زمان مثل هذا المفاوضات.. والتفرغ للعبادة الصادق الشريف ذكرت الحركة الشعبية أنّ الوفد الحكومي قد طلب تعليق المفاوضات بأديس أبابا.. حول القضايا العالقة بحجة حلول شهر رمضان. وهذه ليست المرة الأولى التي توقف فيها الحكومة مفاوضات ذات أثر مصيري.. تحججاً بحلول الشهر الفضيل. فقد سبق وأوقفت الحكومة تفاوضها مع الحركة الشعبية في منتجع نيفاشا بحجة (التفرغ للعبادة).. وحزم الوفد الحكومي حقائبه وعاد إلى البلاد. وبالطبع لم يجد المراقبون الأجانب و(أصدقاء وشركاء) الإيقاد ما يقولونه في تلك الحالة.. فلو أنّهم طالبوا الوفد الحكومي بالبقاء لإكمال المفاوضات لهاجمهم الجميع بأنّهم لا يحترمون (قدسية) الشهر الحرام ولا (مقدسات) المسلمين. ولكنّنا نملك ما نقوله لهم.. ومن صميم هذا الدين السمح.. المتسامح.. الذي يكلف الأنفس وفقاً لطاقتها.. ويعطي المزيد للمجتهدين.. ولكنّنا سنواصل سرد حديث التعطيل في رمضان أولاً. ففي العام الفائت أعلن الوفد الحكومي المفاوض للحركات المسلحة بالدوحة إيقاف التفاوض ل(التفرغ للعبادة).. وحُزمتْ الحقائبُ.. وجيئ بها إلى الخرطوم. وليس الحكومة فقط.. بل (التعطيل) و(الترطيب) في رمضان وأيام الجمع والعطلات الرسمية هو ديدن ثابت تقوم عليه الحياة في السودان. وينعكس ذلك على مجمل الحياة الاجتماعية والسياسية والاقتصادية.. فمعظم الموظفين يأخذون إجازاتهم في رمضان.. وفي أيام الجمع والعطلات يكون استخدام الهاتف (المحمول) في درجاته الأدنى.. هذا الوضع دفع بشركات الاتصالات لتقديم (حوافز) لمن يتحدث يوم الجمعة أو يستخدم الهاتف في الرسائل أو الإنترنت.. فلا يتحرك الجميع لاستغلال تلك الحوافز.. بل البعض فقط هم الذي يصطادون تلك الفرص.. كذلك وسائل المواصلات العامة تكون خاوية.. ذات الخواء تشهده الشوارع الرئيسة والطرقات الفرعية. كُنا بنقول في شنو؟؟؟. نعم.. الحكومة تنتظر رمضان بفارق الصبر لكي تقطع المفاوضات.. أيِّ مفاوضات.. ثمّ يعود وفدها إلى الخرطوم. ويمكن أن يتمّ هذا الأمر على أساس إداري أو سياسي.. يحقّ لها أن تسحب وفدها لمزيد من التشاور. أمّا إيقاف المفاوضات بحجة (التفرغ للعبادة) فهو العذر الذي لم أجد له أصلاً البته.. ولكن قبل إطلاق الأحكام دعونا نسوق الأمر خطوّة.. خطوّة. أولاً: المفاوضات التي تجري بين الحكومة والجهة الأخر(حركة شعبية/حركات دارفور/حركات الشرق/حركات الشمالية).. ليست شخصية.. بل ينكب الطرفان حول قضايا وطنية تهم كل مواطن سوداني. ثانياً: شهر رمضان هو شهر التسامي على (سوءات النفس وأثقالها).. وهو الأمر الذي تحتاجُ إليه تلك القضايا موضوع الخلاف بشِّدة. ثالثاً: أجر التفاوض أكبر من أجر العبادات الأخرى (لا سيما في رمضان) بما فيها أجر الصيام والصلاة.. بل وخيرٌ من الاعتكاف في المسجد النبوي (والذي تعتبر الصلاة فيه أفضل من ألفِ صلاة في أيِّ مسجدٍ آخر سواه).. فالتفاوض هو سعي في حاجات الناس وأمنهم وسلامهم.. والرسول الكريم عليه أفضل الصلاة والسلام يقول: (لئن أمضي في حاجة أخي خيرٌ لي من أن أعتكف في مسجدي هذا أربعين يوماً). لم يجد (شركاء وأصدقاء) إيقاد ما يقولونه.. لكن لو جاء رمضان التالي.. وجلست الحكومة للتفاوض مع الحركات المسلحة في الشرق (مثلاً) بالكويت (مثلاً).. نتمنى أن لا يقطعوا التفاوض بحجة (التفرغ للعبادة)!!!. التيار نشر بتاريخ 03-08-2011