الخرطوم – العرب: أعلن برلمانيون سودانيون نيتهم التصدي لحزمة إجراءات وإصلاحات يتجه وزير المالية علي محمود لإجرائها خلال الأسبوع الجاري من بينها رفع الدعم عن المحروقات الناجم عن فقدان إيرادات نفطية منذ انفصال جنوب السودان. وفقد السودان ثلاثة أرباع إنتاجه النفطي منذ أن أصبح جنوب السودان دولة مستقلة في يوليو تموز لينزلق في أزمة اقتصادية تفاقمت جراء اشتباكات مع الجنوب وتصاعد أعمال العنف في مناطق حدودية. وكان وزير المالية السوداني علي محمود قال وسط الأسبوع الماضي إن بلاده تعتزم تحرير أسعار الوقود وزيادة الضرائب والرسوم الجمركية على السلع الفاخرة وأجهزة الاتصالات مع استثناء السلع الاستهلاكية. وأدى فقدان معظم النفط وهو المصدر الرئيسي لإيرادات الحكومة والنقد الأجنبي أيضا إلى ارتفاع معدل التضخم السنوي ليصل إلى 30 في المئة في مايو آيار من نصف هذا المستوى في يونيو حزيران 2011. وحث صندوق النقد الدولي السودان الأسبوع الماضي على إطلاق برنامج طارئ للتغلب على تحدياته الاقتصادية الصعبة. وتقول الحكومة إنها تحتاج إلى سد عجز في الميزانية قدره 2.4 مليار دولار. وأضاف علي محمود أن الحكومة ستزيد أيضا الرسوم على المسافرين وتذاكر الطيران وستتوقف عن استيراد السيارات الحكومية وتمويل مبان حكومية جديدة. ووفقا لصحيفة "الانتباهة"، التي تم الأسبوع الماضي منع صدور أحد أعدادها إلى السوق، فإن النواب طرحوا جملة بدائل أكدوا على أنها ستفي بسد عجز الموازنة من بينها تخفيض مخصصات الدستوريين وإيقاف كل مشاريع التنمية وإيقاف التجنيب الذي تقوم به وزارات كبيرة. وذكرت الصحيفة أن النواب يتخوفون من أن يقود رفع الدعم لثورة ضد الحكومة ولفوضى، واصفين القرار إذا طبق بأنه "كارت رابح" ستستغله المعارضة. وكان السودان شهد احتجاجات شعبية في يناير/كانون الثاني عام 2011 متأثرة بموجة الاحتجاجات العربية وطالب المحتجون بإصلاحات سياسية واقتصادية واجتماعية كما نادى بعضها بتغيير النظام. وتحاول الأحزاب السودانية التقليدية المعارضة توظيف حالة الغضب الشعبي على انفصال الجنوب والأزمات التي خلفها للبلاد للضغط على نظام البشير ودفعه إلى الانفتاح السياسي وتشريك مختلف القوى في تسيير شؤون البلد. ويتوقع محللون أن تدفع المعارضة باتجاه جعل زيادة أسعار المحروقات فرصة لبدء ربيع سوداني وإن تأخر لسنة ونصف. وقلل الخبير الاقتصادي والمحلل محمد الناير من عدم جدوى ما يحققه قرار رفع الدعم عن المحروقات بغرض سد عجز الموازنة، مشيرا إلى جملة من الحلول المقترحة بديلاً لهذا القرار تعود على الاقتصاد والدولة والمواطنة بعوائد أفضل. وعزا الناير تمسك الدولة بهذا القرار إلى كونه غير مكلف وسريع وسهل التحصيل. وتلقي الأزمة مع الجنوب بثقلها على الوضع السوداني بشكل عام، وعلى الأوضاع الاقتصادية للمواطن السوداني بعد أن فقدت الدولة مصادر التمويل فضلا عن كونها أصبحت "دولة حرب" من خلال حالة التجييش على الحدود. واقترب الجانبان بشكل خطير من استئناف حرب شاملة في ابريل نيسان عندما استولت جوبا على منطقة هجليج النفطية قبل الانسحاب تحت الضغوط الدولية. واستؤنفت محادثات بوساطة الاتحاد الافريقي لاقامة منطقة منزوعة السلاح في الأسبوع الماضي لكنها توقفت امس الخميس بسبب اختلاف الصيغ التي عرضها كل جانب لخط الحدود. انتهت البحبوحة النفطية في السودان وفي سياق الآزمات التي يعيشها السودان، قال متمردون في دارفور السبت إنهم استولوا على منطقة شرق دارفور بعد ان هزموا القوات الحكومية لكن الجيش قال ان المتمردين لم يفعلوا سوى أنهم نهبوا ممتلكات المدنيين هناك. وقالت حركة العدل والمساواة التي تعتبر على نطاق واسع اقوى مجموعات المتمردين في دارفور انها استولت على منطقة أم عجاج في شرق دارفور يوم الجمعة، وانها استولت على عدة مركبات عسكرية وأسرت عددا من أفراد "ميليشيا النظام." ويتوقع مراقبون أن يعيش السودان على وقع أزمات صعبة خاصة في ظل تحويل المنظمات الخارجية قضية دعوى محكمة الجنايات ضد الرئيس البشير إلى عصا غليظة تطارده بها أنى شاءت.