الخرطوم 21 أكتوبر 2019 – قوبلت قرارات رئيس الوزراء السوداني، عبد الله حمدوك، الأخيرة والقاضية بالتخلص من قادة مؤسسات مدنية محسوبين على النظام السابق ارتياحا وسط المؤيدين للثورة التي أطاحت بالرئيس عمر البشير وحزبه من سدة الحكم، كما سمى حمدوك الأحد أعضاء فريق التحقيق في فض اعتصام القيادة العامة. وخلال الأيام الماضية أطاح حمدوك بالتشاور مع وزرائه بعدد كبير من المسؤولين في وزارات ومؤسسات يعتقد أنهم محسوبين على نظام الرئيس المعزول عمر البشير، وعين بدلا عنهم قيادات جديدة، بينما تحدثت تقارير صحفية عن اتجاه لتنحية مجموعة جديدة وسط الدبلوماسيين والعاملين في سفارات خارجية وتعيين آخرين. وسمى حمدوك الأحد اعضاء "اللجنة الوطنية المستقلة" للتحقيق في فض الاعتصام برئاسة المحامي نبيل أديب، وعثمان محمد عثمان، مقررا، ومن النيابة الجنائية، صهيب عبد اللطيف مقررا مناوبا. وتضم في عضويتها، عصمت عبد الله محمد طه، خالد مهدي، إلى جانب محمد زين الماحي، وأحمد الطاهر النور، وفق القرار. وتختص اللجنة بالتحقيق في "الأحداث والوقائع التي تمت فيها انتهاكات لحقوق وكرامة المواطنين بمحيط القيادة العامة للقوات المسلحة والولايات". واعتبر المتحدث الرسمي باسم تجمع المحامين الديمقراطيين، طارق كاديك، في حديثه ل"سودان تربيون"، تسمية نبيل أديب رئيسا للجنة، والعضوية الأخرى "انتصار لإرادة الثورة". وأوضح أن الصلاحيات التي أعطيت للجنة ستكشف الحقائق بشأن الانتهاكات، وتحقيق مطلوبات مهام الفترة الانتقالية. ومنح القرار اللجنة صلاحيات "التحقيق بغرض تحديد الأشخاص المسؤولين عن فض الاعتصام بالتحريض أو المشاركة أو الاتفاق الجنائي أو ارتكاب أي انتهاكات أخرى". وتختص كذلك بتحديد وحصر عدد الضحايا من الشهداء والمصابين والجرحى والمفقودين، وقيمة الخسائر المالية والجهات والأشخاص المتضررين من ذلك. كما يحق للجنة استدعاء أي شخص أو مسؤول حكومي أو نظامي أو موظف عام بغرض الإدلاء بشهادته أو التحقيق. وأشار القرار إلى أن من اختصاص اللجنة أيضا "طلب العون الفني من الاتحاد الإفريقي عبر وزارة الخارجية". وألزم وزراء الدفاع والداخلية والصحة ومدير جهاز المخابرات بتسهيل مهام اللجنة. ولفت إلى أن تكون مدة عمل اللجنة ثلاثة أشهر يجوز تمديدها، بناء على توصيتها لمدة مماثلة، على أن ترفع تقريراً شهريًا عن سير أعمالها لرئيس الوزراء. ومنح القرار اللجنة حق تجميد الحصانات القانونية للقيام بعملها. وحسب بيان تجمع المهنيين، فإن قرار تشكيل لجنة التحقيق، يضع لبنة أولى في صرح التحقيق النزيه والكشف عن مرتكبي تلك الجريمة التي أثقلت القلوب بحزن وغضب عظيمين. وأضاف، "مهمة هذه اللجنة ثقيلة بثقل الجرم، وستجد منا كل الدعم لكي تجلب كل من خطط وأمر وشارك ونفذ إلى العدالة". وناشد كل من يمكنه أن يفيد عمل لجنة التحقيق من أسر الشهداء والمفقودين وشهود مجزرة فض الاعتصام أو ما صاحبها من انتهاكات، ومن تعرضوا للاعتداء البدني أو الجنسي، وكل من له معرفة بالمشاركين أن يتقدموا للإدلاء بما لديهم أمام هذه اللجنة. وتابع " وسيكون ضمان استقلالية هذه اللجنة وقدرتها على الوصول لما تشاء من معلومات وحماية مسار عملها مسؤولية جماهيرية ودينا للضحايا في الرقاب، سنتعهده بكل سبيل حتى الوصول لنتائج مقنعة وصادقة تضع الملح على الجراح والنقاط على الحروف". وفي 21 سبتمبر الماضي، أصدر حمدوك، قرارا بتشكيل لجنة تحقيق مستقلة في فض اعتصام الخرطوم، في 3 يونيو الماضي، بموجب نصوص الوثيقة الدستورية للفترة الانتقالية للعام 2019. وأفادت وزارة الصحة بسقوط 61 قتيلا خلال فض الاعتصام، الذي كان يحتج المشاركون فيه على ممارسات المجلس العسكري، الحاكم آنذاك، ويطالبونه بتسليم السلطة إلى المدنيين. بينما تقول قوى التغيير إن عدد الضحايا 128 قتيلا، وتحمل المجلس العسكري مسؤولية مقتلهم، بينما يقول المجلس إنه لم يصدر قرارا بفض الاعتصام. اعفاء مسجل تنظيمات العمل وأعفى حمدوك الأحد مسجل تنظيمات العمل، المسؤول عن الاتحادات والنقابات العمالية، من منصبه، طبقا لتصريح مقتضب جاء فيه "أصدر رئيس الوزراء قرارا بإعفاء مسجل تنظيمات العمل عوض جعفر محمد علي بتوصية من وزير العدل وتعيين محمد عوض الكريم عبد الوهاب بدلا منه". وجاء قرار الإعفاء بعد أيام من مطالبة كيانات أهلية، بإقالة المسؤول على خلفية قراراه بإنهاء دورة الاتحادات المهنية بالسودان حيث رأت أن الخطوة " تصب في اتجاه الثورة المضادة". وأصدر المسجل المعزول في 14 أكتوبر الجاري، عوض جعفر محمد على، قرارا بانتهاء دورة الاتحادات المهنية 2014 – 2019، على أن تتحول المكاتب التنفيذية للاتحادات إلى لجان بمهمة واحدة، هي الإعداد لإجراء انتخابات خلال 3 أشهر. وأثار القرار رفضا من جانب كيانات عديدة معنية، شملت، "لجنة أطباء السودان"، "لجنة صيادلة السودان"، "شبكة الصحفيين"، "مبادرة استعادة نقابة المهندسين"، تجمع المهندسين الزراعيين، "اللجنة الموحدة لأطباء الأسنان" و"اللجنة التمهيدية لنقابة الأطباء البيطريين". وتبذل كيانات عديدة جهودا لاستعادة الاتحادات المهنية، عبر تنظيم مؤتمرات تأسيسية وإقرار نظام أساسي، بينما يتيح قرار انتهاء دورة عمل الاتحادات للمحسوبين على نظام البشير البقاء في قيادة تلك الاتحادات لثلاثة أشهر، مما يفاقم مخاوف معارضيهم من إمكانية سيطرتهم وتأثيرهم على الانتخابات الجديدة. ووفق بيان صادر عن تجمع المهنيين السودانيين، تلقته "سودان تربيون"، فإن قرار إقالة مسجل عام تنظيمات العمل، يزيح أحد وجوه النظام البائد عن مسار استعادة العمل النقابي لعافيته المؤسسية وديمقراطيته. ولفت الى أن الخطوة ينتظر أن تتبعها أخريات بحل لجان نقابات المؤتمر الوطني، وتسمية أخرى تقود مرحلة الانتقال إلى نقابات منتخبة تعبر عن جماهير العاملين في ظل قانون يعيد بناء النقابات على أسس الفئة، وينهي قانون نقابة المنشأة المعطوب. وقال طارق كادنيك، ل"سودان تربيون"، إن قرارات رئيس الوزراء، عبد الله حمدوك، بشأن تعيين مسجل جديد لتنظيمات العمل، وتسمية أعضاء لجنة التحقيق، "خطوة في طريق التصحيح". وأضاف، "سعيد بتلك القرارات، خاصة وأن مسجل تنظيمات العمل، محمد عوض الكريم، شخص مشهود له بالمهنية، وسيقوم بتنفيذ مطلوبات الفترة الانتقالية على أكمل وجه.