذا الأمر" . وأقر والي الخرطوم، د . عبدالرحمن الخضر، بأن الدولة تعلم وطأة وأثر الإجراءات الاقتصادية الأخيرة على حياة المواطن، لكنهم يعولون كثيراً على ما قاله خبراء الاقتصاد الذين أوصوا بأن الأثر السالب لها سيكون مؤقتاً . وقال الخضر إن هذه الإجراءات أمر حتمي لابد منه حتى يتعافى الاقتصاد ويعود إلى طبيعته . إلى ذلك، كشفت تقارير عن تحركات خارجية مكثفة لتوحيد الحركة الإسلامية السودانية بغية الإصلاح السياسي الداخلي، وأكدت أن شخصيات إسلامية بالخارج تم الاتصال بها للخروج برؤية موحدة لوحدة الحركة الإسلامية بالداخل .