يوسف كوة مكي قابلته ذات مرة ثم اختفى كخيط من صباح آذان للفلاح دعوات للصلاح اعتصر القلب ثم راح خطوة عجلى فوق صهوات الجياد الجامحة التقيناه لقاءً عابراً اللغات .... المسافات .... .... .... الثقافات عابرا نحو احلامنا في البحث عن الذات من الجبال الى السهول من البيادر للحقول ثم توارى كأصوات أجراس المعابد كخيط من غروب مضى في جوف الظلام مثل شهر للصيام وليل للقيام خفقات اجنحة الحمام سحاب راحل حكايات شهرزاد عندما حل الصباح صمتها عن الكلام المباح ان تلتقي يوسف اليوم تلتقيه غدا فهو من أزمان قادمات واحلام اتيآت انسان للحقيقة والطريقة شاهق مثل هامات الجبال غيم عند اطراف النهار نسمة اطلت من هجير وصيف بسمة اطلت من خصام وشجار سلام قتل الحرب في رابعة النهار ومضة من حنين وابتهاج خير البلاد وحب العباد شعاع في ضمير نازف نيل تخضبه الدماء خيط من رجاء شوق لبلاد تحتوي كل البلاد للأبوة والامومة والطفولة فسحة من الوقت قصيرة خطوات في مسيرة مدرك معني الحياة فغاب في جوف الحياة آخذٌ من ذكريات الامس معني الخلود اعطى القادمين شيئا من نهوض نازلاً من الجبل الى السهل في عشق البلاد صاعدا نحو غايات بعيدة ظلام دامس نجم اضاء الطريق من عينيه تطل اجنحة المعابد الرمش يعود الى ابادماك الطرف يرنو الى المآذن والقباب هلال وصليب ماء وحليب فقر وفاقة طعام ومجاعة حلم واناقة نجم وإضاءة نار ونور ثقافة وثورة فكرة ودولة ظلام وانحدار قمر وانكسار فيضان وانحسار هدوء وانفجار اعواد ومشانق خيول وبنادق نهوض وصعود مرآة وشعوب غياب وعودة البركل وكاودة ايقونة من سحر المصورات غصن من نخيل الشمال زهرة من اللوتس جمر وصبر ضوء وصورة وعكة وبطولة رفض وقبول حب للجبال والسهول عشب وخريف مطر وصيف شمال وجنوب حميم ودافي رزين وصافي اغاني واماني فكرة من اركماني يوسف كوة مكي قابلته ذات مرة ثم اختفي كخيط من صباح اعتصر القلب ثم راح نحو البدايات البعيدة مذاق من قصيدة رمال كرمة ومروي وسوبا عرب ونوبة نهايات الكلام حب وانسجام ياسرعرمان ........ الخرطوم يوسف كوة مكي :- التقيته للمرة الاولي في معسكر للاجئين السودانيين علي الحدود الاثيوبية - السودانية يسمي ( اتنغ) قبل ربع قرن من الزمان وبعد مضي (25) عاماً على ذاك اللقاء الذي رتبه المناضل يوسف كندة واستمر قبل غروب الشمس وحتى فجر اليوم التالي بحثا عن الاحلام وزراعتها ! ولنكون اكثر دقة بعد تسعة ايام في 9-7-2011م فإن مكان ذاك المعسكر يقع علي حدود اثيوبيا ودولة السودان الجنوبي !! جرت مياه كثيرة تحت الجسر ولكن مايزال يوسف كوة مكي الانسان والمناضل عالي الكعب وشديد الالهام لعدد مقدر من مجايليه ومعاصريه وللأجيال القادمة ومنذ ان التقيته للمرة الاولي وحتي رحيله في مارس 2001م مايزال سحره باقي ، والذاكرة ندية لإنسان من ازمنة قادمة ومحترمة . اذا ما اسعفنا الزمن مع آخرين لابد من رسم صورة ليوسف كوة مكي الانسان والمناضل ، قبل وبعد واثناء كتابة هذه القصيدة تمر اطياف عجلى من الذكرى دون ترتيب حينما ودعته مساءً بعد زيارته لأسرتي في مدينة ناكورو الكينية وهو في طريقه الى كمبالا وقبل الوصول الى محطة البص فاجأني بصوت هادىء وحديث عادي بأن الطبيب اخبره انه قد اصيب بالسرطان وانه يود الذهاب الى لندن ولا يملك التكاليف !! .مرة اخرى وبعد سنوات طلب مني في سويسرا وهو يستسفرني عن مذكرة التفاهم مع المؤتمر الشعبي طلب مني ان احضر الى لندن ومهما كلفني الامر اذا اردت مقابلته لأنها ستكون المرة الاخيرة التي سوف اقابله فيها لان الطبيب اخبره انه اوشك علي الرحيل ورحل بالفعل بعد شهر من ذاك اللقاء !! وقمنا بزيارته والرفيق فاقان اموم ولا تزال في الحلق غُصة علي رحيله المر والفاجع والمحزن وتمر صورته ودموعه تنزل علي خديه في (NEW SITE) مقر رئاسة الدكتور جون قرنق وهو يحدث دينق الور بأن شيئين كان يتمنى حضورهما يوم تخرج ابنته (نضال) من الجامعة ونهاية الحرب والى أي شئ ستنتهي الحرب ! لم يتثنَّ له حضور اي منهما وتخرجت نضال وحازت على درجة الماجستير في العلوم في الولاياتالمتحدةالامريكية وإن لم يحضر اباها فهو حاضر رغم الغياب . سالت الدموع مرتين حينما زارني في ولاية ايوا الامريكية وامضى معي ليلا وبعضاً من نهار مجاهد يوسف كوة مكي وللوهلة الاولي حينما اطل وكأني ارى يوسق كوة مكي في ريعان الشباب يعود مرة اخرى للحياة !! فهذا الشبل من ذاك الاسد ومرة حينما ذهبنا الى العشاء وطلب مني ان احدثه عن والده وكان طلبًا لايخلو من صعوبة . تلاحق ذاكرتي صورة الحاجة الراحلة زينب سومي والدة يوسف كوة مكي تلك المرأة ذات الحس المطبوع بالفكاهة والذكاء وقد كنت آتي من الصبح لاستصحاب يوسف كوة في نيروبي لاجتماعات في مكاتب الحركة وهي تقول (كلكم يوسف ولو ما ولدتوا ليكم كان تلقوه وين وما مديني زمن معاه) . وكأني أراه مجدداً ونحن نحضر معه بجنوب كردفان المؤتمر الثاني للمجلس الاستشاري لجنوب كردفان في النصف الثاني من التسعينيات في ازمنة صعبة ومعقدة وكان شديد الوضوح فيما مضى وما ينبغي . والى اسرة يوسف كوة مكي واصدقائه وعارفي قدره وايمانه بوحدة السودان على اسس جديدة والى الحاجة زينب سومي في ملكوت بعيد والى المناضل الذي حلم بنهوض شعب النوبة في الستينيات عبر ثورات الريف اليى المدن الي يوسف عبدالمجيد والى الاجيال القادمة وهي تعبر الى مابعد حكايات النوبة والعرب الى حكايات السودان وإفريقيا والعالم العربي والعالم الفسيح نحو الاخوة الانسانية اهدي هذه المحاولة من الاعزاز والحب لأخينا الكبير يوسف كوة مكي الذي احسن إلينا في الزمان الصعب ولم ينظر الى اي القبائل كنا ننتمي وهو الذي تربي شرقا وغرباً ووسطاً وتشرب تقاليد المعلمين السودانيين وكان زعيماً وقائداً دون قشور وحلم بسودان كبير وجديد ولم ينسَ أهله النوبة.. الى يوسف كوة مكي في عليائه السامق اليه في ذكرى لقاء الشمال والجنوب الأخير في ذكرى اللقاء مع قرنق مبيور اتيم واقول له (الرصاصة لاتزال في جيبي) رصاصة من الحب والوفاء لتوحيد السودان مرة اخرى على اي صيغة يريدها اهله شمالاً وجنوباً ووسطاً وغرباً وشرقاً ونحو فضاء انساني رحب ايها القائد يوسف كوة مكي. مايو – يونيو – يوليو 2011م