حديث المدينة أين التقشف ؟ عثمان ميرغني اليوم يشرف السيد رئيس الجمهورية مخيم البطانة الرابع عشر.. في ولاية القضارف.. وبالطبع سيتوقف دولاب العمل في الولاية.. وتشد المئزر وتقف في حالة انتباه كامل لحين مغادرة وفد الرئيس.. ومن اليقين أن تعتصر الولاية كل جهدها ومدخرها لترتقي لمستوى الضيافة الرئاسي المنشود.. والبلاد تمرّ الآن بأزمة اقتصادية تعتصر الشعب كله.. ارتفعت الأسعار.. وأعلن الشعب مقاطعة اللحوم وأيد السيد الرئيس مبدأ المقاطعة الشعبية.. والدولار يتصاعد والحكومة تتحدث عن التقشف وربط الأحزمة على البطون (غالبية الشعب ليس له بطون يربط عليها الأحزمة).. فهل من المناسب مثل هذه الاحتفالات بمثل هذا المستوى الرئاسي.. علاوة على الأموال التي ستعطر سماوات مثل هذا الاحتفال والزيارة الرئاسية.. فإنها تبعث برسالة جد خطيرة للشعب.. أنه في واد.. وفي واد آخر حكومته.. مطلوب منه التعايش مع غلاء طاحن بينما الحكومة مشغولة بمخيمات الشعر والدوبيت. ولا أقلل من قيمة الشعر والدوبيت أو مثل هذه المواسم الثقافية التراثية.. ولكن ما الضرر أن يفتتحها والي القضارف أو توفد رئاسة الجمهورية من الخرطوم من يقوم مقام السيد رئيس الجمهورية في أقل مستوى بروتوكلي لا يتسبب في رفع درجة الاستعداد والطوارئ في ولاية القضارف.. لأن الزيارة الرئاسية لها مطلوباتها الشاقة العسيرة وتربك ديوان العمل العام. في مثل هذه الظروف.. تحتاج الحكومة خطاباً عاماً ذكياً وحصيفاً.. وقلنا كثيراً إن الخطاب العام ليس مجرد تصريحات ولا حوارات إعلامية فحسب.. بل أفعال تبعث بالإيحاء (والإيحاء أقوى من المباشرة) .. وكتبت أكثر من مرة أتمنى على الحكومة ومراسم القصر الجمهوري أن يراعوا المقام الرئاسي.. فيجنبوا الرئيس رهق افتتاح مشروعات صغيرة للغاية أولى بافتتاحها المعتمد أو وزير في الولاية.. ليس استنكافاً من منح الشرف الرئاسي لمثل هذه المشروعات بل لأننا في وضع متأخر للغاية بمحيطنا الإقليم ويجب بث الإحساس بأننا في حاجة لطفرة تنموية كبيرة وهائلة.. ومثل هذا الإحساس لا يتناسب مع الاحتفالات والمهرجانات التي تقام كل يوم لافتتاح شفخانة هنا.. ومدرسة أساس هناك.. وبئر و(جنرتير) كهرباء وغيرها.. الأولى أن نزرع في ضمير الجهاز التنفيذي أننا في حاجة ماسة لمزيد من المشروعات الأكبر.. مثل فريق مهزوم عشرة صفر.. عندما يحرز هدفه الأول لن يخلع الهداف فانلته ويجري نحو الجمهور.. بل يسرع بإحضار الكرة من الشباك والجري بها إلى منتصف الملعب لمواصلة اللعب لكسب الزمن.. ثم إن احتفال الحكومة بافتتاح المشروعات فيه (من وأذى).. الأولى أن تدخر أموال الاحتفالات لصالح الشعب.. التيار نشر بتاريخ 28-09-2011