October 18, 2011 كل يوم نسمع عن ارتفاع معدل التضخم.. ونسمع حديث الاقتصاديين في الندوات والمنتديات.. ولا نعيره اهتماماً.. بالامس حاولت ان ألملم أصداء الواقع الذي يحول جزئيات ارتفاع معدلات التضخم.. الى انات وأنين وجرائم.. تبدأ من اللقطاء في براميل القمامة أو قارعة الطريق الى الدماء المسفوكة.. واقول اليوم.. الشكوى ما عادت ذات جدوى.. والانكفاء على الذات والانين الخافت يمزق احشاء الكيان الاجتماعي قبل ان يمزق اعماق الجائع او المريض او اليائس. والحقيقة الماثلة أمامنا هى يجب ان نجد اجابة واضحة ومقنعة للسؤال الاساسي الذي يطرح نفسه بالحاح وهو هل دخل العامل او الموظف او الحرفي الصغير أو المزارع يتكافأ مع أعباء الحياة ام لا؟ ومسألة المقارنة توضح ان معدل التخضم في الاقتصاد السوداني يبتلع الدخول المحدودة والمتوسطة في شراهة عنيفة. وقد يقول قائل انها حال الحياة.. حياة البشر تتفاوت دخولهم ومستويات حياتهم.. وهذه حقيقة ولكن هناك حقيقة اكبر وهى مسؤولية ولاة الامر في ايجاد حد من التكافل يحفظ الحد الادنى من السلام الاجتماعي.. وهذه المعادلة ناقشتها الاديان السماوية والنظريات الوضعية للحد الذي يفرض على الدولة ان تدعم الاساسيات للفقراء واصحاب الدخول المحدودة والمتوسطة وتجعل الخدمات الضرورية على الاقل مجاناً كالعلاج والتعليم. من خلال الواقع الذي يعيشه المجتمع السوداني وبالذات قطاع العمال والموظفون والمزارعون نلمس عمق الانقلاب الذي حدث في حياتهم.. من جراء الموجة المستمرة لارتفاع الاسعار التي بدأت في التصاعد المجنون منذ اعلان سياسات التحرير وتصفية القطاع العام بالخصخصة اللعينة. وعلى الرغم من التزامات الحكومة في رفع الاجور وصرف المنح في بعض المناسبات إلا ان ذلك كله لم يمنع من انهيار الوضع الاقتصادي لهؤلاء للحد الذي جعلهم تحت حزام الفقر وذلك بسبب ارتفاع معدلات الاسعار وتفوقها على معدلات زيادة الاجور. ومن الناحية الثانية فقد ادى ذلك التخضم الذي كاد يذهب بالجنيه السوداني الجديد بشكل واضح ومخيف (لم يبلغ سعر الدولار اليوم).. ومن المفارقات ظهور اعداد كبيرة من الاثرياء الذين تمكنوا من استغلال اجواء التحرير الاقتصادي في تكوين ثروات طائلة لا يمكن بحكم العقل والمنطق فهمها او تبريرها. والسؤال الذي يتردد بصورة ملحة هو لماذا لا تفكر الحكومة في وضع برنامج لايجاد التوازن بين الدخول والاسعار؟.. بل لماذا لا تقف على نتائج سياسة التحرير التي قالت في مبتدئها انها قادرة على سلبياتها.. بل الواقع يقول ان سلبياتها قدرت حتى وصلت الى (قفة الملاح) التي اصبحت في حكم الامنية متعثرة المنال. هذا مع تحياتي وشكري