.. [email protected] في العام الماضي وأنا في طريقي من الخرطوم الى قريتي في ولاية الجزيرة ، تعطلت سيارتي قبل منفذ سوبا بقليل فتركتها عند صا حب محل تصليح ساعدني ايضا في ايقاف سيارة خاصة ، سألنا صاحبها وهوشاب بابتسامة صافية ، ان شاء الله خير؟ وما أن عرف المشكلة حتي ابدي استعداده عن طيب خاطر أن يأخذني في معيته. وحينما توقف عند نافذة سداد رسوم العبور، أخرج بطاقة ما أن رأها الموظف المختص حتي أومأ له بالمرور ! لاحظ الشاب انني كنت أحدق في تلك البطاقة السحرية ' كما سماها وهو يضحك ويدسها في يدى .وكانت المرة الأولى التي اشاهد فيها سمة عضوية المؤتمر الوطني! قلت له ، وهل كل من يبرز بطاقة عضوية حزبه يسمح له بالمرور مجانا ؟ نظر في وجهي مليا وقال لى ..الأخ مغترب ؟ قلت يعني! ضحك قليلا ..ثم قال في صراحة ، استغربتها في شخص يفاتحني بكلام مباشر وهو لم يعرف مني الا اسمي الأول أو لم أكن بالكاد قد حفظت اسمه الثلاثي في تلك اللمحة العابرة من بطاقته اياها. قال ..يا أخي .. والله أنا أمقت المؤتمر الوطني والكيزان كلهم ، ولم اذهب الى دارهم الا يوم استلامي للبطاقة التي عبأ استمارة الحصول عليها مجموعة من الشباب مثلي في حينا لاعتبارات درسناها جيدا ، اولا لتسيير خدمات الناس ولا نتركها لقمة سائغة لهم في غياب من ينازعهم الهيمنة من أحزابنا التي خذلتنا ، وتركت لهم الحبل على الغارب ليعيثوا فسادا في الأرض، فلم يكن أمامنا بٌد ، لايهامهم باننا معهم حتي نخترقهم من الداخل وبالتالى نعرف كيفية تفكيرهم وادارتهم للأمور ، وفي النهاية مافي البطون لا يغسله الصابون! وقس على ذلك المبدأ في كل المدن والقرى التي انضم فيها الكثيرون في غمرة يأسهم من الفعاليات الأخرى التى أخلت لهم الساحة أو فتتوها هم فماذا يفعل الناس بربك ألم يخدع الناس فرعون من قبل بتصديق الوهيته ، حتي نجاهم الله بظهور موسى؟ بعض الناس يقولون ( المعرس أمك كله أبوك ) والبعض الآخر. من غير القلة الموالية لهم أو المنتفعة طبعا ، يدخلون بمنطق ،لايفل حديد الانتهازي الا نار الانتهازية نفسها. نظر الىّ وقال لعلك تستغرب كل ذلك وأنت البعيد عن الوطن ؟ قلت له أكمل . كنت استمع اليه بأذن الصحفي الذي اكتشف كنزا معلوماتيا لا يستهان به بين مصدق لصراحته وشجاعته و مكذبا استئمانه الغريب لى رغم انني قلت له مداعبا ..هل أنت تصرح بذلك لكل انسان ؟ قال لى يكفي أنك من أهلي ناس الجزيرة الذين عرفوا منذ الأزل بانهم لا يخونون العهد للمباديْ ولا الأخلاق ولا يتبدلون ، ولكنهم على قدر من الذكاء في مسايرة المغفل، طالما سلطه الله عليهم ! وأردف يقول ، صدقني الأن هم ..يقصد جماعة المؤتمر يعملون الف حساب لولايتنا لذا فانهم يحاولون خنقها في الخدمات والتنمية وهذه عقدة في العساكر ايضا استنها فينا نظام مايو! لكن ، صدقني ان كان هنالك ثورة شعبية آتية ستحرق تاريخ الكيزان نهائيا ؟ فثق أن شرارتها القادمة ستنطلق من ودمدني! تحدثنا كثيرا في مآثر الجزيرة وأثر قياداتها التاريخية في شتى ضروب العمل العام .وقد سرقنا الوقت حقيقة وابتسر نقاشنا الثر المسافة ، فلم أصدق اني قد أدركت محطتي عند تقاطع قنب / الجنيد المؤدي الى مناقزا الحلاوين .عرضت على صاحبي مرافقتي للتعرف بالأهل هناك فأعتذر بلطف وسرعان ما ابتلع سيارته منحنى ذلك الشريط الطويل الأسود! قفزت الى ذهني وترددت في ذاكرة مسامعي أصداء حديث الرجل الذى لم أقابله قبل مغادرتي أرض الوطن . مع تداعيات الكلام الذي نطق به نائب رئيس المؤتمر الوطني خلال الموتمر التنشيطي لقطاع الحزب بالجزيرة ، ولعلى في حل عن الوقوف عند ما قاله الرجل في الجانب الاستفزازي منه ولغة الغرور التي تولى عني وعنكم زملاء وزميلات الرد عليها بسنان اقلامهم الحية ، وأن كان لى ما أقوله موجزا حولها ، فهي تمثل عجرفة تصب في صالح تصعيد النقمة الشعبية ، فتحيل نافع ذاته الى عنصر ضار بدرجة جيد لتنظيمه ،ويدفع في اتجاه تسهيل مهمة الشارع المحتقن اساسا الذي يلزمه جكة خفيفة في اتجاه صنم الرمال مع ترتيل ياسين للتوكل و الورع والنطق بما كان خلف صمت الحلوق التي تسدها جمرة الصبر، لا الخوف من زئير أسود الوهم في غابة الزمن الرديء ! صحيح اننا شعب عاطفي.. أطلق عليه من لايفهمون حقيقة دواخله ..أنه شعب كل حكومة ! ولعل ذلك ما يجعل الحكام لاسيما المستبدون يُخدعون في ترحاب جموعه بهم هاتفا وناحرا الذبائح حينما يعبرون المدن ويشقون الفيافي فتنتفخ أوداجهم في عنترية يتخيلون معها انهم قد أصبحوا خاتمة المطاف . مثلما صّدق الدكتور نافع أن تكبير كل الذين أموا مؤتمره الذى ربما يكون الأخير في مدني باذن الله، هم خالصون ومخلصون في تهليلهم لسخيف القول الذي جالت له أمعاؤهم و التي كادت أن تخرج مع أصواتهم المغلوبة على امرها في محنة الحكم الظالم ولهجته التي مست عقيدتهم وطوائفهم ، اللهم الا تلك الفئة من المستفدين التي ترمي بعظام الوليمة لمن تستغفلهم ، وهي لاتدري من الذي يستغفل الأخر حينما يقلب الهاتفون غدا ظهر المجن لنظامهم ، المخدوع في عددية عضويته التي يتخذها الكثيرون جواز مرور لمكاسب ذاتية أو لاستحلاب الخدمات من ضرعه الذي قد يستعصي على من يقترب منه دون ربط البقرة ( بمحويب) الخدعة اياها .و لمن لا يعرف المعني هو الحبل الذي تربط به أرجل البهيمة عند حلبها. وسينقلب حال المشهد في عيون المفاخرين بعضوية الشعب السوداني كله أو تبعيته للمؤتمر الوطني . مثلما انقلب حينما راهن سدنة الاتحاد الآشتراكي ابان زنقتهم الأخيرة في ابريل 85 على المسيرة المليونية والذين سبقوا القذافي في استعمال تلك المفردة. فخرج خمسة الالاف فقط من ملايين عضويتهم . وكان خروجهم ليس الا من قبيل رفع العتب والقاء النظرة الأخيرة على نظام مايو قبل تشييعه الى مقابر النسيان وفي غياب المرحوم أبوعاج نفسه ! فراجع بطاقات عضوية حزبك جيدا للتأكد ، يا سى نافع منذ الآن . فقد تحتاج للتأمل في الرقم مكتوبا على كفة يدك ' وأنت تتفأجا بالعدد الغائب يوم يتناقص في مسامعك هتاف التهليل والتكبير الزائف .لان بقية الجمع ببساطة قد حملت بطاقة من لون آخر لا لتمر بها من معبر سوبا . وانما لتعرج بها هتافات الصدق من حناجرها الى سماء المجد. وساعتها سيملاء مآقيك دمع الندم على كل استخفافك بصمت الشجعان.. حيث لن يجدي طلب الغفران , الذي سيكون مثل لحسة الكوع..! ولا كبير الا الله .. وهو الدائم المستعان.. انه من وراء القصد.