بشفافية تصريح الوالي وزنقة العريس حيدر المكاشفي ٭ حتى لا يلبسني المغرضون والخونة والمتآمرون والفتانون والطابور الخامس والمرجفون في المدينة لبوساً لم أعنه، أبادر فأقرر إبتداءً بأن لا علاقة عضوية بل ولا أى شكل من أشكال العلاقات يجمع بين تصريح الوالي الذي سنأتي على ذكره وحكاية العريس التي سنسردها، اللهم سوى علاقة المثل (جا يكحلها عماها) الذي جمع بين الإثنين، ولهذا نحذر الخونة والجواسيس من أى تأويل خارج النص ومن يفعل فذاك ما يريده هو وليس ما أردته أنا، ولن يكون ذلك مقبولاً إلا في إطار (يغني المغني وكلٌ على هواه)... ولحفظ المقامات لابد أن نبدأ بالوالي، فالسيد والي الخرطوم وعلى طريقة (جا يكحلها عماها) نفى ان يكون قد تحدى المعارضة بتنظيم تظاهرة مضادة قوامها (056) ألف متظاهر يساوون بالحساب نصف عدد الذين صوتوا له في الانتخابات، ولو بالغوا وفعلوها فإنهم سيتقدمون باستقالاتهم، ولم يكتفِ الوالي بالنفي بل دفع بتصحيح للتصريح جاء فيه أنه لا يقصد المعارضين وإنما المؤيدين الذين صوتوا له مع إحتفاظه بالرقم المعلن (056) ألف صاروا مؤيدين بدلاً من معارضين، ولكن وغض النظر عن حسبة الوالي وما اذا كانت هى حسبة برما أو حساب نواتة أو حساب حقل أو بيدر، وغض النظر كذلك عن الانتخابات وما اذا كانت مخجوجة أو مرجوجة أو مستوفية للمعايير، فإن الوالي يكون قد أتى بتصحيح كان أفضل منه التصريح، فهو حاكم على عموم أهل الخرطوم الذين بلغ تعدادهم بحسب التعداد الخامس ستة مليون نسمة وليس فقط من صوتوا له، ومسؤوليته التي يتسنمها تفرض عليه أن يجري حساباته على كامل هذا العدد وأن يعمل حسابه أيضاً من كل هذا العدد لا فرق بين مؤيد ومعارض، ثم كيف للوالي ان يفرز بين المتظاهرين اذا خرجوا، هذا مؤيد وذاك معارض، بل كيف سيحصى عددهم ليعرف هل بلغ النصاب أو لم يبلغه، الواقع ان الوالي اراد أن يزوغ ويروغ من تصريحه المستفز بينما كان الاوفق له أن يسحبه ويعتذر عنه ولكن من أين له أن يتفرد من دون رهطه بثقافة الاعتذار التي لم تعرف عنهم.. إن تصحيح الوالي لتصريحه يدخل في عداد الحكايا التي يستوعبها المثل (جا يكحلها عماها) وهى عديدة وكثيرة، منها حكاية هذا العريس الذي عاش بالطول والعرض قبل العرس حياة المسخرة والهلس والسهر في قاع المدينة حتى ملّها فتزوج وفارق الشلة، ولكن الشلة ابت ان تفارقه وهو لم يزل بعد عريساً، فقد جاءه ذات مساء أحد رفاقه السابقين وكان يتهيأ لتلبية دعوة عشاء مع عروسته يطلب منه السيارة لينجز بها مهمة من المهمات الليلية إياها، أعطاه لها على مضض على أن يعيدها في الوقت المناسب وقد كان، وطوال الرحلة من المنزل الى مقر الدعوة كان العريس مهموماً ومشغولاً يمسح داخل السيارة بنظراته المتوجسة ويتحسس تحت المقاعد برجله خوفاً من أن يكون ذاك المسخوط قد نسى شيئاً نسائياً بداخلها، فتعثرت قدمه بفردة حذاء إجتهد كثيراً حتى تناولها ثم قذفها الى الخارج في غفلة من عروسته ليشعر بعدها بالراحة التامة، ولكن كانت المفاجأة الصاعقة حين وصلوا مقصدهم واكتشف ان فردة الحذاء التي قذفها كانت لزوجته فقد خلعتها عندما أحست بالضيق، وتحت الحاح العروس لمعرفة ما حدث لفردة الحذاء وصراخها المستمر (وين جزمتي وين جزمتي) لم يجد الرجل مهرباً سوى أن يعترف وكان بعدها ما كان.... الصحافة