أخيرا أتقن الشيخ عبد المحمود أبو فن المراوغة بشكل كامل بعد أن ظل يتشربه من السيد الإمام عاما بعد عام حتى أثمر شجرة وارفة الظلال في بيان أبّو الأخير الذي أصدره عقب الأصداء التي أحدثتها خطبة الجمعة الأخيرة لعبد المحمود أبّو الأمين العام لهيئة شؤون الأنصار للدعوة والإرشاد ... وللتوثيق فقط نذكر أن الشيخ أبّو ألقى خطبة جمعة في اليوم الخامس عشر من رمضان للعام 1433 الموافق الثالث من أغسطس للعام 2012 بمسجد السيد عبد الرحمن بود نوباوي ... وكانت خطبة أقل ما فيها أنها صادمة لجماهير الشعب السوداني الذي كان يؤمل خيرا ولو قليلا من أن يؤدي مسجد السيد عبد الرحمن بودنوباوي الحد الأدنى من ضريبة الوطن .. ولكنه تهرب منها جهارا نهارا ... ولسنا هنا بصدد التعرض لخطبة أبو ... وإن سبق لنا الإشارة إليها في مقال سابق بعنوان " صليت الجمعة في مسجد ود نوباوي.. أو كيف أعلن الأنصار خذلانهم التام للثورة السودانية "... ولكنا هنا بصدد البيان الغريب الذي أصدره أبّو محاولا التملص من مغبة خطبته التي لاتختلف في شيء عن خطب مسجدي " النور " و" الشهيد ".. فماذا قال أبّو في بيانه " التحفة" : قال في البيان : "الأحداث التي وقعت في نيالا من قتل للمدنيين، واستعمال العنف المفرط ضد المتظاهرين أدنًّاه، وطالبنا بتحقيق عام ينصف المظلومين، ويعاقب الجناة، وصلينا على الشهداء صلاة الغائب" نقول: " لايجب الاكتفاء بمجرد الإدانة ، فالمطلوب نصرتهم بكافة السبل الممكنة ، أما استعمال العنف ضد المتظاهرين فهو مدان بداهة سواء مفرطا أم غير مفرط ... ما عارف ليه مصر على حكاية مفرط دي ؟ قال في "ثانيا" من البيان : لم يرد في الخطبة أي كلام عن منع التظاهر، بل أقرت أن التظاهر حق مشروع للشعب تنص عليه المواثيق الدولية، ويكفله الدستور " ولم يقل أحد فيما اعلم أن الخطبة تحدثت عن منع التظاهر .. ولكن تحدث الجميع عما ورد في خطبتك عن منع التظاهر انطلاقا من المسجد ... وكان أبّو قد طالب في خطبة الجمعة بوضوح من لجنة المسجد اتخاذ الإجراءات القانونية ضد المتظاهرين ، وفي البيان تحولت تلك المطالبة إلى " وطالبت لجنة المسجد بتهيئته ليجد المصلون فيه راحتهم، كما طالبتها بمنع أي ممارسات لاتليق بحرمة المسجد، ولجنة المسجد تعرف فحوى التوجيه وحدوده؛ ففي جمع فائتة وجدت بقايا سجايروتمباك داخل المسجد" أي أن الإجراءات القانونية موجهة ضد بتاعين السجاير والتمباك .. بالله ده كلام ياجماعة ؟؟؟ في هذه اللحظة التاريخية المفصلية حيث يضرب المتظاهرون ويقتلون في الخرطومونيالا وغيرها يوصي الخطيب المصقع لجنة مسجده باتخاذ الإجراءات القانونية ضد ناس السجائر والتمباك على طريقة الناس في شنو .. والحسانية في شنو؟ وقال في بيانه الكارثة :" إن الثائر لايجلس خلف الكيبورد، ويحرك الثورة من منزله ، والثائر لاينزوي ويتلذذ بأخبار الثوار، ولانقبل لأحد أن يحدد لنا متى نثور وكيف نثور، فأدعياء الثورة شهدناهم بعضهم ربما يكون أول مرة يدخل فيهاالمسجد في حياته؛ وبدل أن يخرج من الصلاة بالسلام قال: الشعب يريد اسقاط النظام! وبعضهم تسرب خلسة وترك الثوار الحقيقيين ليواجهوا مصيرهم!" نمسكها واحدة واحدة .. الأولى : من الذي قال لك إن الثائرين خلف لوحة المفاتيح يحركون الثورة من منازلهم ولا يشاركون فيها ... فلعلمك في عزلتك القصية فإن ثوار الكي بورد هؤلاء هم أكثر من يثير فزع النظام .. وقد اعتقل كل من يستطيع اعتقاله منهم لأن الثورات تصنع الآن عبر لوحة الكي بورد .. قبل أن تصنع في الشارع ... أما لم يعتقله النظام فهو في قلب التظاهرات ..وهو من يشارك في تنظيم الوقفات الاحتجاجية .. وهو من يساعد أسر المعتقلين .. وهو ..وهو ... ولكن كيف تعلم بذلك ياشيخ أبّو وأنت لم تشارك في التظاهرات أساسا ؟؟!! وقلت" فأدعياء الثورة شهدناهم بعضهم ربما يكون أول مرة يدخل فيها المسجد في حياته" .. الكلام عن أدعياء الثورة مستلف من ضار علي ضار وسيده البشكير لذا فهو لا يستحق الرد ... وعبارة "أدعياء الثورة " لاتختلف في شيء عن عبارة " شذاد الآفاق " لذا يمكن أن تسمى أحد الجمع القادمة : جمعة أدعياء الثورة ... وشكرا لك على أهدائنا هذه الشتيمة الجديدة للثوار المنتفضين ... والجزء الثاني الذي تذكر فيه أن بعضهم ربما يدخل المسجد لأول مرة في حياته ... فبغض النظر أنها مستلفة على عجل من شتائم النظام "الدينية" للمعارضين...فإن الرد ببساطة على هذه الشتيمة "النافعية" : طيب مالو لو دخل المسجد أول مرة في حياته ... مش ممكن ربنا هداه بسبب المظاهرات ؟؟ ثم ما هذا الهوس الديني الغريب بالتفتيش في عقائد الناس وعما إذا كانوا يصلون أول مرة أو ثاني مرة في حياتهم ؟؟؟ نجي لبيت القصيد قال الشيخ ابو متحدثا عن تظاهرات الجمع : " وبعضهم تسرب خلسة وترك الثوار الحقيقيين ليواجهوا مصيرهم" وأنت تعلم جيدا من الذي تسرب خلسة .. من الذي فتح له العساكر الطريق المغلق والمدجج بالسلاح لتتهادى سيارته الفاخرة لينطلق بها تاركا الجرحي مضرجين بدمائهم .. من الذي خرج في عربته المكيفة الهواء تاركا نساء بلدي العظيمات يرمين بقنابل الغاز البذيئة وهن يهتفن " فكوا دربنا .. وجعتوا قلبنا " التي فهمت الآن فقط أن المقصود بها ليس النظام فقط .. ولكن كل الذين أطالوا عمره القبيح .... من الذي ترك الجمع محاصرا من كلاب النظام من الجهات الأربع وخرج خلسة من باب المسجد الخلفي دون أن يكلف نفسه حتى عناء السؤال عن الجرحى والمصابين ناهيك عن أن يكون في أول الصفوف ... وللتاريخ ذاكرة لا ترحم ... من أشعار هاشم صديق : أذن الأذان وحنصليك ياصبح الخلاص حاضر ونفتح دفتر الأحزان من الأول وللآخر ونتساءل : منو الكاتل .. منو المكتول ؟ منو العسكر مع الطغيان ؟ [email protected]