حديث المدينة بأثر رجعي..!! عثمان ميرغني أمس خلال جلسة في مكتب والي الخرطوم.. وفي حديث جانبي مع وزير التخطيط والتنمية العمرانية المهندس عبد الله أحمد حمد ومعتمد محلية كرري السيد كمال محمد عبدالله.. حكى المعتمد أنه التقى ببعض الأهالي في حارات محليته.. وأنهم حينما اشتكوا من بعض ما يقلق حياتهم الآن.. طلب منهم أن يقارنوا بين حالهم الآن وما كانت عليه، ويلقوا نظرة عادلة للتطور في مستوى الحياة والبيئة حولهم.. قلت للأخ المعتمد.. إن ذلك واحداً من الأخطاء المفاهيمية الكبيرة التي تقع فيها الحكومة، أن تطلب من الناس دائماً أن يلتفتوا وينظروا إلى الوراء.. أن يقارنوا حياتهم الآن مع ماضيهم.. مثل هذه النظرة علاوة على أنها تزرع إحساس المن والأذى في نفس المواطن.. فهي أيضاً نظرة (رجعية) تجعل المقارنة دائماً بين الحال والماضي.. الأوجب – وسبق لي أن كتبت ذلك - أن نقر ونعترف أننا - دولة السودان - متأخرين أكثر من نصف قرن من عالمنا الذي يحيط بنا.. وقلت لكم لا تذهبوا بعيداً وتقارنونا بأوروبا أو حتى بإمارة دبي الصغيرة، انظروا حولنا هنا في إقليمنا في جارتنا إثيوبيا.. التي قفزت بصورة هائلة خلال العشر سنوات الماضية.. بشكل أدهش الناس رغم شحّ الموارد وعوز الحال مثلنا. ونحن في السودان لدينا موارد هائلة.. غالبها معطل.. ولدينا فرصة للقفز عالياً في الهواء لنصبح دولة غاية في التحضر. لكن المشكلة هي في (المفاهيم) التي تصرخ في المواطن (انظر خلفك.. أين كنت) والأجدر أن يقال (انظروا للعالم حولنا.. أين نحن).. وقلت لكم في مناسبة سابقة. إننا مثل فريق كرة القدم الذي اهتزت شباكه بعشرة أهداف كاملة الدسم.. إذا أحرز بعد ذلك هدافه الهدف الأول.. فلن يخلع الفانلة ويجري للجمهور في المدرجات أو يرقص اللاعبون تلك الرقصة الأفريقية، لأن الفارق لا يزال تسعة صفر.. على العكس سيجري الهداف الذي أحرز الهدف إلى المرمى ويحمل الكرة ويسرع بها لخط النصف؛ حتى يضمن سرعة استمرار اللعب عسى ولعل أن تتعدل النتيجة. لا نريد من الحكومة أن تنظر بأي فرح لما تقوم به حتى عندما تنجز.. لأننا في حالة (عشرة صفر). بل الأجدر أن تحمل الحكومة الكرة وتسرع بها إلى خط النصف لتكسب الزمن. لو نظرنا جيداً لما أنجزه الفريق إبراهيم عبود خلال ست سنوات فقط من حكمه.. ولو تخيّلنا حكم عبود استمر عشرين عاماً أخرى واستمر بنفس المعدل.. لكان السودان دولة في عالم آخر.. قطعة من أوروبا في أعماق أفريقيا. نحن في حاجة لتمزيق الخطط التي نعمل بها الآن.. وتصميم خطة جديدة وفق هذا المفهوم.. مفهوم (عشرة صفر) وننظر للمستقبل لا للماضي.. ونبدأ خطوات قفز بالزانة لنلحق القطار.. وننسى حكاية مياه تنقطع بسبب العكورة.. وموسم خريف تغرق فيه العاصمة.. وما إلى تلك المشكلات التي لا يمكن تصنيفها بأكثر من أنها (تخلّف في تخلّف). التيار نشر بتاريخ 23-07-201