بسم الله الرحمن الرحيم (عثمان ميرغني –وحديث المدينة ليوم الخميس15/9/2011نموذجا) عمر عبدالرحمن عبدالله البشاري /[email protected] الأستاذ عثمان ميرغني من كتاب الأعمدة الذين تشدني كتاباتهم منذعهده بصحيفة الرأي العام إلي أن أصبح الآن يترأس تحرير صحيفة التيار التي تؤسس لخط الصحافة المسؤولة و تحاول أن ترد للكلمة حقها المسلوب في الصدق والأمانة والشرف لتلعب دورها الحيوي في ردع الطغيان وإحقاق الحق ونصرة المظلوم ،ورغم الجو الخانق والمضايقات المتكررة التي تتعرض لها بإستمرار لازالت مستبسلة في الدفاع عن حق حرية التعبير وعرض الرأي والرأي الآخر بكل إحترافية ومهنية جعلت البسطاء من مواطني بلادي يحرصون على إقتطاع الجنيه الغالي من قوت العيال وعيشهم ثمنا لإقتنائها وفي ذلك شهادة بأن بلاد السودان لا زالت بخير وأن أغلب أهلها لازالوا يميزون الخبيث من الطيب والغث من السمين وأن الذوق العام لا زال يرجى منه الكثير فيما يلي تحديد خيارات الحياة العامة وتحديد مسيرة وجهتها المستقبلية . الأستاذ عثمان ميرغني على رأس هذا الخط الصحفي له التحية والإحترام من هذا المقام وأنني لأوكد مرة أخرى بأني أجد نفسي مشدودا لتتبع ما يكتب لأنه يحاول ما أمكن تحري الدقة والموضوعية والحرص والأمانة والشفافية والصدق فيما يكتب وقد برهن مع آخرين أنه يمكن للإنسان في هذا الوطن المنكوب في بنيه يمكن أن يوفق بين التمسك بالموقف المبدئي من الحق والخير والجمال وإمكانيات العيش الكريم بل يمكن لهذ الموقف أن يكون سببا لنجاح الإنسان على المستويين العام والخاص وهذه كلمة حق في حق صحيفة وصحفي كانت لازمة في هذا المقام كإفتتاحية لهذا الموضوع . في يوم الخميس 15/9/2011 صدرت صحافة الخرطوم وهي تحمل على صدر صفحاتها خبر إصدار الرئيس البشير لعدد من المراسيم الرئاسية أعفى بموجبها نائبه علي عثمان وعينه نائبا أولا وعين الحاج آدم نائبا لرئيس الجمهورية وكان الخبر مثار تعليق لعدد من كتاب الأعمدة من ضمنهم الأستاذ عثمان ميرغني والذي ركز في معرض تحليله للخبر على أن مسألة تعيين نائبا للرئيس أو حتى رئيس من جهة معينة من بلاد السودان لا يعني إنتهاء مشكلات هذه الجهة وقال مانصه (ظل صوت الدارفورييين في كل جولات مفاوضات السلام (من سالفة الذكر مفاوضات أبوجا إلي منبر الدوحة ) يطالب بمنصب نائب الرئيس .. كأن به تعويذه سحرية ترفع الكدر والغبن وتوطن الإستقرار وستمضى الأيام ويكتشف أهل دار فور أن منصب نائب أو حتى رئيس جمهورية لا يمنح أي إقليم في السودان جاها ولا وجاهة ..وأن مطالب أقاليم السودان بمناصب (نائب) أو(مساعد) رئيس الجمهورية إلا (عقدة) وهروبا من مواجهة المشكلة الحقيقية ..مشكلة التنمية..) وهذا منطق رياضي أقرب ما يكون إلي لغة الآلة المبنية على نظام العد الثنائي(binary system) الذي تتكون فيه الأعداد من رقمين 1-0 وفيه فائدة عظمى للحاسبات الآلية إذ يمكنها من تبسيط البيانات وتحليلها بالحذف والتعديل والإضافة ولعل خلفية الأستاذ كمهندس كمبيوتر قد أسهمت في إستخدامه هذه اللغة الممعنة في تبسيط الحقائق وتجريدها هذا إن لم يكن قد أنزلق إلي مهاوي التحيز الأيدولوجي في الدفاع عن إستحواذ أبناء شمال السودان على مقاليد السللطة والمال العام بإستخدام هذا المنطق البسيط في عقلنة الوقائع الإجتماعية المتشابكة فمعلوم أخي عثمان أن التنمية التي نرمي إليها ليس إليها من سبيل دون الإستقرار السياسي والأمني وهذا بدوره لا سبيل إليه من غير مخاطبة المظالم وإنعدام المساواة وغياب تكافؤ الفرص الذي أدى إلي حمل السلاح والإحتراب ويكون ذلك بالعدل في إقتسام المال و(السلطة )على أساس من قسطاس مستقيم وما السلطة إن لم تكن مؤسسة الرئاسة والتنفيذ التي تخفض في بلاد السودان من تشاء وترفع من تشاء بغير حساب لأن فعالية الأفراد وإنتمائتهم الأيدولوجية والعرقية والجهوية وحتى صلات القرابة و العلاقات العائلية متغلغلة في نسيج الحياة الإجتماعية ويعوق ويمنع المؤسسية والحياد والموضوعية من إداء أدوارها في إحقاق الحقوق وأداء الواجبات ،حتى في أمريكا أكبر الديمقراطيات تجد أن حقوق الأقليات في الولوج إلي دوواين السلطة وإتخاذ القرار تخضع لهيمنة الأقوياء من الأغلبية المتمكنة من مقاليد الأمور وإلا لماذا لم تتح للنساء فرصة للحكم على مستوى الرئاسة رغم التشدق بالحريات وإحترام حقوق الأقليات ودستورهم والقوانين واللوائح التي تشدد نصوصها على ذلك والسود لماذا أنتظروا كل هذه السنين ليتمكن أوباما من الوصول للرئاسة ولماذا لايحكم مؤسسة الرئاسة الأمريكية غير البروتستانت وإذا تمكن الكاثوليك من الوصول ديمقراطيا تم إستخدام العنف والتصفية الجسدية ضدهم إذن وصول فلان أو علان من الجهة الفلانية إلي المنصب الفلاني له أثر كبير على صعيد الحياة السياسية والإقتصادية والإجتماعية لتلك الجهة التي ينتمي إليها ويقلل من حجم الكعكة التي تؤكل محليا أو من قبل جهات أخرى غير صاحبة الحق ولذلك يحرص أصحاب المصلحة علي إلجام فم القادم الجديد وغل يده ما أمكن وتحويله في نهاية الأمر إلي (بو) يثير إدرار حليب البقرة ولا يرضع ونرجو ألا ينتهي الحال بالدكتور الحاج آدم إلي مصير مشابه ، وكمثال على ما نقول أن ميزانيات التنمية تتأثر بالثقل الجهوي أنظر إلي الطرق التي تمددت شمالا عل ضفتي النيل في عهد الإنقاذ إلي مصر في الشمال وإلي ميناء بورتسودان منفذ السودان على العالم في الشرق في حين طريق الإنقاذ الغربي لا زال يزحف ببطء سلحفائي محير صوب دارفور ولم يصل إلي نهاياته إلي الآن ،في حين أن البيروقراطية الجهوية جعلت نائبا للمؤتمر الوطني عن دائرة بارا يجهش بالبكاء في داخل قاعة جلسات المجلس الوطني وذلك حسرة وندامة عن عجزه في الدفاع عن حقوق مواطنيه في طريق يشق ديارهم بالخير والعمار مارا إلي الأبيض. عليه نخلص إلي أن إعمال المنطق الرياضي البسيط لا ينجح دائما في تحليل الوقائع الإجتماعية المتداخلة ولربما يجرنا لمنزلق التحيزات العنصرية والجهوية على غير ما نقصد ولا نريد لأستاذنا الكبير أن يصبح (عدة شغل ) تعمل على تنفيذ برامج هو يناضل للعمل ضدها . مع كامل شكري وإحترامي . عمر عبدالرحمن عبدالله البشاري 18/9/2011 e-mail:- [email protected]