طرح اتحاد أصحاب العمل السوداني ،الأحد مبادرة للإصلاح الاقتصادي خلال المرحلة الانتقالية تعمل على تحقيق أهداف الثورة التي أطاحت بحكومة الرئيس عمر البشير. واسهبت المبادرة التي جاءت في 280 ورقة اطلعت عليها "سودان تربيون" في تشريح أسباب التردي الاقتصادي الذي تعيشه البلاد خلال الأعوام الأخيرة بجميع القطاعات الاقتصادية التي ينشط فيها القطاع الخاص كما تناولت التحديات التي ظلت تواجه الاقتصاد على مدى 3 عقود. وأدى الوضع الاقتصادي الخانق في السودان الى تزايد الغضب الشعبي أواخر العام الماضي حيث اندلعت احتجاجات واسعة في عدد من ولايات البلاد قبل ان تمتد الى الخرطوم وتتزايد بحلول شهر أبريل الى أن اطيح بالرئيس عمر البشير من سدة الحكم على يد قادة عسكريين اتفقوا لاحقا مع قوى الحراك الشعبي على تكوين حكومة مدنية لفترة انتقالية تصل ثلاث سنوات. واعتبرت المبادرة الفساد من أخطر العوامل التي ساهمت تأثيراته الاقتصادية والاجتماعية والسياسية وأثرت في المناخ الاستثماري وحولته إلى مناخ طارد، قاد عملياً إلى إهدار موارد البلاد الوطنية مما أسهم بصورة مباشرة في تفاقم الوضع الاقتصادي والاجتماعي والسياسي، بجانب عمليات التهريب الممنهج المدعوم بآليات الفساد المتعددة وأن الشركات الحكومية وشبه حكومية تعد إحدى آليات الفساد بصورة عملية. ولخصت المبادرة التحديات في استنزاف البلاد بالحروب المتعددة والمتواصلة في العديد من مناطق البلاد مما أثر سلباً على كل الأداء الاقتصادي وفاقم عملياً من الأزمة المتجددة من فترة لأخري. وأضافت " أثر ذلك بالطبع على كل مؤشرات الاقتصاد المعلومة وتردي الوضع المعيشي وقيمة العملة الوطنية وازدادت معدلات التضخم والبطالة والفقر بالإضافة إلى الحصار الاقتصادي الذي ظل مقيداً لكل حركة الاقتصاد وأضر لسنوات متعددة بالاقتصاد الوطني". وبحسب الورقة فإن هذه العوامل نجم عنها توالي الأزمات وتراكم تأثيراتها العديد من الصعوبات كنتائج عملية وشملت تدني الإنتاجية وانخفاض مستوي العرض، مع تذبذب معدلات زيادة الناتج الإجمالي الوطني من عام لآخر وتدنيه في الثلاث أعوام وأثر تدني الإنتاج والإنتاجية على مجمل العملية الاقتصادية. وقالت إن كل ذلك قاد مع مؤثرات أخرى إلى ارتفاع معدلات التضخم إلى أن زاد آخر عام 2018 ليبلغ 74% ولازم ذلك انخفاض مريع في قيمة العملة الوطنية وزيادة الأسعار، وتردي الأحوال المعيشية مع الزيادة الكبيرة جداً في الكتلة النقدية. وأكدت الورقة التي قدمها نائب رئيس لجنة المبادرة الفاتح عباس على وجود اختلال في الميزان التجاري نتيجة لتدني الإنتاج وتدهور الصادر من خلال اعتماد البلاد على الاستيراد حيث تضاعفت قيمة الصادرات العملية خلال الأعوام السابقة، مع التراجع في الصادرات السودانية مما قاد عملياً إلى تحول المجتمع إلي مجتمع استهلاكي مع غياب سمات الإنتاج الكبير واستمرار الزيادة في الواردات ،ولازم ذلك رغم ضعف الصادرات عمليات يشوبها فساد في عدم توريد عائد الصادر للبنك المركزي مما ضاعف من تعقيد العملية مع الاستمرار في استيراد السلع الأساسية الاستراتيجية لسد الفجوة (القمح، الأدوية، السكر...إلخ) مما شكل عبئاً عظيماً علي ميزانية البلاد وأعاق انطلاقتها اقتصاديا. وطالبت الورقة بإعادة النظر بصورة فورية في تركيبة الواردات من الخارج بموجب المبدأ الاقتصادي القاضي بالتركيز على إنتاج القيمة المضافة وطنياً مما يعني التركيز على استيراد مواد خام ما أمكن أو مواد شبه مصنعة عند الضرورة وفقط عند الضرورة القصوى استيراد بضائع جاهزة. وشددت على أهمية تحريك كل الطاقات المتاحة وطنياً وفق برنامج إسعافي عملي ومحدد الأهداف للأعوام الثلاث الأولي كأساس لإعداد استراتيجية متكاملة للصناعة الوطنية في إطار منهج متكامل لاقتصاد إقليمي ذو ربط أمامي وخلفي مع القطاع الزراعي بشقيه (التصنيع الزراعي) مع تصنيع ما يلزم القطاع الزراعي من مواد ومعينات وآليات لرفع إنتاجيته وتحسين جودة إنتاجه مع الالتزام بمبدأ عدم تصدير المواد الخام والعمل على تصنيعها وطنياً في تغيير دور البلاد في التجارة الخارجية. وشددت المبادرة على إعداد برامج جادة كركن أساسي في أي خطة عمل تنفيذية لإصلاح الاقتصاد الوطني على أن تبدأ تلك البرامج وفق تصور متكامل لإصلاح الخدمة المدنية، التي مثل تدهورها المريع أحد مساعدات تفشي الفساد بالبلاد. وفي القطاع الزراعي أوصت الورقة باعتماد الزراعة محرك للنمو، تعتمد عليه أنشطة الاقتصاد الأخرى من صناعات تحويليه وخدمات وتجاره وشددت على أهمية تطوير البنية التحتية في المناطق الزراعية ضمن المنظومات القائمة وخطط التوسع المستقبلي و توفير الخدمات الأساسية والفنية المساعدة للنشاط الزراعي.