الرئيس السوداني يرقص ملمّحا للراغبين في نهاية نظامه، بأنه لن يتنحى عن السلطة مهما أثبتوا عليه سوء إدارته لبلد بات مهددا بالانهيار الشامل. ميدل ايست أونلاين يحتفل على معاناة السودانيين الخرطوم ألقى الرئيس السوداني عمر حسن البشير الخميس خطابا حمل نبرة تحد وأخذ يرقص ويلوح بعصاه في أول تجمع جماهيري يحضره منذ خضوعه لعملية جراحية في السعودية وتصديه لما وصفه مسؤولون بأنه محاولة انقلاب. ويقول محللون إن البشير بحث في هذا الاستعراض الرد على خصومه ومعارضيه الذين تحدثوا في الاشهر الماضية عن صعوبة وضعه الصحي، والتأكيد على أنه سيظل الحاكم الاوحد للسودان إلى وقت غير محدد. وثارت تكهنات من دبلوماسيين ومدونين سودانيين بشأن الحالة الصحية للبشير (68 عاما) بعد أن قل ظهوره في المناسبات العامة خلال الأشهر الماضية. ولم يحضر البشير مؤتمرا اقتصاديا في الخرطوم يوم 27 نوفمبر/تشرين الثاني وهو من الأحداث التي اعتاد في الماضي استغلالها لمهاجمة حظر تجاري تفرضه الولاياتالمتحدة على بلاده. وافتتح الرئيس السوداني الخميس حقلا نفطيا جديدا في غرب السودان، تأمل الحكومة في أن يحد من خسارة فقد الخرطوم احتياطيات نفطية ضخمة بعد انفصال جنوب السودان العام 2011. وقال البشير أمام آلاف المحتشدين في حقل حديدة النفطي بإقليم دارفور "نقول لأعداء السودان الذين قالوا إن السودان بعد فقدان بترول الجنوب سيضيع.. نقول لهم الأرزاق ليست من أميركا ولا عند إسرائيل ولا من أوروبا ولكن الأرزاق من عند الله". وعلى مدار 23 عاما قضاها في السلطة واجه البشير عمليات تمرد مسلحة وارتفاعا في معدل التضخم وأعواما من العقوبات التجارية الأميركية ومذكرة اعتقال من المحكمة الجنائية الدولية واحتجاجات طلابية فضلا عن انفصال الجنوب العام الماضي. وواجه الرئيس السوداني أيضا سخطا شعبيا من أزمة اقتصادية وانقسامات في صفوف زمرته الحاكمة. ويقول مراقبون إن معاناة السودانيين تزداد يوما بعد يوم جراء ارتفاع تكاليف المعيشة واسعار السلع الخدمات وتدهور قيمة الجنية السوداني في بلد تساوي فيه ميزانية الامن والدفاع 9 مرات ميزانيتي التعليم والصحة (في ميزانية العام 2013 بلغت ميزانية الأمن والدفاع والقطاع السيادي 9 مليار جنية، وبلغت ميزانيتي التعليم والصحة مليار جنيه). وتتهم القوى المعارضة النظام السوداني بشن حملة ممنهجة لمصادرة الحريات والحقوق الديمقراطية تجلت في مصادرة الصحف، وخنق حرية قيام الندوات في الأماكن العامة، والقمع الوحشي للمواكب السلمية، وتعذيب المعتقلين السياسيين، ومصادرة نشاط المراكز الثقافية والفنية وغير ذلك من الممارسات. ويقول مراقبون إن السودان يمر منذ سنوات بأزمة عميقة تبرز في تصاعد وتائر الحرب في جنوب كردفان وجنوب النيل الازرق ودارفور، وارتفاع وتيرة الاحتجاجات الاجتماعية ردا على غلاء الاسعار وتدني الأجور في مختلف القطاعات. وخلفت هذه الحروب عددا ضخما من القتلى والجرحى والنازحين فضلا عن تهديدها للسودان بمزيد من التمزيق بعد انفصال الجنوب، وتدهور العلاقات بين الدولتين بسبب عدم حسم القضايا العالقة بينهما. ويؤكد مطلعون على خفايا نظام البشير على تعمق حدة الصراعات والتناقضات داخل السلطة السودانية الحاكمة، بلغت ذروتها في مؤتمر الحركة الاسلامية الأخير، وما نتج عن ذلك من محاولات انقلابية من داخل النظام حسب ما رشح في الصحف وتصريحات المسؤولين مما يشير الي عمق الصراع بين مراكز القوي داخل النظام. وألقت حكومة البشير القبض على الرئيس السابق لجهاز الأمن والمخابرات السوداني صلاح قوش و12 آخرين في نوفمبر/تشرين الثاني بتهمة محاولة تنظيم أحد محاولة للانقلاب على الرئيس السوداني ونظامه. وأجريت للبشير عملية جراحية في الأحبال الصوتية في قطر في أغسطس/آب، وتوجه إلى السعودية في نوفمبر/تشرين الثاني لإجراء ما وصفه مسؤولون بأنه جراحة بسيطة. ولم يدم خطابه الذي بثه التلفزيون الخميس أكثر من عشر دقائق غير أنه أدى رقصته الاحتفالية الشهيرة للمرة الأولى منذ عدة أشهر. ولم يشر الرئيس مباشرة إلى محاولة الانقلاب المزعومة. وقال "ابتعدوا (عن) الصراعات والمشاكل لأن الصراعات تزيد أعداءنا قوة واجلسوا مع بعضكم البعض لحل جميع مشاكلكم".