في أبريل 2012 إستولت قوات دولة جنوب السودان ، بمساعدة قوات الجبهة الثورية ، علي هجليج السودانية بالقوة في هجومين منفصلين ؛ ولكنها إنسحبت منها بعد الضغوط الإقليمية والدولية المتصاعدة عليها . بقي الموقف متوتراً ومنذراً بتجدد القتال بين دولتي السودان ، ومهدداً بدخول أطراف إقليمية ودولية إلى حلبة القتال . في محاولة لإحتواء الموقف ونزع فتيل الحرب بين دولتي السودان ، أعتمد مجلس الأمن قراره 2046 ( يوم الأربعاء 2 مايو 2012). ركز قرار مجلس الأمن علي الوصول الى تسوية سياسية بين دولتي السودان وبين دولة السودان والحركة الشعبية الشمالية . أستبعد القرار من التسويات مع حكومة الخرطوم حركات دارفور الثلاثة الحاملة السلاح والقوي السياسية المدنية . بعد محادثات مارثونية بين دولتي السودان في إطار القرار وعبر الوساطة الإفريقية إستمرت 5 شهور طويلة ، تم الإتفاق علي تسوية سياسية وعسكرية وأمنية شاملة بين دولتي السودان ، وتم إعتماد بروتوكولات أديس ابابا التسعة لتفعيل التسوية ( أديس ابابا - الخميس 27سبتمبر 2012 ) . في المقابل ، لم تصل حكومة الخرطوم الى أي تسوية سياسية أو إنسانية مع الحركة الشعبية الشمالية ، لإصرار حكومة الخرطوم نزع سلاح قوات الحركة وتسريحها قبل الدخول في أي مفاوضات معها . وإستمر القتال والحرب الأهلية بين حكومة الخرطوم والجبهة الثورية في 8 من ولايات دارفور والنيل الأزرق وجنوب وشمال كردفان. بعد سبتمبر 2012 ، قادت الحرب الاهلية بين حكومة الخرطوم والجبهة الثورية الى تجميد تفعيل بروتوكولات اديس بابا التسعة . ولكن تحت الضغوط الإقليمية والدولية والمحادثات المكثفة بين دولتي السودان لمدة حوالي 5 شهور أخرى خلال الوساطة الإفريقية ، إعتمدت دولتا السودان مصفوفة ( أديس ابابا – الثلاثاء 12 مارس 2013 ) لتفعيل بروتوكولات أديس ابابا التسعة . للأسف لم يحدث أي إختراق في تفعيل بنود المصفوفة ، بل زاد الجو المحتقن إحتقاناً ، بعد إتهام الخرطوملجوبا بالإستمرار في دعم الجبهة الثورية . في يوم الثلاثاء 23 أبريل 2013 , تمكنت الوساطة الإفريقية من عقد إتفاق جديد بين دولتي السودان لتفعيل بنود مصفوفة الثلاثاء 12 مارس 2013 . في يوم الجمعة 26 ابريل 2013 ، أنهارت مفاوضات أديس أبابا ( الثنائية والجزئية ) بين حكومة الخرطوم والحركة الشعبية الشمالية في أطار قرار مجلس الامن 2046 ؛ ورفضت حكومة الخرطوم إعادة التفاوض قبل نزع سلاح وتسريح قوات الحركة ، الأمر الذي ترفضه الحركة قبل الوصول الى تسوية سياسية مع حكومة الخرطوم . في يوم السبت 27 ابريل 2013 ، وبعد ساعات معدودة من الاعلان عن إنهيار مفاوضات اديس ابابا ، قامت قوات الجبهة الثورية بالهجوم والإستيلاء علي محلية اب كرشولا في ولاية جنوب كردفان ، ورفعت علم الجبهة في مقر المحلية ، وعينت حاكماً عسكرياً على المحلية ! واصلت قوات الجبهة تقدمها شمالاً في ولاية شمال كردفان ، وإجتاحت جميع القرى في طريقها حتي دخلت مدينة ام روابة فجر السبت 27 ابريل 2013 . هذه هي المرة الاولى التي تجتاح فيها قوات الجبهة مدينة مهمة من مدن ولاية شمال كردفان ! في يوم الثلاثاء 30 ابريل 2013 ، أدان مجلس الأمن الهجوم الذي قامت به الجبهة الثورية على مدينة أم روابة وضواحيها . في يوم الأربعاء أول مايو 2013 ، وفي أتصال هاتفي مع الرئيس البشير ، أدان الرئيس سلفاكير أعتداء قوات الجبهة الثورية علي ام روابة وضواحيها ، مؤكداً رفض بلاده إستهداف المدنيين . إنسحبت قوات الحركة من أم روابة وأب كرشولا والقرى المجاورة خلال ابريل ومايو 2013 علي التوالي . تقول الخرطوم بأن إستمرار الدعم الجنوبي لقوات الجبهة الثورية سوف ينسف مصفوفة الثلاثاء 12 مارس 2013 ، وإتفاق الثلاثاء 23 أبريل 2013 ، ويقذف بدولتي السودان في مواجهات ساخنة ، خصوصا بعد حادث مقتل ناظر دينكا أبيي ( السبت 4 مايو 2013 ) ، وحرق سوق أبيي ( المملوك للشماليين ) ومسجدها ، وهروب الشماليين من منطقة أبيي تحت تهديد المواطنين الجنوبيين وقوات الحركة الشعبية الجنوبية ( مايو 2013 ) ! في يوم السبت 8 يونيو 2013 ، أعلن الرئيس البشير الإستنفار العام ضد الجبهة الثورية وحكومة الجنوب ، وأعلن قفل أنبوب النفط الحامل للنفط الجنوبي الي بورتسودان إبتداء من يوم الأحد 9 يونيو 2013 ولمدة شهرين ( قابلة للمراجعة إذا أوقفت دولة الجنوب دعمها للجبهة الثورية ) ، حتي لا تستعمل دولة الجنوب عائدات النفط لدعم قوات الجبهة الثورية . كما تم تجميد تفعيل بروتوكولات أديس أبابا التسعة ( أديس أبابا – الخميس 27 سبتمبر 2012 ) ومصفوفة أديس ابابا ( الثلاثاء 12 مارس 2013 ) ، وأتفاق أديس أبابا ( الثلاثاء 23 أبريل 2013 ) وحتى إشعار أخر . تذكر ، يا هذا ، إنه وبأمر من الرئيس سلفاكير تم قفل أنابيب النفط يوم السبت 21 يناير 2012 . توقف تدفق النفط لمدة حوالي 16 شهراً وحتى يوم الثلاثاء 7 مايو 2013 ، حين بدأ تدفق النفط الجنوبي في أنابيب الشمال ( بعد مصفوفة الثلاثاء 12 مارس 2013 ) ، ليتم قفل الأنابيب مرة أخرى إبتداء من يوم الأحد 9 يونيو 2013 ولمدة شهرين ، قابلة للتجديد إذا لم توقف حكومة الجنوب دعمها للجبهة الثورية . تأجل الى أجل غير مسمي إجتماع اللجنة السياسية العسكرية الأمنية المشتركة بين دولتي السودان ، والذي كان مقرراً إنعقاده في جوبا يوم الخميس 6 يونيو 2013 . في يوم الأحد 30 يونيو 2013 ، عقد نائب الرئيس الجنوبي الدكتور ريك مشار محادثات مكثفة ومتواصلة في الخرطوم حتي يوم الثلاثاء 2 يوليو مع الرئيس البشير والنائب الأول الأستاذ علي عثمان محمد طه . إنهارت المحادثات وإتفق الطرفان على الا يتفقا . لم ينجح الطرفان في تجاوز أزمة عدم الثقة والشك المتبادل ، بل القطيعة والإستقطاب بينهما . أصرت الخرطوم ، والبينات في أياديها ، على دعم جوبا المستمر للجبهة الثورية . أنكر دكتور مشار مزاعم الخرطوم جملة وتفصيلاً ، ولم تصدق الخرطوم كلامات دكتور مشار . بل إتهم دكتور مشار الخرطوم بدعم متمردي الجنوب وخصوصاً المتمرد النويراوي ديفيد ياو ياو . أستمر السجال بين الطرفين كما في لعبة كرة البنغ بونق طيلة الثلاثة أيام التي قضاها دكتور مشار في الخرطوم . ضغطت واشنطون على الرئيس سلفاكير ليصل إلى إتفاق مع الخرطوم ، مهما كانت التكلفة ، ولكن تقدرون وتضحك الأقدار . المشكلة ليست في الرئيس سلفاكير ولا في نائبه الدكتور مشار ، وإنما في القائد باقان أموم ومعه بعض كبار القادة العسكريين في جيش الحركة الشعبية الجنوبية الذين يرفضون ، وبشدة ، فك الجبهة الثورية عكس الهواء ، كما تطلب واشنطون والخرطوم . في المحصلة ، إتفق الطرفان علي تحويل المشاكل العالقة الى الوساطة الإفريقية في الإتحاد الإفريقي وإلى منظمة الإيقاد برئاسة رئيس الوزراء الإثيوبي ، وأكدا علي حتمية أستمرار الإتحاد الأفريقي والإيقاد في لعب الدور المحوري للوساطة بين الطرفين ، لتعذر الوصول إلى إتفاق بين الطرفين في مفاوضات ثنائية مباشرة ، لإنعدام الثقة بل الشك العميق بين الطرفين . كما إتفق الطرفان على بث الروح مجدداً في اللجنة السياسية العسكرية الأمنية المشتركة ، التي كان من المفروض أن تجتمع في جوبا يوم الخميس 6 يونيو 2013 ، ولم تجتمع حتي تاريخه . مرر الطرفان الكرة الى الإتحاد الأفريقي ومنظمة الإيقاد ، في إنتظار الفرج منهما ، بعد أن فشلا في الوصول الى تفاهمات ثنائية . في يوم الثلاثاء 2 يوليو 2013 صدر بيان مشترك في الخرطوم من دولتي السودان يحاول التغطية على إنهيار المفاوضات بينهما بكلمات إنشائية منمقة . لم ينجح الدكتور ريك مشار في إعادة العلاقات بين دولتي السودان سيرتها الأولى . حرقت دولتا السودان جسر التواصل والاتصال المباشر بينهما ، ولبدت كل واحدة في جحرها ، متأهبة للإنقضاض علي غريمتها ، في لعبة ( كديس وفار ) مأساوية ؟ وكان الموقف بين حكومة الخرطوم والحركة الشعبية الشمالية أسؤ وأضل سبيلاً ! كما ذكرنا أعلاه ، في يوم الجمعة 26 ابريل 2013 ، أنهارت مفاوضات أديس أبابا ( الثنائية والجزئية ) بين حكومة الخرطوم والحركة الشعبية الشمالية في أطار قرار مجلس الامن 2046 ؛ ورفضت حكومة الخرطوم إعادة التفاوض قبل نزع سلاح وتسريح قوات الحركة ، الأمر الذي ترفضه الحركة قبل الوصول الى تسوية سياسية مع حكومة الخرطوم . الموقف الأن محلك سر ! جمدت إدارة اوباما دعوة لزيارة واشنطون كانت قد وجهتها للدكتور نافع علي نافع في مايو 2013 إحتجاجاً على مواقف الخرطوم العدائية ضد جوبا ، أو كما قالت . وأدانت الدكتورة سوزان رايس مستشارة الأمن القومي مواقف الخرطوم العدائية ضد جوبا ، وخصوصا قفل الخرطوم لأنابيب البترول لمدة شهرين . أحتقن الموقف بين دولتي السودان ، وكل الإحتمالات واردة بين دولتي السودان ( بعد تهدئة نسبية دامت 14 شهرا ) . نعم كل الإحتمالات بما في ذلك تجدد الإشتباكات كما حدث في أبريل 2012 . فشل مهمة الدكتور مشار في إحداث إختراق ، وإستمرار قفل أنابيب النفط للمرة الثانية وحتي يوم الجمعة 9 أغسطس 2013 ، وعدم تحديد تاريخ معين لإستئناف إجتماعات اللجنة السياسية الأمنية العسكرية المشتركة سوف يعقد من الموقف الكارثي بين دولتي السودان ، وربما أجبر إدارة اوباما ( المجتمع الدولي ) لكي ( تجضم ) الخرطوموجوبا ، وتدق رأسيهما علي بعضهما البعض ليوقفا لعبة الإستغماية ولغز مكعب كوبيك ويكونا ( أولاد ناس ) . في يوم الأربعاء 3 يوليو 2013 وبعد 14 شهر باليوم وربما الساعة ومجازاً الدقيقة من إجازة مجلس الأمن لقراره 2046 في يوم الأربعاء 2 مايو 2012 ، رجعت دولتا السودان والجبهة الثورية الي المربع الاول في ابريل 2012 بعد إجتياح دولة الجنوب لهجليج ، بمساعدة الجبهة الثورية . ساقية جحا من البحر والى البحر ، ومحلك سر . موعدنا الصبح لنعرف ردة فعل المجتمع الدولي والإقليمي علي ( المساخر ) بين دولتي السودان ، ورفض الخرطوم التفاوض مع الجبهة الثورية قبل نزع سلاح قواتها وتسريحهم ! اليس الصبح بقريب ؟ ثروت قاسم [email protected]