صادف أمس السبت الموافق 2 يوليو الذكرى الخامسة والثلاثين لذلك الانقلاب العسكري الذي نفذه مدنيون مسلحون ومعهم عسكريون متقاعدون، على رأسهم العميد محمد نور سعد، وقد استطاعوا دخول العاصمة واحتلال بعض المرافق الاستراتيجية. ثم بعد يومين دحر المايويون الانقلاب الذي لم يتمكن من إذاعة بيانه الأول لفشله في تشغيل الإذاعة، وقد أطلقوا عليه اسم انقلاب المرتزقة وما زال يُشار إليه بهذا الاسم رغم سقوط النظام المايوي منذ أبريل 1985م. ولأن الانقلاب لم يتمكن من إذاعة بيانه الأول فقد سمّاه الكاتب الصحفي الراحل المصري محمد جلال كشك الانقلاب الأبكم. وكان واضحاً أن الانقلاب شكّل إهانة باللغة للنظام المايوي إذ كيف يستطيع مدنيون مسلحون احتلال المرافق الاستراتيجية في العاصمة المثلثة. وكان وراء انقلاب 2 يوليو 76 أو كان مدبروه ومنفذوه هم الأحزاب الثلاثة الكبيرة الأمة والاتحادي الديمقراطي والجبهة الإسلامية القومية التي لم تكن قد اتخذت بعد هذا الاسم فضلاً عن أنها أصبحت الحزب الكبير الثالث في ما بعد وتحديداً بعد انتخابات 1986م. وقد وفّر نظام الرئيس الليبي العقيد معمر القذافي المال والسلاح للانقلابيين الذين تلقوا بعض التدريب العسكري في ليبيا وما أكثر الدوافع التي جعلت العقيد القذافي أمين القومية العربية! في ذلك الوقت يضطلع بتلك المهمة ومنها الدور المشبوه الذي ظل يلعبه المتمثل في زعزعة الاستقرار وتسخيف فكرة الوحدة، سواء في المجال العربي أو الإفريقي أو الاسلامي ومنها الكراهية الشخصية المتبادلة بينه وبين الرئيس نميري الذي اعتذر عن عدم تمكنه من الاشتراك في الاتحاد مع ليبيا ومصر تقديراً لخصوصية السودان الذي أحد مكوناته الجنوب غير العربي. لقد كان انقلاب 2 يوليو 1976م آخر محاولة انقلابية عسكرية تُذكر لتغيير النظام المايوي الذي وصل إلى الحكم بانقلاب عسكري جرى تنفيذه عام 1969م وحدث قبله انقلابان عسكريان شهيران هما الانقلاب الشيوعي الذي قاده الرائد هاشم العطا في 19 يوليو 1971م والانقلاب الذي قاده المقدم حسن حسين في 5 سبتمبر 1975م. وتوقف منذ ذلك التاريخ، يوليو 76 مسلسل الانقلابات والانقلابات المضادة، وصالح الجميع تقريباً النظام المايوي وعملوا من داخل مؤسساته، ولم تكتمل المصالحة التي بدأت فعلاً بين النظام المايوي وبين بعض الاتحاديين الذين يقودهم الشريف حسين الهندي. لكن اتحاديين آخرين لا يرقى الشك أبداً إلى وطنيتهم وجسارتهم وكفاحهم ضد الاستعمار انخرطوا في النظام المايوي وكان في المقدمة منهم الدكتور أحمد السيد حمد الذي ظل يناضل ضد الاستعمار البريطاني منذ أيامه طالباً في مدرسة حلوان الثانوية بل قبل ذلك. وكان من القرارات المهمة بعد 2 يوليو 76 التوقيع على اتفاقية الدفاع المشترك مع مصر ثم ميثاق التكامل معها أيضاً، ومن المؤسف أن الحزبين الكبيرين الأمة والاتحادي بعد أن وصلا إلى الحكم عام 86 رضخا لضغوط القذافي والدكتور قرنق رئيس الحركة الشعبية وقامت حكومتهما بإلغاء الاتفاقية والميثاق!!