كتب: صديق رمضان: أثبتت دراسة علمية أجرتها منظمة الصحة العالمية عن الأخطاء الطبية في السودان، أن المضاعفات الخطيرة التي تسببت في الإعاقة أو فقدان الحياة كانت بنسبة 40%، وأكدت الدراسة أن 86% من تلك الحالات كان يمكن تحاشيها بل وتفادي حدوثها، وفي هذه الدراسة التي كانت تهدف إلى تقدير حجم الأخطاء الطبية في السودان تمت مراجعة 3977 مريضاً تم اختيارهم عشوائياً من بين 80119 دخلوا ستة مستشفيات أربعة منها عامة وواحدة للأطفال وأخرى لأمراض النساء والتوليد. حسناً.. هذه مخرجات دراسة علمية توضح حجم الاخطاء الطبية التي ترتكب بحق مرضى لا يعرف الكثيرون منهم ان هناك جهة يفترض ان يذهبوا اليها شاكين «المجلس الطبي»، ولعل السماحة والطيبة التي يتعامل بها الشعب السوداني جعلت الكثير من الاطباء يتمادون في الاخطاء وبل يرفضون الاعتراف بها او عدم التفاعل الانساني معها. وقصة المريضة سونا مصطفى محمد احمد حمراي بمثابة أنموذج لحال الكثير من المرضى الذين وضعتهم الظروف امام اطباء تجردوا من انسانيتهم وخلعوا العباءة المرصعة بقيم وموروثات هذا المجتمع الطيب، فإن أخطأ الطبيب فهذا امر وارد وذلك لأنه انسان في نهاية الامر، ولكن ان يتمادى في الخطأ ويعامل ضحيته او مريضته بكل استهتار واستخفاف ولا مبالاة فهذا يعني أن الكثير من يعملون في مهنة الطب باتوا بلا ضمير ولا رحمة، وفصول قصة المريضة سونا التي تقطن بمنطقة الشبارقة تشير الى انها قبل شهر وأسبوع من الآن توجهت نحو مستشفى ود مدني بعد أن داهمتها آلام المخاض، ووصلت إلى المستشفى عند السابعة والنصف صباحا على امل ان تجرى لها عملية الولادة من قبل اختصاصي النساء والتوليد ، الذي تم ابلاغه بالحالة حسبما يشير زوجها الطيب كمال حمراي الذي قال ان الطبيب لم يحضر في الوقت المحدد ما اجبره مع ازدياد آلام زوجته الى التوجه برفقة شقيقها ناصر مصطفى الي عيادة الطبيب اكثر من مرة. وبعد جهود وتوسلات و«تحانيس» يوضح زوجها ان الاختصاصي، الذي عز عليه مفارقة عيادته التي تدر عليه دخلاً مقدراً، توجه عند الساعة الرابعة والنصف الى المستشفي بعد أن اجرى اتصالا بالمستشفى طالباً بداية عملية الولادة، ويقول انه وطوال هذه الساعات ظلت زوجته تكابد اوجاع الولادة النفسية والجسدية، وبعد حضوره وجد ان نائب الاختصاصي قام باجراء العملية «قيصرية»، فقام الاختصاصي بإجراء عملية خياطة الجرح، وقال لزوجها إن العملية تمت بنجاح، وتضيف سونا: بعد العملية شعرت بالم حاد في الموقع الذي اجريت فيه العملية، وجهرت بهذا للاختصاصي عند حضوره مساءً، فقال ان الالم بسبب جرح العملية واعطاني مسكناً وظللت على هذه الحالة لمدة اسبوع كامل وانا بالمستشفى، وكل يوم يزداد الالم، وبعد خروجي من المستشفى ومكوثي في المنزل يومين ازداد الالم وقابلت اختصاصياً آخر الذي اشار بعد التحاليل إلى ان هناك تضخماً في الكلي والتهاباً، واعطاني علاجات، وشاءت ارادة الله أن يقابلنا طبيب امتياز وبعد رؤيته للاشعة المقطعية افاد بأن الاختصاصي قام بخياطة الحالب مع الرحم، وعلى اثر ذلك اصبحت اتبول لا اراديا، وتم تركيب قسطرة، ولتدهور حالتي وجه اختصاصي المسالك البولية باجراء عملية جراحية عاجلة، وهنا يلتقط زوجها اطراف الحديث ويشير الى انهم قابلوا اختصاصي النساء الذي اجرى العملية، ويقول انه لم يحسن معاملتهم وضاعف من اوجاعهم النفسية حينما قال مبرراً خطاءه «البتجي من السماء تتحملها الواطة» غير عابئ بشكواهم، ويقول زوجها إن الاختصاصي لم يكلف نفسه الوقوف بجانبهم رغم انه ارتكب خطأ لا يقع فيه طبيب مبتدئ او طالب تخرج حديثا في كليات الطب، ويشير شقيقها ناصر الى انه وبعد ان تمت افادتهم بأن اقرب موعد لإجراء العملية هو السادس والعشرون من شهر أغسطس لم يجدوا امامهم سبيلاً ومع تضاعف الم شقيقتهم غير التوجه بها صوب مستشفى ابن سينا بالخرطوم الذي وجد اطباؤه ان القسطرة التي تم تركيبها تسببت في احداث صديد جراء الالتهاب الحاد، ليقرروا اجراء عملية جراحية عاجلة لسونا افضت الى «فك» الخيط الرابط بين الحالب والرحم، وقاموا بزراعة حالب جديد، لتتحسن حالتها، رغم انها مازالت طريحة الفراش بمستشفى ابن سينا بعد أن انقذتها عناية السماء من فشل كلوي وموت محقق، أما ابنتها شهد ذات الشهر واسبوع فقد ظلت في الحضانة لمدة اسبوع، وذلك لأنها تعرضت لالتهاب «شرقت» بسبب تأخير عملية الولادة لعشر ساعات، وهي الآن مع خالتها بالشبارقة. ويختم زوجها الطيب حديثه قائلاً إنه يحمِّل اختصاصي النساء والتوليد بود مدني المسؤولية كاملة في ما تعرضت له زوجته، مبيناً أن خطأ الطبيب كلفهم ما يربو علي «25» مليوناً، وهم اسرة بسيطة الحال، وتمنى أن تجد اخطاء الاطباء المحاسبة حتى لا تضيع أرواح المواطنين سدى.