أبدت مجتمعات في شرق السودان مخاوف صريحة من عدم تنفيذ اتفاق السلام الذي توصلت إليه الحكومة والجبهة الثورية، حيث أغفل الاتفاق تحديد جداول زمنية لتنفيذه. ووقعت الحكومة والجبهة الثورية، الجمعة، اتفاقا لمسار الشرق ضمن مفاوضات السلام المنعقدة بين الحكومة والحركات المسلحة، بجنوب السودان. ويتخوف مراقبين من أن يؤدي الاتفاق إلى حالة استقطاب قبلي، قد تؤدي إلى أعمال عنف، على الرغم من قبول معظم المجتمعات المحلية للاتفاق. وخصص الاتفاق 30% من المناصب على المستوى التشريعي والتنفيذي في إقليم الشرق للمؤتمر البجا المعارض والجبهة الشعبية. وضمن نسبة 14% من مجموع الوظائف العامة في مؤسسات الدولة لأبناء الإقليم، وذلك بعد معالجة الاختلال في الخدمة المدنية. وتأمل الحكومة في إعادة هيكلة مؤسسات الدولة بإسرع وقت ممكن، لمعالجة الاختلال الذي حدث فيها طوال الثلاثين عامًا الفائتة، وهي الفترة التي حكم فيها الرئيس المعزول عمر البشير البلاد. وأشار رئيس الوزراء عبد الله حمدوك، الجمعة، إلى أن هيكلة مؤسسات الدولة تعد أبرز التحديات التي تواجه الحكومة الانتقالية. وقال الناشط السياسي، خالد محمد، ل "سودان تربيون"، السبت، إن مجتمع الهدندوة يرفض هذا الاتفاق، دون أن يستبعد أن يكون وراءه الرفض مساعد الرئيس المعزول موسى محمد أحمد، الذي أشار إلى أنه ظل على الدوام يؤثر على آراء مجتمع الهدندوة. ويري نور أن الحل الوحيد لإنهاء حالة الاحتقان القبلي والسياسي في إقليم الشرق، ضم الرافضين إلى مؤتمر قضايا الشرق، لسماع مطالبهم الخاصة بتنمية مناطق محددة في الإقليم وزيادة تمثيلهم السياسي، حيث نص الاتفاق على توصيات المؤتمر المرتقب ستُعد جزء منه. وأشار خالد محمد نور إلى مخاوف مجتمعات الشرق من عدم تنفيذ بنود الاتفاق، الذي أغفل جداول تنفيذ الاتفاق، على الرغم من إقراره تكوين لجنة عليا لتنفيذه مكونة من الحكومة والقوى المدنية والسياسية بإقليم الشرق، إضافة إلى مؤتمر البجا المعارض والجبهة الشعبية المتحدة للتحرير والعدالة، وهما المكونان اللذان وقعا مع الحكومة الاتفاق، باعتبارهما جزء من الجبهة الثورية. ويفتقر المكونين إلى ثقل سياسي مؤثر في إقليم الشرق، مما يضاعف من مخاوف عدم تنفيذ الاتفاق، حيث لا تزال القوى الأهلية المتمثلة في زعماء القبائل مهيمنة على الأهالي في الإقليم، الذي يشتهر بأنه يعاني من الفقر والمرض والجهل. وقال نور إن الاتفاق "أغفل أيضًا المدى الزمني لتنفيذه، حيث لم يوضح أن تنفيذه سينتهي بنهاية الفترة الانتقالية في 2022، أم ستعمل الحكومة المنتخبة بعد نهاية الفترة الانتقالية على إكمال تنفيذه بنود". واشتمل اتفاق سلام الشرق على قضايا قومية وأخرى محلية. ومن أبرز القضايا القومية هي الإقرار بتسليم الذين أصدرت محكمة الجنائيات الدولية بحقهم أوامر قبض، بعد أن وجهت ليهم ارتكاب جرائم حرب وجرائم إبادة جماعية في إقليم دارفور، والمطلوبين على رأسهم الرئيس المسجون عمر البشير. وإضافة إلى التعاون مع المحكمة الجنائية، أقر الاتفاق التوقيع على المعاهدات الدولية المتعلقة بحقوق النساء والأطفال. وطالب الاتفاق بتغذية صندوق تنمية وإعمار الشرق بمبلغ ابتدائي قدره 348 مليون دولار، وذلك بعد مراجعة الصندوق واختيار مدير تنفيذي له. وتكون الصندوق إبان حكم الرئيس المعزول عمر البشير بعد توقيعه اتفاق سلام مع مؤتمر البجا الذي يقوده موسى محمد أحمد. وتتكاثف الاتهامات إلى الصندوق بالفساد المالي والإداري والعمل على تنمية مناطق بعينها، في وقت تحتاج المنطقة إلى بناء مستشفيات ومدارس، وهذا ما نص عليه الاتفاق الجديد.