إبان أحداث الحادي عشر من سبتمبر 1002م علق مواطن اميركي عادي قائلاً: «اصبح على الولاياتالمتحدة ان تودع فتوة المراهقة التي تحكم به العالم وان تنظر الى حكمة الفقراء والبسطاء وتتعلم منهم.. والا فليس هناك حل للخروج من تلك المأساة التي يمكن ان تتكرر». مواطن اميركي عادي جداً وتحت هول وبشاعة الذي حدث ادرك ان اميركا تزهو بسيادتها على العالم وتمارس فتوة من نوع غريب فتوة ارادت ان تلبسها ازياء تتماشى مع الموضة في الالفية الثالثة.. والازياء جلبتها من اكبر محال بيع الاماني والمصطلحات.. ومنها جاءت فكرة العولمة وثورة الاتصالات وتحويل العالم الى غرفة تحولها اميركا في فصل تقف امام تختته حاملة العصا الغليظة الموجعة بعد ان تخلت عن سلال الجزر تماما. سوء حظ السودان وبفعل ما حدث في الثلاثين من يونيو عام 9891م وبعد سياسات اهل الانقاذ الآحادية والاقصائية والمتحدية بلا واقعية لزهو قوى المراهقة الدولية.. وجد السودان نفسه في مرمى هذه العصا الغليظة.. عصا اميركا التي ينطبق عليها المثل السوداني الذي يقول «كلكلة الرباطة ام عصاتا في اباطا.. تدي الحله وصا والنقارة عصا» ومعنى المثل واضح فالذي تضمره اميركا هو تأبط الشر واشعال الفتن والظهور بمظهر الحادب على الديمقراطية وحقوق الانسان.. وحرية التعبير وتمكين المرأة.. والخ.. الشعارات الرنانة.. والانقاذ بعد ان ادارت المشاكل بالبعد الآحادي والسلوك الاقصائي وتمددت في الشأن السوداني في الجنوب حتى تفاقمت اسقاطات الحرب وتعاظم الحصار والعزلة.. لجأت الى الايقاد ومن بعدها الى اصدقاء الايقاد الذين هم الاميركان والانجليز والمجموعة الاوربية واشتد الضغط حد التنازل.. والتنازل في سبيل ان تسكت الحرب وتكف عن التهام الاخضر واليابس ،رحب الكل بالمفاوضات وباتفاق السلام.. وقبل الانسان السوداني بنصوص شراكة الحركة الشعبية وحكومة الانقاذ اللذين لا يمثلان كل السودانيين ولكنها بشاعة الحرب.. وبقي الشعب السوداني على مدى سنوات الانتقال يتابع مشاكسات الشريكين ومراوغات «الانقاذ الاكروباتية» الى ان ذهب الجنوب ولم تعد الوحدة جاذبة. طافت بذهني هذه الصورة القاتمة والحراك السياسي يقودنا من قتامة الى قتامة.. واقع جنوب كردفان الذي اوشك ان يرجعنا الى المربع الاول ويصبح جنوباً ثانٍ بعد ان انفصل الجنوب الاول.. وقتامة ولاية النيل الازرق التي لم نقف على تفاصيلها ولا ندري الى اي مصير تقودنا.. وهناك قتامة واقع دارفور التي انشغلنا بالحديث عن كيف وصل خليل اليها هل عن طريق الصحراء ام عن طريق آخر.. وماذا يفعل عبد الواحد في جوبا.. وهناك قتامة واقع الاحزاب كلها التي يشغلها همها الانقسامي واصدار البيانات وتكوين لجان المحاسبة.. وهناك القتامة الكبرى قتامة الغلاء وضيق العيش في أوجه الناس. والمؤسف والمؤلم هو ان كل الفعاليات السياسية وعلى رأسها المؤتمر الوطني لا تحس بهذا الخطر الداهم ولم تفارق محطة الاهتمامات الصغيرة التي لا تتعدى اقامة اسواق الكلام حول الانقسامات وتقسيم السلطة والثروة. ما حدث للسودان في هذه الايام مسؤولة منه كل القوى السياسية بكل احزابها وكياناتها وعلى رأسها اهل الانقاذ. المطلوب دور جديد وخطاب جديد يسمو بالحس الوطني وينقذ السودان من الضياع. هذا مع تحياتي وشكري