الفاشر 10 أغسطس 2017 سادت مخاوف وسط رجال الإدارة الأهلية في دارفور حيال الإجراءات، التي أعلنتها الحكومة السودانية لجمع السلاح ، وطالبوا بضرورة أن يسبقها عقد مصالحات شاملة بين القبائل تطوي صفحة النزاعات المتطاولة. والي غرب دارفور فضل المولى الهجا يستقبل نائب الرئيس في الجنينة لتدشين حملة جمع السلاح الثلاثاء 8 أغسطس 2017 ويزور نائب الرئيس السوداني، دارفور حالياً في مهمة خاصة بجمع السلاح وإنهاء مظاهر غياب سلطة الدولة، التي كانت تتبدى في حمل المواطنين للسلاح في الأماكن العامة، والنهب تحت تهديد السلاح ومقاومة السلطات أحياناً. وأعلن حسبو عبد الرحمن، وهو رئيس اللجنة المكونة لجمع السلاح في دارفور وكردفان، من الفاشر، الأثنين، عن حملة فورية لجمعه ومصادرة السيارات غير المقننة، كما أمر بتوقيف أصحاب السوابق الجنائية، وزجهم في السجون، وقال إن رئاسة الجمهورية منحت تفويضا لكافة القوات، بمصادرة السيارات غير المقننة دون تعويض، وكذا الأسلحة. وأكد رجال من الإدارة الأهلية بدارفور ل (سودان تربيون) أن السلاح بات مرتبطاً بمصائر الناس لحماية أنفسهم ، وأن تفشي حالة انعدام الأمن يصعب من مهمة جمعه ، كما شددوا على أن عودة الأمن الشامل لدارفور يرتبط بجمع السلاح من أيدي الجميع دون اي استثناءات. وقررت الحكومة السودانية العام الماضي، وبعد تراجع حدة المعارك مع المتمردين في الإقليم ، ضرورة نزع الأسلحة من أيدي المواطنين والقبائل. وفي منتصف العام 2016 اصدر الرئيس عمر البشير قرارا تم بموجبه تشكيل لجنة لجمع السلاح برئاسة نائبه حسبو محمد عبد الرحمن وبدأت عملها في توعية القبائل باهمية حصر وتقنين الأسلحة تمهيدا لجمعها، مقابل دفع تعويضات لأصحابها كنوع من الترغيب، لكن الصدامات القبلية العنيفة خاصة بين قبيلتي الرزيقات والمعاليا بولاية شرق دارفور عجلت باتخاذ اجراءات فورية لتنفيذ عملية النزع من القبائل وحصره بأيدي الأجهزة النظامية. وقالت مصادر موثوقة ل( سودان تربيون) إن الحكومة حين استعانت ببعض القبائل في قتالها ضد التمرد ، بدارفور وزعت كميات كبيرة من الاسلحة والآليات القتالية على بعض القبائل خاصة في ولايتي جنوب وشرق دارفور. وأضافت " من ثم حاولت الحكومة تقنين مسلحي هذه القبائل تحت مسميات مختلفة -قوات حرس الحدود ، الدعم السريع- قبل ان يتم استيعاب أعداد بسيطة من قبائل أخرى لتكون ضمن هذه القوات ، الأمر الذي أدى الي إمتلاك القبائل ترسانات عسكرية قد تعادل ما بحوزة الجيش الحكومي ..لكن القبائل انحرفت الي القتال بتلك الأسلحة فيما بينها وأزهقت مئات الأرواح". وبحسب تقارير أمنية فإن كميات من الأسلحة دخلت عبر الحدود المفتوحة لدارفور من دول الجوار خاصة ليبيا وإفريقيا الوسطي بواسطة مافيا تجار السلاح وباتت أنواعه متوافرة لكل الراغبين بسهولة. وخلال الفترة من 2007 -2017، وقعت اكثر من 730 معركة قبلية في إقليم دارفور وسقط المئات مابين قتيل وجريح بالاضافة الي نزوح أعداد كبيرة من المواطنين. وفشلت العديد من مؤتمرات الصلح القبلي التي نفذتها الحكومات الولاية والاتحادية في الوصول الي صلح قبلي يضع حدا للصراعات القبلية العنيفة. والأسبوع الماضي إضطرت بعض الحكومات المحلية في ولايات دارفور الى الاستعانة بقوات عسكرية لتنفيذ حملة واسعة اعتقلت بموجبها العشرات من رجال الادارة الأهلية لقبيلتي الرزيقات والمعاليا في اعقاب تجدد المعارك، نهاية شهر يوليو الماضي بولاية شرق دارفور في امتداد لنزاع يعود تاريخه لاكثر من خمسة عقود حول ملكية الارض المعروفة محليا " بالحاكورة ". وتمكنت القوات العسكرية ايضا من القبض علي اكثر من 93 من مسلحي الطرفين بعد انتزعت أسلحتهم بالقوة وتقرر مصادرتها لصالح الدولة. كما انتزعت القوات المشتركة 470 قطعة من الاسلحة المتنوعة من بين يدي مسلحي القبيلتين خلال الأسبوعين الماضيين ومازالت عمليات النزع الجبري مستمرة حيث داهمت الاجهزة الامنية العديد من القرى وقامت بتفتيشها بحثا عن الاسلحة. شكوك وتوجس ويقول العمدة في قبيلة القمر بولاية جنوب دارفور محمد احمد ل(سودان تربيون) إن المشاحنات بين القبائل مازالت موجودة وأن السلام والهدوء التي تعيشه معظم القبائل ناتج عن تكافؤ القوة وأن ا"لكل يحمي نفسه بنفسه". واضاف " هنالك قبائل بعينها كانت تقاتل القبائل الآخرى بسلاح الحكومة والياتها العسكرية ..و معظم القوات المشتركة التي تعمل علي نزع الاسلحة بالقوة هي من ذات القبائل فكيف تتوفرالثقة لدى القبائل وهي التي في خانة الخصم". ومن جهته أشار الناشط صالح النور جابر ل(سودان تربيون) الى أن قرار جمع السلاح من القبائل مهم للغاية، ولكن قبل الولوج في تحقيقه يجب على الدولة اعادة هيكلة الادارة الأهلية وتمكينها بشكل جيد بعيدا عن الاستقطاب السياسي ومن ثم الشروع في تحقيق مصالحات حقيقية بدلا عن المؤتمرات ذات الطابع السياسي التي لا تؤثر في الحد من الصراعات القبلية. وأوضح النور ضرورة ان تكون لجنة جمع الاسلحة من القبائل محايدة ونزيهة وجادة في جمعها من كل القبائل دون محسوبية او محاباة منوها الي أن أشخاص في لجنة جمع السلاح لا يتمتعون بالثقة لدى العديد من القبائل. من جهته يرى العمده علي مختار بولاية غرب دارفور في حديث ل(سودان تربيون) أن جمع السلاح دون فرز هو السلام والاطمئنان بعينه وهو المطلب الشعبي لارساء الإطمئنان في النفوس. وقال "يبدو ان هذا المشروع اكبر من ما يتخيله اي شخص لعدد من الأسبابأولها عدم استقرار دول الجوار التي تعد موردا رئيسيا للسلاح ،خاصة ليبيا وجنوب السودان وافريقيا الوسطي بالتالي يجب علي الدولة اغلاق حدودها مع دول الجوار لضمان عدم تهريب الأسلحة إلى داخل البلاد . واكد مختار بان جمع السلاح مرتبط بمصائر الناس وعدم الإحساس بالخوف، وتابع "لو لم تدخل الطمانينة في النفوس لن يرضي بعضهم بجمع السلاح مما يضطر الدولة لاستخدام القوة ،و عودة الأمن الشامل مرتبط بجمع السلاح من الجميع وباقناع صاحب السلاح بان لا أحد ولا قبيلة أخرى تملكه، لذلك يجب جمعه بلا تمييز". واضاف "الأمر يتعلق ببسط هيبة الدولة وسيادة حكم القانون وحتي اللحظة فإن دارفور تحتاج الي مزيد من تعزيز دور العدالة في معظم مدنها وقراها خاصة في اجهزة القضاء والنيابة والشرطة حتي لا يأخذ أحد القانون بيده". وفي شمال دارفور قال العمدة سليمان أحمد ل(سودان تربيون) ان جمع السلاح يحتاج الي تعزيز الثقة بين المواطنين والحكومة بعد أن فقدت بسبب الظروف التي مرت بها دارفور. ونوه الى أن ذلك لايتحقق الا باحساس المواطن بالامن والاستقرار دون مظاهر التسليح مطالبا بضرورة معالجة اثار الحرب من دمار للقرى وتشريد للمواطنين وازالة الغبن الذي وقع علي الناس .