أكثر من 3 ملايين بريطاني يعانون من فقر مدقع، والأمراض المرتبطة بسوء التغذية تكلف دافعي الضرائب ملايين الجنيهات الاسترلينية سنوياً. ميدل ايست أونلاين لندن - أكدت دراسة حديثة أن عدد البريطانيين الذين يعانون من فقر مدقع يتجاوز الثلاثة ملايين شخص، وأن أغلبهم يعاني من سوء التغذية ومن مخاطر صحية جمة، بسبب عدم امتلاكهم ما يكفي من الطعام. وقالت الدراسة التي نشرتها الأحد صحيفة "صندي اكسبريس"، وستصدر مطلع العام المقبل، إن علاج الأمراض المرتبطة بسوء التغذية يكلف دافعي الضرائب البريطانيين ملايين الجنيهات الاسترلينية سنوياً، وإن العديد من ضحاياها هم من الأسر العاملة والأطفال والشباب. وأوضحت الدراسة أن الكثير من البريطانيين يحرمون أنفسهم من الطعام من أجل إطعام أطفالهم، ويختارون بين شراء الطعام أو التدفئة، فيما يقوم بعضهم بتسليم أطفالهم لدور الرعاية لعدم قدرتهم على إطعامهم بشكل صحيح، ويمشون مسافة عدة كيلومترات للوصول إلى البنك الغذائي القريب لتوزيع الأطعمة على الفقراء. وقالت دراسة جمعية "تراسيل الخيرية"، التي توزع حزماً غذائية على الفقراء البريطانيين، إن عدد الحزم الغذائية ارتفع خلال العام الماضي من 165 ألفا إلى 285 ألف حزمة. وحذّر معهد الدراسات المالية في لندن في تقرير سابق من تفاقم معدلات الفقر بين أوساط الأطفال والبالغين في العامين المقبلين جراء أزمة النفط وانخفاض قيمة الجنيه الاسترليني والاضطرابات الصناعية واحتمال قيام صندوق النقد الدولي بإنقاذ الاقتصاد البريطاني من الانهيار. وتوقع المعهد انخفاض دخل العائلات ذات الدخل المتوسط بنسبة 21 بالمئة خلال عامي 2012 و2013، مما سيجعل 600 ألف طفل و800 ألف بالغ يعانون من الفقر المدقع، ويدفع 2.5 مليون من الآباء العاملين و 4 ملايين من البالغين في سن العمل إلى حافة الفقر بحلول العام 2013. وأضاف أن التقديرات السابقة لخفض معدلات الفقر المدقع بين أوساط الأطفال في بريطانيا بنسبة 5 بالمئة بحلول العام 2020 من المحتمل ألّا تتحقق. وقال إن معدلات الفقر المطلق والنسبي بين الأطفال ستبلغ 23 بالمئة و24 بالمئة على التوالي خلال عامي 2020 و 2021، مقارنة بالأهداف البالغة 5 بالمئة و 10بالمئة المنصوص عليها في قانون مكافحة فقر الأطفال الذي أقرته الحكومة البريطانية العام الماضي. وتشير الارقام الحكومية الى أن نسبة الأطفال الذين عاشوا تحت خط الفقر المدقع خلال عامي 2009 و2010 بلغت نحو 17 بالمئة من مجموع الأطفال، إلا ان معهد الدراسات المالية تنبأ بأن تصل النسبة خلال العامين المقبلين الى 21.8 بالمئة. وتشير الأرقام الى أن دخل الأسر البريطانية التي تعيش تحت خط الفقر يقل بنحو 60 بالمئة عن المتوسط العام للدخول في البلاد. وتضيف الدراسة ان الدخل الاسبوعي المقدر لخط الفقر في بريطانيا للعامين الماضيين بلغ نحو 347 جنيها استرلينيا، بعد خصم الضرائب بالنسبة إلى زوجين مع طفليهما، أو ما يعادل 165 جنيها استرلينيا لشخص بالغ دون أطفال. وأظهر تقرير جديد أعده معهد السياسة الجديدة في المملكة المتحدة أن لندن تملك أكبر معدلات الفقر والتباين الطبقي بالمقارنة مع أي منطقة في بريطانيا، مشيرا إلى أن حجم المشكلة تفاقم خلال العقد الأخير. وأوضح التقرير أن شريحة واسعة من الناس من مختلف الأعمار تعيش تحت خط الفقر في العاصمة لندن وهي أعلى نسبة بالمقارنة مع المدن البريطانية الأخرى، كما أن معدلات الفقر بين الأطفال فيها ظلت دون تغيير منذ نهاية تسعينات القرن الماضي لكنها ارتفعت في الأسر التي يمارس فرد واحد على الأقل من أبنائها عملاً. ووجد التقرير أن العاصمة لندن التي تعتبر محرك الاقتصاد البريطاني يعيش فيها أكبر عدد من الناس الذين يحصلون على أعلى وأدنى معدل من الرواتب وبنسبة تفوق 10 بالمئة عن معدلاتها في بقية أنحاء المملكة المتحدة. كما لفت إلى أن مدينة لندن هي أسوأ من أي منطقة أخرى في الكثير من المؤشرات أما ضواحيها فتحولت الآن إلى مقر لأغلبية الناس الذين يعانون من الفقر في العاصمة. وأضاف التقرير أن ارتفاع تكاليف السكن يمثل أهم أسباب انتشار الفقر في لندن التي يعيش فيها 7.5 ملايين نسمة وجعل عدد العائلات التي تعيش في مساكن مؤقتة يفوق بمعدل 10 مرات ما هو عليه في مدن بريطانية أخرى. وتقول الحكومة البريطانية ان إصلاحاتها الواسعة النطاق سيكون لها تأثير على بعض أفقر الأسر في البلاد. ومن المقرر أن تبدأ الحكومة بمنح معونات مالية عامة شهرية جديدة ابتداء من عام 2013 لمساعدة الأسر والأشخاص الأفقر في البلاد. ويرى معهد الدراسات المالية ان هذه المساعدة الجديدة ستقلص عدد الاطفال تحت خط الفقر بنحو 450 ألفا، والبالغين بمعدل 600 ألف بحول 2020 و2021. إلا أن الدراسة تقول ان المساعدة الجديدة لن تمنع ارتفاع عدد الاطفال تحت خط الفقر المدقع، وسيرتفع الرقم في عامي 2020 و2021 ليصل الى أعلى من معدله المسجل في 2001 و2002. ولهذا يرى المعهد أن الحكومة لن تتمكن من الوفاء بالتزاماتها في تقليص عدد الأطفال الذين يعيشون تحت خط الفقر، كما هو منصوص عليه في قانون مكافحة فقر الأطفال الصادر في عام 2010.