[email protected] توالت الانباء فى الاسابيع الماضية عن الهزائم المتوالية لجيش نظام الخرطوم , وكانت البيانات الصادرة من القيادات الميدانية تؤكد على واقع الجيش المزرى وهزيمته الاخلاقية قبل العسكرية والفرار المستمر من المعارك , والتى كما ذكرت الكاتبة والمهتمة بالشأن السودانى "جولى فلينت " (ان قائد كبير من الجيش السودانى قال لها ان الحركة الشعبية وجهت لهم ضربات قوية ) واضافت ( نقلا عن الحلو ان فى 1 يوليو هزم الجيش الشعبى لوائين من الجيش السودانى فى 35 دقيقة ) . هذا ليس بمعزل عن الانشقاقات التى طالت الجيش السودانى منذ بداية هجومه على جبال النوبة ومن بعدها النيل الازرق . وكما توضح الاحداث فان المقاتلين فى جبال النوبة خبراء فى حرب الغوريللا التى خاضوها لاكثر من 20 عاما الحركة الشعبية , اضافة الى ان ابناء النوبة هم المكون الاساسى للجيش السودانى وخبرات القتال التى يمتلكها المقاتل النوباوى فريدة وتظهر الان فى الانتصارات المتتاليةوالعمليات العسكرية التى تكبد العدو خسائر فادحة وتغنم منه اسلحته ليفر مهزوما بلا سلاح ولا نصر . وتعويضا عن ما تلاقيه قوات النظام من ضربات موجعة وخسائر فادحة , هاهو النظام يعبر عن غضبه و يستعرض عضلاته ابعد ما يكون عن الثوار والمقاتلين , فى الحدود مع دولة اخرى وفى معسكر لاجئين عزل . هاهو النظام يقصف بالطائرات المدنيين بعد ان لم يجد وسيلة لتحقيق اى انتصار او "دحر " المقاتلين (كما يحلو لهم القول ) . ان جبال النوبة بجغرافيتها المعقدة واراضيها المرتفعة اضافة الى المناخ الماطر تشكل ارض عصية وحامية تماما لاهلها لا تبوح باسرارها ومداخلها ومخارجها الا لهم . وها هى الارض والجغرافيا والمناخ تحارب مع اصحاب الارض الحقيقيين , فاثبت الثوار فى جبال النوبة انهم الاعلم بأرضهم والاكثر قدرة على استخدامها فى صالحهم . وعلى الرغم من ان موسم الامطار انتهى والجيش السودانى يحضر لهجمات قوية على الثوار فى الجبال كما ذكرت الانباء الا ان الثوار لم ينتظروا الهجوم عليهم بل بادروا وانتصروا وغنموا الكثير من الاسلحة والعتاد من الجيش الفار من اراضى المعارك , ليهزمهم الثوار بأسلحتهم التى تركوها خلفهم فارين . ان القصف الذى اوردته وكالات الانباء لمعسكر "ييدا" 25 كيلو من الحدود مع دولة جنوب السودان , يعد انتهاكا للقوانين الدولية وتعديا سافرا على سيادة دولة اخرى , ناهيك عن الاستهداف الاجرامى للمدنيين العزل فى معسكر للنازحين يقطنه ما يربو عن 23 الف لاجىء حسب وكالات الاممالمتحدة المشرفة على المعسكر والتى شهد بعض موظفوها القصف . كان البيت الابيض قد اصدر ادانة قوية لجريمة قصف المدنيين وكذا الامين العام للامم المتحدة بان كى مون , وهذا على خلفية المهددات الحثيثة والمستمرة التى يقوم بها ابناء جبال النوبة فى الخارج وفى المنافي عبر العالم ومنظمات حقوق الانسان والفاعلين فى المجتمع الدولى للضغط على الادارة الامريكية ومجلس الامن والفعاليات الدولية المختلفة للتحرك الفعال لانهاء الابادة الجماعية التى اصبحت تلاحق شعب النوبة اينما فروا منها . وفى بيان لابناء جبال النوبة بامريكا اوضح ان النوبة فى كل العالم لن يتوقفوا عن المطالبة العادلة والعمل على فرض حظر جوى على المنطقة حماية للمدنيين والضغط لايصال المساعدات الانسانية لاهلنا فى جبال النوبةوالنازحين واللاجئين لدول الجوار . والجهود التى يبذلها النوبة فى المهجر لدعم قضايا اهلهم يقابلها البعض بالاتهامات التى لا ترقى الى عدالة القضية وحجم الموقف . حيث يتهم البعض العمل الذى يقوم به ابناء النوبة فى الولاياتالمتحدة فى الاتصال بالمنظمات الانسانية وبالادارة الامريكية للضغط على النظام السودانى , يضعون هذا العمل فى خانة الخيانة العظمى والعمل مع اللوبي الصهوينى وتنفيذ مؤامرة صهيونية امريكية بالنيابة عن القوى الكبرى . ومثل هذه الاتهامات انما تدل على ضيق الافق وتدنى فى الانتماء الانسانى قبل الوطنى , ذلك ان الولاياتالمتحدة لم تكن مقصدا للنوبة الا بعد ان طردهم وشردهم النظام العنصرى المجرم القائم , كما ان المنظمات والجهات المختلفة التى يلجأ لها النوبة لدعم قضيتهم هى منظمات معروفة عالميا ولم تنشأ لدعم النوبة فقط ولن تنتهى بنهاية قضيتهم . واما دور الادارة الامريكية فى حل وادارة النظام العالمى الجديد فهو امر بديهى اول من تعامل معه هو النظام القائم وكل القوى السياسية السودانية " الوطنية" . اضافة الى ان القانون الدولى والمواثيق الدولية تفرض على الدول العضوة فى مجلس الامن والقوى الكبرى الحفاظ على الامن والسلم الدوليين وحماية المدنيين وحقوق الانسان فى كل الدول الاعضاء فى الاممالمتحدة . فلماذا يتهم ابناء النوبة بالعمالة فقط لانهم يعملون ليل نهار على تصعيد قضيتهم والحرص على ان يدفع المجتمع الدولى لحماية اهلهم من حكومتهم التى تقتلهم بلا توقف ؟ . ان جبال النوبة بخصوصية موقعها الجغرافى ومكانتها التاريخية وتنوعها الذى يضم معظم السودان فى هذه الرقعة من الارض , تشكل بعدا استراتيجيا فى بقاء السودان بشكله الحالى او تفتته الى دويلات . حيث ان موقع جبال النوبة هو فى قلب السودان , وكما القلب فان شرايين الحياة تخرج من جبال النوبة جنوب كردفان لتغذى وتضخ الحياة فى كل انحاء السودان . فالمحاصيل المختلفة من ذرة وسمسم وصمغ وثروة حيوانية , اضافة الى البترول مؤخرا والمعادن الثمينة والطبيعة السياحية الخلابة والمناخ الماطر , كل هذه الموارد تشكل الان موارد حيوية لاقتصاد البلاد ناهيك عن الذى لم يستغل بعد . لكن الاهم من الموارد الاقتصادية هو الموارد البشرية والتنوع الثقافى والعرقى الذى يجعل جبال النوبة المنطقة المفصلية التى تربط السودان ببعضه كما انها تشكل جغرافيا وتاريخيا رابطا قوية مع دولة الجنوب المستقل . ومع الارتباط الاصيل لشعب جبال النوبة بجذوره السودانية فى ارض جبال النوبة وتاريخه الاقدم المرتبط بالشمال الاقصى للسودان , فان النوبة هم الشعب الذى بتقريره لمصيره سيقرر مصير السودان ككل وليس منطقة جبال النوبة فقط . ولهذه الاهمية الاستراتيجية المعقدة فان النظام الحالى يعمل على تدمير جبال النوبة وابادة شعبها وملاحقة من فر من القتل حتى دول الجوار متحديا القوانين والاعراف الدولية وغير مبال باحتمالات اشعال حرب جديدة مع دولة الجنوب عبر مثل هذا لاعتداء على السيادة الذى حدث فى "ييدا" بالامس . هذا التصعيد الذى يمارسه النظام فى محاولة منه لفرض سيطرته على المناطق التى يسيطر عليها ثوار جبال النوبة , بعد ان ايقن الظام ومليشياته التى لا تعرف سوى ( الجرى ) من امام ثوار الجبال من عدم قدرتهم على هزيمة النوبة داخل ارضهم , هاهم يطاردونهم خارجها , ولكن وكما يبدو فان ( الجرى حقهم ) من نوع ( انفد بى جلدك ) . حيث يتركون ورائهم كامل عتادهم وحتى قتلاهم وهاهم وبجريمتهم الاخيرة انما يثبتون للعالم نواياهم الحقيقية فى ابادة شعب النوبة . فاللثوار الشامخين والثابتين كالجبال التى يدافعون عنها والتى هى بالمقابل تدفع عنهم كل معتدى غادر , لهم ولاهلنا الصامدين رغم القصف والقتل ولشعب جبال النوبة وشهدائه العزة والنصر , ولابناء جبال النوبة فى المهجر الذين يعملون كل ما يستطيعون لحماية اهلهم واستنفار المجتمع الدولى لدعمهم بهم الفخر ولهم التحية . وسيبقى شعب النوبة ثائرا وابنائه حاملين لقضيتهم العادلة . نشر بتاريخ 12-11-2011