يبدو أن الطلاق الواقع بين (الحركة الشعبية )والمؤتمر الوطني الحاكم ،بعد نيفاشا لم يكن باين بينونة كبرى، إذ انها لم تمسك بمعروف ولم تسرّح بإحسان ، والشواهد كثيرة ، إبتداءً بمناكفات الداخل المشهودة وإنتهاءً بالصراعات على تعريفة الخط الناقل للبترول والمناطق المتنازع عليها والحدود وغيرها بعد التدويل ، لذلك كان هناك مولود آخر يحمل ذات الإسم (الحركة الشعبية) مضافاً إليها قطاع الشمال، وكأني بها لا تطيق وداعاً وانا شخصياً لا أطيق وداعاً ولا أستطيع إستيعابه حتى هذه اللحظة ولكن فلندع ذلك للتاريخ ولسان حالها بأديس ابابا يقول مع سبدرات: (رجعنا لك.. وكيف نرفض رجوع القمره لوطن القماري). صحيح جرت مياه كثير تحت الجسر ، قامت الحرب في النيل الازرق وجنوب كردفان ، وتكونت ما عرفت بالجبهة الثورية ، ورفعت شعارات حدها الأدنى إسقاط النظام وليس التفاوض معه ، ودفع في ذلك نفر كريم من موقعي هذا الميثاق الثمن إعتقالاً ، إلا ان عقلية إعادة التدوير وليس التثوير تمكنت من إنتزاع وجلب عملية التفاوض من جديد (ريما لقديمها). هل هذا يعني فشل قطاع الشمال ام تسجيل نقاط نجاح يحسب للمؤتمر الوطني الذي يقول منسبيه انه حزب يعرف من أين تؤكل الكتف؟ إن لم يكن هناك ما يخفى على تفكيري المتواضع. لا يعني الجلوس إلى المفاوضات بالضرورة التوقيع والسلام ، أغلب الظن سيتطاول على هذه المفاوضات الامد بدليل تعنت البداية إذ ان الطرفان من (قولة تيت) ، ابديا تبايناً هؤلاء يقولون باولوية الوضع الإنساني ، والئك يقولون بأولوية وقف العدائيات حتى لا يتسرب التشوين إلى المتمردين. فضلاً عن ان قياديي قطاع الشمال منذ ما كانوا بالداخل معروفين بغوهم وحساسيتهم تجاه المؤتمر الوطني والعكس صحيح ، لذلك لا اقول ابشروا بطول مفاوضات لأني لا اتمناها ، ولكن يبدو جلياً ان الجبهة ستشهد التصعيد من وتيرة الحرب وإطلاق المزيد من الدانات (معاذ الله) ، وربنا يحمي عباده هناك في المنطقتين من الويلات. تظل هناك اسئلة مشروعة في ماذا يفكر بعض قيادات الجبهة الثورية خارج قطاع الشمال الآن بعد ذهاب قطاع الشمال إلى مفاوضات اديس ؟ هل يا ترى يضحكون خفية خاصة وان بينهم مجرب كمناوي ، ام انهم يترقبون الامر بحزر وقلق شديدين؟. هل وإن إنتهت هذه المفاوضات بالتوقيع تكون قد ماتت الثورة السلمية؟ ،صحيح هناك فارق ما بين الثورة المسلحة والسلمية ، ولكن هناك خيط ولو رفيع شديد ، إذ ان قطاع الشمال وإن لم تكن من المحركات الرسمية والرئيسية لثوار الداخل إلا انها تدفعها ببعض إلهام ، وتمثل لها حرب إستنزاف النظام ، وتوفر لها بعض الإنهاك. من نيفاشا إلى اديس ومع ساقية المفاوضات (الدوام بتسوق) هذه ، هل ستشهد العاصمة الخرطوم في زمان ما ،مع فصيل ما ، إنعقاد مفاوضات ما ؟ فلندع ذلك للأيام وحدها ، تتكفل بالإجابة عليه.