إلى متى !! الصَّالح مُحمَّد الصَّالح [email protected] الرسالة الحتميَّة .. في مُؤتمر الحَركَة الإسْلاميَّة !! رغم التحديات العديدة والصعاب التي مرت بها الحركة الإسلامية السودانية خلال مسيرتها الطويلة، وفضلاً عن الإبتلاءات التي تعرضت لها في تجربتها التي انطلقت منذ ما يقارب السبعة عقود، وما شابها من شوائب كان لها منها نصيب في الخطأ والصواب، إلاَّ أنها استطاعت أن تخط لها منهجاً قويماً، وتنحو منحىً مختلفاً عن مثيلاتها من الحركات الإسلامية في المحيطين العربي والإسلامي. الحركة الإسلامية السودانية استطاعت أن تخط لها مساراً شابه إلى حد كبير مسار التجربة المصرية (الأم)، والتي فجرها الإمام حسن البنا، ولكنها في الوقت ذاته لم تلتزم كثيراً بمسار تلك التجربة العملي لتنتهج نهجاً مغايراً في التطبيق ليعايش واقع المجتمع السوداني وطبيعته في الدعوة الإسلامية من حيث اقترانه بالتصوف، لكنه ارتكز في ذات الوقت على ذات المبادئ والقيم والأفكار. * اليوم وفي الوقت الذي تقف فيه الحركة وقفة تأمل ومراجعة، لمسار تجربتها، تراجع فيها ما مضى من عهد، وما شاب مسيرتها من خطأ وصواب، وإجتهاد وتأويل، في التجربة والتطبيق، وتستشرف مستقبلها، عليها أن تقف كذلك على واقع تلك التجربة وميراثها الحقيقي في المجتمع، هل أصلحته، وهل ألهمته سبيل الرشاد، أم أنها عادت كما بدأت حركة صفوية مقصورة على نخبة من الناس، يلتزمون بتكاليفها، ويقومون بواجباتها، هم دون غيرهم !؟ * إن ما على الحركة الإسلامية أن تقوم به وهي تستشرف بيعة جديدة، ودورة انتخابية جديدة، وعبر مناديبها الذين صعدوا لمؤتمرها العام الثامن، من قبل ولايات البلاد كافة، ومن قبل قطاعاتها المهنية المختلفة، ومن قبل قطاعها الفئوي الذي يشكل قوامه الشباب والطلاب والمرأة، وعاملي دول المهجر، إن ما عليها أن تقوم به هو أن تقف على ماضي التجربة وحاضرها، خطلها وصوابها، ومراجعة بواطن الخلل في التطبيق، ووضع تصور عملي لمسار مستقبلها عبر قرارات تضمن في دستور الحركة تشكل خطة عمل لمستقبلها، لاعبر توصيات ترفع في ختام المداولات، فالمقام هنا وبحكم نص دستور الحركة الحالي (المزمع عرضه على المؤتمر لإجازته) مقام فعل وليس وصف، فدستور الحركة وفي فصله الخامس والذي يشرح فيه تكوينات أجهزة وهيكل الحركة في المستويين القومي والولائي، ويفصل مهامها، يشرح مهام المؤتمر العام في البند (17) الفقرات من (1) إلى الفقرة (5) بأنه يقوم بإنتخاب رئيس المؤتمر ونائبه ومقرره، فضلاً عن إنتخاب أعضاء مجلس الشورى القومي، ثم يحدد بأن على المؤتمر أن يقوم بإجازة موجهات الخطة والسياسات العامة للحركة، فضلاً عن إجازة الدستور وتعديلاته، وتقويم آداء الحركة وأجهزتها التنظيمية بالمركز والولايات، ومراقبة استقامة أجهزتها على مبادئ الشريعة الإسلامية وتنبيهها على ذلك، الأمر الذي يلقي على عاتق المؤتمرين مهاماً جساماً وأمانة ثقيلة بأن تكون هذه التعديلات مصوبة لمسار الحركة، ومقومة لتجربتها، وأن تكون بذلك كله قاصدة وجه الله وتهدف لتطبيق هدفها المنصوص عليه في ديباجة ذات الدستور الإفتتاحية والتي تقول بأن تكون الحركة مواصلة لسعيها في نشر الدعوة الإسلامية، ورد الحاكمية لله تعالى في الدولة والمجتمع لتحقيق النهضة الشاملة للأمة على مبادئ الإسلام. * إن ما على جلسة إجازة مقترح مسودة دستور الحركة الإسلامية المعدل والمجاز بداية من مجلس الشورى القومي، والتي تنعقد اليوم أن تقوم به هو أن تناقش تلك التعديلات التي أضافها مجلس الشورى على الدستور من قبل المؤتمرين ، وبحث مبرراتها ومنطلقاتها الفكرية، والخوض في ثناياها بحثاً عن تأثيراتها المستقبلية، (حالة إجازتها) على مستقبل الحركة الإسلامية وعلى مستقبل دعوتها وعلاقتها بالحزب الذي أنشأته والحكومة التي أوليت أمرها بتفويض شعبي. * ومما يجب التنبيه له والتذكير به أنه ليس على المؤتمرين الإنشغال بأمر إنتخاب الأمين العام الجديد، وجعل الأمر قضية تستوجب الإنحراف عن هدف المؤتمر وفحوى قيامه، وجعل قضية من سيخلف الأمين الحالي الشيخ علي عثمان محمد طه شغلاً شاغلاً لهم، فذاك ليس بالهدف الأساس، ولا القصد المرتجى من المؤتمرين القيام به، فإن المؤتمرين إن هم افلحوا في إجازة خطة عمل للحركة توضح طريقها، وترسم مستقبلها، وتوضح معالمه، تضع النقاط على حروف قضايا وسياسات مهمة عديدة ترقبها الأمة السودانية كافة، في مجالات الإقتصاد، والعلاقات الخارجية، والتعليم، والصحة، والخدمات، وعلاقة المواطن والمواطنة، لتسير على دربها، وتلتزم بتوجيهاتها، وتستهدي بموجهاتها، فحينئذِ لا يشكل شخص الأمين العام أهمية بالغة، فهو حينها لا محالة سيكون فرداً مسلماً يأتمر بأمر إخوته، ويسير على الدرب الذي تواثقوا عليه ووضعوه ورسموه لمشروعهم الحضاري، وحينها نستطيع الخروج من قدسية الأشخاص إلى قدسية الأهداف، وحينها تتمثل فينا سنة رسولنا الحبيب محمد – صلى الله عليه وسلم – حينما قال بأن المسلمين إخوة يقوم بذمتهم أدناهم , وهم يد على من سواهم. * إخوتي .. اليوم وأنتم تختمون مؤتمركم في يومه الثالث والأخير عليكم أن تتذكروا وتستشعروا مسؤلية أنكم طائفة خرجت ونفرت من رحم أمتها لتبصر قومها امتثالاً بقوله تعالى {"وَمَا كَانَ الْمُؤْمِنُونَ لِيَنفِرُواْ كَافَّةً فَلَوْلاَ نَفَرَ مِن كُلِّ فِرْقَةٍ مِّنْهُمْ طَائِفَةٌ لِّيَتَفَقَّهُواْ فِي الدِّينِ وَلِيُنذِرُواْ قَوْمَهُمْ إِذَا رَجَعُواْ إِلَيْهِمْ لَعَلَّهُمْ يَحْذَرُونَ}، فهل تفقهنا في الدين، وهل أنذرنا قومنا، تلك هي الأسئلة التي يجب أن تشغل المؤتمرين لا غير ذلك، والسلام على من اتبع الهدى.