نت-الخرطوم يشتكي العديد من صحفيي السودان من عجزهم عن فهم الأسباب الحقيقية للإيقاف المتكرر والتعليق عن الصدور والمصادرات المتلاحقة للصحف السودانية، حيث لا يكاد يمر يوم في الآونة الأخيرة إلا ويحمل معه نبأ تغييب صحيفة عن الصدور بسبب المصادرة أو التعليق أو اختفاء زاوية يومية لأحد الكتاب، مما ينبئ بأن المرحلة المقبلة ستحفل بكثير من الجدل. وكانت صحيفة "أجراس الحرية" -المقربة من الحركة الشعبية- وصحيفة "رأي الشعب" الناطقة باسم المؤتمر الشعبي المعارض قد أوقفتا نهائيا عن الصدور، كما تم تعليق صدور كل من صحيفتيْ "التيار" و"الجريدة" المستقلتين قبل أن تعاود الأخيرة الصدور لاحقا، فيما ظلت ذات الصحيفة وصحيفة "الميدان" الناطقة باسم الحزب الشيوعي تتعرضان للمصادرة المتلاحقة. وفي الوقت نفسه، صودرت أعداد من صحف "الانتباهة" و"اليوم التالي" و"الأخبار" و"الأحداث"، إضافة إلى صحف أخرى تصدر في العاصمة السودانية الخرطوم، وذلك قبل وصولها إلى القراء. ولم تنجح لقاءات متتالية بين اتحاد الصحفيين ورؤساء تحرير الصحف وممثلين لجهاز الأمن والمخابرات الوطني في وضع حد للملاحقة وقرارات مصادرة الأعداد أو الإيقاف الكلي، بالرغم من الاتفاق في بعض اللقاءات على لجوء المتظلمين للمحكمة التي أنشئت للنظر في قضايا الصحافة والنشر. حاجة ملحة ونظرا لتزايد معاناة الصحفيين، فقد قال الخبير في قضايا حقوق الإنسان مسعود بدرين إن هناك حاجة ملحة لحماية حرية الصحافة من استخدام قانون جهاز الأمن الذي يعمل على مصادرة وإغلاق الصحف واعتقال الصحفيين. ومن جهتها، اعتبرت رئيسة تحرير صحيفة "الميدان" مديحة عبد الله الأمر محاولة لإحداث أكبر قدر من الخسائر للصحف بجانب العقوبة السياسية، "لكونها غير متوافقة مع أطروحات الحزب الحاكم". وقالت للجزيرة نت إن المصادرات عادة ما تتم بعد طباعة عدد الصحيفة والاستعداد لتوزيعه عبر منافذ البيع المعروفة، "مما يسبب خسائر كبيرة جدا للمؤسسة الصحفية". وأعلنت رئيسة التحرير عزم صحيفتها تحريك إجراءات قضائية ضد جهاز الأمن والمخابرات الوطني الذي قالت إنه يصادر الصحف دون أي مبررات حقيقية. أما صحيفة "التيار" -التي يقول أصحابها إنها علقت بقرار أمني- فيرى مستشارها علي ميرغني أن الإيقاف يأتي كمحاولة لإسكات الصحف عن تبصير المواطنين بما يمكن أن يقع عليهم جراء رفع الدعم عن المحروقات البترولية وغيره من القضايا الآنية الحساسة. وفي السياق نفسه، جدد الاتحاد العام للصحفيين السودانيين -في بيان أصدره أمينه العام الفاتح السيد- رفضه لاستمرار إيقاف وتعليق الصحف، ودعا مؤسسات الحكومة المختلفة للاحتكام إلى القضاء في كل ما تعده مخالفات في النشر. وطالب السيد السلطات الحكومية بإيقاف قرار تعليق صحيفة التيار "الذي أبلغ به رئيس تحريرها شفاهة دون مستند قانوني أو توضيح للأسباب". ويذكر أن صحيفة التيار قد أعلنت أنها لا تزال تتحرى في أسباب تعليق صدورها، معتبرة أن غيابها عن قرائها "يقلق الجميع، ليس على الصحيفة فحسب بل على الوطن كله".