وزير خارجية السودان الأسبق: علي ماذا يتفاوض الجيش والدعم السريع    شاهد.. مقطع فيديو للفريق أول شمس الدين كباشي وهو يرقص مع جنوده ويحمسهم يشعل مواقع التواصل ويتصدر "الترند"    محلية حلفا توكد على زيادة الايرادات لتقديم خدمات جيدة    شاهد بالفيديو.. خلال حفل حاشد بجوبا.. الفنانة عشة الجبل تغني لقادة الجيش (البرهان والعطا وكباشي) وتحذر الجمهور الكبير الحاضر: (مافي زول يقول لي أرفعي بلاغ دعم سريع)    شاهد بالفيديو.. سودانيون في فرنسا يحاصرون مريم الصادق المهدي ويهتفون في وجهها بعد خروجها من مؤتمر باريس والقيادية بحزب الأمة ترد عليهم: (والله ما بعتكم)    شاهد بالفيديو.. لاعبون سودانيون بقطر يغنون للفنانة هدى عربي داخل الملعب ونجم نجوم بحري يستعرض مهاراته الكروية على أنغام أغنيتها الشهيرة (الحب هدأ)    محمد وداعة يكتب: مصر .. لم تحتجز سفينة الاسلحة    غوتيريش: الشرق الأوسط على شفير الانزلاق إلى نزاع إقليمي شامل    الدردري: السودان بلدٌ مهمٌ جداً في المنطقة العربية وجزءٌ أساسيٌّ من الأمن الغذائي وسنبقى إلى جانبه    أنشيلوتي: ريال مدريد لا يموت أبدا.. وهذا ما قاله لي جوارديولا    سوداني أضرم النار بمسلمين في بريطانيا يحتجز لأجل غير مسمى بمستشفى    محاصرة مليوني هاتف في السوق السوداء وخلق 5 آلاف منصب عمل    غوارديولا يعلّق بعد الإقصاء أمام ريال مدريد    امين حكومة غرب كردفان يتفقد سير العمل بديوان الزكاة    مدير المستشفيات بسنار يقف على ترتيبات فتح مركز غسيل الكلى بالدندر    نوير يبصم على إنجاز أوروبي غير مسبوق    تسلا تطالب المساهمين بالموافقة على صرف 56 مليار دولار لرئيسها التنفيذي    مناوي ووالي البحر الأحمر .. تقديم الخدمات لأهل دارفور الموجودين بالولاية    محافظ بنك إنجلترا : المملكة المتحدة تواجه خطر تضخم أقل من الولايات المتحدة    منتخبنا يواصل تدريباته بنجاح..أسامة والشاعر الى الإمارات ..الأولمبي يبدأ تحضيراته بقوة..باشري يتجاوز الأحزان ويعود للتدريبات    لم يقنعني تبرير مراسل العربية أسباب إرتدائه الكدمول    بايرن ميونخ يطيح بآرسنال من الأبطال    بالصور.. مباحث عطبرة تداهم منزل أحد أخطر معتادي الإجرام وتلقي عليه القبض بعد مقاومة وتضبط بحوزته مسروقات وكمية كبيرة من مخدر الآيس    العين يهزم الهلال في قمة ركلات الجزاء بدوري أبطال آسيا    مباحث المستهلك تضبط 110 الف كرتونة شاي مخالفة للمواصفات    قرار عاجل من النيابة بشأن حريق مول تجاري بأسوان    العليقي وماادراك ماالعليقي!!؟؟    الرئيس الإيراني: القوات المسلحة جاهزة ومستعدة لأي خطوة للدفاع عن حماية أمن البلاد    بعد سحق برشلونة..مبابي يغرق في السعادة    جبريل إبراهيم: لا توجد مجاعة في السودان    خلال ساعات.. الشرطة المغربية توقع بسارقي مجوهرات    مبارك الفاضل يعلق على تعيين" عدوي" سفيرا في القاهرة    وزير الخارجية السعودي: المنطقة لا تحتمل مزيداً من الصراعات    لمستخدمي فأرة الكمبيوتر لساعات طويلة.. انتبهوا لمتلازمة النفق الرسغي    عام الحرب في السودان: تهدمت المباني وتعززت الهوية الوطنية    تنسيقية كيانات شرق السودان تضع طلبا في بريد الحكومة    مضي عام ياوطن الا يوجد صوت عقل!!!    مصدر بالصحة يكشف سبب وفاة شيرين سيف النصر: امتنعت عن الأكل في آخر أيامها    واشنطن: اطلعنا على تقارير دعم إيران للجيش السوداني    ماذا تعلمت من السنين التي مضت؟    إنهيارالقطاع المصرفي خسائر تقدر ب (150) مليار دولار    أحمد داش: ««محمد رمضان تلقائي وكلامه في المشاهد واقعي»    إصابة 6 في إنقلاب ملاكي على طريق أسوان الصحراوي الغربي    تقرير: روسيا بدأت تصدير وقود الديزل للسودان    تسابيح!    مفاجآت ترامب لا تنتهي، رحب به نزلاء مطعم فكافأهم بهذه الطريقة – فيديو    راشد عبد الرحيم: دين الأشاوس    مدير شرطة ولاية شمال كردفان يقدم المعايدة لمنسوبي القسم الشمالي بالابيض ويقف علي الانجاز الجنائي الكبير    وصفة آمنة لمرحلة ما بعد الصيام    إيلون ماسك: نتوقع تفوق الذكاء الاصطناعي على أذكى إنسان العام المقبل    الطيب عبد الماجد يكتب: عيد سعيد ..    ما بين أهلا ووداعا رمضان    تداعيات كارثية.. حرب السودان تعيق صادرات نفط دولة الجنوب    بعد نجاحه.. هل يصبح مسلسل "الحشاشين" فيلمًا سينمائيًّا؟    السلطات في السودان تعلن القبض على متهم الكويت    «أطباء بلا حدود» تعلن نفاد اللقاحات من جنوب دارفور    دراسة: القهوة تقلل من عودة سرطان الأمعاء    الجيش السوداني يعلن ضبط شبكة خطيرة    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



(أبطال 2يوليو 76: صفوة المؤمنين...أبناء السودان البررة)
نشر في سودانيات يوم 30 - 06 - 2011


من أقوال الصادق المهدي
غرس الوطن: أم سلمة الصادق المهدي:
ستحل علينا بعد يومين الذكرى الخامسة والثلاثون على الانتفاضة المسلحة في 2 يوليو 1976 وبهذه المناسبة نهدي ما نكتبه اليوم لذكرى شهداء 2 يوليو، والعرفان والتحية للشهود متعهم الله بالصحة والعافية وجزاهم خير الجزاء عن الوطن الذي حملوه في سويداء قلوبهم وفي حدقات عيونهم وسكتوا على الأذى سنين عددا وهم ينعتون بالمرتزقة مع أنهم تراب هذه الأرض وماؤها وتيرابها وقد رووها بدمائهم الزكية في يوم 2 يوليو وقبل ذلك منذ أن عرف الناس وطنا اسمه السودان وهم الذين (كتلوا دبيبتها وقطعوا شدرتها).
وبتحيتنا لذكرى 2 يوليو وناسها،ربما قال أناس وما بالنا ننشغل بما مضى و الحاضر المؤرق لم يترك لنا متنفسا فنتهم بأننا حسانيون ننشغل بأمر، بينما الناس همهم البقاء نفسه وهمهم الوطن ذاته: يكون أو لا يكون. أو يقول قائلون ماري انطوانيت تتحدث (تلك المرأة المثال الحي لعدم الاحساس بهموم الآخرين) فبينما يتظاهر الناس من أجل الخبز تنصحهم بأكل الكيك والجاتوه!.
بالطبع ،ليس بمقدور أحد مغالطة واقع أليم نعيشه بصعوبة ورهق بل تكتب سطوره في أجزاء كثيرة منه بالدم .و بعد أحدَ عشرَ يوما لا تزيد في التاسع من يوليو القادم، ستنفصم عراه رسميا ويتحول الى دولتين، وبقيته مستغرقة: بين قتال تدور رحاه الساعة و ترقب لقتال تجمعت أسبابه وينتظر كما الأجل المحتوم ساعته.
لكننا مع ادراكنا لسوء الحال وسوءاته نزعم أن قدرا كبيرا مما نحن فيه عائد بلا ريب، لعيوب في ذاكرتنا الجمعية ولإحجامنا عن توثيق أحداثنا التاريخية، فإن استرجعناها لحاجة، يكون ذلك نقلا عن روايات المغرضين سواء كانوا مستعمراً خارجياً أم داخلياً،لا يهم فالنتيجة واحدة وهي تخليط للتاريخ .والتاريخ (المغشوش) لا يصلح نقطة للانطلاق، ولا يصلح لبنة للبناء فوقه، لتشييد قصور المعرفة المبنية على التجارب التراكمية .لذلك تكون النتيجة شعباً لا يستفيد من تجاربه يكبله ذلك العيب فلا يستطيع التقدم .
مثالنا الحي على ذلك التفريط : اهمالنا لتاريخ المهدية. وحتى بعد اتفاق معظمنا على أنها اللبنة الأولى الأهم في تاريخ السودان بحدوده الكاملة بلا شق أو طق، لم نستفد من مثال التمازج الذي ضربته ام درمان الأولى 1885 ولا أبا الثانية في الخمسينيات وحتى السبعينيات من القرن الماضي، فظللنا بسبب من ذاك التفريط ،الى اليوم بلا حماية ضد الاقتتال على الهوية مما يدور الآن في بعض أنحاء الوطن. قد يقول قائل ان إثارة النعرة العنصرية مما نعانيه اليوم، كانت كارثة من صنع انسان الانقاذ، (ولِما غالطته) لكني أقول ان عدم استفادتنا من تجارب الماضي كانت الثغرة التي دخلت بها دودة الانقاذ.
ومن أجل ذلك الغرض أرى أن انعاش الذاكرة الجمعية ، بذكرى الانتفاضة المسلحة ليس فعلا حسانيا بل عمل ينبغي النظر اليه من تلك الزاوية: زاوية إعادة قراءة التاريخ لندرك قدر أنفسنا ونمضي لمستقبلنا (ان كان في الكأس باقٍ!) .
ومن فتح تلك الملفات لي مآرب أخرى :أولها الترحم على شهدائها الذين قضوا نحبهم من أجل الدين و الوطن فقوبلوا بالاهمال والتحقير وثانيها التحية والاجلال للمنتظرين الذين ما بدلوا تبديلا فهؤلاء هم حراس مشارع الحق الذين يرجى منهم ومن نسلهم من أبناء الروح - للوطن خيرا كثيرا. وثالثها ،لازاحة ما علق بالأذهان من تشويش وتغبيش لسيرتها وذكراهم بفعل المغرضين .ورابعها ما ذكره السيد ابراهيم السنوسي في مقال نشر له بالتيار في 1/يونيو/2011 رددنا على بعض قوله بعمومية في مقال بعنوان: نصيحة الى الشيخ السنوسي وبقية اخوان السودان ، وقد عقب عليه من هم خير مني وأدرى بما عرض له غمزا ولمزا بشأن 2 يوليو ومنهم الحبيب عمي ميرغني ضيف الله في مقال بعنوان: ما هكذا يا من تزعمون أنكم رافعو راية الدِّين والحق - الصدق - العدل والأمانة .وما علمته من الحبيب عمي تيراب تندل الذي أرسل ما كتب للنشر في جريدة التيار.لكني هنا فقط في دافعي الرابع من كتابة هذا المقال أستغرب ما ذكره السيد السنوسي من اتهام بعدم اطلاعهم-أي الاخوان على كل الترتيبات مما جعلهم أكثر بعدا من الأحداث وقد كان لذلك أثره في عدم التنكيل بهم مثل الآخرين من الأنصار فأظهر لذلك فرحا لم يخفه في مقاله المذكور مما ذكرني بقوله تعالى في الآية 20 من سورة الأحزاب: (يحسبون الاحزاب لم يذهبوا وان يأت الاحزاب يودوا لو انهم بادون في الاعراب يسألون عن انبائكم ولو كانوا فيكم ما قاتلوا الا قليلا) فأردت أن أقول له هنا :حسبنا الله ونعم الوكيل.
تلك الحركة الفدائية الوطنية لحقت بها أسماء كيدية :الغزو الأجنبي و أحداث المرتزقة بينما المفارقة الحقيقية :أن جنودها وتخطيطها وهواها وغرضها وأساسها كله سوداني مئة بالمئة حتى أنهم -أي المجاهدون رفضوا حماية الطيران الليبي الذي عرض عليهم حينها مما سيتضح تفصيله في ثنايا مقالنا هذا.
ولا أدعي المقدرة على تحقيق شئ من هذه الأهداف ولكني أطمع فقط في أن يكون لي أجر السنة الحسنة بتلك الدعوة لتكريم أهل 2 يوليو أحياء وأمواتا وادراك أن مثل هذا العمل هو عبء يقع علينا جميعا أهل السودان، ومن هذا المنبر-رغم محدودية أثره أدعو لاستنفار كل الأحباب الذين لهم صلة بتلك الانتفاضة لتوثيقها ونشر ما يعرفون من أسرارها ووقائعها فقد صارت تاريخا مر عليه أكثر من 30 عاما و تستوجب الأمانة والمسئولية التاريخية البوح به وعدم حجبه لفائدة الأجيال .نعلم أن التواضع (علة) سودانية تمنع ذكر الأفعال المجيدة ونقول علة لأثرها السالب على التوثيق،وقد رزق كياننا الأنصاري بوفرة طاغية من تلك الصفة وبسببها وبسبب علو صوت الآخرين، غمط حق هذا الكيان على طول الزمان وحرم من الاعتراف بدوره الرائد السّباق في تحرير السودان واهدائه استقلاله الأول بمشاركة سودانية فريدة بالجهاد القتالي ، واستقلاله الثاني بمشاركة قومية ضمنها رغم مرارات الماضي بالجهاد المدني والاسهام في توطين الديمقراطية حتى لم يعد الهروب منها متاحا وحماية مشارع الحق حاضرا ومستقبلا بإذن الله، وما يوليو 76 الا عملا وطنيا في كتاب كانت سنن التاريخ الذي ذكرنا عنوانه ، أشرك الآخر الوطني لأن السودان لكل السودانيين لكن قيادته ومعظم جنوده هم من الأنصار الذين كان عددهم 1000مجاهد وعدد الاسلاميين 50 اشترك منهم 27 في يوم الزحف (افادة ميرغني ضيف الله عن طريق الهاتف ،27/6/2011 وهو احد قيادات الأمة ومسئول عن تنسيق الداخل في حركة يوليو 76) وكان اشتراك الاتحاديين على مستوى القيادة ومعنويا، ولم يكن لهم وجود في التشكيلة المسلحة.
خلفية تاريحية للأحداث:
في مايو 1969 قام الانقلاب المايوي بوجه شيوعي أحمر ،عادى الأنصار، فتسربت مجموعات منهم الى اثيوبيا هيلاسلاسي وقد حظوا بدعم سعودي( كان عهد الحرب الباردة ومحاربة الشيوعية) وتشكلت الجبهة الوطنية من الأمة والاتحادي والجبهة الاسلامية .كانت الهجرة الأولى استعدادا لما قد يتطور له الموقف العدائي من جانب النظام المايوي ولحماية الدين والوطن . بعد المواجهات الدموية التي ارتكبها نظام مايو ضد الأنصار في مارس1970 والتي قتل فيها امام الأنصار و 1000 من الأنصار في كل من أبا وودنوباوي تم تكثيف الهجرة الأنصارية الى أثيوبيا .
في 1971 حدث الانقلاب الشيوعي(انقلاب هاشم العطا) مما جعل نميري يفتك بالشيوعيين فتغير تبعا لذلك المسرح الاقليمي وانصرفت اثيوبيا والسعودية عن دعم الجبهة الوطنية فكان أن تحولت تبعا لذلك معسكرات الأنصار في اثيوبيا الى معسكرات للاجئين وتم نزع سلاحهم أما السعوديون فقد سعوا للمصالحة بين النظام والمعارضة لكنه صلح لم يلتزم به نميري.بدأت المعارضة في تنظيم عمل من الداخل للاطاحة بالنظام المايوي فكانت حركة شعبان سبتمبر 1973 التي بدأت التعبئة السياسية بالندوات لاعلان عصيان مدني وتنظيم المظاهرات الاحتجاجية و لكن كشف خطتها د.زكريا بشير من الجبهة الاسلامية في ندوة عامة فأجهضت.بعدها تم تضييق شديد على المعارضة ملاحقة واعتقالات .
منذ 1972م بتغير الموقف السعودي والأثيوبي من المعارضة خاطب السيد الصادق المهدي د.عمر نور الدائم ود.عبد الحميد صالح للاتصال بالليبيين نظرا لوجود أرضية مشتركة يمكن الاتفاق على أساسها على الأهداف وتم التقارب بواسطة السيد بابكر كرار بالتنسيق مع د.عمر نور الدائم الذي رأى اشراك الآخرين من جبهة المعارضة فأرسل للسادة: حسين الهندي وعثمان خالد. وتم اجتماع في طرابلس ضم ممثلين للقيادة الليبية والمعارضة السودانية واتفقوا على نقاط أهمها التعاون على اسقاط النظام قيام وحدة اندماجية بين البلدين بتنظيم سياسي واحد وتطبيق الشريعة الاسلامية في نوفمبر 1973م .
موقف الأحزاب من الاتفاق:
الاتحاديون لم يطلب تأييدهم لأن الأخ حسين الهندي اعتبر نفسه مفوضا عن مؤيديه في الداخل،
الأخوان المسلمون قرروا قبول الاتفاق وشجب الأخ عثمان خالد على الدخول في اتفاق مصيري دون تفويض محدد، الأخ الصادق المهدي وزملاؤه رفضوا الاتفاق وأبلغوا الأطراف المعنية بذلك ورفضوا كل ما يترتب على الاتفاق من مساعدات ليبية وأرسلوا اقتراحا باتفاق بديل، أدى هذا إلي تجميد حتى النظر في الأمر.
اتفاق جديد مع الليبيين:
وفي أبريل 1974م بعد الخروج من الاعتقال مباشرة سافر السيد الصادق المهدي إلى لندن مستشفيا حيث اجتمع الصادق بالسادة حسين الهندي، وعمر نور الدائم وتفاكروا حول الموقف واتفقوا أن يتم اجتماع مع القيادة الليبية. فأرسلت القيادة الليبية وفدا مكونا من السادة: أبو زيد درده، صالح الدروقي، وبشير سعد وآخرين حيث تم الاتفاق على عدة أشياء في مقدمتها :ليبيا تساعد الجبهة السودانية في نشاطها المعارض للنظام السوداني عليى أن تقرر الجبهة السودانية وسائل المعارضة ولا تدخل ليبيا طرفا مباشرا،تساعد ليبيا في التسليح،بالنسبة لأي شكل اتحادي مع ليبيا يكون ذلك بالتشاور مع أهل السودان بعد نجاح الحركة.
في المعسكرات بليبيا كان الاشراف المباشر للسيد حسين الهندي يعاونه السيد احمد سعد عمر ثم يعاونه السيد الصادق يعقوب أبو نفيسة وكان الجميع يعملون تحت قيادة الأنصار يباشرها السيد الصادق المهدي (كتاب المصالحة الوطنية ،الصادق المهدي).
الأنصار في الهجرة
معسكرات الأنصار في اثيوبيا ثم في ليبيا من بعد، كانت كما كتب الامام الصادق في مجلة شعاع (في العدد رقم صفر ،26يناير 2000 والتي أصدرها جيش الأمة للتحرير من أسمرا بمناسبة ذكرى تحرير الخرطوم ) قال الصادق (كانت هجرة فدائية لم يشهد لها التاريخ مثيلا لأن هجرتهم كانت بغير الأهل والعشيرة فكانوا رهبانا بالليل وبالنهار وعاشوا بسلوك الصحابة والحواريين حتى شهد موظفو غوث اللاجئين له :هذا صنف فريد من البشر وهذه معسكرات لاجئين لم نشهد لها مثيلا.وعندما انخرطوا في التدريب العسكري كان استيعابهم هو الأعلى يحفظون تفاصيل السلاح كما يحفظ الحوار لوحه وفي ليبيا شهد مدربوهم للامام الصادق :لقد دربنا كثيرا من المناضلين لم نشهد انضباطا ولا حماسة ولا حرصا على استيعاب السلاح واستعماله والتدريب العسكري مثل هؤلاء)انتهى.
وهنا لا بد لنا من الالتفات لهذه الصفات ولفت نظر علماء الاجتماع والسياسيين والمصلحين الاجتماعيين مرة بعد مرة ،من أجل الوقوف والتساؤل حولها وتدارسها ، لأن تلك الصفات- حقيقة هي ما يحتاج اليه وطننا الممزق أشلاء بأثر العنصرية والإثنية والتهتك الأخلاقي .
ما تفسير الصفات التي تميز أهل هذا الكيان؟
يختلف علماء الاجتماع حول هل صفات الإنسان بيئية أم وراثية؟ وقد ناقشت ذلك في بحث لنيل درجة الماجستير عن أثر التنشئة الاجتماعية في العمل الطوعي فبينما يقول علماء السوشيو- بيولوجي بأن أفعال الإنسان تنتج عن تعليمات مطبوعة في جيناته، نجد أن الفكر السائد في علم الاجتماع يركز على أن تصرفات الإنسان الاجتماعية مكتسبة ومتعلمة أكثر منها فطرية. وهذا ما أثبته العالم John B. Watson في نظريته عن السلوكيات(Behaviorism) أن سلوك الإنسان ليس فطريا موروثا بل مكتسب، بحث بعنوان أثر التنشئة الاجتماعية في العمل الطوعي ،ام سلمة الصادق،معهد الكوارث واللاجئين،2007).
هذا الأثر الواضح البصمات للتنشئة الاجتماعية نلحظه في سلوك الأنصار الذين تعرضوا لجرعات مركزة من راتب الامام المهدي في البداية تحت اشرافه حيث نجح في تحويل قبائل سودانية متنافرة ومتصادمة لا يجمعها كيان ولا هدف وتتحكم في مفاصلها عنصرية بغيضة الى قوات قتالية تؤمن بأهدافها ولا يفرق بينها عرق أو عنصر لدرجة بعيدة جعلت (الحر يقول للعب يا سيدي)بحسب تعبير ود سعد عن هذا التحول في القيم، فصارت ام درمان بوتقة انصهار حقيقية لو اتيح لنهجها الزمن الكافي لما كان هذا حالنا.هذه العبقرية لم تكن وقفا على الحرب وحدها بل تعدتها الى البذل في كل مجال مثل التوثيق والتدوين مما أشار اليه ابو سليم في كتاب الحركة الفكرية في المهدية، وقد ظهرت تلك الروح المنضبطة حتى في المظاهر السلوكية مثل اللبس المهندم والاقلاع عن كل ممارسة قميئة مثل التدخين والتمباك، ثم في العمل الاقتصادي حيث كان انتاج القطن والفواكه والصناعات اليدوية التي حولت الجزيرة أبا القرية الصغيرة في الخمسينيات الى مركز اشعاع حقيقي يصدر العمال المهرة لبقية السودان ومن أمثلتها ردم الجاسر في سويعات ، ممرا لعبور الوفد الاقتصادي المصري برئاسة صالح حرب باشا الذي زار السودان في 1935م .وحتى السبعينيات كانت أبا دون حاجة لمركز شرطة وقد أفادني الفريق شرطة معاش كمال عمر بابكر بأنه قد تم تعيينه في أبا في ذلك الوقت وقد كانوا يجلسون في المركز بلا عمل لأن الجزيرة أبا كانت مدينة فاضلة لم تدنسها موبقات .وأكرر مرة أخرى الطلب الى أهل الاختصاص بدراسة تلك الظواهر وأسبابها للاستفادة منها وتوظيفها .
ترتيبات حركة يوليو:
قبل التنفيذ الفعلي للحركة رأى السيد الصادق المهدي اعطاء مجال أخير للنظام المايوي للتفاهم مع المعارضة لكنه مجهود لم يكلل بالنجاح فمضت المعارضة في ترتيبات يوليو.
تم عرض القيادة العسكرية للحركة من قبل السيد الصادق المهدي على الشهيد العقيد محمد نور سعد واستشارته في جدواها بصفته صديق وعالم عسكري . سافر العقيد محمد نور سعد إلى المعسكر الغربي(ليبيا) وأشاد بما رأى ووافق على القيادة .
عقد مؤتمر حربي أول في بنغازي في إبريل 1976 وتم الاتفاق فيه على تفاصيل الخطة الميدانية وتوزيع التكليفات المحددة من دخول قائد الحركة والاشراف على تسريب المجاهدين ودفن السلاح والتنسيق مع القوات المسلحة وتحريك الشارع وتأمين الحركة باحتياطي المهاجرين من الشرق والسلاح الثقيل ليصل في ظرف 30 ساعة من ساعة الصفر.ثم عقد مؤتمر اشمل في لندن قبل دخول القائد العسكري للسودان في 20/4/1976م وحضره كل أعضاء المكتب السياسي للجبهة الوطنية ومعهم الشهيد محمد نور سعد واستعرض المجتمعون الموقف وقرروا الترتيبات النهائية للتنفيذ واتفقوا على البيان وكيفية بثه واطلاق سراح السياسيين في كوبر للمساعدة في تحريك الشارع كما تمت مناقشة الميثاق منذ يناير 1976 من قبل أطراف الجبهة عبر جلسات عديدة وبعد اجازته صدر كتيب يحمل نص الميثاق الذي يحتوي على نظام الحكم والاصلاح وما يراد للنظام الديمقراطي من ضمانات.
خطة 2 يوليو الميدانية:
كانت خطة من ثلاث شعب:الجانب العسكري: تسريب القوى الفدائية وكمونها داخل العاصمة وتوفير سبل المواصلات لها عن طريق لوارى وعربات تشترى داخل السودان وتسريب الأسلحة الخفيفة اللازمة للتحرك الأول ودفنها لتكون في المتناول بالداخل ،جانب تنسيقي مع القوات المسلحة :إدخال القائد العسكري للحركة ليتولى التنسيق مع القوات المسلحة فلا يتم تحرك معزول منها .وجانب شعبي : لينسق مع القوى الشعبية أيضا فتقوم بدورها .
أدى المجاهدون كما هو متوقع من مثلهم أدوارهم في 2 يوليو بانضباط شديد وفي سرية تامة حيث تسربوا الى مواقعهم المحددة ودفنوا السلاح كما هو مطلوب ولو كان كل الأمر أوكل اليهم لما فشلت يوليو ولما لحقها باطل من بين يديها ولا خلفها....
هذا الحظ من النجاح لم يشمل الجوانب الأخرى (التنسيق مع القوات المسلحة وتحريك الشارع)لأسباب مختلفة أهمها كما ذكر صديق البادي في كتابه الجبهة الوطنية أسرار وخفايا أن الفشل يعزى للصمت مما أتاح للنظام المايوي التمكن من بث الشائعات عن طريق اذاعة جوبا: ان من قاموا بالحركة مرتزقة رغم أنهم سودانيون تدربوا في الخارج كما عرض التلفزيون صورا من الارشيف لمتمردي بيافرا باعتبارهم الغزاة(ص95 ،صديق البادي).
بالنسبة للقوة التأمينية بقيادة السيد الصادق التي تحركت من الكفرة قرر قائدها الرجوع منعا لسفك مزيد من الدماء وقد كانت خطة يوليو معتمدة على عنصر المفاجأة لتقليل الخسائر أما وقد صارت مواجهة بين باطل تسنده أبواق الاعلام وحق ينقصه الافصاح مما يجعل المواجهة الواسعة مكلفة ففضلت القيادة الرجوع .
كما يقول الصادق في كلمته في شعاع(مصدر سابق) ان انتفاضة يوليو مع أنها لم تحقق كل أهدافها فانها لم تذهب هدرا فقد كان من نتائجها اثبات قدرات قديمة متجددة للكيان الأنصاري أقنعت الطاغية نميري أن القوى السياسية لم تقبر مما جعله يجنح للسلم فكانت المصالحة الوطنية واطلاق سراح المعتقلين في يوليو 1977 والتي كان من نتائجها التمهيد للانتفاضة الشعبية في ابريل 1985 التي أزاحت نظام مايو البغيض .
ليس لنا من اضافة سوى النداء مرة أخرى بالانضمام للسيد محمد الحسن محمد عثمان القاضي السابق الذي كتب في 29/يونيو/2010 على سودانيز اون لاين تحت عنوان ( أحداث دار الهاتف 76 ):ان ذكرى تضحية شهداء يوليو 76 على الابواب فلماذ لانكرمهم ونكرم اسرهم ونزيل هذا الاسم الوصمة (المرتزقة ) الذى التصق بهم ونكشف عما جرى فى تلك الايام.
وسلمتم
الصحافة
نشر بتاريخ 30-06-2011


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.