هذا هو زمن المفارقات المبكية فالبنك الزراعي شرع في اتخاذ إجراءات قانونية جديدة ضد مزارعين بالجزيرة وجاء في صحيفة ( أخر لحظة) أمس إنه قد تم سجن عدد منهم في وقت سابق بسبب مديونيات لهم، بعد فشل الموسم الزراعي جراء استخدام تقاوي غير مطابقة للمواصفات تم استيرادها بتمويل من البنك !!!وقال رئيس لجنة التشريع والعدل بالبرلمان ( إن هناك اتجاه ) للتقصي حول علاقة الحالية بقضية التقاوي الفاسدة المعروضة الآن أمام القضاء وأشار لأحقية المزارعين في تجميد الإجراءات المتخذة ضدهم حال ثبتت علاقتها بالقضية الأولى لحين الفصل فيها !! السودان يشهد نهضة زراعية كما يقال ومع ذلك يتم سجن المزارعين بسبب الإعسار وتبحث الأممالمتحدة سبل تقديم الإعانات الغذائية لأهله في مناطق النزاعات وسط عراقيل تضعها الحكومة أمام ذلك ، بينما بعض مناطقه تعيش حالة مجاعة صريحة، كما هو الحال في جنوبطوكر وشمال كردفان وسط تعتيم وتجاهل حكومي بغيض، كل من يتابعون المشهد في هذا البلد سيدركون إن هذا النظام يشن حربا منظمة ضد شعب السودان بأساليب مختلفة وعبر مؤسسات يتم تمويلها من حر ماله فالبنوك فقدت دورها الاجتماعي وعوضا عن دعم وحماية الزراعة والمزارعين صار حتى البنك الزراعي يقاضي المنتجين، رغم كل الظروف القاسية التي تحيط بمشروع الجزيرة، الذي وصل أغلب المزارعين فيه حافة الفقر ولولا تمسكهم بالأرض لفارقوا حرفة لم تعد تغنى عن جوع. اعتقد إن الأدوار مرسومة بدقة يجري تبادلها بحيث يصل المزارعون وأسرهم لطريق مسدود حتى يتركوا المشروع لسدنة رأس المال، فماذا يبقى أمامهم بعد مواجهة العطش وفساد التقاوي وملاحقة (الدائنين) في الوقت الذي تقدم فيه التسهيلات للمستثمرين من الدول ( الشقيقة والصديقة ) للاستفادة من أرض ومياه السودان، إنه وضع شديد البؤس لن يتم تغييره ، إلا باقتلاع هذا النظام من جذوره وهذا عمل يتطلب منا الآن جميعا إن نتضامن ونقف مع المزارعين لحمايتهم من السجون وتشريد الأسر وفقد الأرض، والسودان يملك الكوادر القانونية التي تعرف كيف تدافع عن حقوق المزارعين وحمايتهم من التعسف. الميدان 0 | 0 | 25