قال مولانا السيّد محمد عثمان الميرغني.. (لن نشارك في الحكومة القادمة.. مهما كان العرض..) الحديث كان من القاهرة بعد لقائه بالأستاذ علي محمود حسنين.. ورغم أنّ تصريحات الميرغني دائماً لا تعبر عن موقف (دائم!) بل مجرد ظرف وقتي.. إلا أنّ ما لفت نظري عبارته ( مهما كان العرض).. العبارة تعني أنّ المشاركة في الحكومة تأتي في سياق (عرض!) وأنّ موقف رئيس الحزب الاتحادي الديمقراطي – هذه المرة – لن يقبل (العرض) مهما كان.. ماهي العروض التي تقدم في مثل هذه الحالة.. والتي رفضها مولانا مقدماً؟؟ من الواضح تماماً أنّه يقصد (عرض الكراسي) ففي قسمة الحكومة دائماً تنقضي أيام طويلة في التداول حول عدد المقاعد الوزارية و حجمها.. كم وزير اتحادي.. كم وزير دولة اتحادي.. كم وزير ولائي.. كم مستشار (لا يستشار) .. كم .. وكم..؟ وظائف كثيرة لا تخضع ل(لجنة الاختيار) ولا لأية مؤهلات فنيّة أو غيرها.. كل الذي تأخذه في الاعتبار .. الخاطر.. خاطر حزب.. أو خاطر قبيلة أو خاطر جهوي.. أو حتى أحياناً خاطر عائلة.. ما العرض الذي سيرفضه مولانا (مهما كان!) .. سنفترض أنّه يقصد رفض أي عدد من المقاعد الوزارية مهما كانت رفيعة.. وأي مناصب دستورية أخرى.. وأنّه بذلك يوفر زمن الحكومة (العريضة) أو (القومية) بحسب ما هو متداول.. لأنّ حزبه الاتحادي خارج القسمة والنصيب.. حسناً.. إذاً مولانا الميرغني حسم موقف حزبه فهو على رأس المعارضة.. باعتباره الحزب الأكبر سياسياً خارج الحكومة.. ألا يجوز هنا أن نسأل مولانا الميرغني –بكل تقدير- كيف سيعارض؟؟ وهو الذي منذ فرض عليه القدر العودة القهرية للبلاد بعد انتقال مولانا السيّد أحمد الميرغني للرفيق الأعلى.. لم يستقر في السودان إلا قليلاً.. ويقضي غالب عامه بين المملكة العربية السعودية والقاهرة.. متجنباً الاحتكاك المباشر مع (مشاكل!!) حزبه الكبيرة داخل البلاد.. ماذا يعني لشعب السودان كله أن يدخل مولانا وحزبه في الحكومة أو أن يقف في المعارضة إذا كان الحزب ممزقا بغياب قياداته في الخارج.. مولانا والأستاذ علي محمود .. وممزق بالداخل في غياب أي أجهزة أو مؤسسات قادرة على الفعل.. كل الذي يملكه الحزب (إيميلات) البريد الإلكتروني التي يرسلها حاتم السر من الخارج.. وبعض الكوادر المتطوعة من الداخل.. وفي غالبها مجرد منشورات حزبية ترتبط بمناسبات لإظهار موقف لا أكثر.. مولانا الميرغني يرتكب جريرة كبيرة في حق الشعب السوداني باعتقاله لأحد أكبر وأهم الأحزاب.. وتمزيقه وإضعافه بالطريقة التي يديره بها.. ودخوله الحكومة أو خروجه سيان طالما أنّ مولانا يحبّذ الاغتراب وممارسة السطوع الموسمي من ثُقب الأخبار.. أمّا الحكومة التي يرفض أن يدخلها (مهما كان العرض!!).. فأغلب الظن هي الأخرى لن تخرج عن التشكيلة المعتادة.. لأحزاب تبحث قياداتها عن (وظيفة!) .. وشخصيات تشتري بعز القبيلة منصباً لا تطوله بالمؤهل ولا الخبرة.. فلا تنفع القبيلة ولا شعب السودان.