قال وزير العدل، نصر الدين عبد الباري، إن حكومة الانتقال تمتلك تفويضاً لإقامة علاقات مع إسرائيل في سبيل تحقيق مصالح السودان. قول وزير العدل هذا فيه من التزيد ما يتفق ومهنية الوزير،ذلك لأن الوثيقة الدستورية لا يوجد بها تفويضاً،سواء لمجلس السيادة أو لمجلس الوزراء بإقامة علاقات مع اسرائيل.فإن قصد الوزير ما نصت عليه المادة 19/1/ن: "أنه من اختصاص مجلس السيادة التوقيع على الاتفاقيات الدولية والاقليمية بعد المصادقة عليها من المجلس التشريعي الانتقالي"، فهذا نص عام عن اتفاقيات دولية واقليمية،ولا يخطر بذهن من له ذرة من معرفة بطبيعة الصراع العربي الاسرائيلي،أن يدخل الاعتراف بدولة الاحتلال والتفاوض والصلح معها- ضمن الاتفاقيات التي قصدتها الفقرة المشار اليها. أيضاً قال وزير العدل، في تصريحه المذكور الذي كان في 24/10/2020 "إن الحكومة الانتقالية مفوضة بموجب الوثيقة الدستورية بإدارة السياسة الخارجية بتوازن وباستقلالية، ووفقاً لمصالح السودانيين،التي تتغير بتغير الزمان والظروف" والرد يأتي واضحاً ليكشف عدم استناده الى أي مرجعية دستورية أو قانونية.فالذي نصت عليه الوثيقة الدستورية في المادة "16،المتعلقة بإختصاص مجلس الوزراء وسلطات الوزراء في فقرتها رقم "1" هو ما يلي: " تنفيذ مهام الفترة الانتقالية وفق برنامج اعلان الحرية والتغيير الوارد في هذه الوثيقة-يقصد الوثيقة الدستورية"،إذن هذا النص قيد مجلس الوزراء بأن المهام التي ينفذها هي مهام اعلان الحرية والتغيير-فالسؤال لوزير العدل،وهو أكاديمي ويجيد صياغة النصوص:من أين جئت بعبارة أن الحكومة مفوضة بموجب الوثيقة الدستورية لمخالفة سياسة خارجية معتمدة ضد دولة الكيان الاسرائيلي المحتل؟-لا شأن لنا برأي الوزير الشخصي ولا بإنتمائه،فهذا مكفول له مثل غيره من الذين ينادون بتطبيع العلاقات مع اسرائيل،ولكن غير مقبول من وزير العدل أن يزعم أن الوثيقة الدستورية فوضت الحكومة فيما قامت به من تطبيع من اسرائيل. كذلك قوله" وفقاً لمصلحة السودانيين": من قال للوزير أن مصلحة السودانيين يحققها خلق علاقات مع دولة تحتل المسجد الأقصى وتشرد شعب ورؤيتها الاستراتيجية عدوانية عنصرية دينية،وأهدافها تفتيت دول المنطقة. وهل مصلحة السودانيين ينفرد بتحديدها البرهان وحمدوك ووزير العدل عندما يكون الأمر متصلاً بالتحول من سياسات تتعلق بالسلم والحرب والأمن القومي؟ودولة اسرائيل في حالة حرب وعداء مع السودان وحارب وقاتل الجيش السوداني منذ حرب 48 والحروب اللاحقة؟. وأضاف وزير العدل "الوثيقة الدستورية لا تضع قيوداً غير المصلحة والاستقلالية والتوازن في ممارسة الحكومة لسلطة وضع وإدارة السياسة الخارجية، ولا تمنع إقامة علاقات مع إسرائيل" لا يا وزير العدل راجع المادة (16) من الوثيقة التي قيدت صلاحية مجلس الوزراء والوزراء: "بتنفيذ برنامج اعلان الحرية والتغيير "اليس هذا بقيد واضح لا يحتاج لتفسير أو بحث في مفرادته؟. أما حديث الوزير عن أن الحكومة التي يقودها حمدوك تملك القدرة السياسية على اتخاذ القرارات الكبري "لأنها ليست حكومة انتقالية تقليدية، وإنما حكومة تأسيسية"،وفهو حديث سياسة خرج به الوزير عن المهنية التي عرف بها وخرج به عن القيود الدستورية التي لخصتها الوثيقة-وهذا شأنه. وقال وزير العدل عن السياسة الخارجية "لا ينبغي أن تحددها اتجاهات وقناعات ايدلوجية فردية أو حزبية، وإنما المصالح، والمصالح فقط"- أوليس الذي دفع الوزير وحمدوك والبرهان للتطبيع هي قناعة مستندة الى فكر معين وفلسفة محددة؟فلماذا يريد تجريد الآخرين من حقهم في محاكمة السياسة الخارجية وفق رؤيتهم الفكرية وقناعاتهم؟. على الرغم من أن وزير العدل مطلع على القرارات الدولية التي صدرت بشأن الصراع الفلسطيني الاسرائيلي-فإنه لم يقل كلمة واحدة عن ضرورة احترام قرارات مجلس الأمن في كفالة قيام دولة فلسطين وفق القرارات الدولية،فهل سكوت الوزير مصادفة أو سهواً أم أن اتفاق التطبيع حظر على حكومة حمدوك التعرض بأي عبارة للحق الفلسطيني؟. الوزير قال أن قرار التطبيع سيعود بمنافع كثيرة للسودانيين في المدى القريب والبعيد، مشيرًا إلى إنه تم الاتفاق على هذه المنافع.وأضاف: "سوف يرى السودانيين أثر ذلك في الأيام القليلة القادمة".الشعب السوداني،رغم بؤس العيش وضيق الحال،فهو شعب ذو عزة وكرامة لا يُشترى بالحنطة الملطخة بدماء المجازر التي ارتكبيتها اسرائيل:بحر البقر ودير ياسين وقرية الكرامة وقانا وصبرا وشاتيلا ،واكثرمن(54) مجزرة منذ 1937 حتى تاريخه.ونخشى أن يكون التعويل على المساعدات الخارجية فيه تجاهل لقدرات البلاد الانتاجية من ثروات طبيعية وبشرية تكفيه وتقيه ذل تكفف دول لا تمنح قرشاً حسنة لوجه الله!. كل هذا تم في الخفاء ومن وراء ظهر الشعب السوداني صانع الثورة التي نصبت الحكومة التي تعمل من وراء ظهر الأمة في أمور حيوية وبعقلية انفرادية لا تليق بحكومة ثورة طموحها الحرية ومشاركة الشعب وقواه المنظمة في تقرير سياساته.وهذا الأسلوب يمثل فشلا وخروج عن مبادئ الثورة التي تفجرت رفضا للهيمنة والتعالي!. واستناداً للوثيقة الدستورية- المادة "21" "1" "ب" – التي تخول الطعن في أعمال مجلس السيادة ومجلس الوزراء،يجوز تقديم طعن لتجاوز اتفاق التطبيع مع اسرائيل لقانون مقاطعة اسرائيل لسنة 1958 الذي يحظر التعامل مع مؤسسات إسرائيلية، ويوقع عقوبات تصل إلى السجن 10 أعوام على من يخالفه. .وسياسياً يجب أن تطلب قوى الحرية والتغيير أجتماعا مع مجلسي السيادة والوزراء لمخالفتهما برنامج اعلان الحرية والتغيير بالتطبيع مع اسرائيل وخطورة هذه الخطوة على الأمن الوطني والقومي أدراكاً لخطط اسرائيل الاستراتيجية التي ترمي لاستغلال التنوع الاثني والتحريض لتفتيت السودان وتخريب علاقات أهله.وهذا أمر يفرض وعي مبكر من كافة الأحزاب والكيانات السياسية والمجتمعية،استعداداً لمواجهة عدو عنصري خطير لا يتورع عن ارتكاب كل ما من شأنه تفتيت المنطقة لتصبح متفقه مع طابعه العنصري.وأرجو أن أشير الى ما كتبه فهمي هويدي في جريدة الشروق المصرية بتاريخ 22/11/2011 تعليقاً على زيارة السيد/سلفاكير لدولة اسارئيل بعد انفصال الجنوب: (يذكر العميد متقاعد موشى فرحى فى الدراسة التى أصدرها له مركز ديان للأبحاث عن إسرائيل وحركة تحرير جنوب السودان أن ديفيد بن جوريون أول رئيس لحكومة الدولة العبرية وجه بصره صوب أفريقيا والسودان بوجه أخص منذ أواخر الخمسينيات وبداية الستينيات، وقال ما نصه: للوصول إلى الجنوب –يقصد جنوب السودان- كان لابد أن توجد إسرائيل فى الدول المحيطة بالسودان، وخاصة إثيوبيا وأوغندا ثم كينيا وزائير، وكأن الرجل قد نبه فى وقت مبكر إلى أن الجهد الإسرائيلى لإضعاف الدول العربية ومصر على رأسها لا يجب أن يركز فقط على دول المواجهة بل يجب أن ينتشر ليصل إلى قلب الدول العربية ذاتها والطريق إلى ذلك يكون باستثمار نقاط الضعف فى تلك الدول خصوصا الجماعات غير العربية مثل الاكراد فى شمال العراق و فى جنوب السودان والموارنة فى جبل لبنان.)والآن ها هي اسرائيل قادمة لمزيد من تخريب العلاقات بين الجماعات السودانية المتنوعة دينيا وثقافياً-فهل ادرك مجلس السيادة ومجلس الوزراء خطورة ما أقدموا عليه!.. عنوان البريد الإلكتروني هذا محمي من روبوتات السبام. يجب عليك تفعيل الجافاسكربت لرؤيته.