تراسيم.. كنت في المستشفى!! عبد الباقي الظافر نقل زملينا الأستاذ حسن ساتي من الزميلة آخر لحظة إلى طوارئ إحدى المستشفيات الكبيرة.. ساتي أدرك بطول الخبرة وقلة الثقة في خبرائنا الوطنيين أن قلبه في طريقه للتوقف.. حاول أن يقتصر الطريق على الطبيب المداوي.. ولكن الطبيب أهمل ملاحظات المريض وعدها من ترف المثقفين الذين يفتون فيما لا يعلمون.. النتيجة الفادحة أن مضى أستاذنا ساتي إلى سبيل الأولين والآخرين. عايشت في الفترة الماضية تجربة شقيقتي التي كانت تحتاج إلى عملية تغيير مفصلي أعلى الساق.. الطبيب أخبرها أن العملية مكلفة.. ابتسمت وقالت له: إنها تحمل بطاقة تأمين تسري في طول الوطن وعرضه.. هيئة التأمين اعتذرت أنها لا تدفع مثل هذه الفواتير الباهظة.. بعد إلحاح حميم ساعدوها بجزء يسير من التكلفة. الأسبوع الماضي قطعنا جسر المنشية في طريقنا إلى المشفى الجديد.. مبانٍ فخمة تسر الناظرين.. بعد إجراء الفحوصات اللازمة طالبتنا إدارة المشفى بزجاجتي دم.. حسبت في البداية أن ذلك من أسباب الاحتياط للسيناريو الأسوأ.. قبيل العملية بساعات أرادوا المزيد من الدم.. احتججنا على الطلبات المتكررة.. الأخصائي المستورد من لندن نظر إلى المريضة ملياً ثم أعاد فحص دم شقيقتي.. نتيجة الفحص الثاني أكدت أن دمها بضع وثمانون بالمائة.. فيما كانت نتيجة الفحص الأولى منحتها 38% فقط. نجحت العملية بحمد لله.. غرفة نظيفة وجميلة.. منذ اليوم الأول رفضت مريضتنا أن تأكل طعام المشفى الذي يعدّه متخصصون في التغذية.. في اليوم الثالث قدم زوجهاهذه الملاحظة لطاقم المطبخ.. المفاجأة أنهم كانوا يصرفون لها طعاماً باعتبارها مريضة بالسكر.. المعنى الآخر أن حصتها الغنية بالسكريات كانت تمضي إلى العنوان الخطأ. للرواية فصول.. ذات مساء توقف إمداد الماء في الغرفة والغرفة المجاورة.. الوردية المسائية اعتذرت لأن (السباك) مضى إلى بيته لسان حالهم يقول: الصباح رباح وبكرة ليها ألف حل.. بالفعل وصل (السباك) في الميعاد وأفاد المتضررين برواية جددة تفيد أن (موتور) المياه قد تلف ولم يكن بمقدوره ترتيب بديل في ذاك الليل. أخيراً عدنا لمقابلة الطبيب بعد نحو أسبوعين.. الحصول على كرسي متحرك لمريض لا يقوى على الوقوف على قدميه كان أمراً في غاية الصعوبة.. العامل برر الأمر بمحدودية الكراسي وقدم رقماً صادماً لما تملكه المستشفى من (عجلات). أصبت بحزن وقررت أن أحمل هذه الملاحظات للطبيب الزائر.. أخبرته بهذه الرواية بنداً بنداً.. لم يرتعد ولم يجادلني في شيء.. بل استقبل الأمر بهدوء ولسان حاله يقول عادي جداً. في كل مشافي الدنيا يدخل المريض المشفى وعلى ساعده قلادة بلاستيكية تحوي اسمه وبعض المعلومات الطبية.. لا أحد يقدم طعاماً ولا دواءً إلا بعد التأكد أنه يقصد المريض المعني بالخدمة.. إلا في مستشفياتنا كل شيء بالبركة.. حتى أطباؤنا العاملون بالمشافي الأجنبية يهزمهم (السيستم) ويعودون إلى سودانيتهم بعد أن يطأوا أرض السودان. فكرت شركة طبية أردنية في الاستثمار في السودان وقدمت عرضاً لإدارة أحد المشافي الحكومية.. لعبت الثلاث ورقات وحكاية لجان العطاءات ردتها من حيث أتت. بصراحة.. لدينا مشكلة في بيئة العمل في مسشفياتنا.. استيراد أطباء ومعدات طبية لن يعالج الخلل.. المطلوب جمعة غضب طبية لأجل إصلاح حالنا المائل. التيار