أكد علي محمود، وزير المالية والاقتصاد الوطني، في ورقة عن الوضع الاقتصادي الراهن والرؤية المستقبلية التي جاءت تحت شعار: «استدامة الاستقرار الاقتصادي بالبلاد» التي تحصلت «الأهرام اليوم» على نسخة منها، أكد أن تجربة الاقتصاد السوداني بشهادة المنظمات الدولية جاءت متفردة بالمقارنة مع تجارب الدول الأقل نمواً المشابهة، مشيراً إلى أن تجربة الإصلاح الاقتصادي في السودان قد أثمرت نجاحاً ملحوظاً وقدمت نموذجاً جديداً بالرغم من طول فترة الركود التضخمي وتنفيذ برامج الإصلاح الاقتصادي بدون تلقي أي مساعدات خارجية من منظمات التمويل الدولية، في الوقت الذي حظيت فيه الدول المشابهة بإدراجها في برامج وتسهيلات صندوق النقد الدولي المعروفة بال(ESAF) وتلقت بموجبه الدعم والمساعدات الخارجية، بالاضافة إلى استمرار فرض العقوبات الاقتصادية من الدول المانحة الرئيسية وتنامي الانفاق نتيجة لاستمرار الظروف الأمنية غير المواتية، بالاضافة إلى عبء الوفاء بالتزامات اتفاقيات السلام المتعددة، مشيراً إلى استمرار ضيق قاعدة الاقتصاد الايرادية وتخلف بنياته الأساسية الموروثة. وأوضح الوزير أن دخول البترول في الاقتصاد السوداني أدى إلى تحولات جذرية في بنية الاقتصاد الوطني مما أدى إلى إعادة هيكلته منذ بداية وإنتاج البترول، كما أن عائدات البترول شكلت (90%) من صادرات البلاد الإجمالية مما أدى إلى تراجع مساهمة عائدات الصادرات التقليدية وتحجيم دورها في الاقتصاد. وأوضح أنه وبعد ظهور البترول في هيكل الاقتصاد السوداني فقد قل الاهتمام بالصادرات غير البترولية المتمثلة في الصادرات الزراعية النباتية والحيوانية، وبالتالي بعد ظهور الأزمة المالية العالمية الأمر الذي أدى إلى خفض العملات الأجنبية الداخلة إلى البلاد، مؤكداً أن معدل النمو الاقتصادي تأثر سلبياً بالأزمة المالية العالمية خلال الأعوام (2008-2010) وذلك وفق تقديرات الجهاز المركزي للإحصاء، وبرغم هذا التأثير فقد حقق الاقتصاد معدلات موجبة تعكس قدرة الاقتصاد الوطني على امتصاص الأزمة المالية. وأكد وزير المالية أن الدولة قد سارعت في ضوء هذه التغيرات في الاقتصاد الوطني بخفض الإنفاق الحكومي وإعادة النظر في الدعم للسلع والخدمات تدريجياً مع استخدام آلية توصيل الدعم لمستحقيه من شرائح المجتمع وزيادة الجهد الضريبي للدولة على المستوى الاتحادي والولائي ومواجهة تجنيب الإيرادات وخفض بند شراء السلع والخدمات للوحدات الحكومية بنسبة (30%)، حيث تم تنفيذ ضوابط السفر الجديدة التي يتوقع أن تؤدي تلقائياً إلى خفض التكلفة وتم وفقاً لذلك تحصيل رسم تركيز على المواد البترولية وعلى سلعة السكر وتفصيل تحصيل الرسوم المصلحية بالزام الوحدات الحكومية بتوريد الإيرادات كاملة لحساب الصندوق القومي للإيرادات وحظر التصرف فيها مع عدم فرض أي رسم إضافي خارج الموازنة، وتم كذلك إحكام عمليات التنسيق بين السياسات المالية والنقدية ومراقبة أداء المؤشرات الاقتصادية الكلية ومراجعة تطوير السياسات اللازمة لبسط الاستقرار الاقتصادي وخفض تكلفة المعيشة. وتناولت الورقة كذلك الرؤية المستقبلية التي تمثلت في تعزيز قدرات البلاد الدفاعية والأمنية وحفظ سيادة البلاد والمحافظة على استقرار الأحوال المعيشية للمواطنين ومحاصرة عوامل تدني مستوى المعيشة للقطاعات والشرائح الاجتماعية الضعيفة، ومحاربة انتشار بؤر «الفقر والعوز» عن طريق الدعم الاجتماعي المباشر والتمويل الأصغر ودعم الطلاب والفقراء والأسر الفقيرة وتحريك واستغلال طاقات القطاعات الانتاجية لسد الفجوة في السلع الرئيسية وإعادة صياغة دور العنصر البشرى وبناء قدراته وخفض معدلات البطالة واستقطاب رأس المال الأجنبي وإحداث طفرة في الاستثمار بالسودان عن طريق الاستثمار المباشر وإنتاج سلع للأسواق المحلية والعالمية، بالإضافة إلى استقلال الميزة التفضيلية في البلاد.