د.الريح دفع الله عبد الرحيم [email protected] : : الإعلام :, :هو صبغة و صفة العصر الذي نعيشه حاليا و لذلك نشأ المصطلح الذي مفاده أن العالم قد صار قرية صغيرة ,,,أعتقد أن هذا القول قد تجاوزه الزمن وصار هو أيضا من الماضي السحيق فقد صار العالم لوحة صغيرة بحجم كف اليد أو هو أصغر ...فالمسافات البينية بين الأفراد و الجماعات و الأمم و الشعوب قد تناهت في الصغر كذلك ,,فليس بينك و بين الاخر إلا مقدار ما تكبس على زر من الأزرار التي بين يديك,,,, وما يسمى( بالويب سايتس ) ليس إلا ترجمة حرفية للمسافة الحقيقية التي الت اليها تكنولوجيا المعرفة والتواصل التي تلاشت معها المسافات و الحواجز الجغرافية و الثقافية و الحضارية و التاريخبة ....الويب هو في اللغة الانجليزية يعني المسافة القائمة بين الاصبعين عند قاعدتهما .....فمثلما أن القلوب بين إصبعين من أصابع الرحمن يقلبها كيف يشاء فقد أفاض الله على عباده من علمه وفتح لهم فتحا كبيرا من أسراره في كونه فصرنا بفضله نقلب العالم بين إصبعين من أصابعنا (رايت كليك و ليفت كليك) هما الإصبعان اللذان نحتاجهما لنبحر في العالم الفسيح ,,,نبحر ونسبح لا نأبه و لانعبأ بالحواجز و لا بالزمان و لا بالمكان ....نعمة من نعمه التي ..لا تعد لا تحصى ...أقول ذلك وأعلم تعلق بني وطني في السودان بالفضاء وبالكلمة المسموعة و المكتوبة و المشاهدة ...تعلقهم بالإذاعة و التلفزيون ووسائل الإعلام الأخرى لا حد له. ففي أقصى بقعة من بقاعه البهية ,,لا يهم أين تكون ..في الشرق..الغرب ..الجنوب الوسط...في البوادي و الحضر تجد صوت الراديو لا يعلوه صوت يستمعون إليه بخشوع و طرب شديدين ..و العاملون فيه يجدون من الإحترام والتقدير الشئ الكثير .... في الماضي كانوا يتحلقون حوله ..و يحتفون به و يكرمونه....يلبسونه أحلى حلة و أبهى زينة ...يلبسون الراديو و يدثرونه بالأغطية ذات الألوان الزاهية ,,,مخافة أن يتسلل إلى جوفه الغبار أو أن يخدش حياءه غلواء السفر و التنقل و الترحال ....الإذاعة محل إحتفاء كانت و الراديو كان أجمل هدية و أجزل عطية ..و البيت او المحل الذي يجد الراديو طريقه إليه هو بحق سعيد مجيد ...الراديو ما كان يفارق الناس في حلهم وترحالهم ,,,يدفعون من قوتهم و يقتطعون من ضرورياتهم ما يوفر لهم(جوز حجار) و حينما تختفي الموجات و المحطات الإذاعية يرفع أحدهم الأربل بحثا و تنقيبا في الفضاء لعله يلتقط خبرا أو أن يظفر بأغنية للكاشف أو إبراهيم عوض أو عثمان حسين أو معلومة جديدة من البي بي سي يفاخر بها قومه إذا عاد إليهم في مجلس أنس او تحت ظل شجرة أو تحت راكوبة دكان يحلو فيه السمر,,,,,يسير متبخترا متباهيا جراء ما أوتي من علم وما أصاب من معرفة . تغير حال الإعلام و ما تغير حال أهلي ,,حبهم للراديو و التلفزيون يزداد يوما بعد يوم ...فتجد الإذاعات و التلفزيونات كلها المحلية و القومية و العالمية من الإهتمام الكثير ...فالرسائل و التفاعل من قبلهم سيل منهمر.أ,, رسالة الإعلام كبيرة و ضخمة و أعتقد أن قياس الأمم و الشعوب حضارة و انغماسا..صعودا و هبوطا يأتي من خلال قياس فاعلية الإعلام فيها ,,فالإعلام هو مراة الشعوب و هو الساحة التي تبرز فيه بضاعتها وتسوق نفسها لتجد لها موطأ قدم تحت الشمس ..فكلما كان الإعلام حرا ,,نزيها فاعلا ..مستهدفا الحقيقة ..معبرا عن طموحات و تطلعات الشعوب كان ذلك الشعب او تلك الامة راقية ناهضة رائعة ... أقول هذا و في مخيلتي الفضائيات السودانية التي ملأت الساحة الان على كثرتها النسبية لكنك لا تجد الإختراق النوعي الذي يضيف للساحة الإجتماعية ..السياسية..الإقتصادية ..التعليمية..الثقافية ..بالرغم من أن سوداننا يعج بكل و احد من هذه التي ذكرت والتي يمكن أن تكون مادة إعلامية مثلما هو كائن الان في فضائيات أخرى و ذلك و اضح جدا . الساحة السودانية مليئة جدا بكل شئء على الأقل بالمشكلات و الحروب فضلا عن الخامات و الكوادر المتعطشة للمنابر ,,من علماء و أدباء و مفكرين لا نرى لهم وجودا فاعلا في فضائياتنا و إعلامنا ؟؟؟؟ الإعلام الرسمي معلوم حاله ,,فهو يدور في فلك السلطة و لا يهديها سواء السبيل ....ولعمري هذا ليس من شيم الصداقة و الوفاء ..هذا مصانعة و مداهنة و المداهنة أول من يكتوي بنارها هما المداهن (بفتح الحاء)و المداهن أيضا ..... الامر الثاني شديد الغرابة في الفضائيات التي نراها في سماء إعلامنا السوداني هو الإستهلاك الشديد للوجوه !!!! هل غير مسموح لغير هؤلاء بالظهور ؟؟؟؟ البلد مكتظ بالعلماء و المفكرين و المبدعين و الموهوبين من فئات الشباب و الكهول و الشيوخ ..... فهؤلاء يصبحون في تلفزيون السودان و يمسون على ضفاف (النيل الأزرق) و تهاتفهم( الشروق) او تنقل صورهم و اخبارهم (زول) ...الوجوه هي ذاتها ... البرامج يتم استنساخها بتشوهاتها و لا يكلفون انفسهم بإجراء عمليات تجميل ..لا تحمل الجديد أبدا ,,نفس الملامح و الشبه و القدلة زاتا و مشيتو . انا من المتابعين للإعلام السوداني و على صلة وثيقة به لكن حاله لا يسر ....فهو أقل بكثير مما ينبغي أن يكون عليه بالنظر للإمكانات الضخمة التي تميز السودانيين .. فحينما شقت هنا أم درمان الدنا كان كثير من الناس نوم و في مخابئهم ..و حينما كان تلفزيون السودان مؤسسة إعلامية ضخمة تدار بالعلم و الكفاءة و توثق للابداع و تعبر عن ضمير الامة كان نصف أهل إفريقيا جنوب الصحراء لا يكادون يفقهون قولا... ...شعبي العظيم يقرأ و يقرأ و يقرأ بنهم و يسمع بشغف و يشاهد بجنون كل ما يبث و يعرض في الفضاء الرحيب لهم من المواهب ما لا يحصى و عندهم من الطاقات ما يملأ الدنيا ضجيجا و ألقا و سحرا لكنهم لايجدون الحرية و المنابر التي تحتضن إبداعهم وتفتق طاقاتهم و تنقلهم إلى فضاء العالمين ..يبدو في الأفق أن هناك فضائيات عدة لكن عندي انها فضائية و احدة بفروع عدة في الداخل و الخارج بالنظر لما قدمته و تقدمه فكلها تدور في نفس الفلك و حبيسة للفكرة ذاتها لم تخاطب القضايا التي نعانيها و لم تشارك الناس همومها بل لعبت دورا كبيرا في إلهاء الناس و تغييبهم عن إشكالاتهم و قضاياهم الحقيقية.... الإعلام فعال لما يريد في و قتنا الحاضر و هو السلاح الماضي في البناء او الهدم لكل شعب او امة على الارض فهو مؤثر في صياغة أي مشروع نهضوي وهو رقيب علي حقوق الشعوب وصيانتها من السلب و النهب و هو الأمين على مقدراتها و مكتسباتها وكل امة رعته رعاها و اعطاها بلا حدود . مصادرة الصحف و تكميم الافواه ..و قمع الصحفيين و التنكيل بهم و قهرهم لأنهم صوت الحقيقة و تدجين الإعلام بقوة الحديد والنار و القوانين التي تقيد حرية التعبير لم تجد في الماضي مثلما هي فاشلة الان و مباشرة على الهواء من أي بقعة شئت قد مورست فيها ممارسات القرون الوسطى و عصور الانحطاط الإنساني ... التاريخ و الحاضر يؤكدان حقيقة انه كلما اتسعت مساحة الإعلام ضاقت مساحة الظلام و الخصام ..ووسع الناس اوطانهم و استقامت حياتهم ,,, كلما إزدهرت الكلمة و الحوار الراقي فوتنا للحروب الف فرصة ...و شيدنا للمجد ألف قبة ...نحن في حاجة ماسة لمبادرات جادة و شجاعة في هذا الفضاء الفسيح الذي لا حد له,,,,, مبادرات تتجاوز المداهنة و المصانعة تعبر بنا من التقليد إلى التجديد و من المحاكاة إلى الإبتكار في الفضائيات و في غيرها من ضروب الحياة تضعنا في المقدمة نهضة و تطورا نشر بتاريخ 21-08-2011