الخرطوم 24 أكتوبر 2020 – قالت وزارة العدل السودانية، إن حكومة الانتقال تمتلك تفويضاً لإقامة علاقات مع إسرائيل في سبيل تحقيق مصالح السودان، وذلك في أول رد رسمي على مواقف قوى في الائتلاف الحاكم تعارض الخطوة. وتقول قوى سياسية منضوية تحت لواء التحالف الحاكم، من بينها الحزب الشيوعي والبعث السوداني وحزب الأمة، إن حكومة الانتقال لا تمتلك تفويضاً لإقامة علاقات مع إسرائيل وأن القرار يُتخذ من برلمان منتخب. وقال وزير العدل، نصر الدين عبد الباري، في تصريح تلقته "سودان تربيون" السبت: "إن الحكومة الانتقالية مفوضة بموجب الوثيقة الدستورية بإدارة السياسة الخارجية بتوازن وباستقلالية، ووفقاً لمصالح السودانيين، التي تتغير بتغير الزمان والظروف". وأضاف "الوثيقة الدستورية لا تضع قيوداً غير المصلحة والاستقلالية والتوازن في ممارسة الحكومة لسلطة وضع وإدارة السياسة الخارجية، ولا تمنع إقامة علاقات مع إسرائيل". والوثيقة الدستورية هي دستور مؤقت يحكم فترة الانتقال جرى توقيعه بين قوى الحرية والتغيير والمجلس العسكري الانتقالي قبل حله. وأشار الوزير إلى أن الحكومة التي يقودها رئيس الوزراء عبد الله حمدك تملك القدرة السياسية على اتخاذ القرارات الكبري "لأنها ليست حكومة انتقالية تقليدية، وإنما حكومة تأسيسية". وأكد على أن السياسة الخارجية "لا ينبغي أن تحددها اتجاهات وقناعات ايدلوجية فردية أو حزبية، وإنما المصالح، والمصالح فقط". والجمعة، أعلنت الخرطوم اعترافها بتل أبيب، والشروع في خطوات جدية للتطبيع وفقًا لبيان مشترك صادر عن رئيس مجلس السيادة ورئيس الوزراء السودانيان ورئيس اميركا ورئيس وزراء إسرائيل. لكن وزارة الخارجية السودانية قالت إن الخطوة لا تعتبر سارية قبل الموافقة عليها من المجلس التشريعي، المتوقع تشكيله في القريب العاجل. وانتقد الوزير القوى الرافضة للتطبيع تحت ستار المساس بالثوابت. وقال "لا يوجد شيء يسمى "ثوابت الأمة السودانية،" لأنه لم يحدث إجماع رسمي في تاريخ السودان على مبادئ تأسيسية محددة وملزمة". وأضاف"النخب السياسية المهيمنة تاريخياً في هذا البلد تفترض أن ما تؤمن به من مبادئ ينبغي أن يكون ملزماً لكل الشعب السوداني المتباين، وأن من يخالفها في ذلك خائنٌ". وأكد عبد الباري أن انحياز الحكومة السودانية لمصالح السودانيين وانفتاحها على إسرائيل أو أي دولة أخرى لا يعني تسبيب ضرر أو أذى لأي دولة. وذلك في اشارة الى أن التطبيع سيكون على حساب القضية الفلسطينية. وشدد الوزير على أن قرار التطبيع سيعود بمنافع كثيرة للسودانيين في المدى القريب والبعيد، مشيرًا إلى إنه تم الاتفاق على هذه المنافع. وأضاف: "سوف يرى السودانيين أثر ذلك في الأيام القليلة القادمة". وبدد نصر الدين عبد الباري مخاوف السودانيين من أن بلادهم ستدفع ثمنا باهظا في تطبيعها مع إسرائيل. وأوضح بالقول: "إن ما يروج له بعض الناس أن ثمناً باهظاً دفعه أو سيدفعه السودان أو أن شروطاً غير عادلة فرضته الإدارة الأمريكية على السودان غير صحيح. ..كانت المفاوضات بندية واحترام، وبمراعاة مصالح الأطراف المتفاوضة، لاسيما مطالب الطرف السوداني". وكان وزير العدل ضمن فريق الحكومة المفاوض مع الإدارة الأميركية بشأن رفع اسم بلاده من قائمة الإرهاب، كما شارك في التفاوض بشأن إقامة علاقات مع إسرائيل خلال محادثات جرت في سبتمبر الماضي بالامارات. وقال الوزير إن الحكومة الاميركية وافقت على طلب رئيس الوزراء بفصل ملف إزالة السودان من القائمة السوداء ومناقشة خطوات التطبيع. وتابع: "لكن صدور قرار إزالة السودان من قائمة الدولة الراعية للإرهاب وإعلان قرار التطبيع في يوم واحد سببه التأخر من جانبنا في إكمال إجراءات فتح الحساب المشترك". والحساب المشترك هو الذي حولت اليه أموال التعويضات الخاصة بأسر ضحايا تفجير السفارتين في دار السلام ونيروبي، على أن يُفرج عنها بعد دخول قرار رفع العقوبات حيز التنفيذ بعد موافقة الكونغرس. وأشار الوزير إلى أن اتفاقية التطبيع ينبغي إجازتها من المجلس التشريعي الانتقالي أو مجلسي الوزراء والسيادة في اجتماع مشترك في حال عدم تكوين الهيئة التشريعية. ويتوقع أن ينخرط الجانبان السوداني والإسرائيلي في مفاوضات فنية بشأن إبرام اتفاق بين البلدين في القريب العاجل. ومنحت الوثيقة الدستورية سلطات المجلس التشريعي إلى اجتماع مشترك بين مجلسي السيادة والوزراء وذلك إلى حين تشكيل المجلس. وقال نصر الدين إن الاتفاقيات الدولية التي توقعها الحكومات يمكن أن تتعارض مع قوانين داخلية سارية، مشيرًا إلى "ما يحدث هو أن الحكومات تقوم بتعديل قوانينها لتتسق مع التزاماتها الدولية الناتجة عن الاتفاقيات الثنائية أو ذات الأطراف المتعددة". ويحظر قانون مقاطعة إسرائيل الصادر في العام 1958، تعامل السودانيين مع أشخاص أو هيئات أو مؤسسات إسرائيلية، ويوقع عقوبات تصل إلى السجن 10 أعوام على من يخالفه.